لماذا يخافُ الأعداءُ من الدورات الصيفية؟

تتعمَّــدُ وسائلُ الإعلام التابعةُ للأعداء ومرتزِقتهم، منذُ عقد من الزمن، التناوُلَ السلبي للدورات الصيفية ومحاولة إعطاء صورة مشوَّهة عنها؛ بهَدفِ إبعاد اليمنيين عن إلحاق أبنائهم بها.

وتبَّث قنواتُ الأعداء تقاريرَ مطوَّلةً عن الدورات الصيفية، وتقدِّمُ صورةً كاذبةً من خلال التقارير المغلوطة، وتشويه الحقائق، والادِّعاء بأنها مراكز للتجنيد الإجباري، وأنها تعمل على تفخيخ العقول، وغيرها من الادِّعاءات الكاذبة.

وتأتي هذه الحملات المضادة، في إطار اهتمام السيد القائد وحرصه على إقامة هذه الدورات؛ لما لها فائدة في توعية الجيل، وتحصينه من الحرب الناعمة، ومؤامرات الأعداء، وتحصينه كذلك من الأفكار الضلالية والشاذة.

ولهذا يقول السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي -يحفظه الله-: “من أهم ما تحتاجُ إليه أُمَّتُنا وجيلُها الناشئُ هو تعزيزُ العلاقة بالقرآن الكريم ككتاب هداية وأن نتعلم منه معرفة الله وترسيخ الشعور بعظمته، ولتستعيد به فاعليتها وتخرج من الحالة الرهيبة من انعدام الفاعلية والوزن إلى النموذج الأصيل المغيظِ للكفار”.

ويحث السيد القائد في خطابه الأخير على ضرورة تربية الجيل الناشئ وتعليمه وإكسابه المهارات اللازمة، معتبرًا أن ذلك هو “جزءٌ من الجهاد في سبيل الله، وأن كُـلّ بناء للجيل الناشئ لا يعتمد على القرآن الكريم وأسسه وهدايته ونوره لن يغيّر من الواقع شيئًا، بل يسهم في السقوط أكثر وأكثرَ”، موضحًا أن “البناء القرآني العظيم الفعال والمؤثر المغيِّر نحو الأفضل في هذه المرحلة الحساسة سيكونُ امتدادًا للنموذج الأصيل، وأن مستوى الاستفادة من الدورات الصيفية يتطلَّبُ اهتمامًا من جميعِ الجهاتِ ذات العلاقة على المستوى الرسمي والقائمِين عليها”.

ومنذ سنوات كثيرة تشرف الولايات المتحدة الأمريكية على حملات التشويه والتضليل ضد الدورات الصيفية، مقابل دعم وتمويل مراكز أُخرى لتيارات دينية متشدّدة؛ بهَدفِ تقديمها على أنها تمثل الإسلام الحقيقي، وهي بعيدة كليًّا عن تعاليمه.

ومنذ انطلاق المسيرة القرآنية، لعبت أمريكا دورًا كَبيرًا في الحد من انتشارها، ومحاربة المكبِّرين الأوائل عبر النظام السابق، لدرجة أن أمريكيين بأنفسِهم كانوا يشاركون في التحقيقات ضدهم.

وفي السياق، تقول الناشطةُ الثقافية حسينة دريب الشريف: إن “الحرب على الدورات الصيفية ليست وليد اللحظة، وإنما هي امتدادٌ لمرحلة ما قبل ثورة 21 سبتمبر 2014م”.

وتشير إلى أن “السفير الأمريكي هو الذي كان يقيم بنفسه دورات للكوادر اليمنية في مختلف المجالات حتى على مستوى القضاء والإرشاد والخطباء، وأنه عندما غادر صنعاء يائسًا من بقائه حاكمًا فعليًّا في اليمن أوصى أذيالَه في النظام السابق بأن يحذروا من الدورات الصيفية التي يقيمها أنصار الله”.

وتنوّه إلى أن “ما نشاهده في إعلام العدوّ الأمريكي، ومن ينطوي تحت ذراعه من الأبواق والأذيال والمرتزِقة والذُّباب الإلكتروني، كُـلّ عام مع بداية تدشين الدورات الصيفية، هو تعبير عن خوفهم العميق من أثر الثقافة القرآنية، وتعزيز القيم الإيمانية والشعور بالمسؤولية”.

