قيادات الكيان الصهيوني يعترفون :اليمن خطر حقيقي وتهديد وجودي
نشر الباحثان «الإسرائيليان» أري هيستين وإليشع ستوين تقريراً مطولاً في معهد أبحاث الأمن القومي «الإسرائيلي» تناولا فيه «خطر الجيش اليمني واللجان الشعبية
على الكيان الصهيوني» مشيرين إلى أن «القيادات الأمنية في إسرائيل تشعر بقدر كبير من الإحراج عند دراستهم التهديد اليمني».
ويفسر الباحثان ذلك الإحراج / الارتباك من خلال «الحديث الدائر بين تلك القيادات على أن اليمن هي ساحة مواجهة بعيدة وغير مألوفة على الإطلاق وتوجد في أقصى القدرات العملياتية والاستخبارية للمؤسسة الدفاعية الصهيونية. كما أن (مجاهدي) الجيش واللجان لهم خصائص غامضة تجمع بين أنماط هجينة تتراوح من قدرات مليشيا إلى القدرات العسكرية الحقيقية المتقدمة التي ترتكز عليها الدولة».
ويتناول التقرير العبري المطول موضوعه من محورين: الأول: نهج الجيش اليمني واللجان الشعبية الاستراتيجي تجاه الكيان، والثاني: القدرات العملياتية والأساليب. فيما يلي أهم ما ورد في هذا التقرير:
أولاً/ نهج «الحوثيين»
الاستراتيجي تجاه «إسرائيل»:
نظراً لأن نطاق القدرات العسكرية للتنظيم آخذ في الازدياد، وفي الوقت ذاته يظهر اهتمامه المتزايد بالقضايا الإقليمية، فإن هذا الأمر زاد وتيرة السؤال: ما نهجهم الاستراتيجي تجاه «إسرائيل»؟
1. «الحوثيون» باعتبارهم فاعلا محليا وإقليميا:
يبدو أن «الحوثيين» أو قادتهم على الأقل لديهم طموحات إقليمية مهمة، على سبيل المثال أعلنت إذاعة الحوثيين «سام إف إم» عام 2019 أنها جمعت حوالى 300 ألف دولار لدعم حزب الله في لبنان، في حين كانت الجماعة تواجه صعوبات في الميزانية. وتحرك «الحوثيون» من أجل إطلاق سراح سجناء حماس من سجون السعودية مقابل إطلاقهم سراح طيارين سعوديين، وقد يكون هذا مرتبطاً بإظهار «الحوثيين» الالتزام بالنضال الفلسطيني.
2. ما يكمن وراء شعار «الحوثيين»:
يمكن القول إن شعار «الحوثيين»: «الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام» يمثل نهج التنظيم إزاء «إسرائيل»، وهو معادٍ وسلبي للغاية؛ لكن مسألة ما إذا كان أو كيف يُنفذ هذا النهج عملياً فإنه يتطلب توضيحاً.
جاء في تقرير لمؤسسة (RAND) عام 2010: «السياق الأصلي للشعار بالنسبة لحسين الحوثي هو نوع من نداء المعركة التي كان يأمل من خلاله استغلال المشاعر المعادية لأمريكا وفي الوقت ذاته يمنح مؤيديه وسيلة للتعارف مع بعضهم البعض حتى في حالة غيابه».
3. لماذا لم يتحرك «الحوثيون» ضد «إسرائيل» بعد؟:
يمكن إرجاع عدم اتخاذ جماعة الحوثيين التي تتبنى سياسة معادية لـ«إسرائيل» قرار عدم التحرك نحو «إسرائيل» إلى عدة تفسيرات محتملة:
الردع: من الممكن أن يخشى «الحوثيون» رد «إسرائيل» المحتمل على هجومهم.
الأولوية/ التوقيت: ليس من المستبعد أن يكون «الحوثيون» قد قرروا تجميد القضية «الإسرائيلية» في الوقت الحالي لتخصيص الموارد المحدودة المتاحة لهم في النزاعات المستمرة ومنها «الحرب الأهلية اليمنية» وحربهم ضد التحالف بقيادة السعودية.
الخطاب: يمكن استخدام الخطاب المعادي لـ«إسرائيل» لحشد الدعم والتأييد لتوجيه الأنظار بعيداً عن المشاكل الداخلية.
