قلق “إسرائيل” من تطورات الحرب اليمنية.. هل تؤثّر الصواريخ اليمنية في المعادلات الصهيونية؟
أدّت التطورات الأخيرة في الحرب اليمنية، وخاصة في مجال ردود الفعل الصاروخية وعمليات الطائرات من دون طيار للجان الشعبية “أنصار الله”، إلى تغيّر أرصدة القوى الإقليمية في الحرب اليمنية وسقوط السعودية والإمارات في مستنقع عميق أصبح الخروج منه صعباً وأصبحت التطورات الأخيرة مصدر قلق للكيان الصهيوني.
يمكن رؤية مخاوف الكيان الصهيوني من تطورات اليمن في الحالات التالية:
1) لطالما اعتبرت المخابرات الصهيونية الشعب اليمني تهديداً محتملاً ضد تل أبيب، لأن اليمنيين عارضوا المشروع الصهيوني منذ قيامه ولطالما كانت لغة الموت لـ “إسرائيل” جزءاً من لغتهم وتصريحاتهم.
بالطبع، كان لدى الصهاينة نظرة فاحصة على المكانة الاستراتيجية لمضيق باب المندب، وبالتالي فإن رئيس الوزراء الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” لم يوافق قط على حرب السعودية لليمن خلال السنوات الخمس الماضية.
2) ومع الكشف عن القدرات الصاروخية لـ”أنصار الله”، يشعر الكيان الصهيوني في وقتنا الحالي بمزيد من الرعب، خاصة وأنهم يرون بأن هذه الأسلحة يمكن أن تغّير مسار الحرب اليمنية لمصلحة “أنصار الله” ومن الممكن أن تتمكن هذه القوة الناشئة من الحصول على أسلحة أكثر دقة وتقدّماً قد تشكّل تهديداً خطيراً على أمن “إسرائيل”.
3) يواجه الكيان الصهيوني، الذي لا يرى عدم قدرته على التعامل مع خصومه مثل حركة المقاومة الفلسطينية وحزب الله اللبناني والحكومتين السورية والإيرانية، الكثير من الضغوطات خاصة وأنه يشاهد بزوغ فجر جديد لحركات المقاومة في المنطقة ولا سيما جماعات المقاومة التابعة لحزب الله في العراق والحركات الشعبية وأنصار الله في اليمن وهذه التطورات قد تجعل توازن القوى أكثر تعقيداً في أي حرب مستقبلية محتملة بالنسبة للكيان الصهيوني.
4) الجانب الآخر من مخاوف الكيان الصهيوني، يتمثّل في فشل حلفائه الإقليميين، فعلى الرغم من أن آل سعود والإمارات لم يكن لديهم علاقات رسمية مع الكيان الإسرائيلي حتى الآن، لكن التطورات الأخيرة التي حدثت في السنوات الأخيرة، كشفت أن مستوى تعاونهما مع “تل أبيب” قد تجاوز المستويات التجارية والسياسية ونما بشكل متزايد في مجالي الأمن والمخابرات.
وهنا يمكن القول بأن إعلان دولة الإمارات كواحدة من شركاء التحالف، بالانسحاب التدريجي من اليمن، قد زاد من مخاوف هذا الكيان الغاصب.
5) إن الهزائم التي مُني بها تحالف العدوان على أيدي أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية، يُعدّ مؤشراً آخر على تنامي القلق لدى الكيان الصهيوني، خاصة بعد مشاهدتها سقوط تحالف أمريكي تقليدي آخر في منطقة الخليج الفارسي.
لطالما كانت الحكومات اليمنية المتعاقبة التي لم تكن لديها بالفعل مقاربات ديمقراطية، مرتبطة بالخطط الإقليمية للولايات المتحدة، وهذا الامر تؤكده انشطة وكالات الاستخبارات الصهيونية في المنطقة، التي قامت بنقل عدد كبير من الأقليات اليهودية اليمنية إلى الأراضي المحتلة.
6) والمصدر الآخر لقلق الكيان الصهيوني من التطورات الجديدة في اليمن، يتمثّل في الأهمية الاستراتيجية لمضيق باب المندب، وهنا يمكن القول بأن هذا القلق الاسرائيلي تزايد بشكل ملفت، خاصة وأن أبرز الصناعات والتبادلات التجارية وموارد الطاقة تمرّ من مضيقي هرمز وباب المندب الاستراتيجيين.
بالإضافة إلى ذلك، تؤكد العديد من المصادر الإخبارية بأن مدينة “إيلات” الإسرائيلية، اكتسبت جزءاً كبيراً من أهميتها من سفن الشحن التي تمرّ من باب المندب، ولهذا فإنها اليوم أصبحت تعاني من تهديد جديد.
أبرز الأحداث التي تؤكد مدى قلق الصهاينة من التطورات اليمنية الأخيرة
لقد سلّطت العديد من مراكز الدراسات الصهيونية الضوء خلال الأشهر الستة الماضية، على جزء كبير من القدرات الجوية والصاروخية التي توصّلت إليها قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية، واستخدامها للعديد من الطائرات من دون طيار وإطلاقها لصواريخ بعيدة المدى على مختلف المطارات والمدن السعودية والإماراتية وهذا الأمر زاد من قلق قادة البيت الأبيض الذين أحسّوا بتنامي قوة جديدة في المنطقة، قد تصبح قادرة في المستقبل القريب على ضرب مناطق داخل “إسرائيل”.
وفي سياق متصل، كشف مركز الدراسات المجتمعية التابع لحكومة “تل أبيب”، برئاسة “ديفيس جولد”، القائم السابق بأعمال وزارة الخارجية الصهيونية، في يناير الماضي إن قوات “أنصار الله” اليمنية يمكن أن تكون مصدر قلق للمسؤولين السياسيين والعسكريين الصهاينة.
وحول هذا السياق، أشار هذا المركز أيضاً إلى مقتل عدد كبير من الضباط السعوديين في اشتباكات مع القوات الشعبية اليمنية، حيث قال: “إن هذه التطورات يمكن أن تشير إلى ظهور ساحة جديدة معادية لإسرائيل”.
وفي السياق ذاته، كشف “ميشيل سيجل”، المسؤول عن إدارة ملف القضية الإيرانية في قسم الدراسات المتعلقة بالمخابرات الصهيونية، والذي يقدّم اليوم المشورة لعدد من الشركات الأجنبية العاملة في الدول الخليجية، بأنه قام خلال السنوات الماضية بجمع معلومات استخباراتية دقيقة تتعلق بقوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية وقال “سيجل” بأنه لاحظ أن الطائرة من دون طيار اليمنية قد تزيد من تأثير الهجمات الجوية التي تقوم بها القوات اليمنية داخل العمق السعودي وقد تصبح نموذجاً تحتذي به حركة حماس، التي قد تستخدمها لاستهداف قواعد عسكرية ومستوطنات إسرائيلية.
كما حذّر هذا المحلل السياسي من أن حزب الله اللبناني وحركة حماس الفلسطينية، قد تتوصلان إلى إنتاج قوارب ذاتية الحركة، ما قد يشكل تهديداً كبيراً لـ “إسرائيل”، وقال: “إن ذلك سيكون تهديداً خطيراً ليس فقط للملاحة الإسرائيلية، بل سيمثل أيضاً تهديداً كبيراً بالنسبة لموارد الغاز التي تحتلها “إسرائيل” والتي تقع في البحر الأبيض المتوسط.
موقع الوقت التحليلي