لماذا لن ينعكس التقارب السعودي الإيراني على الملف اليمني؟؟؟بقلم/حلمي الكمالي
طوال الثمانية الأعوام الماضية، طرقت قوى التحالف السعودي الإماراتي، كل أبواب القوى الخارجية والدولية لمساعدتها على إحداث أي خرق في المشهد اليمني، لتحقيق أي تقدم قد يمكنها من الهروب من تبعات الهزيمة المدوية التي منيت بها في البلد، وهذا يعود لسبب وحيد، وهو أن صنعاء تمتلك قرارها وسيادتها ومتجردة من أي ضغوط خارجية قد تؤثر على مبادئها أو استراتيجيتها في الحرب التي تخوضها عن جدارة في وجه تحالف كوني تهشم قبل أن يصل إلى أسوارها.
ويبدو أن هذا ما أدركته السعودية أخيراً عندما طرقت باب إيران وسلمت كل ما بجعبتها ماثلةً وخاضعةً أمام عنفوان الجمهورية الإسلامية، لتجد جواباً شافياً وكافياً لدى المسؤولين في طهران ” نعم أهلا بعودة العلاقات معكم ولكن ليس في يدنا شيء لتقديمه لكم في اليمن، تحدثوا مع صنعاء، الحل في صنعاء فقط كما أخبرناكم قبل ثمانية أعوام”، وهو ذات الجواب الذي رددته كل عواصم الدنيا في مسامع التحالف السعودي الإماراتي، حتى صمّت أذانه، وشاح عنه لفترة طويلة قبل أن يسلّم بحقيقته.
لا جدال بأن التقارب السعودي الإيراني، هو انعاكس لترهل الهيمنة الأمريكية في المنطقة، حيث يتقافز الوكلاء اليوم، من حضن الإمبراطورية العجوز إلى أحضان القوى الصاعدة روسيا والصين وإيران؛ لكن هذا التقارب لن يكون له أي انعاكس حقيقي في اليمن، بإعتبار صنعاء هي صاحبة القرار الأول والأخير فيما يخص معركتها الوطنية في مواجهة التحالف وأدواته، وأن الطريق الوحيد لإنهاء حرب التحالف على اليمن، يأتي فقط بالحوار المباشر مع صنعاء دون أي ضغوط أو محاولات للالتفاف من هنا أو هناك.
أكبر خطأ ارتكبته السعودية إلى جانب حربها العبثية على اليمن، اعتقادها بأن كل الأطراف في اليمن كفصائلها المقيدة والمسلوبة حتى من أنفاسها، أو أن كل اليمنيين على شاكلة رشاد العليمي وعيدروس الزبيدي وهادي ومحسن وكل دمى البلاط التي تلعب بها كيفما تشاء. وهذا الإعتقاد الخاطئ قد كلفها كثيراً لهزائم ساحقة على إمتداد خارطة اليمن إلى شبه الجزيرة العربية، وسيكلفها وجودها في هذه الخارطة، إن لم تثبت بأنها تعافت من حماقتها ومضت فيما باتت تدركه اليوم بأنه ما من قوة في الدنيا تستطيع إخضاع صنعاء أو الضغط عليها للتنازل عن شروطها ومطالبها.
لا شك أنه بعد كل هذا الماراثون الطويل لقائدة التحالف، وجولاتها وصولاتها البائسة في الملاعب الدولية بعد فشلها في التأثير على موقف صنعاء الثابت تجاه كل المحددات والمطالب التي وضعتها منذ بداية الحرب على اليمن؛ أن السعودية باتت تدرك اليوم أن المجلس السياسي الأعلى في صنعاء الذي يحكم قبضته على واقع المواجهة المفتوحة على كافة مستوياتها وأصعدتها، ليس المجلس الرئاسي الذي شكلته مخيلة أمراء البلاط بشخطة قلم في أحد فنادق الرياض، وعجزت عن تمريره في واقعها المتشظي بالصراعات والتناقضات والفشل.
بالنسبة لقوى التحالف، فإن الخلاص الحقيقي من المستنقع اليمني، يكمن فقط في تنفيذ مطالب وشروط صنعاء المشروعة، المتمثلة بدفع المرتبات ووقف كل أشكال الحرب على اليمن، ورفع الحصار بشكل كامل وسحب كافة القوات الأجنبية من البلاد، ثم الإعتذار للشعب اليمني والدخول في حوار سياسي شامل يضمن إعادة الإعمار ودفع التعويضات ومعالجة كل أضرار الحرب على اليمن، وما دون ذلك من محاولات للإلتفاف على مطالب اليمنيين الحقة، لن يزيد إلا من كلفة العواقب الوخيمة التي توعدت بها قيادة صنعاء.
في الحقيقة، من يجب عليه أن يقلق من التقارب السعودي الإيراني، هم وكلاء التحالف في اليمن وفصائله، والذي يجب عليهم أن يدركوا حقيقة التحولات الإستراتيجية التي تجري في المنطقة والعالم والتي أجبرت وكلاء الولايات المتحدة المباشرين في الهرولة نحو الشرق، خوفاً من الغرق، ليس لأنهم هوامش في المعادلة اليمنية التي فرضتها صنعاء على الداخل والخارج وحسب، بل لكونهم عبئاً ثقيلاً على سفينة التحالف الأمريكي السعودي التي توشك أن تغرق، وأصبح حتمية رميهم منها أمر لابد منه وسط الأمواج الهائجة.
بطبيعة الحال، تبقى أن تدرك فصائل التحالف أن أيامها أصبحت معدودة على سطح المشهد اليمني، في ظل حتمية رحيل التحالف التي تقترب وفقاً لكل المتغيرات والمعطيات القائمة، ومثلما أزالت السعودية شرعية هادي بـ”شخطة قلم” ستطوي صفحة العليمي ومن معه في أروقة مجلسها الرئاسي وأدواتها المبعثرة غير آسفه للتخلص من تبعات الهزيمة، وهذا على ما يبدو ما تحضره السعودية في المناطق الخاضعة لسيطرة التحالف خلال الآونة الأخيرة، من ضرب الأدوات والفصائل ببعضها البعض وتفكيك قواعدها العسكرية تمهيداً لإزاحتها من المشهد بشكل نهائي.