ماذا بعد الانتفاضة الطلابية في الجامعات الأمريكية؟
ماذا بعد الانتفاضة الطلابية في الجامعات الأمريكية؟
محمد علي الحريشي
تشهد عدد من الجامعات الأمريكية احتجاجات طلابية تندّد بانحياز الحكومة الأمريكية مع الكيان الصهيوني وتطالب بوقف العدوان الأمريكي الصهيوني على قطاع غزة وفك الحصار عنه، فما هي دلالات اندلاع انتفاضة طلابية في الجامعات الأمريكية؟
الشعب الأمريكي مغلوب على أمره مثله مثل بقية الشعوب الأُورُوبية الغربية التي تقع تحت تأثير الدعايات الإعلامية الصهيونية، الإعلام في الغرب يلعب دوراً مؤثراً في توجيه الرأي العام الغربي والعالمي لتشويه المقاومة الفلسطينية وشيطنتها ووصمها «بحركة إرهابية هدفها قتل مواطني دولة “إسرائيل” وتنفذ أجندات إيرانية معادية» هكذا رسم الإعلام الأمريكي الموجه الذي يتحكم به اللوبي اليهودي في رسم الصورة النمطية للشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية، لكن تنامي الجرائم البشعة التي يرتكبها الجيش الصهيوني والدمار الممنهح في قطاع غزة والحصار القاتل، وما تنقله وسائل الإعلام إلى مختلف أنحاء العالم ومنهم الشعب الأمريكي عن المجازر والدمار والقتلى من النساء والأطفال وغير ذلك من الجرائم التي لم يحدث مثلها عبر التاريخ.
تلك المشاهد غيرت من الرأي العام الأمريكي والغربي الذي كان منحازاً إلى الكيان الصهيوني إلى نظرة منصفة ولدت ثورة الوعي في أوساط الشباب الأمريكي والغربي، الذين بدأوا يثيرون عدداً من التساؤلات عن جدوى استمرار العدوان الصهيوني على الشعب الفلسطيني واستمرار المواقف الأمريكية المؤيدة لحكومة العدوّ الصهيوني، وما يتعرض له الفلسطينيون من حرب إبادة جماعية وتدمير ممنهج وحصار جائر، المشاهد الإجرامية في قطاع غزة أثارت مشاعر الغضب في قطاع واسع من الشعب الأمريكي وهم طلاب الجامعات الأمريكية الذين صدمهم ما يحدث في عزة من دمار شامل وقتل جماعي لم يشهد له التاريخ مثيلاً، حركت مشاعر النخوة للطلاب الأمريكيين لعمل احتجاجات تطالب بوقف الدعم العسكري والسياسي اللامحدود الذي تقدمه حكومتهم للكيان المحتلّ ليواصل العدوّ الصهيوني قتل المزيد من الأطفال والنساء في قطاع غزة، من هنا تكمن أهميّة الفعل الثوري والانتفاضة الطلابية داخل الجامعات الأمريكية؛ فقد ولدت قلقاً بالغاً في أوساط اللوبي اليهودي الصهيوني داخل الإدارة الأمريكي، الذين يتخوفون من تبعات وآثار الانتفاضة الطلابية الأمريكية على مستقبل الكيان الغاصب، إذَا استمر الدعم الأمريكي لحكومة العدوّ الصهيوني واستمرت المجازر في قطاع غزة ربما يؤدي ذلك إلى تزايد وتيرة الاحتجاجات الشعبيّة في أمريكا، هذا الذي تتخوف منه الإدارة الأمريكية، خَاصَّة في مناخات الأجواء الانتخابية الساخنة بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي، هناك مؤشرات على تدهور الأوضاع الاقتصادية الأمريكية سببتها توجّـهات السياسة الأمريكية الخارجية التي أدخلت الشعب الأمريكي في دوامة الصراعات مع روسيا والصين وعدد من دول العالم وانحيازها مع حكومة الكيان الصهيوني الفاشلة.
المواقف الأمريكية المنحازة والمعادية للعالم ألقت بظلالها على حياة المواطن الأمريكي في ارتفاع الأسعار؛ لذلك من المحتمل أن ترتفع وتيرة الاحتجاجات الطلابية في الجامعات الأمريكية وربما تتوسع إلى قطاعات أُخرى، ما يحدث داخل الجامعات الأمريكية هو ثورة وعي شبابية ساهم في ظهورها الصمود الأُسطوري للشعب الفلسطيني ومقاومته الباسلة، والمواقف الشجاعة لقوى محور المقاومة، الذين وحدوا مواقفهم وتدخلوا بقوة من بداية معركة طوفان الأقصى لإسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته وساهموا في إفشال المخطّطات الإجرامية الأمريكية والصهيونية للقضاء على المقاومة الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطيني إلى خارج أرضه، كان لتدخل قوات الجيش اليمني لفرض الحصار الاقتصادي على العدوّ الصهيوني في البحر الأحمر دور كَبير في إحباط المخطّطات الأمريكية والصهيونية وفشلها لحسم العدوان على غزة في الأسابيع الأولى من عملية طوفان الأقصى، المواقف اليمنية أججت مشاعر الغضب داخل الشعب الأمريكي ضد الحكومة الأمريكية، ظهور حركات احتجاجية طلابية داخل الجامعات الأمريكية والغربية هو مؤشر قوي ونتيجة حتمية لفشل مشاريع المخطّطات الإجرامية الأمريكية والصهيونية في القضاء على المقاومة الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطيني، وهو فشل المشاريع والمخطّطات الإبراهيمية والتطبيع والدمج الاقتصادي العربي مع العدوّ المحتلّ وغيرها من المشاريع الأمريكية والصهيونية المعادية.