لماذا تعرقل السعودية الإغاثة لليمنيين في مواجهة الكوليرا؟!
تكاد السنة الثالثة للحرب على اليمن تنتهي ولم ينتهي بعد هذا العدوان المجحف بحق أبناء الشعب اليمني الذي عانى ما عاناه من ظلم ومأساة وفقر وأوبئة وتجويع لو حل بأي شعب على هذه المعمورة لانهار بأكمله أو على الأقل لكانت المنظمات الدولية ودول العالم قدمت بعض المساعدات لهذا الشعب عوضا عن الوقوف على الإطلال والتنظير أو التزام الصمت.
ثلاث سنوات والشعب اليمني يتحمل العدوان السعودي والقصف اليومي على المنازل ولم يستطع هذا العدوان الغاشم تحقيق أي هدف من أهدافه سوى قتل المدنيين الأبرياء وتهجيرهم من من منازلهم وتجويعهم وإرضاخهم بالقوة، واللافت في الفترة الأخيرة أن السعودية أصبحت عاجزة أمام صمود اليمنيين بل اعترفت بعجزها وفشلها من خلال ابتعادها عن استخدام القوة والعنف ولجوءها إلى أدوات غيرعسكرية لإرضاخ الشعب اليمني بالظروف واتخاذ موقف معادي تجاه أصحاب القرار في البلد وتجاه كل من يعارض العدوان.
أرقام كارثية
الكارثة الكبرى التي يشهدها اليمن هي الحالة المزرية التي وصل إليها البلد من تفاقم انتشار وباء الكوليرا وفتكه بمئات الآلاف، وذلك مع النقص الحاد بالماء والغذاء والدواء وتدهور القطاع الصحي، وفي هذا الإطار وجهت مجلة فورين بوليسي الأميركية انتقادات للسعودية لإعاقتها إيصال مواد الإغاثة والمساعدات للشعب اليمني.
ونوهت المجلة إلى دور الحرب التي تقودها السعودية على اليمن منذ أبريل/نيسان 2015 في المآسي والمعاناة التي يعيشها الأهالي وفي انتشار مظاهر الفقر والجوع وتفشي الأوبئة، وقالت إن السعودية تحاول أن توهم العالم عن طريق رسمها صورة مختلفة لحربها على البلاد.
لكن الأرقام والحقائق تكذب الحرب الإعلامية التي تحاول السعودية عن طريق ماكيناتها الإعلامية وأدواتها وأموالها إقناعنا بها، حيث قال مسؤولين في الأمم المتحدة إن اليمن يمثل أكبر كارثة إنسانية في العالم حيث يعيش نحو سبعة ملايين مدني على شفا الجوع، مع تفشي وباء الكوليرا الذي أصاب أكثر من 600 ألف إنسان في اليمن حتى الآن، ويشهد اليمن انتشارا “غير مسبوق” للكوليرا منذ نيسان/ أبريل الماضي، إذ قتل الوباء أكثر من ألفي شخص في البلد الذي يشهد حربا ونزاعا داخليا منذ عام 2014.
وحذرت الأمم المتحدة من أن العدوى ستقتل المزيد من اليمنيين في حال استمر هذا النزاع مدة أطول، وفي السياق صرح رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر بيتر إن وباء الكوليرا يهدد حياة ما يزيد عن نصف مليون شخص فى اليمن، موضحا أن التقارير الآخيرة أشارت إلى احتمال إصابة 700 ألف شخص بالكوليرا.
السعودية تلمع صورتها
رغم كل المآسي التي سببتها السعودية للشعب اليمني وبشهادة دول ومنظمات حقوقية وإنسانية ودولية، لا أحد يعلم كيف تجرؤ هكذا دولة وهكذا نظام على التفوه والقول بأنها تساعد أبناء الشعب اليمني وتدافع عنه وهي من شرده وجوعه وساهمت في انتشار الأوبئة بين أفراده وأغلقت جميع منافذ الحياة عن هذه الدولة، وبحسب المجلة الأمريكية فإن العاهل السعودي أرسل الأسبوع الجاري مستشارا كبيرا إلى الولايات المتحدة ليرسم صورة لأمة سعودية سخية تعمل على ضمان وصول الغذاء والدواء إلى المدنيين الذين يعانون في اليمن، وذلك حتى في الوقت الذي تواصل فيه الحرب الجوية ضد أنصار الله في البلاد.
وأوضحت المجلة الأمريكية بأن منظمات الإغاثة الدولية والناشطين والمدافعين عن حقوق الإنسان وعددا متزايدا من المشرعين الأميركيين يقولون إن السعودية وشركاءها العسكريين يزيدون من تفاقم الكارثة الإنسانية في اليمن، ولا يخفى على أحد كيف أن السعودية وحلفاءها يؤخرون أو يمنعون وصول المساعدات الطارئة إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، بما فيه أحد الموانئ الحيوية ومطار البلاد، وهذا ما يفاقم الكارثة.
السعودية تعرقل
أدى التحالف الذي تقوده السعودية وفقا لمجلة فورين بوليسي الأميركية إلى إحباط منظمات الإغاثة إلى حد كبير، حيث منع رحلات الإغاثة الجوية إلى مطار اليمن وأوقف تسليم عدد من الرافعات الكبيرة إلى ميناء الحديدة التي يمكنها نقل المواد الغذائية والإمدادات الطبية من سفن الشحن على نطاق أوسع بكثير.
ولكن في مقابل ذلك تعاني السعودية من نتائج عكسية بسبب حربها على اليمن وتواجه الآن مأزقا في ساحة المعركة، فضلا عن تعرضها لانتقادات بسبب التداعيات الإنسانية والعدد الكبير من الضحايا المدنيين الناجم عن حربه الجوية، ومعظمهم من النساء والأطفال.
ختاماً، هناك تعامي واضح من قبل المنظمات الدولية والدول الغربية عن الوضع الإنساني في اليمن، ولا يتعدى موقف هذه المنظمات والدول مما يجري في اليمن سوى الصمت في أغلب الأحيان وإلقاء بعض التصريحات المفرغة من أي محتوى يخدم أبناء اليمن أو يدافع عنهم.
الوقت