” قراءة تحليلية سياسية مقارنة “:في الذكرى الـ 32 لعيد مايو الوطني 1990م : وحدة الإرادة اليمنية ووحدة الوصاية السعودية الإماراتية
من خلال القراءة السياسية التحليلية المقارنة لطبيعة الواقع وتطورات أحداثه ووقائعه الداخلية والخارجية المرتبطة بها في كافة محافظات الوطن اليمني
بالتزامن مع حلول الذكرى ال 32 لتحقيق منجز الوحدة وقيام الجمهورية اليمنية في ال 22 من مايو 1990م تتجلى للقارئ والمتابع لتلك الوقائع والأحداث الكثير من الحقائق والمعطيات والمؤشرات التي يمكن من خلالها معرفة المعايير والمواصفات الحقيقية لوحدة الإرادة الشعبية اليمنية وبالتالي استنباط واستنتاج الفروق والاختلافات بينها وبين وحدة التحكم والسيطرة والوصاية التي تتغنى بشعارات الدفاع عنها والحفاظ عليها قوى العدوان والاحتلال وفي مقدمتها النظامان السعودي والإماراتي .. المزيد من التفاصيل في سياق التقرير التالي :
تأتي الذكرى ال 32 لتحقيق منجز الوحدة وقيام الجمهورية وذلك الوطن الكبير الذي رسمت وحددت معالمه وحدة ال 22 من مايو 1990م قد تحول إلى وطن تتناهب أمنه واستقراره ووحدة كيانه السياسي والوطني والجغرافي مطامع ومؤامرات قوى العدوان والطغيان والحصار المفروض عليه منذ ال 26 من مارس 2015م.
وحدة الإرادة اليمنية
لم يعد في هذا الوطن من يؤمن بفكر الوحدة ” وحدة الإرادة الشعبية اليمنية ” سوى تلك القيادات الوطنية الثورية والسياسية والعسكرية الصامدة في وجه مؤامرات المتآمرين وعدوان المعتدين ، التي استطاعت تحقيق الانتصارات العسكرية المذهلة ، وكبدت العدوان خسائر فادحة وقاصمة ، ووضعته في مواقف محرجة ومخزية، وأمام قوة إرادتها الحرة الأبية الرافضة للهيمنة والطغيان والوصاية الأجنبية تهاوت تلاشت مؤامرات ومخططات وخيارات الأعداء المتربصة بسيادة الوطن ووحدته التي تحاول دولتا العدوان السعودية والإماراتية ضربها وتحويلها إلى وحدة وصاية خارجية.
لم يعد في هذا الوطن من يؤمن بفكر وحدة الإرادة الشعبية اليمنية الحرة الأبية سوى تلك الجماهير المتكسرة كعيدان القصب ، التي أنهكتها صنوف وأشكال المعاناة والتعب التي تسبب بها عدوان المعتدين وحصارهم الإجرامي الغاشم ، ومؤامراتهم ومخططاتهم العسكرية والسياسية الهادفة إلى احتلال الوطن ونهب ثرواته وخيراته وتمزيقه وتفتيته وتقسيمه تحت غطاء الدفاع عن حريته والحفاظ على وحدته التي يمكن وصفها وفقاً لحقيقة أهداف الغزاة والمعتدين “وحدة الوصاية السعودية الإماراتية”.
مفارقات عجيبة
مفارقات عجيبة وتناقض وتباين وتعارض واختلاف كبير بين فكر القيادات الوطنية اليمنية المخلصة الصامدة والمرابطة في خنادق وميادين التصدي والمواجهة لمؤامرات المتآمرين وحصار وعدوان المعتدين ، وبالمقابل فكر القيادات العميلة والمرتزقة القابعة في فنادق أبو ظبي والرياض ، التي جعلت منها قوى العدوان أدوات تدمير وتمزيق للوطن وجعل واقعه واقع وقائع مؤلمة وجراحات عميقة نازفة ، وخلل في منظومات القيم واختلال في المدركات ، وصراع مشوه وتناحر واقتتال ونهب وتفجير واغتيالات وتصفيات ووحدة متآكلة وجمهورية مهاجرة.
شتان بين فكر الصامدين في ميادين المواجهة للغزاة والمعتدين والمحتلين وفكر المتآمرين وأدوات العمالة والارتزاق، شتان قناعة وإيمان أولئك وهؤلاء بأهمية الإحياء والاحتفاء والحفاظ على وحدة وسيادة الوطن .
