لا هدنة في البحر الأحمر: السماح بسحب «سونيون» مشروط
بعد أسبوع من استهدافها من قبل القوات اليمنية البحرية، سمحت صنعاء للاتحاد الأوروبي بقطر السفينة اليونانية المحترقة «سونيون» من مياه البحر الأحمر إلى أحد شواطئ جيبوتي، في وقت تفيد فيه المؤشرات بأن موافقة صنعاء على طلب الاتحاد جاءت بشروط؛ أبرزها انسحاب تدريجي لما تبقى من فرقاطات تابعة لقوة المهام الأوروبية «أسبيدس»، ووقف أيّ تدخّلات لها في البحر الأحمر. وأكد رئيس وفد «أنصار الله» المفاوض، محمد عبد السلام، مساء أول من أمس، السماح بسحب «سونيون» بعد تواصل جهات دولية عدة، وخاصة أوروبية. وقال، في منشور له على منصة «إكس»، إن احتراق السفينة المرتبطة بالكيان الإسرائيلي مثال على جدية اليمن في استهداف أيّ سفينة تنتهك قرار الحظر اليمني القاضي بمنع العبور إلى موانئ فلسطين المحتلة.وفي حديث إلى وكالة «رويترز»، نفى عبد السلام وجود أيّ هدنة في البحر الأحمر، وذلك بعد ساعات من تصريحات نقلت عن البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة، والتي قامت بدور الوسيط بين الاتحاد الأوروبي وصنعاء، عن أن الأخيرة وافقت على هدنة مؤقتة. ووفقاً لمصادر سياسية في العاصمة اليمنية، فإن البعثة الإيرانية فسّرت قبول صنعاء بمطالب الاتحاد الأوروبي بسحب السفينة، التي ظلّت تحترق لنحو أسبوع في المياه الدولية، بأنه موافقة على هدنة مؤقتة. وقالت المصادر لـ«الأخبار»، إنه لا وقف للعمليات البحرية اليمنية إلا بوقف الحرب ورفع الحصار عن غزة. وأكدت استمرار العشرات من الشركات الملاحية غير المتورطة في كسر الحصار اليمني المفروض على الملاحة الإسرائيلية في البحر المتوسط، في التواصل مع القوات البحرية اليمنية التي تسمح للسفن التابعة لها بالعبور الآمن في الممر الملاحي الدولي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وتقدّم الحماية الكاملة لها.
وفي الوقت الذي تدفع فيه الولايات المتحدة نحو بقاء بعثة «أسبيدس» في البحر الأحمر، بعد انسحاب كل السفن العسكرية الأميركية، أعلنت وزارة الدفاع الهولندية، أمس، سحب المدمرة «إتش إن إل إم إس كاريل دورمان»، بعد أشهر على نشرها إياها ضمن البعثة الأوروبية. وجاء سحب البارجة بعد ساعات على إعلان اليمن اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي يقضي بالسماح بانتشال «سونيون». ولم يتضح بعد ما إذا كان قرار هولندا يندرج ضمن بنود سرية في الاتفاق، أو جرّاء تعرّضها لهجوم، وخصوصاً مع إعلان صنعاء استهداف بارجة غربية حاولت إنقاذ «سونيون» نهاية الأسبوع الماضي.
البعثة الإيرانية في الأمم المتحدة قامت بدور الوسيط بين الاتحاد الأوروبي وصنعاء
إلا أن مراقبين عسكريين أشاروا إلى أن توقيت الانسحاب الهولندي يشير إلى توصّل القادة الغربيين إلى اقتناع بعدم جدوى الانتشار العسكري في البحر الأحمر، ولا سيما بعد فشل البعثة الأوروبية في حماية السفن، وآخرها «سونيون». وقالت مصادر ملاحية في صنعاء، لـ«الأخبار»، إن المتبقي من الفرقاطات الأوروبية في البحر الأحمر وخليج عدن لا يتجاوز ثلاث قطع إيطالية وفرنسية ويونانية. وأشارت إلى أن انحسار الحضور العسكري لمهمة «أسبيدس»، يؤكد تفكّك هذا التحالف العسكري، شأنه شأن تحالف «حارس الازدهار» بقيادة الولايات المتحدة، وذلك تحت وطأة العمليات العسكرية اليمنية في البحر الأحمر وخليج عدن.
بدوره، تحدث قائد حركة «أنصار الله»، عبد الملك الحوثي، في خطابه الأسبوعي، أمس، عن عملية اقتحام السفينة «سونيون»، والتي جاءت ضمن عمليات نوعية ومهمّة نفّذتها القوات البحرية اليمنية هذا الأسبوع، مشيراً إلى أن «فريقين من القوات البحرية اقتحما السفينة على مرحلتين ودمرا ما فيها من شحنات بعد تفخيخها وتفجيرها». وأضاف أن «العملية موثقة بمشهدها الكبير والمؤثّر، والذي يبيّن أن الأميركي كاذب في مزاعمه تجاه أيّ ردع للعمليات اليمنية المساندة لفلسطين». وأشار إلى أن «العمليات مستمرة بفاعلية، على رغم أن صيد السفن في البحر الأحمر أصبح نادراً لقلّة السفن المرتبطة بالأعداء». وتابع أن «بعض الشركات بات تحرّكها بعيداً جداً في أقصى المحيط الهندي البعيد عن أفريقيا وليس الأقرب إلى البحر العربي أو سقطرى». وجدد الحوثي تأكيد استعداد قواته للرد على العدوان الإسرائيلي الذي استهدف محافظة الحديدة، مكرراً أن «التحضير للرد مستمر، وأن التوقيت سيكون مفاجأة للعدو». ولفت إلى أن قواته «تحرص على رفع معدّل تأثير عملياتها العسكرية في عمق الكيان»، مؤكداً أنه «ليس هناك سقف سياسي ولا اعتبارات أخرى يمكن أن تحدّ من مستوى عملياتنا المساندة لغزة».
رشيد الحداد