لماذا نصرخ ؟! ..بقلم/ عبدالرحمن هاشم اللاحجي
في اليمن يفترض بأن تتم مناقشة جميع القضايا والأمور بشكل علني ، وان يحتفظ كل مواطن يمني بحقه في ابداء رأيه تجاه مجمل القضايا المطروحة للنقاش، وسواء كان صاحب هذا الرأي مؤتمريا، او حوثيا، اصلاحياً او ناصرياً، شماليا او جنوبيا ، عاملا، او رب عمل ، رأسمالياً او اشتراكياً فلا يعيبنا جميعا اختلافنا في وجهات النظر تجاه قضية ما، طالما كانت هذه القضية داخلية بمعنى انها لا تمس الثوابت الوطنية ولا تقفز عليها.
يكفل هذا الحق الدستور اليمني، وتسانده جميع الأعراف والمواثيق الدولية بما فيها القوانين الامريكية ذاتها حيث تجري هذه المناقشات على الملاء، وفي حال كون الامور غير واضحة او مشوشة يقوم احد الأشخاص بإيضاحها عن طريق الحجة والحجة المضادة .
بالرغم من هذه الافتراضات إلا أن هناك قضية محورية ما ان يتم التطرق لها بشكل علني حتى نشاهد مئات الآلاف من الجيوش الجرارة سواء كانت عسكرية او الكترونية، جماعات او أفراد، أحزابا او تنظيمات… جميعها قد حشدت قواها، وتجمعت من كل حدب وصوب بغية إسكات السواد الأعظم من ابناء شعبنا عن ترديدها الا وهي شعار “الصرخة” .
هذه القضية تُعتبر من المحرمات في بلادنا، وحتى الآن ما زالت تشكل مُعضلة حقيقية بالنسبة للاحزاب التي تفتقد لوسيلة مناسبة لحشد الجماهير، ناهيك عن تلك التي ارتبطت بالمشروع الامريكي – المتصهين ارتباط الرضيع بوالدته ، مع انها لم تعد ذو فائدة مرجوة ، وهاهو الامريكي قد امتطى بوارجه بنفسه واتى بالفعل لا ليصرخ كما نفعل ، بل ليقتلنا بالفعل .
بإمكانك ان تُطلق على من يعارض الشعار “بالعميل، او المرتزق، او الوغد، او الخائن”، كل هذه التصنيفات لا تُعيره أي اهتمام فهي بالنسبة له اشبه بقطرات الماء التي تنزلق على مِظلة واقيه من المطر، ولكن : جرب فقط بان تصرخ امامه، بالموت لامريكا او ان تلعن اليهود، وستندهش عندما تراه يتحسس رأسه، وكأن لسان حاله يقول :”لقد انكشف امري ، يالها من فضيحة” .
هذه هي الحقيقة، والا ما الدافع لمناهضة هذا الشعار في وقت بلغ فيه التضليل اعلي درجات الاستحمار، وفي سابقه لم تحدث في تاريخ صراعنا مع الكيان الصهيوني ؟!، عندما نشاهد ما يصنعه الاسرائيلون في القدس، وفي ذات الوقت نرى التطبيع العلني مع حاخامات اليهود تنتابنا الحمية،ويعتصرنا الألم، انها ليست قضيتنا وحدنا بل قضية المسلمين جميعا وعليهم ان يصرخوا بالموت لإسرائيل، وان تنطلق حناجرهم باللعنة على اليهود .!
هذا هو المنطق الطبيعي تجاه هذه الحالة الرهيبة من التخدير الإعلامي الذي أوجده اليهود في اوساطنا نحن العرب والمسلمين، لقد خضنا حروباً ضروس من اجل ان تبقى هذه القضية حية في أوقات كانت ما تزال شبه حية، اما اليوم فمن الواضح بأننا سنخوض حروباً أضرس منها، طالما افتقدنا الشجاعة لاستخلاص النتائج الآتية :
1- أن المشروع اليهودي يستهدف كل العرب والمسلمين ولا فرق لديه بين “سني او شيعي، مسلم او مسيحي ، فلسطيني او مصري، سعودي او يمني ، يمني او يمني، وما يحدث في دول الخليج بعد عقود من العلاقات الحميمة بينهما أوضح من مجرد مثال .
2- لا يمكننا محاربة اليهود او مرتزقتهم بالسبل الايجابية، فاليهودي او المرتزق سلبي بطبيعته وينبغي علينا كشعوب عربية نبيهة إزالة تلك السلبية من الوجود وإلا ستقوم بإفسادنا .
3- علينا ان نُدرك بأن لا فائدة من الدفاع عن شعارنا إعلاميا امام اليهود لأن اليهودي خطير جدا ويستطيع ان يخلق في اليوم الف كذبة، وبالتالي سنقضي مُعظم وقتنا في الدفاع، في الوقت الذي نكون فيه بأمس الحاجة الى الهجوم، وفعل شيء.
4- هناك عقول مؤدلجة تتهمنا مع الأسف بجلب الأمريكي الى بلادنا، هذه العقول لم تعد مؤثرة في المجتمع لأن الغالبية العُظمى منه باتوا يُدركون حقيقة الأمر، وعلينا البحث عن احرار حقيقيين في الجوار او خارج محيطنا الجغرافي العربي، وما أكثرهم .
5- لا يجب أن نكتفي فقط بصراخ حناجرنا، الحناجر قد تُوصل الأفكار للغير لكنها لا تصنع المستقبل، من هنا يجب ان تتحول كل اوقاتنا،وافعالنا، واجسادنا الى صرخة مجلجلة لمواجهة المشروع الصهيوني الحالي .
6- لا جدوى من الوقوف امام الصرخة او محاربتها او التقليل من اهميتها ، كل الذين واجهوا هذا المشروع خسروا، وخابت آمالهم… ومن المؤكد بأن المستقبل لا يختلف اطلاقاً عن الماضي، ومن لا يزال في قلبه ادنى ريب فليتأمل في ابجديات الواقع جيداً .
قد يثير اليهود ضجة حول قضية الصرخة في قادم الايام، خصوصا عندما تفشل بقية اوراقهم ، وقد يربطونها بالارهاب كما صنعوا مع حزب الله وحركات مقاومة اخرى، لكننا سنرد عليهم حينها بالرد الطبيعي : ارهاب ؟ على الاطلاق ؟ اننا نجعلكم فقط خارج دائرة الانتشار، كما يصنع الطبيب تماما مع البكتيريا .