كيف يحقق اليمن انتصارين على العدوان؟
الحقيقة/إيهاب شوقي – كاتب عربي مصري |
هناك مقولة للأديب والمفكر العالمي الشهير ” جورج برنارد شو”، من المقولات الكاشفة لعيب انساني كبير، وداء من اكبر ادواء البشر، وهي تقول: (إذا أعاد التاريخ نفسه سيظهر عجز الإنسان عن التعلم من التجارب).
الا ان هناك مقولة للامام علي اكثر اختصارا واعمق وبمثابة وصف للقانون العام وهي تقول: (ما أكثر العبر و أقل الاعتبار).
على مدى التاريخ، وهناك محطات للعدوان والبغي، ومحطات للمقاومة، وما استطاع معسكر العدوان تحقيق اهداف بعيدة المدى او يمكن وصفها بالاهداف الاستراتيجية، طالما بقيت هناك مقاومة.
بل القانون العام هو انتصار المقاومة استراتيجيا وبقائها في التاريخ، في حين يذكر المعتدون والظالمون في سطور قليلة لمجرد التأريخ، بينما يحتفظ التاريخ بقصص البطولات والفداء.
كما ان انتصار المقاومة ليس بالدم على السيف فقط، بل هناك انتصارات ساحقة اذلت المعتدين وهزمتهم بالسيف، حيث يمتلئ التاريخ قديمه وحديثه بصراع وجودي بين المعسكرين، والثابت به هو انتصار المقاومين والاحرار استراتيجيا، بينما تتراوح الجولات التكتيكية تارة هنا وتارة هناك.
وما يشهده اليمن اليوم، هو جولة من جولات هذا الصراع، وان كان الاحرار والمظلومين قد دفعوا من دمائهم غاليا، الا ان الصمود والتمسك بالمقاومة، وضعهم في هذه المعادلة الكونية التي تحتم النصر الاستراتيجي، كما انهم وبتطوير قدراتهم، اقتربوا من موعد تحقيق نصر عسكري ايضا ليصبح النصر نصرين.
وومن شواهد هذا الانتصار العسكري الذي يضم نصرا (بالسيف) الى جانب النصر (بالدم)، ما نراه من تطوير للقدرات اليمنية في مجال الصواريخ والدفاع الجوي وتكنولوجيا الطائرات المسيرة، ليضيف بعدا تكنولوجيا اخذا بأسباب التقدم والتطور، الى البعد الانساني الأهم، والمتمثل في شجاعة وصلابة وفداء المقاتل اليمني.
ولعل من الملائم هنا استعراض بعض الامثلة والرصد الغربي، لتوضيح ما نريد قوله:
1/ في احدث الجولات، أعلن المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، أن “الدفاعات الجوية تمكنت من إسقاط طائرة تجسسية تابعة لدول العدوان، شرق جبل الإم بي سي في منطقة جازان، مؤكدا أن “هناك تطويرا مستمرا للقدرات الدفاعية من أجل حماية الأجواء اليمنية بشكل كامل”.
ويعد ذلك الإسقاط الثاني من نوعه في أسبوع واحد، بعد إسقاط طائرة تجسسية في منطقة نجران.
وهو ما يعني ان هناك معادلة جديدة للردع مفادها حماية الاجواء اليمنية وانهاء الوضع القديم الذي استباح به العدوان اجواء اليمن ممارسا ابشع واخس الهجمات في ظل صمت وتواطؤ يشكل عارا دوليا.
2/ ترصد المراكز البحثية العسكرية الغربية تطور وجود الصواريخ باليمن في تقاريرها، ومما رصدته نورد فقرة دون تدخل منا وكما وردت بالتقارير نصا: (من المعروف أن الحوثيين كانوا قد استحوذوا على صواريخ سكود- B و- سي ، وهواسونغ الكورية الشمالية، وصاروخ توشكا، وصاروخ قاهر -1 ، وصاروخ زلزال – 3 الباليستية ، وصاروخ C-802 المضاد للسفن. وتم الحصول على الأنواع الثلاثة الأولى من الصواريخ على الأرجح من الحكومة اليمنية ، لكن الولايات المتحدة ودول غربية أخرى تصف إيران وروسيا وحزب الله بأنها مورِّد لبقية الأنظمة التي تملكها الحوثي.)
ونلمح في التقارير عدم ايراد ادلة على التسليح الايراني والروسي والامداد المباشر من حزب الله، وربما تقرير اخر لوكالة رويترز يبين انزعاج الغرب ازاء ذلك ويقول: (الأمر المؤكد هو أن قدرات أسلحة الحوثيين قد تطورت بسرعة في العامين الماضيين من حيث الدقة والمسافة ، كما يشير المحللون وبيانات الأمم المتحدة ووسائل الإعلام الحوثية. وتمثل قدراتهم المتنامية أيضًا التهديد الذي يمثله حلفاء إيران الإقليميون الآخرون – سواء كانوا في العراق أو سوريا أو لبنان – على خصومهم والقوى العالمية التي تسعى إلى احتوائهم.)
وتشي تقارير اخرى بارتباك في التقييم، حيث تتعجب من تطور الكنولوجيا وترمي اتهامات دون اي دليل، واقصى ما قدمته التقارير هو مجرد تكهنات وافتراضات على نمط تقرير لموقع عسكري وهو موقع (midaa)، حيث يقول: (من المحتمل أن يكون الحوثيون قد طوروا تكنولوجيا صواريخ بركان محلياً باستخدام التكنولوجيا التي تمتلكها بالفعل، ولكن نظراً لأنظمة التوجيه المحسنة وزعانف الاستقرار في بركان ، فمن غير المرجح أن تكون قد طورت دون مساعدة إيران).
وهو ما يشي بعدم وجود ادلة غربية لمساعدات خارجية، في حين ان المؤكد هو التطوير المذهل للقدرات اليمنية.
3/ انتقل الوضع اليمني من الدفاع والردع للهجوم والتهديد، ولعل هجمات ارامكو كانت خير شاهد على ذلك، والان يتوعد اليمن بالمزيد، وكما قال وزير الدفاع اللواء محمد العطفي إن القوات تستعد لشن “هجوم استراتيجي سيؤدي إلى شل قدرات التحالف العدواني الذي تقوده السعودية”.
لعل في تطوير انظمة الدفاع الجوي وما تسقطه بالفعل من طائرات اي تحول الامر لفعل لا قول، ولعل تطور الصواريخ ودقتها، ولعل تطور الطائرات المسيرة، ولعل صلابة المقاتل اليمني وشجاعته وايمانه، تكون كلها عبر يعتبر بها الظالمون.
ولعل ما يحدث يكون مصداقا لاجتماع نصرين، واحد اني يضاف للنصر الاستراتيجي في الصراع الممتد.