وتوضح أن “ما تقوم به قنواتُ الإعلام المعادية ضد الدورات الصيفية، هو ترديدٌ للأسطوانة المشروخة التي تتكرّر كُـلّ عام، والتي تهدف إلى حرف التوجّـه الشعبي وتقليل الإقبالِ المتزايد على الدورات الصيفية”.

وتشير إلى أن “أعداء الإسلام في الغرب وكذا العدوّ الإسرائيلي يستغلون عطلةَ المدارس في إقامة دورات تثقيفية حسب توجّـههم الديني والفكري والسياسي، دون أن يتدخل فيهم أحد، رغم ما يفعلونه من تعليم لأطفالهم وشبابهم من الحقد على المسلمين”.

وترى أن “الأعداءَ حريصون على أن يتمَّ تغييرُ المنهاج الدراسية في بلدنا، مقابل غزوِنا من خلال حروب متعددة وفي مقدمتها الحرب الناعمة والفكرية”.

أسبابُ مخاوف العدوّ من الدورات الصيفية؟

وتتلخص مخاوفُ العدوّ من الدورات الصيفية؛ من كونها تؤسس لجيل متسلح بالإيمان، والوعي بمخاطر أهل الكتاب، وما يحملونه من حِقْدٍ على الأُمَّــة الإسلامية، وتكوين جيل مقاوِم، أكثرَ صلابة بمواجهتهم في ميادين الجهاد العسكرية والسياسية والأمنية والفكرية والثقافية وغيرها.

ومن خلال النظرة التاريخية لعقيدة اليهود والنصارى المعادية للإسلام والرسالة السماوية وأعلام الهدى فَــإنَّ الخوف من الدورات الصيفية قد ينبع من تعزيزها للهُــوِيَّة الإيمانية والقيم.

كما أن الأعداء ينظرون إلى هذه الدورات على أنها تعمل على ترسيخ “العلوم القرآنية والمعارف والمهارات المعززة للهُــوِيَّة الإيمانية، والعقيدة الجهادية، وتولِّي آل البيت -عليهم السلام- ما يُعتبَرُ تهديدًا للهيمنة على المجتمع البشري، ويتعارَضُ مع محاولات نشر قيم وثقافات الانحلال والانحطاط والغواية، وهو ما لا يتوافقُ مع مصالح الأعداء.

وفي هذا الصدد، يقول الأُستاذ طه المؤيد -مدير مركز نبراس الهدى للدورات والأنشطة الصيفية-: إن “العدوّ يسعى بكل جهدٍ للقضاء على أية مقاومة له ولمشاريعه الاستعمارية والضلالية في مهدِها، ولديه منطلقاتٌ دينية ينطلقُ منها في مخطّطاته تلك”، لافتًا إلى أنَّ “العدوّ على دراية تامة بأن من يمتلكون الدينَ الصحيحَ والعقيدة السليمة يمثِّلون خطرًا وجوديًّا عليهم وعلى مشاريعهم، وأفكارهم”.

ويتابع المؤيد في حديثه لـ “المسيرة نت” أن “النهج اليهودي هو امتدادٌ للنهج الشيطاني القائم على نشر الغواية والإضلال وتزييف وتحريف العقائد والمفاهيم، والأفكار، وتوجيهها وفق مصالحه وما يخدمُ أجندته، ولكن مع وجود تربية الجيل على النهج القرآني والثقافة الإيمانية لا يستطيع العدوّ السيطرة على الأُمَّــة؛ فتفشل جهوده وينهزم في ميادين المواجهة”.

ويضيف أن “الشهيد القائد تحدَّث في ملازمه بأن أعظم ما يمكن لليهود عملُه هو تخويفُ الشعوب بالقتل، لكن الثقافة القرآنية تربِّي جيلًا يعشق الشهادة في سبيل الله، وهنا ينهزم العدوّ أمام هذا النوع من الشباب”.

ويواصل قائلًا: “من الناحية المالية، فَــإنَّ الثقافةَ الإيمانية تعزِّزُ روحيةَ الإنفاق في سبيل الله؛ فلا يُحِبُّ الشباب المال، وفي حال توفر لهم؛ فسوف ينفقونه في سبيل الله، وهنا لا يملِكُ العدوُّ أيَّةَ مغريات على شبابنا، ولا يستطيع التغلب عليهم بتاتًا”.

ويؤكّـد أن “الأُمنيةَ الكبيرةَ للشيطان ولليهود هي السيطرةُ على عقول الأجيال للتغلُّب على الأُمَّــة، لكن الدورات الصيفية القرآنية تحصِّن الشبابَ والنَّشْءَ من ذلك، فيفشل العدوّ أمام جيل كهذا”.

ما وراءَ الحملات الدعائية؟

وتهدف الحملة الدعائية للأعداء إلى محاولة تشويه صورة الدورات الصيفية، عبر تصويرها بأنها مراكز لتلقين الأفكار المتطرفة أَو التحريضية أَو غير المرغوب فيها، كما أن أهدافَ هذه القنوات المبطنة ليست تحذيرًا للأهالي فحسب، بل لثني الآباء والأُمهات عن إرسالِ أبنائهم وبناتهم إلى هذه الدورات من خلال خلقِ صورة سلبية ومخيفةٍ عنها.

ويدل اجتماعُ وسائل الإعلام الأمريكية والإسرائيلية والسعوديّة والإماراتية مع وسائل إعلام المرتزِقة على محاربة الدورات الصيفية على أنها تمثل خطرًا كَبيرًا عليهم، وعلى مدى ترابط أَو تناسق الأجندة بين الأعداء وأنها تدار من غرف مشتركة.

وَحدةُ المشهديةِ والخصم والموضوع رغمَ التباين الشكلي دليل ثابت على وجود تنسيق مباشر بين هذه القنوات؛ بهَدفِ: “افتعال ثغرات وخروقات، وتحويلها إلى سلبيات محتملة يتم تهويلُها، وتجاهل الجوانب الإيجابية والتركيز بشكل مبالَغٍ فيه وتكرار تناولها، وكذلك الانتقال إلى مرحلة نشرِ رواية موحَّدة، وتقديم صورة متسقة مشوَّهة وسلبية للدورات من خلال مختلف المنابر الإعلامية، وتأتي بعدها خطورةُ الاستمرار والتكثيف، من خلال تخصيص برامج وساعات بث وحملات مُستمرّة لاستهداف هذه الدورات.

شهود زور على قنوات الضلال:

ويقدِّمُ الضيوفُ الذين تستضيفُهم قنواتُ الضلال دعايات وافتراءات كاذبة حول الدورات، وتتهمها بالتطرف والتحريض الطائفي، وأنها محطة لتجنيد الأطفال، ونشر أيديولوجيات معيَّنة تناهِضُ السياسةَ الأمريكية الإسرائيلية في العالم، ومَن يرتبط بها، وتصورها بأنها عمليةٌ لغسيل الدماغ، وتعبئة مبكِّرة، وغيرها من الافتراءات الزائفة والمتناقضة.

وقد استضافت هذه القنواتُ محلِّلين وناشطين قدَّموا اتّهاماتٍ لا أَسَاسَ لها من الصحة، زاعمين أن هذه الدورات ما هي إلا بؤرٌ لتلقينِ أفكار متطرفة أَو أدوات لتجنيد الأطفال.

الصراعُ على العقول:

وتشكِّلُ الدوراتُ الصيفيةُ في اليمن جبهةً حاسمةً في مواجهة الحرب الناعمة، حَيثُ تُعَدُّ استثمارًا في بناء الإنسان المُحصَّن فكريًّا والمُدرِك لخُطط الأعداء.

كما أن الحملاتِ الإعلاميةَ المُضادة تكشفُ ضَعْفَ القوى المعادية في مواجهة الإقبال الشعبي المتزايد على هذه البرامج، والتي تُعتبر أحدَ أبرز أدوات الصمود اليمني في وجه العدوان.

ويعكس الاستهدافُ الممنهج للدورات الصيفية مخاوفَ حقيقيةً لدى العدوّ الأمريكي الإسرائيلي وأبواقهم من الدور الذي تلعبُه هذه الدوراتُ في بناءِ جيلٍ يمني قرآني واعٍ ومتمسك بهُــوِيَّته وقيمه، وقادر على مقاومة أية محاولات للتأثير عليه أَو توجيهه بما يخدُمُ مصالحَ الغزاة والمحتلّين.

وتعتقدُ الحملاتُ الإعلامية المكثّـفة، بكل ما فيها من أكاذيب وافتراءات، أنها ستثني الشعبَ اليمني عن الاستمرار في دعمِ هذه الدورات، لكنه رهانٌ خاسر؛ فاليمنيون يدركون أهميّةَ ما يتلقاه أبناؤهم من معارفَ وقيمٍ أخلاقية في هذه الدورات والتي تأتي زكاءً لنفوسهم، وتحصينًا من اختراقات الأعداء.

 

قد يعجبك ايضا