لبنانيون وعرب في الخدمة: هيا بنا نلاقي إسرائيل!..جعجع يستنفر فريقه لـ«موسم الحصاد»: السفارة الإيرانية مركز قيادة الحزب وإسرائيل ستنفّذ إنزالاً في الجناح .. السفيرة الأميركية تدعو «السياديّين» إلى التحرك: انتفضوا في وجه حزب الله… أطلقوا حملة «كفى»
لبنانيون وعرب في خدمة العدوّ: هيّا بنا نلاقي جيش الاحتلال
لا يمكن أن تخفى وقائع الحرب على أحد. غبار التّفّه من السياسيين والإعلاميين يمكن أن يحجب الرؤية لبعض الوقت. لكننا نعيش في عالم محكوم بقوة العسكر والأمن والاستخبارات التقنية. وبالتالي، من غير المجدي أن يراهن شركاء العدو في الداخل على أنهم غير مرئيين، أو أن الناس لا يعرفون أفعالهم وما يخططون له، وما توّرطوا فيه من مشاريع ستقود البلاد من جديد الى أتون حرب أهلية. وهي حرب تريدها إسرائيل تتمةً لحرب الإبادة التي تشنّها اليوم. وفي كل يوم يفشل فيه العدو في كسر إرادة المقاومة، يزيد رهانه على حلفائه في المنطقة وداخل لبنان.
العدو يعرف أن ما أنجزه حتى الآن لا يكفي لفرض شروطه. لكنه يعرف أكثر أن ما هو مطلوب منه في لبنان لا يتعلق حصراً بأهدافه، بل بما هو مطلوب من قبل أميركا وحلفائها من العرب. وهو إذ يتعامل بجدية مع المصالح الأميركية ومصالح حلفائها العرب في لبنان، لا يظهر اهتماماً نوعياً أو رهاناً جدياً على أدوار لقوى لبنانية، سبق أن جرّبها في محطات كثيرة على مدى خمسة عقود من دون نتيجة. لكنه مضطرّ إلى الأخذ بالسردية الأميركية – العربية التي تحتاج الى هذه القوى المحلية.
ورغم كل الضربات القاسية التي وجّهها العدو الى المقاومة، فإن تعثّر عمليته البرية على طول الحدود جاء مخالفاً لتوقعات قوات الاحتلال وحساباتها. ويبدو أن صمود المقاومين شكّل صدمة للجانبين الأميركي والعربي، وقلقاً متزايداً لدى حلفائهم اللبنانيين، والخشية من أن يكون حزب الله قادراً على الصمود بما يحول دون إخضاع لبنان.
عام 2006، لم تنتظر المقاومة وقف إطلاق النار للتثبّت من خلفيات الحرب وأبعادها. لكنّ الحرب القائمة اليوم لا تتطلّب الكثير من البحث لمعرفة خلفياتها وأبعادها. ويتّضح ذلك من خلال استعجال أميركا وحلفائها من العرب واللبنانيين حصد النتائج داخل لبنان. والجديد هو أن هذ الفريق يبدو مضطرّاً إلى القيام بالدور المناط به، ما كشف الكثير مما كان في خانة المستور، مع العلم أن «صغارهم» يكثرون من الثرثرة، ويتصرفون مع فائض من الثقة بالنفس، وبقدرة العدوّ على التخلص من حزب الله كخطوة ضرورية لإعادة ترتيب النظام السياسي في لبنان بصورة تتناسب مع زمن التطبيع الشامل مع العدو.
واللافت أن الجهات اللبنانية التي تبدي استعدادها للقيام بدور في هذه الحرب، تسعى كذلك الى إعادة النظر في صيغة الحكم التي قامت تحت اسم «الطائف» باعتباره نتاج تسوية سورية – سعودية – أميركية في القرن الماضي. ويطمح هذا الفريق الى فرض صيغة حكم جديدة تناسبه. ومشكلة هؤلاء أنهم يفكرون مثل إسرائيل، لجهة الاعتقاد بأن ما لا يتحقق بالقوة يتحقق بالمزيد من القوة، ما يدفع بهم نحو مغامرات ولو أدت إلى حرب أهلية تدمّر البلاد تمهيداً لتقسيمها بإشراف خارجي.
