لِمن اراد أن يُصعق.. هذه هي الفرائس السعودية في اليمن..!
ما الذي يدفع السعودية وبهذه السرعة الجنونية للإصرار في القيام بكل ما تقوم به في اليمن من إجرام وتنفيذ مُعلن لعمليات الاغتيالات والقتل الجماعي للناس وتحويل الآلاف منهم إما إلى معاقين ومحطّمين، أو إرسالهم إلى توابيت الموت، بعضهم بنصف جسد والبعض الآخر بقدم واحدة، أو عبارة عن مجموعة من الأشلاء والقطع المتفحمة التي لا تحمل أي ملامح، عدا ملامح قتلة العصر مِمّن يُنفذون أوامر هولاكو النظام الدولي الجديد؟
ما كلّفهم الله للقيام بهذه الكبائر التي يستنسخون بها صوراً فظيعة لأسوأ وأبشع جرائم القتلة عبر التاريخ البشري، التي يُدخلون من خلالها الأحزان ومشاعر الفقد واليُتم والجوع والبطالة والأحقاد إلى كل بيت وأسرة وحيّ وقبيلة، من دون أن يكون هناك أي مسوغ مقنع أو حُجّة أخلاقية..؟!
إلى اليوم لم نعرف السبب، الذي يقف وراء قصفهم لمدينة العمال في المخاء يوم 26 يوليو2015 والذي قُتِل على إثره أكثر من (100) مدني، ومن بعده قصف حفل الزفاف في منطقة سنبان بمحافظة ذمار وقُتِل فيه أيضا (48) شخصاً مدنياً يوم 7 أكتوبر2015، وعشرات المآسي من هذا النوع، ونفس تلك الأسباب غير المعروفة هي التي دفعت بهم مساء الاثنين 25 يناير2016 لقصف منزل القاضي يحيى رُبيد الذي قضى فيه هو وكل من كان في بيته من نساء وأطفال، وُجِدت جثث طفلين منهم على بعد أكثر من (300) متر من المنزل المدمّر، فيما وُجِدت قَدمْ إحدى الفتيات التي كانت تنتعل حذاء لحظة الفاجعة، مبتورة ووحيدة في الشارع الرئيسي البعيد عن المنزل، وهي ما تزال منتعلة لحذائها، مُجسّدت بذلك المشهد الصادم آخر خطوة وقفزة عملاقة عرّت بها العالم السُّفلي لشرطي هذا الزمن المتوحّش،كما عَبرتْ بها في الوقت ذاته إلى عالم وخلود آخرين غير عالم شعارات حقوق الإنسان والديمقراطية والعدالة البرّاقة التي تهتف بها كل قوى الإبتزاز الدولية التي تكيل بمكايّل الإفك والبطش والانحطاط.
لاشك إن قصف وتدمير فرع لجنة الانتخابات بمحافظة البيضاء وغيرها، ليس أكثر ألماً ومدعاة لتشقق الذات وبكاء الأرواح ونزف القلوب من قصف منزل كمنزل القاضي المرحوم يحيى رُبيد، يسكن فيه هو و(9) أشخاص مدنيين، (8) منهم نساء وأطفال، جميعهم ماتوا ببشاعة يستحيل تصويرها بكلمات منكسرة وغارقة بسيل من الدموع كهذه الكلمات المكلومة، المسكونة، بالحزن، التي تنتظر في أي لحظة إنفجار أحد صواريخ طائرات (إعادة الشرعية) التي تحوم اللحظة فوق رؤسنا.
هل تعلمون إن كل شيء في اليمن صار، بالنسبة للسعودية، عبارة عن صواريخ (سكود) ومنشآت نووية وأهداف عسكرية، فالأفراد مثلا، والأسواق ومصانع بفك وحليب الأطفال، وحتى المقابر أهداف عسكرية ومخازن أسلحة، وهذا الكلام لا يقبل النقاش والتشكيك حوله، بدليل إنه حينما سُئِل العميد (أحمد عسيري) عن سبب قصف منزل القاضي المرحوم (رُبيد)، أجاب بكل ثقة أنهم يستهدفون فقط، صواريخ (سكود)، أما البيوت السكنية التابعة للمدنيين، فلم ولن يستهدفوها، بمعنى إن القاضي وأفراد أسرته كانوا صواريخ باليستية مطوّرة وموجهة نحو الرياض وأبوظبي، وفقا لتقييمهم.
