كندا تطعن حقوق الإنسان لعيون السعودية
بعد عامين من توقيع صفقة سلاح بين كندا والسعودية قررت الحكومة الكندية بدء تنفيذ هذه الصفقة التي تبلغ قيمتها 15 مليار دولار وذلك بعد أن تمت الموافقة على تصدير أكثر من 70% (قرابة 11 مليار دولار) من الأسلحة المتفق عليها وهي تشمل عربات مدرعة بالإضافة إلى قطع غيار ومنظومات الأسلحة المرتبطة بها، حيث سيتم تجهيز تلك المدرعات بالأسلحة الرشاشة والأسلحة المضادة للدروع.
هذه الصفقة جُمدت فترة طويلة بعد أن تولى ستيفان ديون ملف وزارة الخارجية في كندا، وكان ديون يؤكد على وجود انتهاكات لحقوق الإنسان في السعودية وهذا الأمر يمنع كندا من تزويد الرياض بالسلاح، ورغم تأكيدات وزير الخارجية الكندي هذه إلا أن وزارة الخارجية بدلت قرارها وغيرت موقفها السابق مدعية أنها لم ترصد “أي أدلة متعلقة باستخدام تلك العربات التي صدرت كندا الآلاف منها إلى السعودية منذ 1990، في انتهاكات لحقوق الإنسان”، بحسب ما نقلته هيئة الإذاعة الكندية “سي بي سي”.
إقرار الحكومة الكندية للصفقة المبرمة مع السعودية هو انتهاك لحقوق الإنسان، وادعاءات بأن السعودية لا تستخدم العربات المدرعة في انتهاكات حقوق الإنسان هي ادعاءات بعيدة عن الواقع، والحقيقة أن العربات لا تستخدمها السعودية إلا لانتهاك حقوق الإنسان في اليمن وكذلك في البحرين، الأمر الذي يجعل من القرار الكندي انتهاكا للقانون الدولي ولحقوق الإنسان على حدٍ سواء.
مصادر عديدة تؤكد أن السلاح الكندي يستخدم في العدوان على اليمن، ويأتي في مقدمة هذه المصادر مركز أمان لحقوق الإنسان المختص برصد انتهاكات الحقوق والحريات في السعودية والذي طالب رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو بوقف وتجميد عقود صفقات التسلح مع السعودية بعد أن ثَبُت تورط النظام السعودي في ارتكاب جرائم حرب ضد الإنسانية في اليمن بالإضافة إلى سحق الاحتجاجات الشعبية في البحرين من مطلع عام 2011، فضلاً عن استخدام الأسلحة المتوسطة والخفيفة في مواجهة المحتجين العزل السلميين شرق البلاد، وجاء في بيان المركز أن فرق التحقيق التابعة للأمم المتحدة أكدت بأن القوات السعودية استخدمت قنابل عنقودية في محافظة حجة في اليمن واستهدفت تجمعات سكنية باستخدام الطائرات.
هذا ويرى معارضو تردو من المحافظين أن القيام بالصفقة أمر مخزٍ، ويؤكد النائب عن حزب المحافظين توني كليمنت أن إيقاف صادرات السلاح الكندي إلى السعودية يجب أن يتم حتى في حال غياب الأدلة على استخدام هذا السلاح في انتهاك حقوق الإنسان، فمجرد احتمال سوء الاستخدام كافٍ لإيقاف هذا النوع من الصفقات، وفي هذه الأثناء يرى توماس مالكير زعيم الحزب الديموقراطي الجديد أن الحكومة الكندية تكذب للدفاع عن الصفقة التي قامت بها.
ومن الأدلة على أن هذا السلاح سيستخدم في العدوان على اليمن التوقيت الذي جرى فيه الإعلان عن تفعيل الصفقة من جديد، إذ أن المعطيات تشير إلى أن السعودية باتت عاجزة وغير قادرة وهي بحاجة إلى تعزيزات، وما يدل على ذلك هو الهدنة التي وافقت عليها السعودية بالإضافة إلى طلب المساعدة الذي قدمته الإمارات لأمريكا، فهذه الأحداث تشير إلى عجزٍ سعودي في اليمن، فهي أحوج ما تكون إلى العتاد والعتيد، ومن خلال بعض الصفقات النفطية الجانبية تمكنت السعودية من إقناع كندا بتنفيذ الاتفاقية التي جُمدت مدة سنتين.
هذه الأدلة لم تكن كافية للحكومة الكندية كي ترجع عن سياستها وتسلك سبيل بريطانيا وألمانيا اللتين أدركتا حجم انتهاكات حقوق الإنسان في السعودية لذلك أقدمت الحكومة البريطانية في تشرين الأول/أكتوبر 2015 على إلغاء عقد مع وزارة العدل السعودية ونظام السجون في السعودية رغم أن قيمة العقد تفوق اثني عشر مليار دولار كندي، كما أعلن أيضًا نائب المستشارة الألمانية ووزير الاقتصاد سيجمار جابرييل أن برلين ستعيد مراجعة صفقات الأسلحة مع السعودية وأضاف “اتضح أننا كنا على حق بعدم تسليم دبابات وبنادق هجومية من طراز G36 إلى المملكة العربية السعودية” بناء على انتهاكاتها للقوانين وحقوق الإنسان.
إصرار الحكومة الكندية على تنفيذ الاتفاق مع السعودية يعد انتهاكًا خطيرًا لحقوق الإنسان وهذا يجعل كندا شريكة في الجرائم التي ترتكبها السعودية بحق المدنيين في اليمن، بالإضافة إلى أن ذلك يتنافى مع ما اعتدنا على سماعه من المسؤولين الكنديين حول حقوق الإنسان والقوانين الدولية، وهذا يزعزع شعبية الحكومة الكندية ويدمر مصداقيتها، وخاصة أن الأيام المقبلة ستكشف عن الوجهة الحقيقية للسلاح الكندي وعن مخططات ومشاريع السعودية المخبأة لهذا السلاح.
باتت كندا وغيرها من الدول الغربية تمثل حالة من الشعارات الخلابة الخالية المضمون، وقد اعتادت شعوبنا العربية والإسلامية على هذا النوع من السياسة، فـ”حقوق الإنسان” أصبح قانوناً لا يُطَبق إلا على بعض الدول الإسلامية والعربية، ولا يحق لأحد أن يتحدث عنه إلا الدول الغربية ومن يركب قاربها، أما عن انتهاكات حقوق الإنسان التي بات الغرب يمارسها فدومًا ما تدخل تحت إحدى ذريعتين، إما حفظ الأمن القومي أو محاربة الإرهاب. jh