لماذا تتصدر “القضية الفلسطينية” مواقف اليمنيين؟
بمثابة القضية المركزية والأم تمثل القضية الفلسطينية بالنسبة لليمنيين، كما هو الحال لكثير من البلدان العربية والإسلامية، ولم تمنع كل المتغيرات التي عاشها الشعب اليمني وما فُرض عليه من عدوان وحصار من استمرار ثبات موقفه الداعم والمساند للشعب الفلسطيني حتى إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني وعاصمتها القدس الشريف.
هكذا أثبتت المواقف المتكررة للقوى في صنعاء والقاعدة الشعبية العامة، بل يعتبر كثيرون أن المؤامرة على اليمن قد تكون نتيجة موقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية ومناصرته لها واعتباره الكيان الصهيوني هو العدو الحقيقي للأمة، وكونه أصبح جزءاً من محور المقاومة ومواجهة المشروع الأمريكي في المنطقة وأدواته المتعددة، فانتصار اليمن -برأي كثيرين- سيكون مردوده الإيجابي على حركات المقاومة في المنطقة، من منطلق الموقف الرسمي والشعبي الذي يؤكد دائما على حق مقاومة البلدان العربية والإسلامية في تحرير كل الأراضي المقدسة ومواجهة كل مشاريع الهيمنة وإملاءات ووصاية قوى الاستكبار العالمي على الأمة العربية والإسلامية.
مع كل منعطف وتحول في القضية الفلسطينية على مر السنوات كان للشعب اليمني حضوره المساند والداعم للفلسطينين، ومؤخراً تكثف هذا الحضور مع تغير الخارطة السياسية اليمنية وسيطرة قوى على نظام الحكم ومنها -حركة انصار الله- معروفة برفضها القاطع للممارسات والسياسات الأمريكية والصهيونية والأنظمة العربية الحليفة لهما والمساعي لحرف بوصلة العداء عن الكيان الصهيوني إلى داخل الأمة الإسلامية ليستمر نزيفها وتشرذمها لصالح الكيان الصهيوني الغاصب.
مثل هذه المواقف الثابتة في صنعاء تتجدد مع كل مناسبة تتعلق بالقدس ومنها يوم القدس العالمي الذي يحييه اليمنيون كل عام بالمسيرات الجماهيرية وبفعاليات وطرق مختلفة، وباتت القيادة اليمنية تولي هذا اليوم اهتماماً خاصاً نظراً لما تحتله القضية الفلسطينية من أهمية، فالعديد من القوى اليمنية الرسمية والشعبية تعتبر أن يوم القدس العالمي يوم يقظة الشعوب العربية والإسلامية في نصرة القضية الفلسطينية والقدس الشريف وأنه أريد من هذا اليوم أن يكون يوماً لفلسطين الجريحة المحتلة في وقت كان يُراد أن تكون فلسطين وقضيتها قد طواها النسيان ومُسحت من ذاكرة الأمة الإسلامية وأبنائها، كما أن أهمية هذا اليوم تنطلق من كونه يمثل لحظة فارقة في تاريخ الأمة الإسلامية جعلت منه مركز إشعاع للقضية طوال العام ومنطلق وعي للمسلمين جميعا وأعادها إلى قائمة الإهتمام، وكشف من هو مع فلسطين ومن هو متآمر عليها.
وفي إطار الحديث عن العلاقة بين اليمن والملف الفلسطيني يمكن تلخيص المواقف اليمنية -حتى وان اختلفت التيارات- في اعتبار القضية الفلسطينية الأولى والمركزية وتتصدر كل القضايا والمواقف، وأن اليمن تدفع ضريبة هذه الموقف – كما يفسر البعض- لاصطفافها الى جانب القدس من خلال مواجهة أحد خطوط دفاع اسرائيل وهي “المملكة السعودية” وأن جزءاً من أسباب العدوان عليها هو موقفها المستقل من قضايا الأمة ورفضها لسياسات التطبيع مع العدو الصهيوني والمؤامرات المتكررة على فلسطين ومنها “صفقة ترامب”، كما تتضمن المواقف اليمنية دعوات لضرورة تحرير القدس والانتصار للشعب الفلسطيني والرفض القاطع لخطوات الأنظمة العربية العميلة لتصفية القضية الفلسطينية خدمة لأعداء الأمة، وتأكيدات اليمنيين تتوالى أن كل الصفقات والمؤامرات لم ولن تتمكن من طمس قضية فلسطين.
(علي الذهب – العالم)