الحرب القائمة دلّتنا على أخطاء كثيرة في تقديرنا لمرامي العدو، مثل الاعتقاد بأن الغرب وإسرائيل، وحتى العرب، ليسوا أصحاب مصلحة في انهيار لبنان. اليوم، في ظل ما يعتقدون أنه «انهيار حزب الله»، بات الأعداء يفضلون انهياراً شاملاً في لبنان، وإدخاله في حروب أهلية متنقلة، لا تبقي منطقة ومجموعة بعيدة عن النار والدمار.
جعجع يستنفر فريقه لـ«موسم الحصاد»: السفارة الإيرانية مركز قيادة الحزب وإسرائيل ستنفّذ إنزالاً في الجناح
من كان يستمع الى تصريحات سمير جعجع وقياداته السياسية والإعلامية طوال العام الماضي، كان يمكنه فهم أن «القوات اللبنانية» لم تكن يوماً بعيدة عن الخطط التي يعدّ لها العدُوّان الأميركي والإسرائيلي ضد المقاومة، ولا عن التعاون مع دول خليجية تعتبر «القوات» فريقاً «مستعداً وقادراً” على القيام بالكثير من الأنشطة لمحاصرة «حزب الله» داخلياً، علماً أن جعجع مهتمّ أولاً وقبل كل شيء بـ»إزاحة كل الخصوم المسيحيين من دربه، فلا يبقى أثر للتيار الوطني الحر، فيما يعمل حزب الكتائب تحت جناحه، ويكون هو من يرشح القيادات المسيحية التي ستؤدّي دوراً في المستقبل». وهي خطة يفترض أنها ستتحقق سريعاً بفعل العملية العسكرية الإسرائيلية.
وبمعزل عن كل ما كشفته وثائق “ويكيليكس” سابقاً، وما قاله وليد جنبلاط ذات مرة، وما رفض سعد الحريري الإعلان عنه عندما وعد بـ”بقّ البحصة»، فإن المشترك بين كل هؤلاء هو أن جعجع ينطلق في حساباته من أنه «الوحيد الذي يملك قاعدة عقائدية تنتج آلاف المقاتلين المستعدين لمواجهة حزب الله في أي مواجهة داخلية». غير أنه يواجه معضلة ليس قادراً الآن على وضعها بنداً على جدول الأعمال، وتتعلق بأنه لا يعتقد بأن جوزيف عون هو الأصلح لرئاسة الجمهورية، وأنه شخصياً الأحقّ بهذا المنصب، كونه يملك تمثيلاً شعبياً كبيراً، ولديه حلفاء قادرون على تولّي مناصب عليا في الدولة، مرشحاً فؤاد مخزومي أو أشرف ريفي لتولي رئاسة الحكومة، لأنه «لم يعد يجد في فؤاد السنيورة الرجل القادر على تجاوز الاعتبارات المتعلقة بالمواجهة الشاملة».
ويعتمد جعجع الآن نسقَين في معركته، أحدهما يتعلق بخطاب تصالحي عام، لجهة عدم الاشتباك مع «السنّة والدروز وشيعة نبيه بري»، والطلب من القرى البقاعية الشمالية التي يوجد لفريقه نفوذ قوي فيها بالمساعدة في إيواء النازحين، لكنه يطلب من عناصره في مناطق أخرى، وخصوصاً في جبل لبنان، القيام بكل ما يلزم لإشعار النازحين بأنهم غير مرحّب بهم، وأنهم يدفعون ثمن سيرهم خلف حزب الله.
