كتبوا : موفق محادين : اليمن تاريخ من المقاومة الظافرة …أحمد فؤاد :اليمنيون يقهرون الشيطان الأميركي: فَضحُ الوهم
اليمن تاريخ من المقاومة الظافرة
موفق محادين:كاتب ومحلل سياسي أردني
منذ استقلاله حتى اليوم، لم يسلم اليمن من مؤامرات التحالف الإمبريالي الأنغلوسكسوني، البريطاني الأميركي، الذي استهدف اليمن بشكل غير مباشر أكثر من مرة، وخاصة طوال العشرية السوداء الأخيرة.
بالإضافة إلى ما يمثله اليمن اليوم من أهمية سياسية بالغة في محور المقاومة، إذ يتشكل العالم برمته سواء في هذا القوس الشرق أوسطي الممتد بين السويس والمتوسط وباب المندب، أو غيره من محاور ونقاط الارتكاز الجيوبوليتيكية الدولية، مثل طريق الحرير والحزام وروسيا الأوراسية،
وبالإضافة إلى الموقف الشجاع للقوات اليمنية المسلحة إلى جانب غزة وشعبها ومقاومتها وانعكاسات ذلك على الصراع الدولي الحالي وحركة الأساطيل الإمبريالية نحو بحر الصين، فإن ما يستدعي ويستحق الانتباه هو التاريخ المقاوم لهذا الشعب العنيد.
كان اليمن جزءاً من حضارات الشرق القديم، عبر ممالك معين، قتبان، سبأ وحمير، وكذلك بسبب موقعه الجغرافي على طرق التجارة الكبرى من طريق التوابل الهندية إلى إيلاف قريش، كما زادت أهميته في الأزمنة الحديثة مع شق قناة السويس وقبلها اكتشاف رأس الرجاء الصالح.
على الصعيد الاجتماعي – المذهبي، وبالإضافة إلى الشوافع وخاصة في جنوب اليمن والإسماعيلية، فإن الغالبية الساحقة تبنّت المذهب الزيدي نسبة إلى الإمام الشهيد، زيد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي، الذي استقر في الكوفة وانضم إليه الآلاف وفق صيغة البيعة المعروفة عند آل البيت (أدعوكم إلى كتاب الله وسنة نبيه والجهاد ضد الظالمين والدفاع عن المستضعفين وإفضال المحمرة – أي العدالة لكل المسلمين من العرب وغيرهم – ونصرة آل البيت).
من الذين ناصروه، أبو حنيفة النعمان وعدد من المرجئة والقدرية معاً، كما عرف الإمام الشهيد بالتردد على مجالس المعتزلة وزعيمهم واصل بن عطاء الذي كان يقول بالقدرية واعتماد العقل، وقد نسب إلى الإمام أيضاً قوله بجواز إمامة المفضول مع وجود الأفضل، وبربط الإمامة وشرعيتها بالخروج على الحاكم الظالم.
استشهد الإمام وتبعه ابنه يحيى شهيداً خلال مقاومته الحكم الأموي، كما يشار هنا إلى أن الزيدية كما الإمامية الاثني عشرية تضع للإمام شروطاً عدة (المكلف، الشجاع، المجتهد، الحر، العادل، سلامة العقل والحواس).
اليمن، الشعب المقاتل
لم يتعرض بلد لما تعرض له اليمن من غزوات انتهت بهزيمة الغزاة في كل مرة، فمثلما تمكّن المقاومون بقيادة أنصار الله من تأسيس أركان الدولة المقاومة وتثبيتها، وتوفير كل شروط الثبات وإلحاق الهزيمة المؤكدة بالعدوان الأنغلوسكسوني وتحالفاته وأدواته الإقليمية والمحلية، فقد سجل هذا الشعب صفحات باسلة من المقاومة ضد كل الغزاة:
– سيف بن ذي يزن: مما يذكره ابن كثير أن ابن ذي يزن توجه إلى ملوك الحيرة في العراق (المناذرة) المتحالفين مع الفرس، بعد أن قام قيصر الروم بدعم الأحباش خلال تدخلهم في اليمن، وقد تمكن هذا القائد من تحرير اليمن وطرد الأحباش ومن خلفهم الروم، وكتب الكثير عن رحلة سيف بن ذي يزن وما طرأ عليها من أساطير وحكايات وتوظيفات في الأدب والسِيَر الشعبية.
ومن ذلك حكاية معد يكرب الزبيدي وابنه عمرو الذي انضم إلى رهط القبائل والممالك العربية التي رفضت احتكار قريش للسلطة، ويشار هنا إلى أن رئيس اليمن الجنوبي الأسبق، عبد الفتاح إسماعيل، الذي قتل عام 1986 من بين الذين وظفوا هذه السيرة في نص أدبي شهير صدر تحت عنوان “الكتابة بالسيف”.
– من المحطات التاريخية ذات الصلة بالمشهد الراهن، ما جرى في العهد الأيوبي، على خلاف الروايات الشائعة التي تتجاهل كلياً التفاصيل الحقيقية للحملة الأيوبية على اليمن، فقد اصطدمت دولة بني المهدي الزيدية مع اليهود هناك، ما دفع حاخامهم الأكبر، يعقوب بن نثنائيل الفيومي إلى مخاطبة الحاخام، موسى بن ميمون في القرن الثاني عشر والمعروف بـ “رام بام” أيضاً لمساعدتهم.
كان ابن ميمون المتأثر بالفلسفة الأفلوطينية – الفيلونية قد هرب من الأندلس في عهد الموحدين واستقر في مصر، وتحديداً في بلاط صلاح الدين الأيوبي الذي عيّنه مستشاراً وطبيباً له ومربياً لأولاده، وكان يسمّى عند اليهود بـ “موسى الثاني” لدوره في الشروحات التوراتية الجديدة، وفي إقناع الحكم الأيوبي بإدخال اليهود إلى القدس بعد معركة حطين.
ما تذكره مصادر عديدة بأن الحاخام موسى بن ميمون رد على رسالة يهود اليمن بما عُرف بـ “الرسالة اليمنية” التي دعاهم فيها إلى “الثبات فالفرج آت”، وبعد ذلك في وقت قصير تحركت حملة عسكرية أيوبية بقيادة توران شاه، شقيق صلاح الدين واشتبكت مع دولة بني المهدي الزيدية وتمكنت منها في بداية الحرب بمساعدة اليهود.
لكن أهل اليمن الذين التفوا حول المقاومة سرعان ما أجبروا القوات الأيوبية على التراجع نحو السواحل.
من المفارقات ذات الصلة، تكرار أحداث مشابهة في عهد السلطان العثماني، سليمان القانوني في القرن السادس عشر، حيث تواصلت المقاومة اليمنية إلى أن طردت الأتراك حتى سواحل عدن.
مقاومة اليمن للاستعمار البريطاني
بعد نجاح المقاومة اليمنية في إقصاء العثمانيين حتى السواحل بما في ذلك عدن، سقطت الأخيرة تحت الاستعمار البريطاني عام 1839 بذريعة غرق سفينة تحمل العلم البريطاني، وحاول المستعمرون الإنكليز التوغل في اليمن، لكنهم فشلوا وتكبّدوا خسائر كبيرة إلى أن أجبرتهم المقاومة على مغادرة عدن نفسها، وتحوّلت هزائمهم وخسائرهم إلى سيكولوجيا انتقام من اليمن وشعبه، فاستغلوا العدوان الثلاثي على مصر 1956 وتضامن اليمن مع عبد الناصر، وقصفوا اليمن بوحشية بالغة ضاربين بعرض الحائط كل القوانين والأعراف الدولية، وذلك وفقاً لما جاء في كتاب الدكتورة زاهية قدورة “تاريخ العرب الحديث”.
ومنذ استقلاله حتى اليوم، لم يسلم اليمن من مؤامرات التحالف الإمبريالي الأنغلوسكسوني، البريطاني الأميركي، الذي استهدف اليمن بشكل غير مباشر أكثر من مرة، وخاصة طوال العشرية السوداء الأخيرة، وعاد ليطل برأسه الإجرامي من جديد ويستهدف اليمن وشعبه وأحراره منذ اصطفافه في محور المقاومة، وبعد الوقفة الشجاعة لأنصار الله والقوات المسلحة اليمنية إلى جانب غزة وأهلها ومقاومتها.
ومن المؤكد في ضوء تقاليد اليمن الوطنية وشعبه المقاتل وروح البطولة والكرامة والإرادة، أن التحالف الأنغلوسكسوني الجديد أعجز من أن يذل اليمن ويكسر شوكته وإرادته الوطنية.
