ماذا بقي للسعودية من أوراق عسكرية في 2020؟
الحقيقة/بندر الهتار
بعيدا عن الأرقام التي أوردها متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع فإن مجمل ما حمله الإيجاز الصحفي من بيانات تؤكد أن اليمن في 2019م قد حقق انتصارا عسكريا بالنقاط، وهي معطيات يمكن البناء عليها لاستشراف ما ستؤول إليه التطورات في 2020م.
وبنظرة سريعة على أبرز الجولات العسكرية في 2019م، يمكن القول إن تحالف العدوان فشل في انتزاع نصر وازن في الميدان، وقد انصب تركيزه على جبهات الحدود في صعدة وحجة مع محاولات في بقية الجبهات، كذلك فشل رهانه في التوغل إلى مديريات محافظة إب من خلال محافظة الضالع، في المقابل برهن الجيش واللجان الشعبية على تطور أدائهم من خلال سلسلة عمليات هجومية توّجت بعملية نصر من الله، مضافا إليها التطور الملحوظ في القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير والدفاعات الجوية.
لا يعود فشل قوى العدوان لأسباب مادية تتعلق بضعف عتاد القوات وتمويلها أو نقص عديدها، إنما المشكلة في الروح المعنوية التي ضربت صفوف تلك القوات مع إطالة أمد الحرب، ثم في بنيتها باعتبارها قوات متعددة الولاءات وهذا انعكس تباينا كبيرا سواء بين الرياض وأبوظبي كأطراف أساسية أو بين أدواتها، وقد ثبت ذلك من خلال الصراع الدموي الذي شهدته الأشهر الأخيرة في عدن وبعض المحافظات الجنوبية.
في المقابل عملت قيادة الجيش واللجان الشعبية على تعويض النقص في الإمكانات المادية بتعزيز الروح المعنوية بين الأفراد انطلاقا من عدالة القضية، ثم العمل على الاستفادة من أخطاء السنوات الماضية وتصحيحها بالقدر الممكن، مع قناعتنا أن وزارة الدفاع ورئاسة الأركان العامة تحتاجان إلى مزيد من الوقت للوصول إلى أرقى مستوى من الأداء والتنظيم.
من الواضح أن أسباب الفشل التي أصابت العدوان في 2019م ستنتقل معه إلى العام المقبل، ولا يوجد ما يؤكد النجاح في معالجة مسببات ذلك، وحين نقول إن قوى العدوان فشلت فهذا لا يعني أن محاولاتها للانتصار الميداني كانت متواضعة أو محدودة، وإنما كانت في ذروتها، في السبب الآخر لا يبدو أن أطراف العدوان المتباينة تستطيع تجميع قواتها للعمل ضمن أهداف مشتركة رغم المحاولات المتكررة ليس آخرها اتفاق الرياض، فالأشهر المقبلة قد تشهد عودة للقتال العنيف في الجنوب وشواهده كثيرة، ما يعني في المجمل وجود عقبات كبيرة أمام أي رهان على الميدان في المدى المنظور.
أما قيادة وزارة الدفاع فتمتلك فرصة تعزيز دور القوات تدريبا وتخطيطا بما يؤدي – في حال التصعيد – إلى استنساخ عملية نصر من الله وربما ما هو أكبر، علاوة على الدور الفاعل المتوقع للقوة الصاروخية والطيران المسير.
بناء على ما سبق لا يبدو أن اليمن سيكتفي بتحقيق انتصار عسكري بالنقاط في 2020م كما فعل في 2019م، فالحسابات تغيرت، لم يعد مقبولا الحديث بأن كل يوم يمر يُحسب صمودا لليمن وفشلا للسعودية وتحالفها، اليوم يمكن القول إن الرياض تصارع لتأجيل إعلان هزيمتها، وصنعاء معنية بكسر رهانها على الوقت كي لا يتحول عدّاد الأيام إلى نقاط سلبية، لهذا السبب يبدو أن البحث في الأشهر المقبلة سيتركز حول توجيه ضربة أو ضربات حاسمة ترغم النظام السعودي على النزول الكامل من الشجرة أو السقوط منها.
وهنا لا نغفل أن الرياض تدرك حقيقة تطور القدرات اليمنية، ولن تقبل أن تبقى رهينة التهديدات العسكرية وذلك اتضح من خلال تعزيز المنظومات الدفاعية بقدرات أمريكية أكثر تطورا وخبراء أمريكيين لتشغيلها.
أمام ذلك، يبقى أن المفتاح ليُلقيَ كل طرف بأوراقه العسكرية هو إغلاق البوابة السياسية والعودة إلى التصعيد، لكن هل هذا وارد، وهل ستدفع السعودية باتجاه هذا الخيار؟
من المرجح أن السعودية في 2020م لن تسعى للتصعيد الكبير إلا إذا توافرت لها شروط ميدانية تساعدها على كسب ورقة مهمة خلال النصف الأول من العام، وهذا لا يعني أن الرياض ستتجنب التصعيد كليا ولا يستبعد أن تتورط في قرارات متهورة كما هو دأبها، إلا أن المنطق يحتم القول بأن التصعيد ليس في صالحها وستلعب على المرواغة وإضاعة الوقت في اليمن كما في بقية الملفات سواء قطر أو ملف مقتل خاشقجي، حتى تنجز قمة العشرين في نوفمبر المقبل، بالتزامن مع الانتخابات الأمريكية، لتبدأ مطلع 2021م التعامل مع ملفاتها العالقة بطريقة متلائمة مع توجهات الإدارة الأمريكية.
والسؤال هنا، هل سيوفر اليمن للسعودية فرصة اللعب بالوقت، أم سيتجه لقطع الطريق عنها مستغلا حاجتها للتهدئة؟ يمتلك اليمن التبريرات الكافية لإعادة السعودية إلى الملعب بعد أن حاولت -مؤقتا- إبعاد نفسها إلى مدرجات المشجعين، وذلك يتحقق من خلال الضغط في إنجاز الكثير من الملفات أبرزها، تبادل كامل وغير مشروط للأسرى، رفع الحصار عن مطار صنعاء، رفع الحصار عن ميناء الحديدة، أو تُفرض معادلات عسكرية لتحقيق ذلك.