والخطير في أفكار قائد «القوات» ونشاطه لا يقف عند هذا الجانب السياسي فقط، بل يمكن تلمّسه من خلال ما ينقله متابعون لتفاصيل اجتماعاته الداخلية. وقد أمكن لجهة أمنية رسمية جمع ما تسمّيه «حصيلة عدة اجتماعات خاصة وضيّقة عقدها جعجع مع مقرّبين منه». وبحسب هذه الجهة، فإن عناوين نشاط قائد «القوات» يمكن حصرها بالآتي:
يقول جعجع إن «لدينا اتفاقاً مع دولة خليجية كبرى على خطوات يجب تنفيذها في المرحلة المقبلة، تتقاطع مع العنوان الأميركي القائل بمرحلة لبنان من دون حزب الله. والعناوين السياسية والتعبوية تركّز على اعتبار حزب الله حزباً منبوذاً من قبل العالم كله، وملاحقاً من المجتمع الدولي بسبب ما ارتكبه من جرائم. ويجب الانطلاق في العمل من قناعة أن حزب الله هو الآن في وضعية المهزوم والمحطّم، قبل أن يتحول الى حزب شبه محظور، تمهيداً لفتح ملف قضائي داخلي وخارجي يؤدي، في المرحلة الأولى، الى جعل الجيش اللبناني بقيادته الجديدة أمام مهمة نزع سلاحه بمختلف أنواعه، وليس من مراكز أو قواعد فقط، بل من أفراده أيضاً”.
وحسب برنامج «الحكيم»، فإن «علينا الاستعداد لوضع نتعامل فيه مع حزب الله على أنه تنظيم إرهابي مثله مثل داعش، واعتبار كل ما يقوم به عملاً داعماً للإرهاب، وأن نستند هنا الى موقف القوى العالمية والعربية التي تصنفه على هذا الأساس». ويضيف أنه «يجب إعادة فتح كل ملف الجرائم التي يقف حزب الله وراءها، بما فيها كل الاغتيالات السياسية التي شهدها لبنان، ولا سيما اغتيال رفيق الحريري، وصولاً الى تحميله مسؤولية تدمير العاصمة في 7 أيار 2008، والاشتباه بدوره المباشر في تفجير المرفأ».
الأمر الآخر هو أن جعجع يعتقد بأنه يمكن «إطلاق حملة لإقناع اللبنانيين بأن أموال الدولة سرقت لحماية سلاح حزب الله، وأن الحزب كان يموّل نفسه من تجارة المخدرات في لبنان وسوريا، ويقيم مناطق خارجة عن القانون، ويتهرب من دفع الضرائب ويتولى إدخال بضائع غير قانونية عبر المرفأ والمطار والحدود المفتوحة مع سوريا».
ويعتقد جعجع أنه لن يكون صعباً «وضع استراتيجية تقول إن حزب الله يقف وراء كل الخراب الذي أصاب لبنان بسبب أدواره خارج لبنان، وإعادة إحياء الدور الذي قام به حزب الله في سوريا حيث كان شريكاً في سفك دماء الشعب السوري، كما أنه كان صاحب دور في تعريض أمن الخليج للخطر من خلال دوره في اليمن، وشريك في الفوضى التي تصيب العراق». ويتحدث جعجع بثقة عن «أن الدول الأجنبية ستسارع الى فتح الملفات القديمة الخاصة بدور حزب الله في قتل الأجانب في لبنان وتفجير السفارات وقتل العسكريين الأجانب».
ويعود جعجع مرة جديدة الى بيت القصيد الذي يهمّه، وهو ما يختصره بالحديث عن «الحاجة الى تركيبة حكم من نوع خاص. فهذه المرحلة تتطلب أن يكون هناك مرشح قوي مثله لرئاسة الجمهورية، وأن يكون هناك صلاحيات تنفيذية عملية لهذا الرئيس، وخصوصاً في ملفَّي حاكمية مصرف لبنان وقيادة الجيش وإدارة الأجهزة الأمنية». ولا يخفي جعجع طموحاته الخاصة بتعديل اتفاق الطائف، عندما يقول، بأنه متفاهم مع السعودية على أن يكون رئيس الحكومة شخصية ضعيفة ومغمورة تديرها الرياض، وفق المهمة المطلوبة، وأن الخليج بالتعاون مع الولايات المتحدة سيوفران الدعم لإعادة بناء الدولة التي كان حزب الله عائقاً أمام تنفيذها».
