ماذا عن أطفال اليمن؟وما دور العدوان في مضاعفة معاناتهم؟..بقلم/حسن عردوم*
بالتزامن مع احتفالات العالم باليوم العالمي للطفولة يعيش ملايين الأطفال اليمنيين أوضاعاً مأساويةً، نتيجة لعوامل كثيرة تسببت بها الحرب التي شنتها دول التحالف بقيادة السعودية على اليمن، منذ عام 2015م، وضاعفت من معاناة الأطفال اليمنيين وحرمتهم من أبسط حقوقهم التي كفلتها لهم جميع الأديان السماوية والقوانين والتشريعات الدولية كحق يضمن للطفل اليمني وغيره العيش بسلام وأمان كبقية أطفال العالم.
إن ما جاء في إعلان جنيف لحقوق الطفل الصادر في التسعينات، وجميع اتفاقيات الأمم المتحدة حول حقوق الطفل، لا يُعمل بها في دول العالم الثالث، لاسيما اليمن التي تعمل أغلب منظمات الأمم المتحدة فيه وترفع تقاريرها عن وضعه بشكل دوري، وأصبحت هي نفسها شاهدة على جميع الانتهاكات التي تمارس بحق الطفولة في اليمن، حيث يتعرض الطفل اليمني لجملة واسعة من المخاطر المباشرة وغير المباشرة من الانتهاكات، وصولاً إلى الاستهداف المباشر، كما حصل لأطفال ضحيان الذين أصبحوا مثالاً للطفولة المذبوحة، وغيرهم المئات يموتون يومياً ويُشردون ويتعرضون لليتم، والإصابة بالجروح، والنزوح على مرأى ومسمع من تلك الدول الموقعة على جميع اتفاقيات حقوق الطفل، والتي تعزف سيمفونية الحقوق الحاضرة في بلدانها، والغائبة عنها في اليمن.
لا نُريد أن يحظى الطفل اليمني بحياة مثالية ورفاهية كاملة، بقدر ما نريد لأطفالنا أن يناموا آمنين من غاراتٍ قد تستهدف أجسادهم النحيلة، وتحولها إلى لحم مختلط بتراب وأحجار البيوت التي يقطنونها، إضافة إلى تحقيق أُمنية أن يذهب الطفل إلى مدرسته وقد تم ترميمها بعد أن تعرضت للقصف، وأصبح يتلقى دروسه في باحتها والشمس تلاصق جبينه كل يوم حتى يشارف عامه الدراسي على الانتهاء، ويعود ذاك الطفل إلى مدرسته بعد أن أجبرته الحرب أن يترك قلمه وحقيبته، ويتحول في لحظة وضحاها من طفل يحتاج إلى رعاية واهتمام إلى رجل أربعيني بهيئة طفل، ليشد وثاقه ويبدأ رحلة البحث عن عمل ليغطي احتياجات أسرته بعدما رحل عنها والده، وفارق الحياة بصاروخٍ انطلق من طائرةٍ لم ترحم طفولته ولم تراعِ ما يترتب على وفاة والده من معاناة قد تلحق بهذا الطفل المكلوم أو ذاك.
وإذا كان إعلان جنيف لحقوق الطفل قد تطرق في بنده الأول إلى ضرورة أن يتمتع الطفل بجميع الوسائل اللازمة والضرورية كي ينعم بنمو عقلي وجسماني سليم، فإن نسبة كبيرة من أطفالنا اليمنيين ينامون وهم يشتهون قطعة من حلوى، بل إنهم يفتقدون لجميع الوسائل التي يشرحها ذاك البند الذي لم يتوقع من صاغه أن الطفولة في اليمن ستكون هدفاً ومرمى لطائرات الجيران لهذا البلد الذي صودرت ثرواته بالأمس من قبل الجار نفسه، حينما أراد له أن يكون فقيراً، وحرم أبناءه من أن تصبح ثروات بلادهم أماناً لهم تحميهم من الحرمان والتشرد والاغتراب.
تقول الإحصائيات إن أكثر من سبعة آلاف طفل ما بين شهيد ومصاب، منهم ثلاثة آلاف بترت أطرافهم، ناهيك عن الأطفال الذين يولدون يومياً وهم مصابون بإعاقات مختلفة نتيجة لآثار القنابل التي أطلقتها طائرات التحالف، طيلة سبع سنوات مضت، وكانت النتيجة أن نسبة لا بأس بها من الأطفال يخرجون إلى الحياة اليمنية مشوهين خلقياً، الأمر الذي ضاعف من أعداد ذوي الإعاقة في اليمن، والذين هم مغيبون عن كل البرامج والمشاريع التي تنفذها المنظمات الأممية، بل إن معاناتهم لم تصل إلى مستوى أن تحرك الضمير العالمي للاستيقاظ ولو لبرهة من الزمن ليسعى جاداً للعمل على إيقاف الحرب المنسية على هذا البلد، الذي يشهد أكبر أزمة إنسانية، بحسب تقارير المنظمات العاملة في المجال الإنساني.
ومع كل ما جرى ويجري في هذا البلد، وما تعرض له الطفل والشاب والمرأة والمسن، فإن الحرب المستمرة منذ 2015م قد فضحت وعرّت كل من يتغنى بحقوق الإنسان والطفولة والمرأة وذوي الإعاقة، وكشفت عن حقيقة واحدة هي “أن تلك الدول تستثمر حرب اليمن لبيع أسلحتها للدول المشاركة في العدوان عليه”.. فكيف لمستثمر أن يغلق سوقه بيده؟
* المصدر : رأي اليوم
* المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع