كشكول:بايدن للعرب.. عادوا روسيا والصين وإيران لتبقى أمريكا “قوية” و “إسرائيل” آمنة
Share
“يتعين علينا الانخراط مباشرة مع السعودية ودول أخرى، من أجل ضمان أن تكون امريكا قوية وآمنة. علينا مواجهة العدوان الروسي، ووضع أنفسنا في أفضل وضع ممكن، للتفوق على الصين، والعمل من أجل مزيد من الاستقرار في مناطق اخرى من العالم”، هذا ما جاء في مقال كتبه الرئيس الامريكي جو بايدن في صحيفة “واشطن بوست” حول اهدف زيارته المنطقة.
اما الهدف الثاني لزيارة بايدن للمنطقة كما جاء على لسان العديد من المسؤولين الامريكيين هو “تشجيع السعودية على إقامة علاقات مع إسرائيل، لتواصل بذلك الولايات المتحدة ضغطها من أجل تشكيل تكتل عربي إسرائيلي” لمواجهة ايران.
اذا ما حكمنا منذ الان على ان زيارة بايدن ستكون محكومة بالفشل بشكل كامل، فاننا سنبتعد عن الموضوعية، فالرجل قد ينجح في تحقيق بعض تلك الاهداف التي جاء من اجلها، مثل رفع انتاج النفط من قبل السعودية والامارت، ولكن ليس بالحجم الذي يمكن ان يغير من الوضع السائد في السوق النفطية، كما قد يوسع من قنوات الاتصال بين السعودية وبعض الدول العربية وبين الكيان الاسرائيلي، ولكن ليس الى حد انخراط العرب في تحالف عسكري يضمهم الى جانب الكيان الاسرائيلي.
تحقيق هذه الاهداف الجزئية بدوره مرتبط بالتعامل الامريكي المباشر مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، الذي قاطعه بايدن وهدد بتدفيعه ثمن جريمة قتل الصحفي جمال خاشقجي.
التشكيك بقدرة بايدن في تحقيق اهداف زيارته، المتمثلة بتجنيد امكانيات الدول العربية في معركته مع روسيا والصين وايران، بهدف جعل امريكا قوية و “اسرائيل ” آمنة، لا يأتي من فراغ، بل من حقائق موضوعية، منها:
-العلاقات الاقتصادية والسياسية القوية التي تربط الدول العربية وخاصة دول الخليج الفارسي بروسيا والصين، ولن تضحي هذه الدول بهذه العلاقات نزولا عند رغبة امريكا.
-لا يمكن تصور ان ينخرط العراق ومصر، لاسباب عديدة ومتشعبة، في تحالف عسكري مع “اسرائيل” في مواجهة ايران، من اجل عيون “إسرائيل”.
-لا مصلحة للاردن في الدخول في مواجهة مع ايران من اجل أمن “اسرائيل”، وهو ما اتضح جليا في تصريحات المسؤولين الاردنيين في الاونة الاخيرة.
-اغلب دول الخليج الفارسي ترتبط بعلاقات سياسية واقتصادية واجتماعية قوية مع ايران، فالسعودية الان تتفاوض مع ايران لاعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، ولا مصلحة لهذه الدول والسعودية في استفزاز ايران عبر الدخول في تحالف عسكري مع “اسرائيل”، بينما جميع هذه الدول تربطها تحالفات عسكرية مع امريكا والدول الغربية، تغنيها عن اي تحالف استفزازي مع “اسرائيل”.
علائم افول القوة الامريكية، لم تعد خافية على الانظمة العربية، لاسيما بعد الانسحاب الامريكي من افغانستان، وعجز امريكا عن مواجهة روسيا في اوكرانيا، وتراجع امريكا امام النموذج الاقتصادي الصيني، وعجز امريكا امام محور المقاومة الذي افشل جميع مخططاتها في المنطقة، واخيرا غدر امريكا بحلفائها والتخلي عنهم في الظروف الصعبة، هي التي دفعت هذه الانظمة للانعتاق نسبيا من فكرة ان “امريك قدرا”، وان عليها تنفيذ كل ما تطلبه امريكا منها، حتى لو كان هذا الطلب على حساب مصالحها، كما يطلب بايدن الان منها ان تحارب معه روسيا والصين لتبقى امريكا قوية، وان تحارب ايران لتبقى “اسرائيل” آمنة.