ماذا بعد لقاء ترامب – زيلينسكي؟
“لا تقل لنا ما الذي سنشعر به.. ولست في موقع يمكنك فيه أن تملي علينا ما الذي سنشعر به.. تملك الأوراق في الوقت الراهن. معنا أصبحت تمتلك أوراقا.. كلا لقد تكلمت كثيرا.. تمتلك فرصة جيدة للخروج من ذلك بشكل مناسب بفضلنا.. لو لم تحصل على عتادنا العسكري لانتهت الحرب في غضون أسبوعين .. يومين.. اظن اننا اكتفينا. لحظة تلفزيونية جيدة ما رايك؟”.
هذه العبارات المهينة والفجة، وجهها امس الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لـ”نظيره” الاوكراني فلوديمير زيلينسكي، الذي حل ضيفا عليه في البيت الأبيض.
-الإهانة التي وجهها ترامب لزيلينسكي، ومن خلال الأخير لأوروبا، لم تقف عند هذا الحد، ولا حد دفع ترامب بيد زيلينسكي وهو يصرخ في وجهه، بل تعدتها الى طرد زيلينسكي من البيت الابيض وفقا لما كشفته شبكة “فوكس نيوز” عن مسؤولين في البيت الأبيض أن “زيلينسكي لم يغادر البيت الأبيض لأنه أراد ذلك بل لأن ترامب طرده”.
– تقريع ترامب لزيلينسكي وتهديده علنا امام الكاميرات بـ”التوصل إلى اتفاق وإلا سننسحب”، والضغط عليه بشكل مقزز ليكرر عبارة “شكرا لأمريكا وشكرا لرئيسها”، يؤكد بما لا يقبل الشك ان المشهد غير المألوف، على الأقل امام الكاميرات، لضيف اجنبي وهو يُهان بهذا الشكل، هو مشهد قد تم الاعداد والتحضير له من قبل.
-اراد ترامب من خلال “مشهد الاهانة” أمس، ان يقول للناتو وللأوروبيين وكل بلد يعتقد انه “حليف” لأمريكا، ان أمريكا ليس لها حلفاء، بل تابعين، وعلى التابع ان يدفع للسيد، واذا لم يكن لديه ما يدفع من مال عليه ان يتنازل عن سيادته وثروات بلاده لأمريكا، كما يحاول ترامب ان يسطو على معادن أوكرانيا النادرة، في مقابل ما دفعته أمريكا خلال السنوات الثلاث الماضية من الحرب.
-الفخ الذي تم نصبه لزلينسكي، اظهر وبكل وضوح الوجه الحقيقي للرئيس الأمريكي الذي ظهر على حقيقته كزعيم مافيا، يستغل الضعفاء، وحتى عملائه ويبتزهم ويهينهم دون ادنى حرج، فاذا كان حال أمريكا “زعيمة العالم الحر” هو هذا مع اقرب المقربين منها، اما الكاميرات، ترى ما الذي يتعرض لهو هؤلاء الحلفاء!، في أروقة ودهاليز البيت الأبيض؟!.
-اما رسائل اللقاء الفضيحة الى العالم، فيتلخص بما يلي، لن تأمن أي دولة في العالم على سيادتها واستقلالها ووحدة أراضيها وثرواتها وخيراتها، ما لم تصنع سلاحها بنفسها، وقبل ذلك ما لم تمتلك الارادة السياسية المستقلة، والا تثق بالغرب وعلى راسه أمريكا، لاسيما شعاراته الزائفة عن الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان.
-على العالم ان يستخلص العبر من تجربة أوكرانيا وشخص زيلينسكي، الذي فتح على نفسه وبلاده أبواب جهنم للوصول الى “جنة الناتو”، اتكالا على وعود الغرب، فاذا بهذا الغرب لا يأبه بما حل بأوكرانيا من كوارث، بينما نراه يتقاتل فيما بينه على نهب ما تبقى من ثروات اوكرانيا.
-عندما يهان زيلينسكي ويطرد من البيت الابض امام الكاميرات وهو الحليف المقرب لها، فان الاهانة التي ستوجه اليه من روسيا التي يعتبرها عدوته اللدود فلن تكون غريبة، فهذه هي المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، تتعجب من عدم تعرض زيلينسكي للضرب في البيت الأبيض. فكتبت تقول “إن عدم إقدام ترامب ونائبه جيه دي فانس على ضرب زيلينسكي خلال الاشتباك الذي جرى بثه على الهواء مباشرة هو معجزة” معتبرة أن ترامب تحلى بـ”ضبط النفس” بعدم ضرب الرئيس الأوكراني!!.
-اللافت ان العدو الذي تصطنعه أمريكا لبعض الدول، في مناطق العالم المختلفة، من اجل زرع الفتن بينها وصولا الى استنزافها ونهب ثرواتها، كما هو الحال في منطقتنا، حيث خدعت أمريكا الدول العربية عندما سوقت “ايران” كعدو، بينما سوقت في المقابل الكيان الإسرائيلي المجرم كصديق، هذا اللعبة انطلت على أوروبا عندما تم تسويق روسيا على انها عدو لأوروبا بينما هي جزء من أوروبا، بينما أظهرت نفسها كصديق لأوروبا، التي استفاقت اليوم بعد “الصفعة” التي وجهها اليها ترامب وباتت تبحث عن زعيم جديد للعالم الحر!!.
-أخيرا، وهذا هو بيت القصيد، اذا كان هذا حال “حارس البوابة الشرقية لأوروبا”!!، ترى ما هو حال الأنظمة والدول العربية والإسلامية التي وضعت ليس ثرواتها تحت تصرف أمريكا، بل سيادتها ووحدة أراضيها وجغرافيتها وكرامتها وحاضرها ومستقبلها كذلك.