فروق واختلافات
وللوقوف على أبرز الفروق مظاهر الاختلاف الكاشفة والفاضحة لحقيقة قناعة وإيمان قيادات أنظمة العدوان والاحتلال بشكله الجديد ومن معهم من المرتزقة والمتآمرين يكفي مجرد النظر نظرة تأمل في طبيعة الواقع المعاش في تلك المناطق والمحافظات المحتلة والواقعة تحت سيطرتهم .
واقع اقتصادي صعب ومعقد واجتماعي مهتز وعسكري وأمني مختل وسياسي ممزق تتقاسمه مكونات ومليشيات عسكرية وسياسية عميلة ومرتزقة متنافسة ومتصارعة ومتسابقة على بسط النفوذ وفرض سيطرة اللون السياسي الواحد والرافض للتعدد في المحافظات المحتلة التي تحاول قوى العدوان أن تفرض عليها وحدة الوصاية السعودية والإماراتية رغم أكذوبة وادعاء بعض تلك المليشيات والمكونات الحفاظ على الوحدة اليمنية واللحمة الوطنية والقبول بالحياة السياسية التعددية والتعايش مع الآخر .
وحدة مجالس الوصاية
بمنأى عن كافة التطلعات والآمال الشعبية لأبناء اليمن بشكل عام وأبناء محافظة عدن وغيرها من محافظات جنوب الوطن المحتلة ، وخارج سياقات أكذوبة التوافق والتوصل إلى حل سياسي المسماة بمجلس القيادة الرئاسي برئاسة المدعو رشاد العليمي ، الذي أعلنته في ال 7 من أبريل المنصرم دول العدوان والاحتلال للوطن اليمني وتمزيق وتفتيت وحدته الوطنية والسياسية والجغرافية ، والعودة به إلى زمن التشطير والتشرذم والاقتتال والتناحر وفقاً لسياسة ” فرق تسد “.
تأتي الذكرى ال 32 لتحقيق الوحدة اليمنية المباركة في ال 22 من مايو 1992م ومدينة عدن ، حاضنة الإعلان عن تحقيق ذلك المنجز التاريخي اليمني العظيم ، تلك المدينة التي سكنها التنوُّع البشري متعدد الثقافات والأعراق منذ زمن بعيد، تلك البيئة المتسامحة والمرنة ذات الطرق المتعددة والطقوس المختلفة للتعايش .. تعيش اليوم واقعاً مأساوياً بعيداً ومتعارضاً ومخالفاً لحقيقتها التاريخية الوجودية الواقعية.
جولات صراع وتناحر واقتتال وحروب معلنة وخفية مستعرة تدور رحاها في شوارع وأحياء وأزقة المدينة ذات المكانة الجغرافية والسياسية الجاذبة لأطماع الامبراطوريات الكبيرة عبر الحضارات المتعاقبة والمكانة التاريخية المقدسة الجاذبة لتعايش وعيش الإنسان اليمني أياً كان لونه الاجتماعي وطيفه السياسي وانتماؤه الجغرافي.
مسار تطور دراماتيكي
ومع مرور كل يوم تثبت مسار التطور الدراماتيكي المتصاعد في طبيعة الوقائع والأحداث التي شهدتها وتشهدها مدينة عدن في زمن الهيمنة والوصاية السعودية الإماراتية الأمريكية الصهيونية البريطانية الجديدة المفروضة عليها حقيقة اكتوائها بنار مؤامرات التمزيق والتدمير والاستهداف لوحدة كيان نسيجها الوطني والاجتماعي ، وغيرها من المخططات والمؤامرات التي يزداد في ظل استمرارها نزيف المدينة كلما تسللت وتدفقت إليها صنوف وأشكال وجولات صراع العمالة والارتزاق والتناحر والاقتتال غير المألوفة ، وكلما تمادت وأوغلت في توجيه طعناتها إليها يد العدوان والاحتلال والأحقاد والمطامع والمصالح الدولية والشخصية والأنانية والمناطقية الضيقة والمدمرة دون وضع حد لهذا النزيف.
لا يكاد يمر يوم دون أن تحمل إلينا أخبار المواقع الالكترونية أو الصحف اليومية أو وسائل الإعلام الأخرى تفاصيل مواجهة عسكرية أو عملية اعتقال أو اغتيال أو اقتحام مسلح أو تفجير إرهابي شهدته محافظة عدن أو محافظة أخرى من المحافظات المحتلة المحيطة بها.
