كاتبة من تونس: الحرب على اليمن هي حرب عبثية.. سواء كان القرداحي وزيرا أو إعلاميا
أولا علينا الاعتراف انها حرب عبثية وانه ان الأوان لإيقاف الاستنزاف غير المسبوق الحاصل في اليمن و اعفاء الشعب اليمني مزيد الماسي و تجنيب المنطقة مزيد المخاطر و الاهوال …طبعا نتوقع جيدا انه سيكون من اعقد المسؤوليات أن يتحول الإعلامي لا سيما من تعود على الإفصاح برأيه دون قيود أو حسابات إلى مسؤول أو وزير يمثل الدولة والحكومة التي هو جزء منها وسيكون بالتالي مضطرا إلى انتقاء كلماته جيدا وربما أن يتقن فنون المهادنة والتملق قبل التعبير عن رأيه في أي شأن كان حتى وان تعلق الأمر بقطعة بيتزا لان أول من سيتم التضحية به وتقديمه كبش فداء هو الوزير الإعلامي الذي لا يعرف كيف ومتى يحفظ لسانه ويمتنع عن التعليقات التي قد تجر البلاء إليه… طبعا ليس من الواضح ما سيؤول إليه مصير جورج قرداحي بعد الضجة التي أثارتها تصريحاته التي اعتبرت مسيئة لدول الخليج وأساسا السعودية التي تقود التحالف العسكري في اليمن والإمارات التي بدأت تراجع حساباتها وتنسحب من المشهد اليمني بعد سبع سنوات من الخراب والدمار..
لسنا في إطار تقييم أداء القرداحي الذي يواجه أول اختبار في الداخل والخارج له ولا نريد استباق الأحداث وما إذا ستتحول المعركة إلى دفع الوزير الإعلامي إلى الاعتذار علنا عن تصريحاته أو ما إذا سيجد القرداحي نفسه خارج حكومة ميقاتي التي تكابد للبقاء إلى حين تنظيم الانتخابات القادمة فكان أن عجلت بالتنصل من تصريحاته..
على أن المهم أيضا أن تصريحات قرداحي لم تصدر عنه وهو وزير بل صدرت قبل ذلك وجسدت موقفه من الحرب الدائرة في اليمن والتي يصح القول بأنها باتت حربا عبثية أنهكت المنطقة واستنزفت الكثير من الإمكانيات والقدرات وجعلت اليمن في مواجهة اخطر وأسوأ أزمة إنسانية في العالم بالنظر إلى حالة الخراب والدمار والقتل اليومي الذي يعيش على وقعه أهل اليمن الواقعين بين مطرقة الحوثيين المدعومين من إيران وبين سندان التحالف الذي يغرق في المستنقع اليمني…لا خلاف أن الحوثيين أجرموا في حق اليمن وجعلوه رهينة في قبضتهم وجعلوا السواد الأعظم من اليمنيين يعيشون بأقل من دولار في اليوم معتمدين في ذلك على المساعدات الدولية التي تعود وتنقطع كلما تفاقمت الأوضاع الأمنية واحتدمت المعارك…المشهد في اليمن وحتى لا نتهم بالمبالغة لا نخاله يختلف عما آل إليه الوضع في أفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي المذل وعودة حركة طالبان المباغتة لتحتل المشهد وتفرض قيودها على الأهالي وتحكم في أنفاس البلاد والعباد.. ولاشك أن تواتر المبعوثين الدوليين على اليمن لم يغير القليل أو الكثير في هذا البلد الذي سيحتاج إلى عقود طويلة لإعادة الحياة إليه وإنقاذ شعب اليمن من حالة الموت البطيء الذي يعيش على وقعه تماما كما انه ليس من المبالغة اعتبار آن صور وتصريحات توكل كارمن صاحبة جائزة نوبل للسلام التي تعيش بعيدا عن المستنقع اليمني هي ابعد ما يكون عن الواقع اليمني…
يقول هانز غروندبيرج المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن “لن يكون من السهل تسيير استئناف عملية انتقال سياسي سلمية ومنظمة وتشمل الجميع، ولن تكون هناك مكاسب سريعة”، وهذا اخطر تصريح للمبعوث الدولي إمام مجلس الأمن الدولي على خلاف أسلافه الذين كانوا يتحدثون دوما بنبرة متفائلة.. قد يكون قرداحي أخطا في وصفه للحوثيين بأنهم حركة مقومة ولكنه لم يجانب الصواب في وصفه للحرب في اليمن بالعبثية بعد أن جرفت اليمن إلى سيناريو لم يتوقعه احد بعد النهاية الدموية للرئيس عبد الله صالح الذي وجب التذكير بان السعودية كانت أنقذته في مرحلة أولى وعالجته بعد الانفجار الذي تعرض له.. وبعد عشر سنوات على سقوط عبدالله صالح وبعد سبع سنوات على الحرب في اليمن فقد يكون من المهم التوقف جديا لتقييم المشهد والدفع إلى إيقاف الحرب وحقن الدماء ومنح شعب اليمن فرصة أن يتنفس ويستريح من رائحة الموت والقصف اليومي والهجمات الخاطئة التي لا تفرق بين العسكريين والمدنيين.. لقد أدركت أمريكا صاحبة أقوى جيش في العالم أن الحرب في أفغانستان أصبحت معركة خاسرة فلم تتردد في الانسحاب والتخلي عن الشعب الأفغاني الذي سيتعين عليه اليوم مواجهة طالبان التي باتت تتحكم في المشهد..
بل أن حكومة طالبان وأعضائها الذين كانوا ضمن القائمة السوداء لأكثر المطلوبين لدى واشنطن والأمم المتحدة باتوا اليوم يدوسون على السجاد الأحمر ويقودون المفاوضات في الجوار القطري ويتنقلون بين موسكو وأنقرة ومن يدري فقد يفرش لهم السجاد الأحمر قريبا على أبواب البيت الأبيض.. لكل حرب أسبابها ودوافعها ولكل حرب لا بد من نهاية والأكيد أن حرب اليمن التي تدفع اليمن كل يوم أكثر في أحضان إيران باتت حربا عبثية وفي حاجة لقرار جريء وشجاع لإيقافها وإيقاف أعباء النزيف الذي جعل من المنطقة برميل بارود قابل للانفجار في كل حين..
نعم ما نلاحظه أن المملكة تتغير وتسعى إلى إقناع العالم بأنها تعيش على وقع ثورة اجتماعية وثقافية وتحولات صلب المجتمع السعودي والمرأة السعودية لإرساء ثقافة أكثر انفتاح بحلول 2030 ولاشك أن طي صفحة الحرب في اليمن سيكون احد الرهانات والخيارات التي سيتعين التفكير فيها جديا لإرساء السلام وتجنب مزيد الأهوال والماسي التي لم تفد غير مصانع السلاح وتجار الأوطان والحروب من تعودوا على الاستشراء على أكوام الجثث والضحايا.. خلاصة القول أن في لملمة جراح اليمن وتجاوز هذا العقد الدموي مصلحة أكيدة للمملكة وللمنطقة..