بيننا وبين أمريكا بحار ومحيطات وآلاف الكيلومترات..فلماذا جاءت بجنودها وحاملات طائراتها وقواعدها العسكرية الضخمة هي وبريطانيا وفرنسا و..و.. ؟!. وهل هذه القواعد والجيوش الأجنبية – إضافة إلى السرطان الصهيوني المزروع في فلسطين والأنظمة العميلة في منطقتنا – مصدر خير لشعوبنا أم أنها صانعة النكبات والويلات التي نعانيها منذ عشرات السنين كشعوب عربية وإسلامية؟. وهل كان لداعش والقاعدة والوهابية أن توجد وتستشري بهذا الشكل الدماري الدموي المشؤوم لولا هذا الوجود الأجنبي ؟. هذه التساؤلات ومثيلاتها..تطرح نفسها منذ أمد، وهي تقدح في الوعي العربي الإسلامي ضوءاً ولِّاداً للكثير من حوافز الوقوف الحر والواعي والصلب في وجه الطاغي الأمريكي ومنظومته الهيمنية العدوانية العالمية والإقليمية، بما يعني الكثير والكثير.. إنْ على مستوى المطلوب العاجل المُلح من شعوب أمتنا في هذه المنطقة الحساسة، التي هي المستهدَف الأول بشرور أمريكا وجرائمها ومغامراتها وسياساتها الشيطانية، أو على مستوى المآلات الواقعية لأشكال العدوان والهجمة الشرسة التي تتجدد تجلياتها الدولية والإقليمية بهوية أمريكية صهيونية غربية ثابتة تستقطب الكثير من الأتباع والذيول والأدوات .. في منطقتنا – وفي خضم هذه المشهدية المعقدة – تبرز عناصر الموقف المطلوب للمواجهة واضحةً ودون أدنى لبس، إلا لدى من يتعمد التلبيس على نفسه لخلل متعلق به..وفي قلب تلك العناصر تبرز الصرخة أو الشعار بالصيغة اليمنية الجهادية القرآنية العتيدة ذات الأبعاد السياسية والثقافية والفكرية المتكاملة.. مشكِّلةً حضورا منطقيا لا غموض يشوبه، وطارحةً حمولتها الإقناعية المتماسكة والواثقة، لكل حر يتلمس، منطلقة في الموقف الذي تستدعيه المواجهة مع الأعداء بكل ما تنطوي عليه من سمات الخطورة والمصيرية.. إن الشعار هو خلاصة العصارة المعنوية والروحية المستخلصة من جذوع التجربة المريرة لأمتنا، بل الإنسانية جمعاء، مع الأعداء التاريخيين الممعنين في إجرامهم وعدوانهم بأشكاله وتجلياته الشاملة. وهذا أبسط القول وأوضحه حين الالتفات الواعي إلى قضايا بحجم ما يعني أمتَنا وتعانيه وتكتوي بنيرانه الحارقة منذ زمن، وآن لها أن تخرج من شرانقه الحلزونية المأساوية.. وكل الذين يتجاهلون -لسبب ذاتي أو أناني أو لسواه- هذه الأهمية متكاملة الأبعاد والمسوغات للشعار، فضلا عن الذين يناصبونه -بغباء وجهل مروِّعَين- المجافاة والعداء، من بني جلدتنا.. يلحقون الأذى الكبير بالوعي المطلوب كشرط أساسي لخروج الأمة من مأزق الرمد الرؤيوي والحضاري الذي يعيق إمكانيات المواجهة الناجعة لكيد أعدائها ومكرهم وعدوانهم المستمر، بكل صوره وأشكاله القاتلة والمدمرة.. بل إنهم يقدَّمون خدمة ثمينة للأعداء، شعروا أو لم يشعروا..!