ماذا بعد سيطرة اليمن على سفينة صهيونية في البحر الأحمر؟
دخلت معركة طوفان الأقصى مرحلة جديدة بعد احتجاز البحرية اليمنية لسفينة صهيونية جنوب البحر الأحمر، معلنة البحر الأحمر ساحة مواجهة جديدة ضد كيان العدو نصرة للشعب الفلسطيني المظلوم والمذبوح في غزة.
السيطرة على السفينة “جلاكسي ليدر” واقتيادها إلى الساحل اليمني، حدث مفصلي يستهدف خطوط التجارة وحركة الملاحة للكيان الصهيوني في البحر الأحمر المنفذ الاستراتيجي الأهم للتجارة الصهيونية، ومنه تعبر معظم البضائع والسلع والمواد من وإلى آسيا وأفريقيا، وفقدان كيان العدو هذا المنفذ يعني ضربة قوية على اقتصاده.
وسيتأثر اقتصاد كيان العدو بشكل مضاعف جراء قرار اليمن فرض الحصار البحري “فشريان الحياة بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي (البحر الأحمر) بات مغلقاً أمام حركة الملاحة الإسرائيلية بل لا تستطيع السفن الإسرائيلية التمويه أو إخفاء نفسها”
ومن آثار الحصار البحري على الكيان في البحر الأحمر، وفقا لنائب مدير التوجيه المعنوي لدى القوات المسلحة اليمنية عبدالله بن عامر أن “الإسرائيلي يعتمد على الملاحة في البحر الأحمر ليس للاستيراد بل وللتصدير أيضاً وهذا يعني أن الخسائر سوف تمتد إلى المصانع الإسرائيلية التي تقوم بإنتاج المنتجات المصدرة إلى شرقي آسيا وإلى الشرق الأفريقي وإلى أستراليا وأمام هذه السفن الدوران عبر البحر المتوسط ثم المحيط الأطلسي حول القارة الافريقية ثم الوصول إلى هدفها”.
وهذا ما شهدنا بداية تداعياته اليوم الاثنين، إذ كشف إعلام العدو أن السفن “الإسرائيلية” ومن لها علاقة بالتجارة مع “إسرائيل” ستضطر للعبور إلى جنوب أفريقيا والدخول إلى حوض المتوسط في مسافة طويلة جداً بسبب تهديدات الجيش اليمني، وهذا يكلفها الكثير من الأموال أضافة إلى تأخر وصول البضائع لأسبوعين على الأقل.
هذا بالإضافة إلى مضاعفة تكاليف الملاحة التأمين للنقل البحري الصهيوني، وسيجد الصهيوني صعوبة في اقناع شركات الشحن والملاحة حتى تستمر في أعمالها وأنشطتها المرتبطة بالشركات الإسرائيلية أو الموانئ الصهيونية، وسوف يتأثر ميناء أم الرشراش “إيلات” فنسبة 80% من سفنه تصل إليه أو تخرج منه إلى أو عبر البحر الأحمر وسنرى أنشطة الميناء الإسرائيلي تتقلص.
وإلى جانب الحصار التجاري يشمل الحظر اليمني أيضا البحرية العسكري الصهيونية فخلال “الظروف الطبيعية كانت القطع الحربية التابعة للعدو تستخدم البحر الأحمر بل وتتعامل على أنها القائدة في هذا البحر لكنها منذ بدء العمليات اليمنية لم تتجاوز خليج العقبة ولم تتجرأ على الوصول حتى إلى منتصف البحر الأحمر من جهة الشمال”.
التصعيد في البحر الأحمر مرهون بوقف العدوان على غزة
الجانب اليمني أكد غير مرة أن كيان العدو الصهيوني هو المستهدف الوحيد من عملياته في البحر الأحمر، وأن عملياته مرتبطة باستمرار العدوان الصهيوني على غزة الذي راح ضحيته عشرات الآلاف من النساء والأطفال خلال شهر ونصف، وسبق أن وجهت صنعاء عدة تحذيرات للكيان بهذا الخصوص خلال الفترة القليلة السابقة، مؤكدة “أن من يهدد أمن واستقرار المنطقة والممرات الدولية هو الكيان الصهيوني”.
ومن هنا جاءت العملية التاريخية، التي لاقت ارتياحا شعبيا عربيا واسعا، بالسيطرة على السفينة الصهيونية بتاريخ 19 نوفمبر 2023، وفي مؤشر أنها لن تكون الأخيرة وستليها عمليات أخرى، أكدت القوات المسلحة اليمنية في بيانها “الاستمرار في تنفيذ العمليات العسكرية ضد العدو الإسرائيلي، حتى يتوقف العدوان على قطاع غزة والجرائم بحق إخواننا الفلسطينيين”.
وفي البيان كذلك جدد الجيش اليمني تحذير “لجميع السفن التابعة للعدو الإسرائيلي أو التي تتعامل معه، بأنها سوف تصبح هدفا مشروعا لقواتنا المسلحة”، “مهيباً بكل الدول التي يعمل رعاياها في البحر الأحمر بالابتعاد عن أي عمل أو نشاط مع السفن الإسرائيلية أو السفن المملوكة لإسرائيليين.”
لكن كيان العدو يحاول استغلال اتجاه أنظار دول العالم نحو البحر الأحمر ومضيق باب المندب باعتباره ممرا دوليا رئيسيا تمر عبره سفن العالم، وحاول العدو تصوير عمليات البحرية اليمنية وكأنها استهداف للملاحة الدولية، وردا على التهويل الصهيوني جاءت تطمينات من اليمن مؤكدة بأن سفن العدو وقطعه الحربية هي المستهدفة الوحيدة من عملياتها البحرية، رابطة توقف عملياتها بتوقف العدوان على غزة.
ويرى مراقبون أن التطمينات اليمنية ليست دليل ضعف، بدليل أن السيطرة على سفينة “غلاكسي ليدر” وما سبقها أثبت قدرات الجيش اليمني على تحمل مسؤولياته واقتداره على مواجهة القوى الكبرى، وبالتالي فإن “أي عمل عسكري ضد اليمن سوف يؤدي إلى مضاعفة التوتر في البحر الأحمر بل قد يؤدي إلى إغلاقه أمام الملاحة بشكل كامل لأن أية عمليات عسكرية ضد اليمن ستكون من البحر وبالتأكيد أن اليمن سوف يرد في ذات البحر وهنا سيتوقف العالم أمام هذا التطور الخطير”.
وقد أكد ناطق أنصار الله محمد عبدالسلام “أن احتجاز السفينة الإسرائيلية خطوة عمليةٌ تثبت جدية القوات المسلحة اليمنية في خوض معركة البحر مهما بلغت أثمانها وأكلافها، وهذه هي البداية، وأن أي حرص على عدم اتساع الصراع يكون بوقف العدوان الإسرائيلي عن قطاع غزة”.
وبالتالي أمام الواقع الجديد الذي فرضته القوات المسلحة اليمنية، فإن الطريق الأسهل أمام المجتمع الدولي “إذا كان حريصا على أمن واستقرار المنطقة وعدم توسيع الصراع أن يوقف العدوان الإسرائيلي على غزة”، وإلا فإن التكلفة ستكون باهظة عليه.
المسيرة نت