لماذا وصف المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع الامارات بـ “الدويلة”؟
خلال العقود الماضية ظهر عدد من الدول على الخارطة الإقليمية كلاعب ومؤثر في التوازنات الدولية وهو أبرز ما أنتجته الحربان العالميتان الأولى والثانية. معظم هذه الدول كانت قد خاضت تجربة الاستعمار، وخبرت الحروب وبنت استراتيجيات دفاعية وهيكلية دولة مثيرة للاهتمام. لكن ما يثير السخرية ان هناك مَن يطمح بدور إقليمي ودولي ناجع، وهو لم يبلغ مئويته بعد ويقوم بشكل أساسي على عدد من المشايخ والامارات التي قد ينهي وجودها صراع نفوذ كالموجود بين حكامها سراً.
كان من اللافت في تصريح المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع عند الإعلان عن عمليتي “إعصار اليمن” الأولى والثانية وصفه للإمارات بـ “الدويلة غير الآمنة”. فلماذا وصفها بالدويلة؟
تكمن في الامارات نفسها أسباب فشلها في منافسة القوة الإقليمية، وهذا ما يعكسه أيضاً احتواؤها لعدد كبير من القواعد الأجنبية على أراضيها التي تبلغ مساحتها 83600 كيلومتر مربع، وهي صحراوية في معظمها.
عام 1971 “اجتمع الشيخ زايد آل نهيان وهو حاكم إمارة أبو ظبي بالشيخ راشد آل مكتوم، حاكم إمارة دبي في خيمتين بالصحراء في منطقة تسمى “عرقوب السديرة” تقع ما بين الإمارتين واتفقا على إقامة دولة، وقاما بتوجيه دعوة لبقية الامارات المجاورة للانضمام”، حسب ما نقله نائب رئيس مجلس الوزراء محمد بن راشد آل مكتوم. وهذا ما فتح باب المنافسة بين الامارات مجتمعة منذ البداية.
خلال شهر كانون الأول/ ديسمبر من العام نفسه، اجتمع حكام الامارات السبع (الفجيرة وعجمان وأم القيوين ودبي وأبو ظبي والشارقة فيما انضمت رأس الخيمة لاحقاً) وعملوا على إقرار دستور وأعلنوا قيام الاتحاد وانتخبوا الشيخ زايد رئيساً له.
وقتها، تم تقسيم المناصب الحكومية حسب مقدرات كل امارة. حيث تم الاتفاق على تعيين أمير أبو ظبي رئيساً للوزراء، وأمير دبي رئيساً لوزراء الحكومة الكونفدرالية. طيلة الفترة التي امتدت حتى وفاته عام 2004 عمل زايد آل نهيان على إقامة العلاقات والصداقات مع الدول المجاورة كونها بلاد حديثة التأسيس ولا تزال تعاني من مشاكل في حدودها مع الدول المجاورة خاصة مع السعودية. حيث ان الامارات وجدت نفسها مضطرة للتنازل عن جزء من أراضيها للرياض في اتفاقية وصفتها بـ “المجحفة”. وجرى ذلك عام 1974 حيث تخلّت الامارات عن جزء من المثلث الجنوبي – سبخة مطي، خور العديد- الذي يمتد على طول 25 كلم من المنطقة الساحلية وحقل شيبة الذي يحتوي على احتياط يقدر بـ 20 مليار برميل و650 ألف متر مكعب من الغاز والذي يعد من أهم الموارد التي تغذي شركة آرامكو. وعادت هذه النزاعات إلى الواجهة مع وفاة زايد آل نهيان حيث أبدت الامارات رغبتها في إعادة النظر في اتفاقية جدة مع اعتقاد محمد بن زايد ان والده قد وافق عليها حينها “بالإكراه”.
وثائق ويكيليكس كشفت انه في العام نفسه وفي لقاء مع المبعوث التجاري الأميركي “روبرت زوليك” تحدث ابن زايد عن “تهديدات الإرهابيين الهاربين من السعودية… الامارات تخطط لبناء جدار بطول 525 ميل على الحدود مع الدولتين”. هذا ما يدل على ان التحالفات التي تبنيها الامارات مع السعودية أقل من أن تسمى “حلفاً” بل قائمة على المصالح بشكل لا يبعث بالاطمئنان لكلا الجارتين.
ما يزيد عمق الفجوة في هذه الدولة، “أزمة الهوية” بين القاطنين فيها حيث يبلغ عدد السكان 9 مليون و800 ألف نسمة منهم ما يقارب 12% فقط من السكان الأصليين، فيما تبلغ نسبة العمال الأجانب فيها والذين أتوا إليها بحثاً عن فرص العمل ما يقارب 88%. وكأننا أمام دولة من دون شعب، تشتري سكانها بالإقامات الذهبية.
تورطت الامارات باكراً في حروب المنطقة وأعطت لطموحاتها في اكتساب دور إقليمي مؤثر أهمية على حساب بناء دولة متينة عكس ما وصلت إليه اليوم.
ستبلغ الامارات مئويتها عام 2071، تكون خلالها قد تورطت بعدد من حروب المنطقة من سوريا إلى مصر وليبيا عبر دعم أطراف ومجموعات مسلحة إرهابية، إلى الحرب على اليمن التي تدخلت فيها بشكل مباشر.