في الواقع نستطيع القول إن (المملكة) وقيادة (العاصفة) لم يتركوا للمرء أي فرصة للحديث بشيء من التطمين أو محاولة الحياد في التعاطي مع الحرب الدائرة في اليمن، وتحليل وقراءة الدافع وهامش الأخطاء التي تقف وراء الجرائم التي خلفها ويخلفها (الشقيق) السعودي في ربوع هذا البلد.
بالله عليكم أي هدف عسكري أخطأوا فيه، حينما قصفوا مقبرة خزيمة في العاصمة صنعاء أو معبد الشمس التاريخي في مأرب أو كليات ومرافق جامعة ذمار أو مدارس الأطفال والمعاهد الفنية والمهنية ومزارع تربية الدواجن والأبقار أو محطات الكهرباء في أكثر من منطقة ومدينة؟.
ساعدوني لو تكرمتم في البحث عن علاقة ما أو رابط معقول بين الأهداف التي يقصفونها كالمدارس والمصانع والطرقات والمساكن، وبين المنشآت العسكرية الحوثية والإيرانية من تقليدية ونووية، وكم هي المسافة الفاصلة، بين منزل القاضي (ربيد) في شمال العاصمة صنعاء وجامعة ذمار وحفل الزفاف في سنبان (ذمار) ومدينة العمال بالمخاء، وبين المنشآت النووية الإيرانية كنطنز وبوشهر ومقر قيادة الحرس الثوري في طهران وغيرها؟.
هذه أسئلة مشروعة، تفرض نفسها وليست عبارة عن كلام إنشائي أو محاولة للدفاع عن جبهة (الحوثيين) الذين نختلف معهم في إمور وقناعات كثيرة، لهذا نكرر ونقول: السعودية لم تترك لأحد فرصة لمناقشة وكشف مخالفات وأخطاء الحوثيين، لأن أبسط شخص سيقول يقول لك: أيهما أولى وأهم أن تنتقد تصرفات الحوثيين في نقطة أمنية أو وزارة ما، أم تنتقد قتل السعودية اليوم لخمسين مدنياً، وتدميرها لخمس مدارس و3 جسور واثنين مستشفيات و3 مصانع وتسببها بموت العشرات من الناس لعدم توفر العلاجات والمشافي المجهزة، أو إنعدام ونُدرة رحلات الطيران التي تُقلّهم للخارج؟!
وأيهما أولى بك الدفاع عن(سُنّيتك)، أم عن المحافظات الجنوبية التي سلمتها المملكة للإرهاب والفوضى؟! وأيهما أولى بك الدفاع عن يمنيتك ووحدتك الوطنية وعلي عبدالله صالح الذي يقاوم هذا التنكيل والإجرام بحق اليمنيين، أم إدانة وتناول إيران التي لم نرَ لها جندياً واحداً ولا دولاراً واحداً ولاصاروخاً واحداً أسقطت به طائرة سعودية أو إماراتية؟.
هذه وقائع واحداث ومعطيات معاشة نتحدث عنها وليست عواطف أو فتاوى وشعارات مفرغة من المعاني والدلالات والموضوعية.
صحيح إن الحوثيين وقعوا في مطبّات كثيرة واتخذوا العديد من القرارات والممارسات الخاطئة جداً، لكن السعودية فاقت ما قاموا به بكثير، السعودية، بإختصار شديد أجرمت ونكلت باليمن واليمنيين وأرتكبت أخطاء فادحة سيُلاحظها ويُدرك فظاعتها الإخوة المسكونون بفوبيا (الاثنا عشرية) الإيرانية و(الفارسية)، بعد أن تنتهي الحرب وتتضح الصورة أكثر، أو بعد أن تنتهي سكرة الإقامة والنعيم وسحر الدولارات والريالات والدراهم والإمتيازات التي يحصلون عليها في الرياض ودبي والدوحة وأنقرة وغيرها.
عبدالكريم المدي/ رأي اليوم