ليس التاريخُ فقط من شهد لليمن بل أَيْـضاً الكتب السماوية ..بقلم /الشحات شتا*
ليس التاريخ فقط شهد لليمن بأنها أم كُـلّ الحضارات وقاهرة كُـلّ الغزاة وشعبها الحضاري أصيل وشامخ وصامد في البطولات، بل أَيْـضاً الكتب السماوية شهدت لليمن؛ ولأنني مهتم كَثيراً بالشأن اليمني وكتبت مئات المقالات عن اليمن فَــإنَّني أواصل كتاباتي عن اليمن بعد البحث في الكتب السماوية عن اليمن.
إذَا سالت الكتب السماوية عن أعظم حضارة ستقول لك اليمن:
إذا سألت التاريخَ عن أعظم حضارة سيشهدُ أنها حضارةُ اليمن.
إذا سألت كُـلَّ الحضارات السابقة والحالية من هي الدولة العصية على كُـلّ الغزاة، سيشهدون أنها اليمن.
كان اليمن دائماً مقبرة لكل الغزاة
قبل أعوام كنت أعلم أن اليمن مقبرة الغزاة وبلد الحكمة والإيمَـان والعلم والحضارة، لكني بعدما قرأت العهد القديم المعروف بالتوراة ومزامير داوود والإنجيل وجدت أن اليمن لم يذكر في القرآن فقط، بل وجدته في كُـلّ الكتب السماوية، وحينها حمدت الله أنني متضامن مع أعظم وطن في العالم.
شهادة العهد القديم التوراة لليمن:
ذُكرت مملكة سبأ في العهد القديم، في إشارة إلى زيارة ملكة سبأ إلى الملك سليمان وتعبيرها عن إعجابها بحكمته التي وهبه إياها الله، وقدمت إليه الهدايا الثمينة، نقرأ في سفر الملوك الأول من العهد القديم: “وَسَمِعَتْ مَلِكَةُ سَبَأ بِخَبَرِ سُلَيْمَانَ لِمَجْدِ الرَّبِّ، فَأَتَتْ لِتَمْتَحِنَهُ بِمَسَائِلَ. فَأَتَتْ إلى أُورُشَلِيمَ بِمَوْكِبٍ عَظِيمٍ جِـدًّا، بِجِمَالٍ حَامِلَةٍ أَطْيَاباً وَذَهَباً كَثيراً جِـدًّا وَحِجَارَةً كَرِيمَةً. وَأَتَتْ إلى سُلَيْمَانَ وَكَلَّمَتْهُ بِكُلِّ مَا كَانَ بِقَلْبِهَا. فَأَخْبَرَهَا سُلَيْمَانُ بِكُلِّ كَلاَمِهَا. لَمْ يَكُنْ أَمْرٌ مَخْفِيّاً عَنِ الْمَلِكِ لَمْ يُخْبِرْهَا بِهِ. فَلَمَّا رَأَتْ مَلِكَةُ سَبَأ كُـلّ حِكْمَةِ سُلَيْمَانَ وَالْبَيْتَ الَّذِي بَنَاهُ وَطَعَامَ مَائِدَتِهِ وَمَجْلِسَ عَبِيدِهِ وَمَوْقِفَ خُدَّامِهِ وَمَلاَبِسَهُمْ وَسُقَاتَهُ وَمُحْرَقَاتِهِ الَّتِي كَانَ يُصْعِدُهَا فِي بَيْتِ الرَّبِّ، لَمْ يَبْقَ فِيهَا رُوحٌ بَعْدُ. فَقَالَتْ لِلْمَلِكِ: صَحِيحاً كَانَ الْخَبَرُ الَّذِي سَمِعْتُهُ فِي أَرْضِي عَنْ أُمُورِكَ وَعَنْ حِكْمَتِكَ،…، وَأَعْطَتِ الْمَلِكَ مِئَةً وَعِشْرِينَ وَزْنَةَ ذَهَبٍ وَأَطْيَاباً كَثِيرَةً جِـدًّا وَحِجَارَةً كَرِيمَةً. لَمْ يَأْتِ بَعْدُ مِثْلُ ذَلِكَ الطِّيبِ فِي الْكَثْرَةِ الَّتِي أَعْطَتْهُ مَلِكَةُ سَبَا لِلْمَلِكِ سُلَيْمَانَ…” (ملوك الأول9).