اليمنيون يقهرون الشيطان الأميركي: فَضحُ الوهم
أحمد فؤاد
ردود فعل أقرب إلى “الساخرة” هي العنوان الرئيس لليمن، بعيد العدوان الأميركي عليه ليلة الجمعة الفائتة. لا شيء يلخص بأس الموقف اليمني وتفرده، والوهج الذي خلقه اليمن لنفسه وللمنطقة والعالم، بأن الهيمنة الأميركية على المصائر ليست قدرًا نهائيًا، بل هي مرحلة قاربت النهاية والانحدار والسقوط، وأن القوة الأميركية التي كانت مفرطة أصبحت بائسة ومترددة، تضغط على الزناد بأصابع مهتزة وأعصاب مرتعشة، ويسيطر الخوف على أطرافها، وقد أضنتها قلة خياراتها الفعلية أمام عنفوان الإيمان اليمني ومساحات قدرته المؤكدة.
الولايات المتحدة، التي يتعامل معها البعض في العالم العربي وكأنها وثن جديد بالضبط، وبعد استصدار “رخصة” من مجلس الأمن الدولي، في غياب تام لأي معارضة، جل ما استطاعت أن تفعله مع اليمن هو “رسالة مغلفة بالبارود” لا أكثر ولا أقل، ربما هي ضربة الخائف الذي يضرب في الهواء ولا يريد من خصمه أن يحرجه بالالتفات إليه، طبقًا للقيادة الجوية الأمريكية في الشرق الأوسط إنها استهدفت بـ100 صاروخ 60 هدفاً في 16 موقعاً لـ “أنصار الله” في اليمن، هذه الغارات كلها خلفت 6 شهداء و5 جرحى، وحصيلتها الأولية تلك هي خير شاهد على العقلية الجبانة التي حاولت ترتيب ضربة تخدش الجلد، متعمدة ألا تدمي فتدفع إلى رد كبير، يطول الرقاب.
الرد الأهم على الضربة الأميركية لليمن، جاء من السعودية التي خرج متحدث رسمي لجيشها ببيان، حاول بكل الطرق أن يقول “لا شأن لنا بما فعلوه” استكمالًا لتصريحات خارجيتها التي تشدد على “ضبط النفس وعدم توسيع الصراع”!، تهربًا من دفع ثمن المشاركة هذه المرة، هذا الفعل اليمني الجبار الذي حوّل الطرف الذي بادر إلى تصدر مشهد إعلان الحرب الأميركية عليه في 2015، إلى أكثر الأطراف قلقًا من رد ساحق قادم على العدوان، آل سعود بكل ميراثهم الدموي الثقيل والمرير مع اليمن يعرفون اليوم –أكثر من أي قوة أخرى- بكل صدق التجربة أن اليمن في فعل انتقامها التاريخي لا تعرف حدودًا ولن تراعي أحدًا ممن شارك العدوان، وأنها سترد الضربة بأضعافها وفوائدها المركبة إلى الأميركي وأتباعه، بفضل وكرم دونه النجوم.
الدروس التي يقدمها لنا الأميركي المهتز اليوم في اليمن أكثر من أن تحصى، ومنها فقط أن الصراع العربي الصهيوني هو صراع مباشر مع الشيطان الأميركي، وأن الدول التي حاولت الوقوف على الحياد بين قضية الأمة المركزية –فلسطين- وبين واشنطن كانت ساقطة في المنطق، قبل أن تبدد بنفسها فرصنا وأرصدتنا في الهواء، وأن الدخول اليمني المباشر حول كلمة “طوفان الأقصى” من كلمة إلى فعل له مدلول ديني ولغوي وإنساني بالغ الشدة والعمق، إن اليمن حين قرر الدخول إلى الصراع فتح جبهة تمتد من الهند شرقًا إلى أم الرشراش وفلسطين المحتلة شمالًا، ومن البحر الأحمر إلى البحر العربي والمحيط الهندي، وهو تمكن من إيذاء العدو وفضح الولايات المتحدة بأكثر مما تتحمل أعصابهما العارية، وثبت بالدليل القاطع تأثير الإيمانية والتربية الجهادية على النفس البشرية، وما تستثيره في الفرد والأمة المؤمنة من قدرات خلاقة كامنة، وتأثير هذه “الروحية التي تقاتل” على مسار أي فعل مقاوم وأفقه ومآله في النهاية، ترافقًا مع الفرز والغربلة الضرورية بالغة القسوة في خضم تصاعد الأحداث وتجذير مفهوم الحرب الشاملة في وجدان الأمة الجمعي وعقلها وضميرها، وأيضًا خطواتها.
