قمة الرياض، اسرار وخفايا لا تنتهي..!!
تهديدات ترامب لإيران ” كلام شفايف ” وعيونه تغازل 60% من أموالها المجمدة في الغرب.. أمير قطر لم يكن مرتاحا وأزمة صامتة مع الاردن بعد “خشونة ” تعليق الملك سلمان على عبارة العاهل الاردني حول ” النبي العربي الهاشمي”.
وصف تقرير تحليلي معمق هجوم الرئيس الامريكي دونالد ترامب الحاد على ايران خلال القمة الامريكية الاسلامية الاخيرة في الرياض بانه ” كلام شفايف” .. وهي اشارة الى ان التصريحات الحادة التي اطلقها ترامب ضد طهران وكذلك التهديدات ليست جادة.. ولا تعكس حقيقة موقف الادارة الامريكية .
وقد استخدم التقرير الذي صدر عن اوساط غربية عبارة “كلام شفايف ” في وصف تهديدات وتلويحات ترامب للإشارة الى انها لا تعكس الحقيقة بل تتستر في الواقع على اتصالات عميقة تجري بين واشنطن وطهران عبر وسطاء اوروبيين هم تحديدا من المانيا وبريطانيا .
واعتبر التقرير ان اتحاد الجامعات الاوروبي وقع مؤخرا 21 اتفاقية مع جامعات ايرانية وان الادارة الامريكية تجري اتصالات حاليا مع نفس هذه الجامعات لتوقيع مذكرات تفاهم في الوقت الذي وقعت فيه اوراق استثمارات ضخمة داخل ايران لجهات امريكية واوروبية قد تنتهي قريبا بالنموذج السعودي المماثل لما فعله الامير محمد بن سلمان حيث تدرس هذه الاتصالات رغم حملة ترامب على ايران استثمار اموال ايرانية مجمدة ضخمة في البنوك الامريكية والاوروبية.
ووقعت شركة مرسيدس الالمانية وحدها اتفاقية لإقامة مصنع ضخم لكل انواع سيارات المرسيدس في ايران ولإنتاج ما لا يقل عن 450 الف سيارة سنويا ابتداء من عام 2018 وعلى اساس التصدير لكل دول القارة الاسيوية.
وفي الاثناء راهن مصدر امني مطلع عن اتصالات وشيكة بين طاقم ترامب وايران لاستثمار مئات المليارات من الدولارات المجمدة بعمل مشترك بعد رفع المزيد من القيود على الاقتصاد الايراني.
وكشف المصدر نفسه بان حجم الاموال الايرانية المجمدة التي استثمرت بعد توقيع اتفاقية المشروع النووي الشهيرة يبلغ فقط حتى الان 40% من حجم العوائد المالية الايرانية في النظام المصرفي العربي وان عيون ترامب ستتجه الى الحصول على حصة كبيرة من الـ 60 % الباقية.
وينسجم تصريح صدر عن الرئيس حسن روحاني مع عبارة ” كلام شفايف ” حيث صرح بعد قمة الرياض بانها عبارة عن استعراض لا أكثر.
وضمن الخفايا والأسرار التي لم تنشر بعد عن كواليس قمة الرياض تلك الازمة الصامتة مع ثلاثة دول عربية هي مصر والاردن وقطر وجميعها دول وجدت نقاط احتكاك مع برنامج ولي ولي العهد الامير محمد بن سلمان.
وتواصل النقاش في الاردن حول الازمة الصامتة مع السعودية خصوصا بعد خشونة التعليق العلني الذي ادلى به الملك سلمان بن عبد العزيز اثر الخطاب الذي القاه الملك عبد الله الثاني في افتتاح قمة الرياض.
وفقا لتفسير اوساط عربية وأردنية برزت خشونة التعليق الملكي السعودي تحت ستار اصلاح العبارة الاردنية اثر استخدام ملك الاردن لعبارة ” .. الصلاة والسلام على النبي العربي الهاشمي الامين” .. يبدو هنا ان مفردة الهاشمي تحديدا هي التي ازعجت السعودية فقرأ الملك سلمان الصلاة الابراهيمية كاملة ثم تحدث عن آل البيت وابناء محمد وقال مخاطبا ملك الاردن ” هذا هو الصحيح” ثم منح اذن الكلام للرئيس عبد الفتاح السيسي .
الجملة الاعتراضية السعودية اثارت قلق الاردنيين لأنها لم تكن بروتوكولية او متوقعة وتم التعامل معها على اعتبار ان كلمة “الهاشمي” هي التي اثارت الحساسية.
قبل ذلك كان الجانب السعودي المضيف قد عبر خلف الكواليس عن الاستياء من تأخر حضور ملك الاردن لأكثر من 25 دقيقة لقاعة الاجتماع دون سبب واضح مما ادى لتأخير جدول اجتماع القمة لان الاتفاق مع عمان كان يقضي بان يكون ملك الاردن اول المتحدثين بصفته رئيسا للقمة العربية ويتحدث الانجليزية بطلاقة.
في الوقت نفسه بدا ان اطراف اخرى غير مرتاحة من بينها مصر وقطر حيث كان خطاب الرئيس السيسي نقديا الى حد ما في الاشارة الى صناعة الارهاب، كما التقى ملك الاردن امير قطر على هامش القمة قبل اندلاع الازمة الجديدة بعنوان الحديث المثير الذي ادلى به امير قطر قبل ان تعلن وكالة الانباء القطرية انها تعرضت لاختراق وان الحديث المنسوب للأمير غير صحيح.
الى ذلك وصف دبلوماسيون غربيون الازمة الحالية المتنامية بين السعودية والامارات والبحرين من جهة ودولة قطر من جهة اخرى بانها نتيجة حتمية للأجواء المشحونة تحت عنوان تفخيخ قمة الرياض وحصول خلافات باطنية ومظاهر عدم ارتياح بين الزعماء خلالها .
ولو وضعنا كل هذه الامور على جنب واخذنا الجانب المادي والنفعي في الموضوع بالنسبة إلى ترامب فلن نجد أن ترامب مستعد لان يضحي بالسبب المهم في جلب واخذ الدولارات الخليجية وافراغ جيوب شيوخ الخليج وخزائنهم، فهنا في هذه المعادلة نجد أن الرياض هي التي دفعت، وامريكا هي التي قبضت ولكن في النهاية فإن ايران هي التي كسبت.
فإن عرس الرياض هذا الذي اطلقت لم تكن نتيجته إلا أن كبرت ايران وأظهرها إلى العلن أكثر من ذي قبل وأفهم ترامب أنها وإن كانت الخصم الأقوى ولكنها تعتبر أهم إليه من جميع حلفائه.
فأين سيجد ترامب “فزاعة” افضل منها وهي التي جعلت ارض الحرمين تستقبله.. ولا في الأساطير كان يحلم بهذا؟
لقد تأكد ترامب في هذا العرس الخيلجي أنه كلما قويت ايران كلما ارتعبت السعودية، وكلما ارتعبت السعودية كلما جادت بحليب ثدييها.
وترامب في النهاية ما هو إلا تاجر والتاجر ليس مستعداً أن يضحي بمصدر واحد من مصادر ثرواته فهل يضحي ترامب بمن مكنه من السيطرة على مليارات لا تنضب ولا تتقلب ولا تتطلب سوى .. رقصة.
لقد فهم ترامب اهمية ايران في المنطقة وحجمها بالنسبة إلى الولايات المتحدة.. وليبقى خرفان الخليج قطيعاً تائهاً لا يعرف سوى الهرب من الواقع واعطاء التنازلات وخسارة الموجود.