للسيّد بكل لهجات أهل محور الحب: “نفديك”
ليلى عماشا
في مدائن أهل الحبّ وقراهم على امتداد بلدان محور المقاومة، أمكن طيلة ليل أمس سماع الأدعية التي رفعتها القلوب بعد إطلالة السيد حسن نصر الله رغم الوعكة الصحيّة التي ألمّت به وظهرت بُحّةً في صوته وسعالًا تحسّسيًّا موسميًّا.
سيل هدّار من “سلامة قلبك” تفجّر من قلوب ترى في الأمين على الشرف والحقّ أبًا وابنًا وأخًا وصديقًا وسندًا.. فالعلاقة معه لم تكن يومًا صلة قائد بأنصاره، أو زعيم بجمهوره. ولعلّ النسيج العاطفيّ الذي يلفّ قلوب أهل المقاومة وقلب العزيز وسائر القادة في كساء واحد هو أحد أسرار النصر بل أجملها.
احتفاليات عيد المقاومة والتحرير والنصر الفلسطينيّ المقاوم التي زيّنت منصّات التواصل طيلة الفترة السابقة صبّت جميعًا في قالب حبّ واحد ما إن أطلّ السيّد على شاشة المقاومة وغمر كلّ أهل المحور بلطف بسمته التي تريد أن تخفّف عنهم كلّ صعب يمرّ وتشاركهم كلّ أيامهم بتفاصيلها الحلوة وتلك الموجعة..
مكانة أهل غزة في قلبه جعلت الناشطين في غزّة يهلّلون فرحًا ويباهون.. وحديثه عن أهل القدس حلّ على قلوب المقدسيين تحيّة وجدوا فيها كلّ الحب.. غصتّه حين استحضر اليمن الكريم العزيز في عزة وكرم السيد عبد الملك الذي يريد تقاسم خبز اليمن مع اخوانه الفلسطينيين تركت في كلّ روح يمانية بصمة.. لم يترك فردًا من أهل المحور إلّا وشدّ على يده حبًّا ولهفة.. مرّ بدمشق وبطهران وببغداد مرور الحبيب بين أهل بيته.. وكلّ همّه أن يخفي بالتبسّم تعبه الجسدي العابر لأنه يعرف أنّ الناس تخاف عليه وتقلق لأجل صحته أكثر من خوف المحبّ وقلق ذوي القربى الكرام.
بدأ السيّد كلامه بودِّ المشتاق مفسّرًا سبب توعكه، وبنفس اللحظة كانت كلّ منصات التواصل الافتراضي تحفل بالطلب إليه أن لا يجهد صحته بالحديث وأن يختصر الخطاب، رغم الشوق، ويرتاح.
ثانيةً بثانية كانت ترد كلمات الدعاء والفداء.. كثيرون تصدّقوا ودعوا إلى التصدّق على نيّة الشفاء العاجل للعزيز، بدون أي شعور بالضعف أو بالوهن الذي لا مجال لحضورهما كمشاعر في حضرة السيّد الذي يوقظ في كلّ نفس تعرف الحقّ قوّة من حبّ ومقاومة.
بشكل أو بآخر، كان خطاب السيد نصر الله ليل أمس حكاية جديدة من حكايا الجهاد والمقاومة. فنصر فلسطين وعيد التحرير ليسا محطتين يستطيع رجل مثله أن يفوّت الاحتفال بهما مع أهله وأهلهما وإن تطلّب منه ذلك جهدًا متعبًا. كذلك لا يستطيع تأجيل هذا الاحتفال لأنّه يعرف جيّدًا أن لا يتمّ الفرح بغير حضوره.
على المقلب الصهيوني من المشهد، هرب محلّلو وإعلاميو الصهاينة إلى تحليل وتفسير “سعلة” السيّد كي لا يواجهوا حقيقة رعبهم الذي يتصاعد ويضعهم أمام حتمية زوالهم.. ومثلهم فعل كلّ من التحق بهم ولو بقلبه أو كرّس نفسه أداة لهم أو إناءً يملؤونه بما يريدون.. حاولوا تغطية المواقف الهدارة التي صدرت عن سيّد النصر بتسليط الضوء على “شحوبه”، حتى بدوا غريبي الأطوار في افتراضهم أنّ السيد لا يمرض ولا يتوعّك كسائر الناس، واعتبارهم أنّ توعكه أو شحوبه أو بُحة صوته مؤشّر سياسي إقليمي ربما.
بالعودة إلى أهل الحبّ، آلاف المنشورات تحدّثت عن تفاعل أهل البيوت مع عزيزهم:
هنا جدّة اقتربت من شاشة التلفاز كي “ترقي” السيّد، وهناك سيّدة تنصحه بخلطة طبيعية من الزهورات تخفّف أعراض الحساسية بحبّ يجعلك تكاد تشمّ رائحة الفنجان الدافىء.. هنا أخ يؤكد أنّه لم يستطع التركيز في كلمات الخطاب وطلب نشره مكتوبًا لأنّه قلقَ قلقًا طفيفًا على الحبيب.. وطفلة تحدّق بالشاشة وتقول: حبيبي يا جدو عم تسعل؟
كلمات تشبه نبضات القلوب التي لا تجيد إخفاء لهفتها، ولا تخجل من البوح بالعاطفة الأسمى لعلمها أن العاطفة تراب القوّة وأرض الحق ودار العاشقين..