المتحدث العسكري اليمني العميد يحيى سريع، خرج ببيان مقتضب وحاد كالمعتاد، توعد فيه برد يشف صدور قوم مؤمنين، وقال إن “العدوان الأميركي البريطاني لن يمرّ دون ردّ أو عقاب”، مؤكدًا “استمرار منعِ السُّفُنِ الإسرائيليةِ أوِ المتجهةِ إلى موانئِ فلسطينَ المحتلةِ من المِلاحةِ في البحرينِ العربيِّ والأحمر”.
هذا الرد اليمني الرسمي، المعزز بالتفويض الشعبي الكاسح في يوم الجمعة بالمظاهرات المليونية التي خرجت في المدن تحت شعار “الفتح الموعود والجهاد المقدس”، نصـرة للشعب الفلسطيني ورفضًا للعدوان على اليمن، يمنحان الخيال فرصة معانقة بنك الأهداف اليمني الواسع في المنطقة، ويلهمان البصر نورًا إضافيًا صافيًا لرؤية الوجود الأميركي في المنطقة من باب الغنيمة الشهية لا كصورة الهيمنة الساحقة التي تدعيها ويدعيها معها زورًا إعلامنا عبري القلب. القواعد الأميركية في الخليج مثلًا هي ليست عبئًا ثقيلًا على المسيرات والصواريخ الباليستية اليمنية، بل هي فرصة للخلاص والانتقام وتحقيق الغاية الكبرى “الثأر” لكل شعب ذاق ويلات هذه القواعد، من مقر قيادة الأسطول الخامس في البحرين، ومركز عمليات القيادة في قطر، وقواعد الطيران في الإمارات والسعودية، كلها اليوم تتحول إلى صورة قريبة لقواعد الاحتلال الأميركي في العراق وسورية، والتي دهستها المقاومة العراقية الباسلة، وحولتها من مقار رعب وعنوان سيطرة ونفوذ، إلى سجون لجنودها ومقابرهم الفاخرة.
كل هذا الفعل اليمني لم يحدث تزامنًا مع طوفان الأقصى، لكنه الثمرة العزيزة للحرب العدوانية الأميركية عليها منذ 2015، في سنوات الصبر السوداء مر اليمن بعملية إعادة اكتشاف وبناء مذهلة، وبواسطة مئات الآلاف من القنابل والصواريخ والغارات الأميركية، كانت “أنصار الله” تهيئ الأرض الخصبة لعملية مستقلة وعميقة للنمو الإيجابي الذاتي، عبر بناء قدرات وإمكانات مادية لقهر هذا الظلم ورده وردعه، ليس فقط تأسيسًا لكراهية الأعداء، ولكن للفهم النقدي لهذا العالم المتوحش حولهم، ولمراكمة الخبرات والوعي الذي تكامل مع صمودهم الأسطوري، وجعل الظرف مواتيًا لانتصارهم، بل وحوّلهم اليوم إلى القوة الإقليمية التي يخشاها محور الشيطان وأتباعه، ويحسبون لردها ألف حساب، وهي في الوقت ذاته منارة حق لكل من كانت بوصلتهم سليمة، وقضيتهم واضحة ساطعة في قلوبهم وأرواحهم.
الحقيقة التاريخية الوحيدة وشبه الثابتة، في العالم العربي هي أن اليمن لا يُهزم، منذ دخول هذا الشعب الأبي في دين الله أفواجًا بالقرن السابع الميلادي، وفي مثل هذه الأيام من شهر رجب الأصب على يد أمير المؤمنين(ع)، فإنه تحول إلى مارد لا يحتويه قمقم، وهم للدين الدرع والرمح، واستعصت جبالها الشامخة على كل الغزاة بعد هذا الفتح المبين، فلم يخضعوا لبنادق العثمانيين الذين سادوا الشرق، ولم تجرؤ الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس على التطلع إليهم، ولا تجرعوا في عز زمن الضعف والهوان العربي ذل التطبيع والاستسلام، كما سقط غيرهم تطوعًا وبدون ثمن حتى.
