كيف نقرأ الهجوم الإيراني على الكيان الصهيوني؟
كيف نقرأ الهجوم الإيراني على الكيان الصهيوني؟
د. محمود الهاشمي_ 15 أبريل_ الحقيقة نت:
لم يأت الهجوم الإيراني رداً على قصف القنصلية الإيرانية بسوريا، ولكن سبق ذلك سلسلة من الاعتداءات الصهيونية على إيران سواء داخل سوريا وخارجها. كما أن الهجوم جاء متزامناً مع معركة (طوفان الأقصى) ليشكل دعماً معنوياً وعسكرياً للمقاومة الفلسطينية.
ويمكن القول إن الهجوم جاء عبر أجواء دول صديقة (العراق وسوريا) لتكون مشاركة مباشرة وفاعلة وفيها دلالات الموافقة المسبقة، كما أنه جاء بإعلان مسبق عرف به القريب والبعيد، وفي ساعة معلومة، وأمام فضاءات الإعلام، بالنقل المباشر، وليس بغتة، حتى يعكس (الجانب الاعتباري) لإيران بأنها تضرب بعلم (أصدقاء إسرائيل) وهي تعي ما تقول وتفعل.
الهدف العسكري للهجوم كان موقعين عسكريين هما (قاعدة نيفاتيم الجوية الإسرائيلية المقر الرئيسي لطائرات “إف 35″، القريبة من مفاعل ديمونا النووي، ومركز استخباراتي إسرائيلي شمال الجولان، استُخدم في تخطيط وتنفيذ العملية التي استهدفت القنصلية الإيرانية في دمشق).
وكما قال رئيس هيئة الأركان الإيرانية محمد باقري (عملياتنا ركزت على القاعدة الجوية التي انطلقت منها الطائرات الإسرائيلية التي اعتدت على قنصليتنا)، بمعنى أن الأهداف قد تحققت.
وكما ورد في تغريدة السيد الخامنئي قبل الهجوم بأنها (عقوبة) ولم يقل زوال إسرائيل – كما اعتدنا – لذا جاء (محدوداً) وفقاً لمصطلح (العقوبة)، أما (الزوال) فذلك الهدف الأكبر والاستراتيجي للجمهورية.
جانب آخر، فإن مسافة الـ (1600) كم من إيران إلى “إسرائيل” بعيدة، وإرسال طائرات مسيرة تصل بعد (9) ساعات الهدف منها هو (الإبلاغ)، وليس التأثير العسكري المباشر، فحتماً إيران تعلم بعدد القواعد الأميركية والبريطانية والفرنسية، وتعلم أن الأردن سيتصدى لها، لكن أرادت أن تجعل منه مهرجاناً وعرساً، ورسالة للعالم أجمع، حيث كلما مرت مواكب الطائرات حيوها، وهتفوا لنصرة فلسطين، وكان بالإمكان إرسال صواريخ (فقط) لتصل بعد دقائق وينتهي الأمر خاصة وأن إيران تملك الالاف من الصواريخ المدمرة.
لماذا وصلت الصواريخ إلى أهدافها بالنقب؟ ولم تستطع الدفاعات الجوية الصهيونية ولا أصدقاء “إسرائيل” معالجتها ؟، هذا هو (السر)!
هل كانت الطائرات التي أرسلت بالهجوم لمجرد اشغال الدفاعات، وهناك هدف آخر؟
قبل الهجوم دفعت أمريكا بأكثر من عشرين دولة للاتصال بإيران لغرض ثنيها عن الهجوم على إسرائيل، مع تقديم امتيازات مقابل ذلك وصولاً إلى إعادة التفاوض بالملف النووي، لكن إيران رأت أن القيام بالهجوم فيه امتياز أكبر سواء لشخصية الثورة الإسلامية، أو لمستقبل المقاومة، ولذا فإن هذا هو أول هجوم لدولة لا تجاور الأرض المحتلة، وبذا فقد فتحت إيران النار على إسرائيل من أبعد المسافات.
لقد أضاف الهجوم دعماً قوياً لمحور المقاومة بأن هناك دولة كبرى بحجم إيران قد دخلت على خط المواجهة المباشرة مع العدو الصهيوني، كما أن الهجوم كشف حقيقة الأمن القومي الإسرائيلي بأنها غير قادرة، أن تواجه المقاومة لوحدها بدأً من 7 أكتوبر في معركة (طوفان الأقصى).
الهجوم كذلك، كشف عن مقتل 44 ضابطاً إسرائيليا خلال قصف معسكر “نواتيم” الجوي بصواريخ الحرس الثوري، وفقاً للإعلام (الإيراني) خاصة، وأن الكيان الصهيوني يخفي أرقام قتلاه، وبذا فان الاستهداف كان مدروساً، وإذا أخفت “إسرائيل” ذلك ستكشف إيران أسماءهم.
وأدخل الهجوم الداخل الأمريكي والإسرائيلي بمعادلة هل يتحمل أياً منهم هذا الضغط اليومي لمعركة لا تعرف نهايتها، وكلما تقدمت ازداد عدد أطرافها، حيث نقلت وكالة الصحافة الفرنسية – الأحد – شهادات إسرائيليين وصفوا فيها الهجوم الجوي الإيراني بالصواريخ والمسيّرات بالمرعب! فإلى متى سيستمر الرعب؟
وفي السياق أبلغ الرئيس الأمريكي جو بايدن بنيامين نتنياهو بأن (أمريكا لن تشارك في أي هجوم إسرائيلي على إيران) فهذا يعني (تلك حدود التعاون الأميركي فلا تعبروها)، كما كشف الهجوم أن الأردن لا تستطيع أن تخرج من (طوق التطبيع) وأنها شاركت بالدفاع عن (أمن إسرائيل) وبذا سيتشكل عليها ضغطاً داخلياً، إضافة إلى الضغوط الأخرى.
إن الأسلحة التي قاتلت بها إيران، محلية الصنع، وهذا يعني لم تعد الدول الإسلامية بحاجة الى السلاح الغربي الذي طالما احتكروه، وكان سبباً في خسارة العرب للحروب مع إسرائيل، وهذه هي المرة الأولى التي تقف فيها أمريكا تنتظر أن (تهاجم) إسرائيل علناً دون أن تهاجم خصمه، وهذا يعني أن “إسرائيل” باتت عبئاً على أمريكا، والعالم الغربي و (المنطقة).