اليمن في مزامير داوود:
لم يشهد العهد القديم فقط لليمن، بل شهدت مزامير النبي داوود أَيْـضاً لليمن، بل إن الله استجاب لدعاء النبي داوود حينما قال في مزمور 72 “مُلُوكُ تَرْشِيشَ وَالْجَزَائِرِ يُرْسِلُونَ تَقْدِمَةً. مُلُوكُ شَبَا وَسَبَأٍ يُقَدِّمُونَ هَدِيَّةً”، وقد استجاب الله لدعاء نبيه داوود وجاءت ملكة اليمن إلى سليمان بفلسطين وهذا يعد اعجازاً علمياً وغيبياً فبعد مرور سنين تحقّقت نبوءة داوود وجاءت بلقيس إلى فلسطين، وقدمت للملك سليمان هدايا عظيمة، وأهدى لها سليمان مئات الكتب.
اليمن في الإنجيل:
قال المسيح عن اليمن: “مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ رِجَالِ هذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ؛ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأرض لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ، وَهُوَذَا أعظم مِنْ سُلَيْمَانَ ههُنَا!” إنجيل لوقا 11 الآية 31.
وملكة التيمن هنا تعني ملكة اليمن أَيْـضاً؛ لأَنَّ من يقف في فلسطين وينظر إلى اتّجاه الشرق ستكون اليمن على يده اليمنى في الجنوب الشرقي لفلسطين، ومن يقرأ الإنجيل أَيْـضاً سيعرف أن المسيح قال لتلاميذه: إنهم سيدينون أسباط إسرائيل الاثني عشر؛ أي أبناء يعقوب الاثني عشر، كما أنه قال أَيْـضاً: إن ملكة التيمن ستدين الملوك؛ لأَنَّ أغلب الملوك لم يؤمنوا بالله مثل فرعون، أما ملكة اليمن فجاءت من أقصى اليمين إلى فلسطين لتؤمن بالله مع سليمان النبي.
اليمن في القرآن:
ذكرت اليمن في القرآن، وحملت سورتين من سور القرآن أسماء مناطق فيها (سبأ، الأحقاف) سبأ امتدت من مأرب شمالاً إلى شبوة شرقاً، والأحقاف في حضرموت شرقاً، ووصف الله اليمن بأنها (جنة، وبلدة طيبة) ولم يطلق على أية أرض هذا الوصف في القرآن غير اليمن، وذكر القرآن أَيْـضاً: “لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَن يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِن رِّزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ”{15} سبأ.
التاريخ يشهد بأن اليمن أصل كُـلّ الحضارات:
يُجمع معظم مؤرخي العالم العربي على أن اليمن عرفت حضارات قديمة تعود إلى القرن العاشر قبل الميلاد، أما فعلياً فالتاريخ القديم لليمن يرجع بحسب كتب التاريخ، إلى الألف الثاني قبل الميلاد مُرورًا بظهور مملكة سبأ (في اليمن) والتي تُعتبر الركن الأَسَاسي للتاريخ اليمني القديم، وكانت مأرب عاصمة لها.. كما كان يُطلق على اليمن قديماً اسم “اليمن السعيد”؛ نظراً لما عرفته هذه الدولة من ازدهار مقارنة مع دول الجوار في ذلك الزمان.. ويعتبر المؤرخون أن اليمن صدّر مجموعة حضارات توزعت على العالم العربي بجهاته كافة، خلال العصور المختلفة، ويعتبر المؤرخون أَيْـضاً أنه من اليمن خرجت حضارات استوطنت عدة دول عربية كالعراق ومصر وشمال أفريقيا، ومن الحضارات القديمة في اليمن: مملكة معين، حضارة حضرموت، مملكة حمير ومملكة أوسان، بالإضافة إلى ممالك أُخرى كمملكة هرم ومملكة كمنة ومملكة السوداء ومملكة أنابة.. وهذه الممالك ساهمت في إنشاء الدولة اليمنية المركزية في نهاية القرن الثالث الميلادي.
هنيئًا لك أيها اليمن يا مَن شهد لك التاريخُ والكتُبُ السماوية:
قلتها في بداية العدوان لو لم أكن يمانياً لوددت أن أَكون يمانيًّا، ولو لم أكن حوثياً لوددت أن أكون حوثيًّا، واليوم أواصل فخري واعتزازي بيمن أُمِّ الحضارات ويمن مقبرة الغزاة ويمن التاريخ ويمن الكتب السماوية ويمن الانتصارات والإنجازات والمعجزات ويمن الصبر والصمود والثبات والذي قهر كُـلّ دول العدوان على مدار ثمانية أعوام.
- كاتب مصري
- المقال يعبر عن وجهة نظر كاتبه وليس بالضرورة عن رأي الموقع