لقراءة الدراسة كاملة (pdf ):”ربيع اليمن: كيف أخفقت سياسات التدخل الدولي في رعاية الانتقال الديمقراطي وإنقاذ الدولة؟”
لقراءة الدراسة كاملة
كانت اليمن ثالث دولة عربية بعد تونس ومصر اكتسحتها موجة ما سمي حينها بـ”الربيع العربي”. وفيما عدا هذا القاسم المشترك، اتخذت اليمن مساراً مختلفاً؛ ففي مصر وتونس قادت الدولة الحوكمة الوطنية وتولى الجيش الإشراف على سير العملية الانتقالية والاصلاحات الدستورية والديمقراطية لمؤسسات الدولة، في حين كان الأمر مختلفاً تماماً في اليمن؛ فقد دخل المجتمع الدولي والإقليمي بقوة على مسار الأحداث وكان دوره حاسماً في ضبط مسار ونتائج الأحداث وتصميم نموذج الانتقال من خلال “المبادرة الخليجية” والتوجيه المفاهيمي والنظري لمؤتمر الحوار والإشراف على المرحلة الانتقالية، وإبقاء القضية اليمنية قيد النظر الدولي، ورغم إصرار المتظاهرين في الساحات على توصيف أحداث فبراير بالثورة الشعبية نظير ما حدث في تونس ومصر إلا أن مقاربة المجتمع الدولي للأحداث في اليمن على حد ياسين سعيد نعمان “أنه بلد أخذ يشكل خطراً على نفسه وعلى أمن الإقليم والمجتمع الدولي”، دولة هشة ونظام منقسم على نفسه وتنذر المواجهات المحتملة بين طرفي النظام بانهيار الدولة ما يستدعي التدخل الخارجي لإرساء الاستقرار على نحو ملّح، وعلى حد توصيف وثيقة مخرجات الحوار الوطني: “عندما أصبح الوضع السياسي في عام 2011 ينذر بحرب أهلية لم يكن تأثيرها ليقتصر على اليمن فقط بل قد يمتد للتأثير على دول الجوار وعلى أمن خطوط المالحة البحرية، ووجد المخلصون من أبناء اليمن ومكوناته أنفسهم – ومعهم المجتمع الدولي عموماً والخليج خصوصاً – أمام مسؤولية تاريخية وإنسانية تقتضي التدخل السريع لاتخاذ مخرج وحل سياسي ينزع فتيل المواجهة ورسم خارطة طريق للانتقال السلمي عبر المبادرة الخليجية 3 أبريل2011م”.
ويتابع عضو الوفد اليمني المفاوض عبد الملك العجري في دراسة أعدها تحت عنوان “ربيع اليمن: كيف أخفقت سياسات التدخل الدولي في رعاية الانتقال الديمقراطي وإنقاذ الدولة؟” ان خلاصة خطة التدخل الدولي لإعادة بناء الدول الفاشلة وتحويلها لدول ديمقراطية تبدأ بفرض مصفوفة من التعديلات الهيكلية والدستورية تسمح بوجود شكل من التعددية والانتخابات غالباً ما تكون شكلية، والالتزام بـ”الوصايا العشر” للبنك والصندوق الدوليين، ومنظمة التجارة العالمية تقدم شروط الاعتماد في نظام السوق العالمية، وباعتبار الولايات المتحدة هي الراعي العالمي لنظام العولمة، تتولى السفارة الأميركية ودول الاتحاد توزيع “صكوك القبول” وخلع الألقاب الديمقراطية على القوى والأحزاب التي تندمج في نظامها، و”صكوك الحرمان” الديمقراطي على الأحزاب والقوى والدول المتمسكة بالاستقلال والخارجة على إرادة راعي النظام العالمي مهما كان نظامها الداخلي وحجم تأييدها الشعبي، وتضع القيود وتفرض العقوبات على من يحاول الخروج عن “الوصايا العشر” للبنك الدولي ومجتمع المانحين أو يخفق في
محاكاة القيم الغربية كقيم كونية، وبجانب السفارات تقوم منظمات المجتمع المدني ليبراليين لائقين، ونظرا لعدم وجود تعريف محدد للدولة الفاشلة معترف به دوليا (فمثله مثل الدول المارقة ومحور الشر ورعاية الإرهاب وحقوق الإنسان…الخ) يتم تسييسه وتكييفه لخدمة مصالحها أو استخدامه مبرراً لاجتياح بلدان معينة.
ويكمل العجري “لم تولد الدولة الوطنية اليمنية الحديثة ولادة نتيجة الحركة الداخلية على يد القوى المحلية، بل طبيعية ولا تطورت تطوراً تراكمياً نتيجة الحركة الداخلية على يد القوى المحلية، بل ارتبط ظهورها جزئيا بنشاط الاستعمار (جنوب اليمن) وبانتقال الأفكار التحديثية إليها من البعثات الطالبية التي احتكت بدول شهدت تطورات بفعل التحديث الاستعماري فيها سابقاً كبيروت والقاهرة ودمشق وبغداد وغيرها، انتقلت الأفكار التحديثية هذه إلى اليمن فيما لم يكن الواقع الاجتماعي الاقتصادي الثقافي التقليدي ملائماً بعد لتبنيها، وقد مثل هذا تناقضاَ، وفي طبيعة الحال لا يمكن حرق المراحل لتسريع وتيرة التحديث وفرضها دفعة واحدة على بنى اجتماعية اقتصادية متخلفة، كما هي رغبة البرجوازيات المدنية التي تصر على تجاهل هذا الاختلال في الظرف الموضوعي.
تحديث الدولة وظيفياً وعضوياً لا يمكن فصله عن تحديث المجتمع أو بالانفصال عن أولوياته وحاجاته الأساسية ومستوى تطوره فالتحديث ليس مجرد فرمان سياسي، وكثيرا ما وقعت النخب السياسية في فخ الرغبوية والتقليد والمحاكاة، في حين يفترض أن المجتمع هو الذي يوفر مصادر الدعم الذاتية للنخبة الحاكمة وآليات إدارة الصراع اللازمة، فيما النخبة السياسية المدنية المفصولة عن المجتمع معتمدة على الاسناد الخارجي وبقاؤها مرهون باستمراره”.
لقراءة الدراسة كاملة