لماذا تشويه محمد عبد السلام..؟
عين الحقيقة/ كتب/بندر الهتار
من المعروف أن جزءا أساسيا من الحرب على اليمن يعتمد تشويه كل مقاوم ومضح وصامد، والحصة الأكبر من حملات التشويه كانت ولا تزال تستهدف أنصار الله، إحدى تلك الحملات تتجه نحو الناطق الرسمي محمد عبد السلام، بهدف ضرب ثقة الناس بشخصيته باعتبار مهمته الحساسة في إدارة جبهة المفاوضات، وبالتالي ضرب الثقة بأنصار الله كهدف أعم وأشمل.
خصمان أساسيان لـ محمد عبد السلام:
الأول: دول العدوان، ويتجهون إلى تنظيم حملة تشويه منظمة ضد عبد السلام لفشلهم في إخضاعه كرأس حربة في فريق المفاوضات، ولا يروق لهم أن يبقى في هذا الموقع المهم، وندرك أن وجود شخصية ضعيفة في مفاوضات بهذا الحجم لرسم مستقبل واحد من أهم بلدان المنطقة، وتحت ضغط 18 دولة راعية – تمثل أكبر دول العالم – ستنهزم سريعا أو على الأقل ستؤثر سلبا على الموقف الداخلي مهما كان قويا.
الخصم الثاني: هم قيادات بارزة في حزب المؤتمر، يعملون بكل الوسائل على تشويه عبد السلام بدافع الحقد والشعور بالهزيمة أمامه، خصوصا مع انعدام شخصية دبلوماسية منافسة في صفوفهم.
برز محمد عبد السلام أكثر من غيره خلال مراحل المفاوضات السياسية من سويسرا إلى الكويت وعمان، لأنه يمثل السيد عبد الملك أولا، وثانيا من خلال الكاريزما التي يحملها والذكاء والقوة في الطرح والثبات أمام محاولات الضغط الكبيرة، وبهذه المواصفات استطاع أن يتجاوز قيادات بارزة في المؤتمر لها عشرات السنين في الحياة السياسية والدبلوماسية.
في مفاوضات الكويت كانت الأنظار تتجه إلى رئيس وفد أنصار الله، وكانت وسائل الإعلام العالمية تتزاحم للحصول على تصريح أو لقاء معه، والآخرون يتمنون لو أن لهم غيضا من فيض هذا الاهتمام، حتى أمير الكويت ظل يخشى تصريحات عبد السلام خصوصا إذا ما حدث خرق سعودي، على اعتبار أن الكويت كانت حريصة على إنجاح المفاوضات.
قيادات المؤتمر بطبيعة الحال يروق لها الاستعراض ولها هوس كبير في هذا المجال، وهنا سأسرد لكم واقعة قصيرة ستفسر جانبا مهما من حملات التشويه التي ينظمها المؤتمر ضد عبد السلام… تقول الأحداث:
“خلال لقاء الوفد الوطني بأمير الكويت صباح الصباح، سارع عارف الزوكا كما هي عادته للحصول على المقعد الأقرب وجاء بجانبه محمد عبد السلام، باشر الزوكا بالحديث مع أمير الكويت قائلا له: الزعيم يبلغكم سلامه وتحياته الكبيرة… تجاهل الأمير واتجه نحو عبد السلام وسأله: كيف السيد عبد الملك.؟… استمر الحديث بين الطرفين، وختم أمير الكويت: بلغ السيد عبد الملك السلام والتحية” انتهى.
هذه العقدة هي الأهم بالنسبة إلى قيادات في المؤتمر رغم أن قيادات أخرى ترى في عبد السلام عدوا وليس منافسا منتصرا.
تفاصيل مهمة يجب أن يدرك الرأي العام جانبا منها ليتضح له أن المفاوض لا يتنزه وهو يتنقل بين العواصم، فمن ينظر إلى المفاوضات بمجرد مشاهدة أخبارها يعتقد أنها مجرد اجتماعات تحدث بين عدوّين ويبدأ النقاش ويجري الأخذ والرد بحضور طرف وسيط، دون أن يدرك حقيقة ما يجري خلف الأضواء من تهديدات ووعيد وضغوط، خاصة في المفاوضات التي خاضها وفدنا، فهي الأصعب على الإطلاق لعدم وجود التكافؤ، لأن وفد صنعاء ذهب إلى الطاولة مُمَثِّلا لبلد محاصر يحتاج موافقة “التحالف” لنقله بالطيران ذهابا وإيابا، وفي ظل وضع اقتصادي صعب وضغط عسكري منقطع النظير في العالم، وفوق ذلك يحضر ممثلون عن أقوى دول العالم ” أمريكا – بريطانيا – فرنسا ..الخ” لتُلقي بثقلها لإخضاع وفدنا بتوقيع وثيقة استسلام وخضوع، أو تهديدات ووعيد وقطع رؤوس وقطع أرزاق… الخ، وقد ظنّ النظام السعودي أن هذه الفوارق ستمثل ركيزة أساسية لقطف انتصار سياسي بعد أن فشل عسكريا…!
كشف محمد عبد السلام مؤخرا جانبا من تلك التهديدات، وقال بأن السفير الأمريكي قال لهم في نهاية مفاوضات الكويت، عليكم أن تقبلوا ما نريد وإلا ستستمر الحرب والحصار وسنباشر نقل البنك المركزي لتسعير الحرب الاقتصادية ووو..، ورأينا أن أسلوب الوعيد لم يوفر لأمريكا ولا للسعودية “شخطة قلم واحدة”، وهذا ثبات يحسب للوفد المفاوض وفي مقدمتهم عبد السلام.
وهنا يلزم أن نلفت نظر المشككين من بعض “محبي” أنصار الله الذين يتأثرون سريعا بشائعة هنا وهناك، يكفي أن تعودوا إلى كلمة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي عند لقائه حكماء وعقلاء اليمن عندما طلب من الجميع الاستماع إلى موجز تفاصيل المفاوضات بلسان عبد السلام مؤكدا أنها خطوات تمثله كقائد وليست تحركات فردية.
لم يتحدث محمد عبد السلام يوما لمصلحة ضيقة خاصة بأنصار الله حتى يغتاض بعض قادة المؤتمر، بل مثّل اليمن بمكوناته الوطنية جميعا، ولكم أن تراجعوا كل لقاءاته منذ بداية مسار المفاوضات، لكن الحقيقة تقول إن شخصيته المتميزة والناجحة هي الأساس وراء حملات التشويه، وبعضهم يعيش فوبيا النجاح والتميز عندما يتعلق الأمر بمواجهة السعودية والإمارات.
ولكي تكتمل الفكرة يجب أن نضيف نقطة مهمة، هناك صف في قيادة المؤتمر يرى أن تشويه عبد السلام واتهامه “بالبيع والشراء” وتقديم تنازلات غير مشروعة لصالح السعودية كما يحدث في شائعات تسليم الطيارين وقبلها الكثير، يرون فيها فرصة للتمهيد لعقد صفقات مشبوهة مع العدوان تحت عنوان مبادرة حل على قاعدة “كلنا نبيع ونشتري وما حد أحسن من حد” كما حدث قبل 24 أغسطس..!