لله أنصارٌ.. إذا أرادوا أرادوا
ليلى عماشا
ما جرى على اليمن من عدوان أميركي – بريطاني، هو عدوان ممتد منذ أكثر من تسع سنوات، وما بدّل أنصار الله اليمانيون تبديلًا. بحسب مصادر الولايات المتحدة الأميركية، فقد تمّ استهداف اليمن بأكثر من مئة قنبلة وصاروخ من مختلف الأنواع. العدد الذي يبدو كبيرًا يتساقط مثله على أهل اليمن المحاصرين منذ سنوات تسعة، قامت فيها السعودية وحلفاؤها من سائر الأدوات الأميركية في المنطقة بمحاولات لكسر صخر الهيبة اليمنية وتطويع الأحرار من أهل الأصالة، كي يصبحوا جميعهم عربانًا خاضعين للأميركي. وشاء الله أن يكون اليماني أصل العروبة لأن الأصيل لا يخضع، فما خضع اليمن، وبقي أنصار الله فيه عربًا يحفظون شرفهم وشرف الأمّة كلّها، تعينهم دولة الوليّ الفقيه ناصرة المستضعفين في الأرض، دولة التمهيد لـ {وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ}.
تحدّث النّاطق الرسمي لأنصار الله عن تعرّض الجمهورية اليمنيّة لعدوان أميركي – بريطاني سافر، وقال إن الهدف الرئيسي من هذا العدوان غير الجديد هو حماية “إسرائيل” ومنع اليمنيين من مساندة غزّة. وأضاف إنّ المعتدين ارتكبوا حماقة كبيرة، فالموقف اليمني الدينيّ والإنساني المساند لفلسطين بكلّ إمكاناته لن يتغيّر. كما أنّ الأميركيين والبريطانيين وجميع العالم على معرفة تامّة بأن لا خطر على الملاحة الدولية في البحر الأحمر، وأن الاستهداف كان وسيظلّ يطال السفن “الاسرائيلية” وتلك المتوجهة إلى موانىء فلسطين المحتلّّة دعمًا للصهاينة. وبذلك، يسقط الادّعاء الأميركي بأن ضرب اليمن يهدف إلى حماية الملاحة الدولية.
إذًا، بعد سنين من العدوان عبر الأدوات، وبعد أن هدّد اليمن “اسرائيل”، خلية الغرب السامة في المنطقة، اعتدى الأميركي مباشرة، فأمن “اسرائيل” هو أمنه، وتهديدها هو تهديد مباشر وقويّ لوجوده هنا. ولكن السؤال، هل سينفعه هذا العدوان مهما تكرّر؟ قبل أن يجيب اليمنيون بالكلمات وبالصواريخ، كان ينبغي على الأميركي أن يبحث عن الإجابة في التجارب: لقد تعرّض اليمنيون طيلة سنين لأبشع عدوان، وبيد “ذوي القربى” الذين تديرهم أميركا، حُوصروا بشكل تام، وما استسلموا. على العكس، اشتدّ ساعد قوّتهم وحوّلوا جرحهم إلى سلاح يقاتل، وينتصر! هل يمكن، بالمنطق فقط، أن يثنيهم عن نصرة فلسطين هذا العدوان؟
ببساطة، متابعة حسابات بعض الأسماء اليمنية عبر منصات التواصل كانت كافية حتّى قبل التصريحات الرسمية لفهم الحماقة الأميركية: أهل الأصالة الذين يخرجون في ظلّ الحصار حفاة كي ينصروا فلسطين، والذين يحتشدون تحت القصف والغارات ليعبروا عن التزامهم بالقضية الفلسطينية والذين يجودون بكلّ ما لديهم وبأجمل ما لديهم كي ينصروا غزّة، ليل أمس كانوا يحمدون الله على أنّهم تعرّضوا للقصف كأهل غزّة، رغم أنّهم ما كانوا منذ سنين بمنأى عن العدوان في المعركة الواحدة.. بات اليمنيون ليلتهم فرحين، رافعين مستوى التحدّي والمواجهة.. فكانوا ويظلّون خيرة أنصار لله، يرمي ربّهم بأيديهم وإذا أرادوا أراد!