لكن، كيف يمكن الوصول الى هذه الخلاصات في ظل ما يجري الآن على الأرض؟
في حسابات جعجع أنه الوحيد الذي يملك قاعدة تنتج آلاف المقاتلين المستعدين لمواجهة حزب الله
عند جعجع الجواب الشافي أيضاً، فهو يعتقد أن إسرائيل لديها «تكتيكها الخاص في المعركة البرية، وهي تعدّ لخطط إضافية تكسر ما تبقّى من جسم حزب الله». ويعتقد جعجع أنه يجب «فضح حقيقة أن حزب الله لم يعد حزباً لبنانياً على الإطلاق، وأنه في وقت معين كان بمقدور أمينه العام الراحل السيد حسن نصرالله إضفاء طابع لبناني على القرار، لكن القيادة عادت كلها الى إيران بعد مقتله، والآن يوجد في لبنان مسؤولون من إيران يديرون الحزب سياسياً وعسكرياً وأمنياً”.
وبحسب معطيات «الحكيم»، فإن الحضور الإيراني كبير جداً، وقد حصلت الأحداث الكبيرة التي تدلّ على ذلك «من مقتل ضابط إيراني كبير كان مع نصر الله في المقر المركزي، كذلك قتل ضابط آخر كان موجوداً مع القائد العسكري فواد شكر، وأنه يجري التكتّم على مقتل عشرات الضباط الإيرانيين الذين كانوا موجودين مع السيد هاشم صفي الدين”.
و”معلومات الحكيم” لا تقف عند هذا الحد، فهو يعرف “أن السفارة الإيرانية في بيروت ليست سوى مقر قيادي للمخابرات الإيرانية وللحرس الثوري الإيراني، وهي تضمّ الآن مكاتب لإدارة حزب الله وإدارة الحرب في الجنوب، حتى إن السفير الإيراني مجتبى أماني كان ضابطاً وليس ديبلوماسياً، بدليل أنه أصيب يوم عملية تفجير أجهزة البيجر”.
وبحسب معلومات «الحكيم»، فإن إسرائيل «تعدّ لهجوم ضخم وكبير يستهدف الوجود العسكري والأمني الإيراني في لبنان، وإن السفارة الإيرانية باتت هدفاً مشروعاً، وخصوصاً أن لدى إسرائيل معلومات عن أن محاولة اغتيال رئيس حكومتها بنيامين نتنياهو تقرّرت في اجتماعات عقدت في السفارة». ويعتقد جعجع أن إسرائيل «ستنفّذ إنزالاً بحرياً وجوياً كبيراً في منطقة الجناح، حيث يقع مقر السفارة والمباني المحيطة به، بهدف قتل وأسر العشرات من قيادات حزب الله والضباط الإيرانيين، وهو سيكون إنجازاً ضخماً يقضي على حزب الله بصورة نهائية”.
وعلى هذه السيرة، لفت أحد الزملاء العاملين في «المؤسسة اللبنانية للإرسال» إلى أن مراسلة القناة في حيفا، آمال شحادة، كانت قد أشارت الى موضوع السفارة الإيرانية خلال مقابلة جرت معها على الهواء بعد الإعلان عن محاولة اغتيال نتنياهو، وأن الصحافية الموجودة في أراضي الـ 48، لم تعد إلى ذكر الأمر بناءً على تعليمات قالت إنها أتتها من قبل الرقابة العسكرية.
الكتائب والقوات: تمايز في التنافس على القيادة
عدما راهنت القوى السياسية التي تدور في المحور المعادي للمقاومة على أنّ الضربة الكبيرة التي تلقّاها حزب الله ستقضي عليه، ويمكن عندها التخلص منه ومن سلاحه، تراهن اليوم على أنّ «الخلاص» قد يحتاج إلى ضرب قدرات الحزب المالية، بعدما تبيّن أن ما تعرّضت له المقاومة من حملة اغتيالات لقادتها لم يترك أثره البليغ على الميدان، بدليل مسار المعركة البرّية المفتوحة منذ نحو شهر.
وينقل مطّلعون على أجواء حزبَيِ «الكتائب» و»القوات اللبنانية» أنّ «التقديرات لدى الحزبين بأنّ تعرض الحزب لضربة تجعله يخسر أمواله ستؤدي إلى شلله، وإلى خلق نقمة لدى جمهوره والبيئة الشيعية الأوسع، وتجعله مع الوقت غير قادر على الاستمرار بالإمساك ببيئته اجتماعياً لأنها لن تنتفع منه مالياً». ويرى أصحاب هذه النظرية أن مثل هذه الضربات ستفتح “مرحلة جديدة تسمح برفع مستوى النشاط السياسي في الساحة الشيعية واستمالة شرائح أكبر نحو المحور الآخر».