القدرات: تبعد «إسرائيل» حوالى 2000 كيلومتر عن ساحة «الحوثيين» الرئيسة، لذا فإن فتح جبهة على مثل هذه المسافات الطويلة قد تكون مهمة صعبة إلى حد ما، نظراً لاستجابة أنظمة الإنذار المبكر «الإسرائيلية» والتغلب على القدرات الدفاعية «الإسرائيلية».
في الواقع حتى الآن وجه «الحوثيون» هجماتهم بشكل أساسي ضد القوات الموالية للحكومة اليمنية والدول المتورطة بشكل مباشر في الحرب اليمنية.
الاستثناء الوحيد لهذه القاعدة هو محاولة مهاجمة سفن (USS Mason) و(USS Ponce) قبالة سواحل اليمن عام 2016.
4. كيف يمكن أن يتغير موقف «الحوثيين» تجاه «إسرائيل»؟:
من المهم دراسة العوامل التي تعزز ميل قيادة «الحوثيين» لمهاجمة «إسرائيل». ومنها:
– زيادة مستوى التوتر والاحتكاك بين «إسرائيل» وإيران.
– تشير التقديرات إلى أن «الحوثيين» قد يسعون بعد انتهاء الصراع إلى الحفاظ على الاحتكاك المستمر مع «إسرائيل»، حيث إن ذلك يخدم هدفين رئيسين:
أولاً: يحافظون على مكانتهم في «محور المقاومة» ويعززون تبرير وجودهم.
ثانياً: يوفر لهم ذريعة لتطوير قدراتهم العسكرية ومنع تفكيك قواتهم.
ويرى الحوثيون التصعيد في إحدى الساحات الأخرى التي تتعامل معها «إسرائيل»، سواء في لبنان أو سورية أو قطاع غزة، لحظة مناسبة لإثبات التزامهم بالأهداف الأيديولوجية المعلنة.
– قد يفعلون ذلك لأسباب دعائية، ولتعزيز التضامن مع «محور المقاومة»، أو دعم «النضال الفلسطيني».
– يحاول «الحوثيون» استنفاد جهد «إسرائيل» لثنيهم عن مواصلة دعم التحالف الذي تقوده السعودية، وأن تبادر «إسرائيل» بالهجوم على قواتهم في إطار عمل وقائي ضد التعزيزات العسكرية للجماعة، ربما في محاولة لإعادة خلق «الحرب بين الحروب» في السياق اليمني.
يجب التأكيد على أن مسألة النهج الاستراتيجي لـ«الحوثي» تجاه «إسرائيل» مهم بالفعل، لذلك يجب التعامل معها على أنها نوع من «الغموض».
ثانياً/ القدرات العملياتية وأساليب عمل «الحوثيين»:
1. صواريخ كروز بعيدة المدى وطائرات مسيّرة هجومية وصواريخ باليستية:
إن أكثر التهديدات الملموسة لـ«إسرائيل» من «الحوثيين» هو بلا شك قدرة الأخيرين المؤكدة على تنفيذ هجمات بعيدة المدى باستخدام صواريخ كروز، والطائرات المسيّرة المهاجمة، والصواريخ البالستية. عند مراقبة قدرات «الحوثيين» على استخدام هذه النيران يظهر أن إمكانية تحقيق هذا النوع من التهديد لـ«إسرائيل» وارد، ولكنه محدود للغاية، ويتطلب من «الحوثيين» عند شنهم هجوماً على «إسرائيل» استخدام صواريخ أو طائرات مسيّرة قادرة على الوصول إلى مدى لا يقل عن 1600 كيلومتر.
يبدو أن التهديد الرئيسي لـ«إسرائيل» في هذه المرحلة هو صواريخ كروز من عائلة (Soumar) الإيرانية، والتي يبلغ مداها حوالى 2000 كيلومتر ويزن نصف طن، وخاصة الإصدارات المختلفة لهذا الصاروخ مثل (Hoveyzeh).
يدور الحديث عن أن صاروخ كروز قادر على ضرب أهداف على مسافات تبلغ حوالى 1350 كيلومترا في رحلة جوية منخفضة، مما يجعل من الصعب تحديد موقعه واعتراضه.
نفذ «الحوثيون» هجمات من هذا النوع على أهداف في السعودية والإمارات، وهو دليل على القدرة في شن هجمات مماثلة على «إسرائيل» وقت الضرورة.
