كلمات من نور :ثقافة قرآنية :صحيفة الحقيقة العدد “348”: دروس من هدي القرآن للشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه
كلمات من نور
أنظر إلى ما توعد به من أعرضوا عن ذكره، ما توعد به من أصبحوا أولياء لأعدائه، ما توعد به المفرطين في مسئوليتهم، في إعلاء كلمته، خزي شديد في الدنيا، ذلة، قهر، إهانة، معيشة ضنكا في الدنيا، وفي الآخرة سوء الحساب، وجهنم.
أسباب القعود عن التحرك في سبيل الله
هنا يقول في الآية هذه: {وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا قَيِّماً لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ} (الكهف1-2)؛ لأنه سيأتي بالحديث عن ناس انطلقوا في سبيله، وهم أصحاب الكهف، انطلقوا بموقف قوي، أعلنوا فيه إيمانهم بالله الواحد القهار، أعلنوا فيه إيمانهم بالله وحده، وكفرهم بكل ما يعبد قومهم من آلهة أخرى، بموقف علني، وموقف قوي.
إذاً فالقرآن هذا نفسه لينذر بأسا شديدا من لدن الله ألم يقل هكذا: {لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ}؛ لأن الكثير من الناس أمام العمل في سبيل الله، ولإعلاء كلمة الله، دائماً يخافون بأس الآخرين، أليس هكذا؟ يخاف أن يسجنوه، يخاف أن يلحقه شيء، يخاف أنه يقتل، يخاف، يخاف.. الخ.
يقول له: أن الشيء الذي يجب أن يخافه الناس هو البأس الشديد من لدنه، من الله، وليس مما لدن الآخرين. {لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ} وبأس في الدنيا، وبأسا في الآخرة أشد من باس أي طرف آخر، أو أشد من أي باس من لدن الآخرين، الذين نخاف منهم فنقعد عن التحرك لنصر الله، وإعلاء كلمته، ومواجهة أعدائه.
ما هذه وحدها عالجت إشكالية ثانية لدينا؟ ما يقعد الناس عن التحرك في سبيل الله إلا مفاهيم معوجة، ونظرة أن الحياة هذه معوجة من عند الله! هذه واحدة أبعدها {وَلَمْ يَجْعَل لَّهُ عِوَجَا}.
ما يقعد الناس أيضاً عن التحرك في سبيل الله إلا الخوف من بأس الآخرين، البأس الذي يأتي من لدن الآخرين، من لدن الأمريكيين، من لدن دولة، من لدن إسرائيل، من لدن أي شخص كان، أو أي جهة كانت، أليس هذا هو الذي يقعد الناس؟ قل وهذه واحدة.
نجد أن الله يذكِّرنا بأنه لا، وأن البأس الشديد الذي يجب أن نخافه هو البأس الشديد الذي من لدنه هو، أما ما كان من لدن الآخرين لا يمثل شيئاً، وهذا شيء معلوم، حتى تعرف البأس الشديد من لدنه في هذه الدنيا أنظر إلى ما توعد به من أعرضوا عن ذكره، ما توعد به من أصبحوا أولياء لأعدائه، ما توعد به المفرطين في مسئوليتهم، في إعلاء كلمته، خزي شديد في الدنيا، ذلة، قهر، إهانة، معيشة ضنكا في الدنيا، وفي الآخرة سوء الحساب، وجهنم.
أليس هذا بأس شديد؟ يوم واحد في جهنم أشد من مائة سنة عذاب في الدنيا هذه، في زنزانة، أو في سجن كيفما كان، أن يوم واحد في جهنم أشد {لِّيُنذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِن لَّدُنْهُ}، وفي نفس الوقت: {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ} (الكهف2) من انطلقوا يخافون البأس الشديد من لدن الله فيما إذا فرطوا، وقصروا. هل جلسوا يتخوفون من الآخرين، ويرون الآخرين أكبر من الله؟
هؤلاء انطلقوا فكان عملهم عمل هام، وما أعد الله لهم من الثواب العظيم في الدنيا، وفي الآخرة، بالشكل الذي يقول فيه: {وَيُبَشِّرَ} والبشارة لا تأتي إلا بالشيء العظيم بالنسبة لك، {وَيُبَشِّرَ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ}، ينطلق في العمل الصالح؛ ولأنه عمل صالح يرضي الله، ولأنه عمل صالح في سبيل إعلاء كلمة الله، ينطلق فيه، لا يحاول أن يذهب أولاً يسأل سيدي فلان، أو سيدنا فلان [هو قد وجب علينا نرفع شعار؟ الشعار هذا واجب؟] لا، المؤمنون الذين ينطلقون لمجرد أن يعرف أن هذا عمل صالح يرضي الله يتحرك فيه.
أما الآخرون فما يعبروا فعلاً عن صلاحهم، إنما يعبر عن أنه ماذا؟ لا علاقة له بالله، إلا علاقة إذا يعني أنه يحاول إذا قد الشيء لم يعد منه مجال، قد هو خائف أ ن الباري سيضربه، فلا بأس سيتحرك فيه.