ويزداد هذا الكلام على السطح بعد ادعاءات وزير الحرب الإسرائيلي يوآف غالانت، الأسبوع الماضي، بأن «إسرائيل انتهت من هزيمة حزب الله وضرب قوته، وهي الآن في صدد تفكيك بنيته الاقتصادية وغير العسكرية»، وهو ما ترجم لاحقاً بقصف مراكز جمعية «القرض الحسن» ومزاعم الناطق باسم جيش العدو بوجود مخزن للأموال والذهب في مستودعات تقع أسفل مستشفى الساحل.
ويبدو أن خصوم الحزب من القوى الداخلية يتماهون كثيراً مع رواية العدو، وينطلقون منها لبناء فرضيات وخطط لخلط الأوراق في البيئة الشيعية. وثمّة مشتركات كبيرة حول هذه النقطة بين الحزبين الآتيَين من رحم واحد، فيما يختلفان على الأسلوب، إذ يتنافس الحزبان حول من منهما أقدر على قيادة المرحلة المقبلة وإدارة الفريق السياسي الحليف لهم.
ويقول مطّلعون على أجواء حزب الكتائب إن رئيسه النائب سامي الجميّل يرى «أنه أكثر مقبوليةً من سمير جعجع وأقدر على مخاطبة الشيعة والسنّة، بينما يكتفي جعجع بالترويج لنفسه كأقوى القيادات المسيحية، وأنه سيكون المرجعية الأولى في ساعة الحسم”.
وفي أكثر من محطة، برز اختلاف بين «القوات» و»الكتائب» في تقدير الموقف والتعامل مع حوادث ذات حساسية طائفية، ويرى كثيرون أن حزب الكتائب «تصرّف بواقعية وذكاء، فيما كانت القوات من دون حكيم يدير عملها». إذ دخل حزب الكتائب على الخط للملمة مشهدَين كان يمكن أن يقودا إلى فتنة. الأول في منطقة بلاط الجبيلية، عندما نصب شبان تابعون لوحدة العمل الاجتماعي في حزب الله واللجنة الموكلة متابعة النازحين على الطرقات خيمة عند مدخل بلاط لإرشادِ النازحين إلى بعض البيوت ومراكز الإيواء في المنطقة، فخرجت أصوات (قواتية وكتائبية وغيرهما…) مدّعية وجود مسلحين داخل الخيمة، وبالفعل تجمّع عشرات الشبان حول الخيمة وحول مركز «الكتائب» الذي انجرّ عناصره الى التوتر. وبعد اتصالات أوضحت أن الفريق يعمل في الحقل الإغاثي فقط، عمد كوادر حزب الكتائب إلى فضّ التجمّع وتهدئة الأمور.
وتكرر الأمر في جبيل أيضاً، مع قيام أشخاص من آل زعيتر، بإنشاء مبنى على أرض متنازع على ملكيّتها، فسرّب فريق «القوات» أخباراً غير صحيحة عن «اعتداء الشيعة على أراضٍ مسيحية تابعة للبطريركية”، ما استدعى اتصالات وتنسيقاً بين «الكتائب» والنائب السابق فارس سعيد، ومحمد عواد، وهو أحد وجهاء المنطقة، ليتبيّن أن الخلاف هو بين أفراد شيعة، وليس هناك أيّ إشكال مع المسيحيين.
وتفيد المعطيات بأنّ هاجس «الاقتتال الداخلي حاضر»، وأنّ «المجالس تشهد نقاشات ترفض جميعها هذا الاقتتال، مع التحذير من أجواء تشنج قد تخلق ردات فعل غير محسوبة»، وسط موجة تسريبات وتعبئة هدفها رفع منسوب الخوف من “عدم مغادرة النازحين للمناطق المسيحية بعد انتهاء الحرب”، وينطلق المروّجون لهذه الفرضيات من “أنّ حزب الله سيعجز عن إعادة إعمار مناطقه، وأن إسرائيل قد تحتل جزءاً من الجنوب”.
السفيرة الأميركية تدعو «السياديّين» إلى التحرك: انتفضوا في وجه حزب الله… أطلقوا حملة «كفى»
إلى جانب العمل الأمني المكثف الذي يقوم به فريق ضخم من ضباط الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) انطلاقاً من مقر السفارة الأميركية في عوكر، تعقد مديرة محطة بيروت شيري بيكر اجتماعات مع مسؤولين أمنيين لبنانيين، ومع شبكة من العملاء اللبنانيين الذين أوصت عدداً غير قليل منهم بمغادرة لبنان سريعاً، وجرى الضغط على شركة الطيران الوطنية لتأمين تذاكر سفر لهم، بحجة أنهم عرضة للخطر.
ويبدو أن النشاط الأميركي يتركز الآن على «تحفيز» القوى الداخلية على التحرك سريعاً لملاقاة الحرب العسكرية ضد المقاومة، وهو ما تتولاه أيضاً السفيرة الأميركية ليزا جونسون التي عمدت الى حصر دائرة اللبنانيين الذين تناقش معهم تفاصيل الملف الداخلي.
وبحسب مصدر أمني لبناني رفيع المستوى، فإن التوترات الداخلية التي يتم رصدها تتركز الآن على عمليات تحريض تحصل في مناطق وجود النازحين، إضافة الى مراقبة عمليات تجمع وتحشيد تقوم بها «القوات اللبنانية» في بعض الأحياء والمناطق، في سياق «حماية مناطقنا من فوضى النازحين وحتى لا يتحوّلوا الى محتلّين». ويقول المصدر إن المؤشرات على الأرض تدل على وجود توتر، وإن الجهات الغربية في لبنان تسأل دوماً عن طبيعة سلوك النازحين لمعرفة ما إذا كان حزب الله لا يزال قادراً على ضبط حراك الناس.
وعن حقيقة ما تقوم به السفيرة الأميركية، يقول المصدر إنها مستمرة في برنامجها الأساسي القائم على فكرة «إعداد لبنان لمرحلة ما بعد حزب الله»، لكنها أضافت تعديلاً وحيداً بناءً على طلب «شيعة السفارة» لجهة أنها صارت تدعو جماعتها من السياسيين والمنظمات المدنية والإعلاميين الى ضرورة التمييز بين الشيعة وحزب الله.
جونسون لـ «السياديين»: لماذا تخافون؟ حزب الله هُُزم ونحن معكم
ويقرّ المصدر بأن جونسون تصرّح بشكل واضح بضرورة الاستفادة من الحرب الإسرائيلية الحالية للقضاء نهائياً على حزب الله وليس فقط على قدراته العسكرية. وكشف عن محادثة جرت بين السفيرة وسياسيين لبنانيين قالت لهم خلالها إنه «لا يمكن لإسرائيل أن تحقق كل شيء عبر الحرب، وإنه آن الأوان لتقوموا بدوركم، وأن تطلقوا انتفاضة داخلية تحت عنوان «كفى»، وعلى الشعب اللبناني إظهار رغبته في الانتفاضة والتخلّص من حزب الله، وأن تعودوا الى السياق الذي برز بعد اغتيال رفيق الحريري، وخصوصاً أن الظروف الإقليمية والدولية والميدانية هي لمصلحتكم».
وبحسب المصدر، فإن السفيرة الأميركية تتوسع في حديثها مع جماعتها من «السياديين» بالقول: «لماذا تبدون خائفين، حزب الله بات مهزوماً، وقيادته مدمرة، ونحن معكم، وكل العالم الحر يقف الى جانبكم. نحن لا نريد الحدّ من نفوذ حزب الله فقط، بل سنضرب خطوط الدعم الخاصة به، ونعمل من دون توقف على إسقاط النظام في إيران أيضاً”. وتدعو السفيرة، بحسب المصدر نفسه، أنصارها من اللبنانيين الى عقد لقاءات واجتماعات تضغط لانتخاب قائد الجيش العماد جوزيف عون رئيساً للجمهورية، و«هو سيتولى تعيين قائد قوي للجيش اللبناني، وسنساعد الجيش لكبح جماح كل مناصري حزب الله، وستحصلون على كل الدعم من العرب والغرب. لكن آن الأوان لأن تتحركوا الآن».
المصدر: الأخبار اللبنانية