في ذكرى مولدك ياسيدى – يارسول الله- تهدأ قلوبنا المكلومة، وتسمو أرواحنا التي انغمست بطينتنا وخَفتَ سموها، وتتزكى أنفسنا التي تتلاعب الدنيا بها، بمولدك ياسيدي – يارسول الله- نعود من الشتات الذي قد حل بنا، وتتضمدُ جراحاتنا الملتهبة، بمولدك ياسيدي – يارسول الله- تنهمر مآقينا؛ شوقًا إليك، وتحمل في شوقها شكوى لاتُبثُ إلا إليك .
يمرُ علينا عامٌ فيه الكثير من المناسبات التي نُقِيمُ لها مايوافقُها من الاحتفالات، وتتولى الأجساد الفانية الإعدادات والتنظيمات، حتى تحل علينا ذكرى مولدك المبارك فتذوبُ الأجساد وتقوم الأرواح وتخفتُ الأصوات بكلامها الدنيوي، وتترنم القلوبُ بحبِّها المحمديّ .
وفي كلِّ عامٍ لنا موعد زمانه الثاني عشر من شهر ربيع الأول، نستوقف فيه الزمان ويستوقفنا،تسري قلوبنا ومشاعرنا عبر الأزمنة؛ لتستقر في أعظم ذكرى لأعظم مخلوق عرفته الدنيا ؛لتعرج أرواحنا وترقى إلى سدرة الجلال والجمال، إلى روح الوجود الذى لولاه ماخلقت شمسٌ ولاقمرٌ، ولانجومٌ و لالوحٌ و لاقلم .
ويتجلى الإيمان في سماء قلوبنا وتنبعُ الحكمةُ من ثنايا كلماتِنا ومشاعرنا ؛لنحتفيَ ونُحيي ذكرى ميلاد من تحيا القلوبُ بذكره .
ذكرى مولد الحبيب محمد- صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين وصحابته المنتجبين- هي ذكرى السعادة التى دحرت الشقاء ولايتكدر بسماعها إلا الأشقياء، هى ذكرى الحق التى أزهقت الباطل ولاينكر إحياءَها إلا أهلُ الباطل، هى ذكرى النور الذى بدد الظلام ولايعبس فيهاإلا من هو غارقًا في الظلمات، هى ذكرى نستنشق منها الشذى العَطِر الذى يعمُ أريجه الوجود ولايُحْرَم من راحتِهِ إلا ذوي الأفكار والعقائد العفنة.
وها نحن نرى أن من يستنكرون ويهاجمون المحتفلين بذكرى مولد الحبيب هم الذين تكون تصرفاتهم ومواقفهم سلبية تجاه كل المواقف الإيجابية ؛ ليعكسوا بسلبيتهم قبح ماتحوي صدورهم وتقيح به أفكارهم،يُعرفون بعملهم ويُعرف عملهم بهم، فماهم إلا تلك البذرة الشيطانية التى زُرعت في نجد وبثت سمومها في جسد الأمة.
بذرة أولئك ما زالت لا تألوا جهدا في تحريم الفضائل والنهي عن المكارم، وتبيح قتل النفس التي حرمها الله وتحرم الابتهاج بذكرى مولد حبيب الله، لكن مهما حاول أهل الباطل أن يثنونا عن حب حبيبنا فلن يستطيعوا وليس بمقدورهم أبدا، فنحن أهل العشق المحمدي الذائبون فيه حتى الثمالة، نحن الذين كنا ومازلنا نقيم الموالد النبوية في ربيع الشهور، وفي كل المناسبات التى تكون معنا فلا نختم ما يكون معنا إلا بقراءة المولد وتشنيف الأسماع وتطهير القلوب وتحلية الألسن بالصلاة والسلام على بدر التمام وسيد الأنام .