في هذا السياق، يجب الإشارة إلى صاروخ «حوثي» جديد نسبياً وهو «قدس- 2» لم يُكشف عن أول استخدام له إلا مؤخراً عندما هاجم منشآت أرامكو بالقرب من جدة ورأس تنورة (أذار/ مارس 2021)، في السعودية والمواقع القريبة من جدة (تشرين الثاني/ نوفمبر 2020). عنصر آخر من القوة النارية بعيدة المدى لـ»الحوثيين» هو الطائرات المسيّرة مسلحة بقنابل للهجمات (جو-أرض) أو تستخدم كسلاح متنقل.
يمتلك «الحوثيون» ترسانة كبيرة من الطائرات المسيّرة التي تشمل طرازات (Sammad) طويلة المدى. واستخدمتها الجماعة في شن هجمات بعيدة المدى عام 2018 (أبوظبي) و2019 (الرياض)، ومع ذلك فإن استخدام (3-Samad) بمدى تشغيلي يبلغ 1800 كيلومتر (وهو ما يكفي نظرياً لمهاجمة «إسرائيل») لن يتسبب إلا بأضرار محدودة للبنية التحتية «الإسرائيلية»، بالنظر إلى وزن الرأس القتالي الصغير نسبياً (حوالى 45 كجم فقط).
كشفت الصناعات العسكرية «الحوثية» في أذار/ مارس 2021 عن نموذج (4-Samad) الذي يزعمون أن مداه الأقصى يبلغ 2000 كيلومتر، وقادر على حمل قذيفتين صغيرتين، وفي الحدث نفسه قدم «الحوثيون» أيضاً طائرة «وعيد» المسيّرة ويبدو أنها بمدى يبلغ 2500 كيلومتر.
وتشير هذه التطورات الحديثة إلى إمكانية حدوث قفزة محتملة في ترسانة الأسلحة لدى جماعة
«الحوثيين» ويمكنها مهاجمة «إسرائيل».
وفي السياق ذاته، وحتى لو تمكنت إحدى الطائرات المسيّرة من إصابة البنية التحتية «الإسرائيلية»، سوف تتسبب بأضرار محدودة؛ بسبب الوزن الصغير نسبياً للرأس الحربي ولزيادة تأثيره وجعل أمر اعتراضه أكثر صعوبة قد يحاول «الحوثيون» تنفيذ الهجوم باستخدام عدة طائرات مسيّرة في وقت واحد.
هناك أيضاً احتمال أن يحاول «الحوثيون» تنفيذ خطة عملياتية أكثر تعقيداً، وهى إطلاق العديد من الطائرات المسيّرة وصواريخ كروز في وقت واحد على «إسرائيل».
على عكس البنود السابقة، يُلاحظ فيما يتعلق بتهديد الصواريخ الباليستية «الحوثية» غياب قدرات مستقلة مؤكدة في هذه المرحلة.
يبدو أن اختيار الصواريخ ذات الصلة بهذه المهمة (Burkan-3) يعود إلى الاعتماد على صواريخ (Qiam/Shiab) الإيرانية.
في هذه المرحلة، أثبتت هذه الصواريخ قدرتها القصوى لمدى تشغيل يصل إلى 1200 كيلومتر. تجدر الإشارة إلى أنه من الناحية العملية، أُنشئ صاروخ في هذه النسخة من تصغير الرأس الحربي لـ«بركان H2» بغرض توسيع المدى، ولذا فهذه ليست النسخة «الحوثية» القائمة على قدرة إيرانية أكثر تقدماً. وبالتالي، يكمن القلق الرئيسي في إمكانية حصول «الحوثيين» على قدرات باليستية إيرانية أكثر تقدماً (مثل صواريخ «شهاب» المتطورة ذات المدى الأكبر) ستكون قادرة على الوصول إلى «إسرائيل».
في النهاية، قد يسمح «الحوثيون» في المستقبل للحرس الثوري بإطلاق صواريخ كروز إيرانية متطورة أو طائرات مسيّرة أو صواريخ باليستية من الأراضي اليمنية، وقد يتحقق هذا السيناريو إذا سعت طهران لمهاجمة «إسرائيل» دون تحمل المسؤولية المباشرة عن الهجوم.
2. التهديد البحري:
يوجد تهديد ملموس آخر على «الأمن القومي الإسرائيلي»، وهو احتمال مهاجمة «الحوثيين» السفن التي تبحر في ممرات النقل البحري على طول مضيق باب المندب، على شواطئ البحر الأحمر أو في خليج عدن.
يبدو أن «الحوثيين» لديهم القدرة على إحداث أضرار واسعة النطاق لعمليات السفن في المنطقة، وعرقلة الإمدادات العالمية عبر قناة السويس، وإلحاق الضرر بنظام نقل النفط ورفع فوائد التأمين. علاوة على ذلك، قد تتخذ الجماعة التجارة البحرية الإقليمية «رهينة» لممارسة الضغط على «إسرائيل» بشأن القضايا السياسية المتنازع عليها.
على الرغم من أن هذا السيناريو ممكن تنفيذه تقنياً، إلا أن فرص نجاحه منخفضة؛ تعزيز حرية الحركة (حول باب المندب) في هذا الطريق البحري الحرج يُعد هدفاً مهمّاً لعدد متزايد من فرق العمل البحرية العاملة في المنطقة (الولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والصين ومصر)، ومن هنا تأتي قدرة «الحوثيين» المحدودة على تعطيل النقل البحري أو إلحاق أضرار جسيمة بالشحن العالمي.
بدلاً من ذلك، إذا ركز «الحوثيون» جهودهم على الساحة البحرية في خلق تهديد عملياتي مباشر لـ»إسرائيل»، فسوف يحتاجون إلى القدرة على مهاجمة السفن التي حُددت بطريقة ما على أنها تابعة لـ«إسرائيل». وللقيام بذلك، سيتعيّن على «الحوثيين» الاختيار من بين مجموعة متنوعة من الخيارات، وكلها معيبة:
لا شك أن الهجوم على سفينة تابعة للبحرية «الإسرائيلية» يعد هدفاً أولياً لكنه نادر جداً في المناطق التي يمكن لـ»الحوثيين» الوصول إليها. كما أنها أيضاً ليست فريسة سهلة؛ لأنها تمتلك القدرة على الدفاع عن نفسها ضد التهديدات المحتملة.
هناك حوالى 300 سفينة بحرية تجارية مملوكة لشركات «إسرائيلية» في العالم، معظمها لا تبحر على طول الساحل اليمني وهي ترفع أعلام الملاءمة (راية السفينة) التي قد تخفي مصدرها وتجعل الأمر صعباً للتعرف على مالكيها.
يتطلب هذا النوع من العمل مهاجمة سفن غير «إسرائيلية»، أي إحداث أضرار دقيقة للسفن الأجنبية المتجهة نحو «إسرائيل» (ومعظمها مملوكة للصين على الأرجح).
وفيما يتعلق بالقدرات التشغيلية الفعلية، لدى «الحوثيين» ترسانة صواريخ شاطئية من عدة طرازات:
صواريخ (Styx) السوفييتية قديمة الطراز (هذا صاروخ من الخمسينيات يبلغ مداه حوالى 40 كيلومتراً، ويبلغ وزن رأسه الحربي حوالى نصف طن).
سلسلة الصواريخ الصينية (C-801) وترقيتها إلى (C-802) الأكثر تقدماً التي تحمل في نسختها الإيرانية اسم (Noor) بمدى يصل إلى 180 كيلومتراً، ويزن رأسه الحربي حوالى 165 كيلوجراماً. وربما تتضمن أيضاً الإصدار المحلي من الصاروخ التابع لهذه المجموعة ويدعى (al-Mandab-1).
عززت وحدات بحرية ماهرة من «الحوثيين» القدرات الصاروخية على شاطئ البحر، ويمكن لهذه الوحدات القيام بمهمات للسيطرة على السفن في وسط البحر، كما حدث عندما تم اختطاف السفن السعودية والكورية الجنوبية (تعمل على بعد 33 كيلومتراً من الساحل) قبالة السواحل اليمنية في تشرين الأول/ نوفمبر 2019، أو مهمات هجومية في اتجاهات مختلفة: الاقتراب وإطلاق أسلحة مضادة للدبابات على غرار الهجوم على ناقلة (Muskie MT) في أيار/ مايو 2017.
هناك احتمالية أيضاً أن يقوم «الكوماندوز» البحري «الحوثي» بتنفيذ عمليات تخريب ولصق الألغام على غرار المخطط الذي تم تنفيذه (شباطر/ فبراير 2021) ضد السفينة «الإسرائيلية»: «إم في هيليوس راي».
بالإضافة إلى ذلك، فإن «الحوثيين» قادرون على إحداث أضرار كبيرة وموجهة للسفن «الإسرائيلية» من خلال تشغيل سفينة انتحارية يتم التحكم بها عن بعد، تماماً كما تعرضت الفرقاطة السعودية (Al Madinah) في كانون الثاني/ يناير 2017.