(آيات من سورة الكهف)
تغييب أسماء الشهداء (المقاتلين) خدمة كبيرة لإسرائيل
هل انطلقوا ليسموا شارعاً باسم [عباس الموسوي] أمين عام حزب الله وهو عالم، مجاهد، شجاع، إنسان حكيم، يملك قدرة هائلة من التدبير، والتخطيط في مواجهة إسرائيل، يهتدي بالقرآن، قُتل في حادث مأساوي تضربه الطائرة الإسرائيلية بصاروخ، تضرب سيارته وهو فيها هو وزوجته وطفل صغير، هل سموا شارعاً باسمه؟ أو سموا مصنع تحلية مياه باسمه، أو سموا مطعما، أو سموا قاعة محاضرات، أو سموا أي شيء باسمه؟. لا, ليست مشكلة. لكن أن يقتل طفل آخر [محمد الدرة] هذا طفل قُتل، قُتل أطفال كثيرون، يجتمع مجلس الوزراء في اليمن، ويقرر بأن يسمى الشارع من [مذبح] إلى ملتقى طريق عمران صعدة [شارع الشهيد محمد الدرة].
كنت أتوقع أن [محمد الدرة] هذا قبل أن أعرف من خلال المشهد التلفزيوني أنه كان بطلا، كان شجاعا، عمل أعمالا رهيبة بإسرائيل؛ لهذا أصبح صوته، وأصبح اسمه هكذا، وسميت شوارع باسمه، وسميت مقاهي، وسميت حتى معامل تحلية مياه باسمه، ومطاعم، وبنشر، وأشياء من هذه باسمه، أشاهد المشهد في التلفزيون فإذا هو طفل قتل. لاحظوا كيف؟ هذا هو نفسه من التضليل اليهودي أن يقتل [يحيى عياش]، يحيى عياش هو مجاهد، وبطل، وعمل أعمالا رهيبة ضد إسرائيل، قتل، هل سمي في اليمن، أو في مصر، أو في السعودية، أو في أي بلد مسلم سمي شارع الشهيد يحيى عياش؟. لا، هل سُمي شارع الشهيد عباس الموسوي؟.
قُتل ابن حسن نصر الله في الجهاد هل سمي شارع باسمه؟ هل سمي شارع باسم ابن عباس الموسوي؟ إذا كانت المسألة مسألة عاطفية مع أطفال، هل سميت شوارع أخرى بأسماء أبناء مجاهدين، أو مجاهدين ضد إسرائيل؟ لا. لماذا؟.
هذا من العمل الذي يخدم إسرائيل أن يُقتل شهيد بطل ثم لا يخلد ذكره؛ لأن تخليد ذكره في أوساط المسلمين يعني استلهام روح ماذا؟ روح القتال لإسرائيل، والعداوة لإسرائيل، والمواجهة مع إسرائيل، لكن يُقتل طفل فلتعمم الدنيا باسمه ما الذي سيحصل؟ تفاعل عاطفي معه فقط. [الله يلعنهم الله أكبر عليهم] أليس هذا الذي سيحصل اليهود يعرفون كيف، وأولياؤهم أيضا يعرفون أنهم أن يعمموا اسم الشهيد عباس الموسوي، أو الشهيد يحيى عياش فتسمى شوارع بأسمائهم أن هذا يزعج إسرائيل، لماذا يزعج إسرائيل وقد قتل هذا الرجل؟ لأن هذا يبعث في الأمة، في الشباب مشاعر ماذا؟ البطولة، والتضحية في مواجهة إسرائيل. فهكذا يصنع تخليد الشهداء.
فلهذا يقولون: ذكرى استشهاد الإمام علي بدعة بدعة، يريدون أن تموت الأمة باسم الدين، وأن تذبح باسم الإسلام، لكن محمد الدرة وأطفال آخرين يؤلم قتلهم، لكن هذا له أثر آخر لا يضر إسرائيل، غاية ما يصدر مني أن أقول: [الله يلعنهم، الله أكبر عليهم].
لكن شهيد من خلال أن تعرف شارع سمي باسمه فتعرف ماذا كان يعمل، تعرف كيف كان يخطط، سيظهر من أوساط المسلمين من يحاول أن يقلده، ويتشبه بروحيته، أليسوا يخدمون إسرائيل بهذا؟.
أن تغيب أسماء الشهداء، أن يغيب أسماء المقاتلين الأبطال ضد إسرائيل من شيعة وسنة كيحيى عياش، وكعباس الموسوي، ثم يشاد بأسماء أطفال آخرين على أساس تكون المسألة غير حساسة بالنسبة للصديقة إسرائيل؛ من أجل أن لا نجرح مشاعر إسرائيل، من أجل أن لا نسيء باسم ذلك الرجل العظيم الذي قد يكون فيه إساءة إلى مشاعر إسرائيل. وهكذا يُصنع الرموز بشكل لا يضر بهم، يشدونا إلى طفل يجعلون رمزنا طفلا محمد الدرة، ثم نحن ننشد، نحن في أناشيدنا هنا في المدرسة، وفي مدارس أخرى محمد الدرة، محمد الدرة.
(سورة آل عمران – الدرس الثاني)
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ}