قوة أميركية تتمركز قرب الرياض .. ما هي مهامها المحتملة؟
الحقيقة/كتب/شارل ابي نادر
بين امكانية أن يكون الموضوع بطلب من القيادة السعودية، أو أن يكون بعد موافقة الأخيرة لطلب اميريكي باستضافتها، انهت مجموعة مؤلفة من 500 عنصر تشكل “مفرزة سباقة” عسكرية أميركية، أنهت تمركزها في قاعدة سلطان الجوية في الخرج قرب الرياض، بعد أن كانت قد تركت تلك الوحدات القاعدة المذكورة منذ عام 2003 .
في الحقيقة، حيث تتضارب التحليلات حول ماهية المهام المكلفة بها القوة الأميركية المتمركزة قرب العاصمة السعودية، وحيث يعود السبب في ذلك للكثير من المعطيات التي ممكن أن تحدد تلك المهام، والمتواكبة مع توقيت جد حساس، تتسارع فيه وتتسابق احتمالات الحرب أو التفاوض، لا بد من عرض بعض هذه المهام المحتملة لتلك القوة العسكرية الأميركية الطارئة على المشهد الحالي، والمتعارضة بالمبدأ مع سياسة واشنطن الأخيرة، والتي كان وضعها الرئيس ترامب في حملته الانتخابية، أو لاحقًا في تصريحاته المواكبة للأحداث العالمية، والقاضية بالتخفيف أكبر قدر ممكن من نشر الوحدات العسكرية خارج أراضي الولايات المتحدة الأميركية.
مهام مرتبطة بالحرب على اليمن
تتوزع احتمالات هذه المهام المرتقبة بين أولًا: تقديم دعم مباشر لمنظومة الدفاع الجوي السعودي في ظل العجز الملكي، أمام تزايد فعالية الطيران اليمني المسير والصواريخ الباليستية، وذلك من خلال إدخال قدرات أميركية معنية بالرادارات وبمنظومة الكشف المبكر، واعطاء معلوماتها مباشرة لبطاريات الصواريخ المضادة المحلية (السعودية)، والتي تتكفل باستهداف الصواريخ والطائرات المسيرة اليمنية.
ثانيًا: استلام الوحدات الأميركية تلك المنظومة الصاروخية الدفاعية بالكامل بعد عزل الوحدات السعودية جانبًا، وتنفيذ عملية مدافعة صرف ” أميركية”، بالتجهيزات وبالتقنية وبالوسائل وبالقيادة والسيطرة، بهدف تأمين حماية فعالة للعاصمة الرياض ولمحيطها، وخاصة للمواقع الاستراتيجية التي لم تعد القدرة اليمنية بعيدة عنها، وهذا ما اكتشفه الاميركيون واعترفوا به طبعًا، في الوقت الذي ما زال السعوديون يكابرون على اكتشافه والاعتراف به.
مهام مرتبطة بالتوتر الواسع في المنطقة
صحيح أن هذا العدد الذي لا يتجاوز500 عنصر يعتبر قليلًا جداً لتشكيل قوة فاعلة ومؤثرة في أية مواجهة واسعة ومرتقبة في المنطقة، ولكن هذا العدد البسيط، ومثل أي عدد لأية قاعدة أميركية خارج الحدود، يبقى متحركًا وقابلًا لان يصبح اضعاف ما هوعليه، وبفترة لا تتجاوز الساعات عند اتخاذ القرار الاميركي، الأمرالذي يمكن أن نضع مهمة هذه القوة، لناحية ارتباطه بالتوتر في المنطقة، في أكثر من اتجاه، وذلك كالتالي:
– من الوارد أن تكون القوة المعنية نواة أساسية لقوة ارتكاز أميركية في عمق المملكة، مجهزة بكافة العناصر التقنية والفنية الخاصة بالقيادة والسيطرة، بهدف ادارة معركة اقليمية – أميركية بمواجهة ايران، ضمن المواجهة الواسعة المرتقبة بين واشنطن وطهران.
– من الوارد أيضًا أن تكون مهام القوة المذكورة من ضمن مهام الدفاع الجوي المركز عن القواعد الأميركية أوعن المواقع الاستراتيجية، داخل المملكة، والتي ستكون مهددة من الصواريخ الباليستية الايرانية عند أية مواجهة واسعة مرتقبة، وأيضًا يمكن أن تكون القوة عبارة عن غرفة عمليات واسعة لإدارة الحرب الالكترونية، والتي ستكون بأساس معركة الاميركيين في اية مواجهة.
هذا في الاحتمالات السهلة والممكنة، حيث الأنظار تتجه نحو تداعيات الحرب على اليمن وتطورها وامتداد تأثيراتها نحو العمق السعودي، أو تتجه نحو المواجهة المرتقبة بين الايرانيين والاميركيين، ولكن …
في متابعة لتطور الأوضاع في الحرب على اليمن، ومع انتقال ضغوطها وتأثيراتها الى العمق السعودي، نتيجة الصمود والثبات اليمني بمواجهة نصف العالم تقريبًا، وفي متابعة لحركة الاتصالات الديبلوماسية الأخيرة، بين المبادرة الروسية في دعوة وفد يمني وطني الى موسكو، وإظهار الروس تفهمًا أوسع وأكثر عدلًا للمشكلة اليمنية، أكثر من السابق، وبين اللقاء الحساس لوفد من مجلس قيادة أنصار الله في صنعاء مع رئيس ووفد مجموعة الأزمات الدولية، وما رشح عن اللقاء من تداول أفكار تصب باتجاه امكانية السير بتسوية مشروطة بحفظ حقوق جميع ابناء ومكونات اليمن. وما بين المعطيات غير المؤكدة ولكن المنتشرة بقوة، عن قرار اماراتي بالانسحاب من تحالف العدوان على اليمن، أقله عسكريًا من نقاط حساسة واستراتيجية مثل الساحل الغربي ومن محيط الحديدة تحديدا. وما بين المعطيات، غير المؤكدة ايضًا، ولكن المحتملة بقوة، عن قرار سوداني بتخفيف التورط العسكري في الحرب على اليمن، ولو على مراحل.. مع كل هذه المعطيات، لم يعد مستبعدًا اتخاذ المملكة – ظاهريًا طبعًا لان القرار الفعلي اميركي بامتياز – قراراً بوقف العدوان وسحب كل اشكال التدخل العسكري والعملياتي والجوي من اليمن، الامر الذي يراه الاميركيون، واستنادا لمعطيات استخبارية استعلامية دقيقة، ونتيجة اخفاق وفشل العدوان السعودي العسكري والمعنوي والمالي، مشروع انتفاضة داخلية سعودية، الأمر الذي لا يمكن معه استبعاد تكليف هذه القوة الأميركية القابلة للتمدد وللانتشار الاوسع، بهدف امني داخلي، يتعلق بدعم مرتقب للنظام الحاكم داخل المملكة، من خلال ادارة عملية مواجهة المعارضة الداخلية المحتملة، وللأسباب المذكورة .