التهديد البحري الآخر الذي يستخدمه «الحوثيون» بالفعل هو زرع ألغام بحرية في مناطق بالقرب من مضيق باب المندب.
عام 2017 سُجلت 15 حادثة تلغيم مختلفة منسوبة لـ»الحوثيين» على طول شريط ساحلي بطول 100 كيلومتر في اليمن بين ميناء ميدي وميناء المخا (في بعض الحالات أفاد البعض بأن إيران زودتهم بالألغام).
تضاءل هذا التهديد في المنطقة خلال السنوات الأخيرة بفضل مجموعة متنوعة من التدابير لتحسين سلامة الحركة البحرية في المنطقة، ومنها عمليات إزالة الألغام البحرية التي تقوم بها الأساطيل الأجنبية العاملة في المنطقة والبحرية السعودية. رغم قدرة «الحوثيين» على تنفيذ المزيد من عمليات زرع الألغام البحرية لتعطيل طرق التجارة في المنطقة، فإن تحقيق هذا التهديد للسفن «الإسرائيلية» يبدو معقداً للغاية وغير واقعي.
3. العمليات في الخارج:
البعد الآخر الذي يستحق الدراسة من حيث قدرات «الحوثيين» هو قدرتهم على تنفيذ أعمال في الداخل «الإسرائيلي» أو في الضفة الغربية أو على حدود قطاع غزة أو ضد أهداف يهودية أو «إسرائيلية» في الخارج.
طابع «الحوثيين» باعتبارهم مليشيا عنيفة، فإن مسار عملهم لا يشبه التنظيم الإرهابي الدولي الكلاسيكي. حتى الآن ركزت المنظمة على النشاط المحلي ونفذت عدداً قليلاً للغاية من العمليات غير الجوية/ غير البحرية خارج اليمن.
يشير تحليل لهجمات «الحوثيين» إلى أنهم نفذوا حوالى 300 هجوم فقط خارج اليمن (جميعها تقريباً في السعودية) من بين حوالى 2800 هجوم عامي 2012 و2019.
لا يوجد دليل على استعداد «الحوثيين» لاستثمار الوقت والموارد في إنشاء بنية تحتية تمكّن من الانتقال إلى استراتيجية «الإرهاب» الدولي (باستثناء السعودية).
ومع ذلك، لا يمكن استبعاد احتمال «ترقية» الجماعة من خلال بناء شبكة «إرهابية» دولية في المستقبل.
4. الاحتكاك غير المباشر:
أحد التأثيرات المهمة الأخيرة هو المساعدة «الحوثية» المحتملة في بناء قوة النظام المنافس، مع التركيز على دعم «الحوثيين» للمنظمات الفلسطينية في قطاع غزة. وهكذا، في الماضي (في الفترة 2014-2017 على الأقل) انتشرت تقارير حول احتمال استخدام إيران لـ«الحوثيين» -باعتبارهم جزءاً من البنية التحتية- لتزويد حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين بالأسلحة. سيكون تكثيف النشاط على هذا المحور ممكناً إذا استُخدم لنقل فائض أسلحة «الحوثيين» إلى القطاع أو في حال تمويل الإيرانيين أسلحة متطورة للفلسطينيين من إنتاج الصناعة العسكرية «الحوثية».
قد تبدي العناصر المسلحة في قطاع غزة اهتماماً كبيراً بأن تتلقى من «الحوثيين» أنظمة مختلفة مضادة للدبابات (فجوة كبيرة في قطاع غزة) وطائرات دون طيار وربما صواريخ أو معدات دقيقة للصواريخ التكتيكية وكذلك صواريخ شاطئ البحر.
إضافة إلى ذلك من الممكن أن يذهب النشطاء في قطاع غزة إلى معسكرات تدريب في اليمن (ربما أيضاً معسكرات «الحوثيين») لمجموعة واسعة من التدريبات العسكرية.
يجب التأكيد على أن تحقيق هذا السيناريو قد يوفر لـ«الحوثيين» من جهة قناة ملائمة لتحقيق تطلعاتهم الأيديولوجية المناهضة للصهيونية، والموالية للفلسطينيين، ومن جهة أخرى يوفر لهم مكاسب اقتصادية كبيرة، دون المخاطرة في مواجهة مباشرة مع «إسرائيل».
المصدر:«لا» 21 السياسي –