حقيقة وأسباب ودوافع
أصبح الجميع يدرك حقيقة أن تلك العمليات أو المواجهات من يتحكم بمسار تطورها ويحدد حجم خسائرها ونتائجها ويشرف على إدارتها ويحرص على تغذيتها هي تلك الأطراف الداخلية والخارجية المتآمرة على الوطن اليمني وسيادته ووحدته كلا بوسائله وأساليبه ومن أجل تحقيق أهدافه ومشاريعه الخاصة ، التي يمكن القول أنها تلتقي جميعاً عند نقطة الصراع والتنافس على السلطة وتقاسم الغنائم والمناصب وتكوين الإمبراطوريات المالية والتسليحية.
وبقدر ما لذلك الصراع ولتلك المواجهات العسكرية من وجوه متعددة وبذور وجذور وأسباب وجبهات ومشاريع متضادة ، تبقى الحقيقة أن أسباب ودوافع ومحركات ذلك الصراع أيا كانت طبيعته وشكله وهويته وشعاراته العامة هي الأهداف والمطامع والمخططات والمشاريع السعودية والإماراتية وفي مقدمتها هدف إعادة فرض الوصاية والتحكم بالقرار السيادي اليمني.
وفي هذا السياق تأتي مؤامرة الاستهداف للوحدة اليمنية من خلال جملة من الإجراءات والتكتيكات التي يأتي في مقدمتها ذلك الاستخدام والتوظيف الخطير لجملة من الأمراض الاجتماعية والعصبوية والمناطقية التي بدأت بالانتشار والتعمق والتغلغل داخل النسيج الاجتماعي وفي الوعي والثقافة والعلاقات اليومية وبشكل غير مسبوق.
مصالح شخصية أنانية
لا شيء منطقي في المحافظات المحتلة سواء أكانت تلك التي تديرها مكونات ومليشيات العمالة والارتزاق الخاضعة للوصاية الإماراتية أو تلك الخاضعة للوصاية السعودية لا يمكن لأحد من خلاله أن يلمس مؤشر حرص ولو بالقدر الضئيل في تفكير أو ممارسات أو توجهات القيادات العميلة والمرتزقة يدل على اهتمامها بالحفاظ على الوحدة اليمنية أو حتى وحدة ولحمة الكيان السياسي والجغرافي ولحمة النسيج الإجتماعي في تلك المحافظات التي تسيل دماء أبنائها وتتهالك أرواحهم على مذابح صراع تسابق تلك المكونات والقيادات على تحقيق وحماية وتأمين مصالحها الشخصية الأنانية الضيقة وتنفيذ أوامر وإملاءات دول العدوان والاحتلال والوصاية الخارجية.
حقيقة لا يمكن إنكارها
لتبق الحقيقة التي لا يمكن لأحد إنكارها هي حقيقة تأرجح منجز الوحدة اليمنية على معلاق توليفة جديدة من حمم صراع المصالح والأطماع والمخططات التآمرية المتعددة مفاعيلها ومصادر إنتاجها على المستوى المحلي والإقليمي والدولي .
لا شيء ملموس أو محسوس على أرض الواقع في تلك المحافظات في زمن مجلس الوصاية السعودية برئاسة العليمي وكذا انتقالي الوصاية الإماراتية برئاسة الزبيدي سوى إجراءات وتكتيكيات ومؤامرات واستراتيجيات قوى وأنظمة الهيمنة والعدوان والطغيان الأمريكي السعودي الإماراتي ، الهادفة إلى توسيع نطاق دائرة القتل للإنسان اليمني وإطالة أمد الجوع المدروس والمحسوس والمعاناة المريرة والعذابات المستمرة التي يتجرعها السواد الأعظم من أبناء تلك المحافظات.
لم تعد محافظات عدن وحضرموت وشبوة والمهرة وأبين وغيرها.. تحتمل المزيد من مؤامرات أنظمة الوصاية السعودية الإماراتية أو تكتيكات شماعة شرعية العمالة والارتزاق المتآكلة أو تسويفات قيادات المكونات والمليشيات المصطنعة، التي لا قيمة للوطن وللحفاظ على وحدته وسيادته أو الدفاع عن عزة وحرية أبنائه في قاموسها ولا هم لها سوى السلطة والنفوذ وجمع المزيد من الثروات والأموال الطائلة.
وحدة ومن قرح يقرح
رغم كل المؤامرات والمخططات والمشاريع والمطامع والأهداف الأمريكية السعودية الإماراتية الصهيونية البريطانية ، سيظل ال 22 من مايو 1990م عيد الأعياد، وذكرى تكوين أعظم كيان، في تاريخ اليمن الأرض والإنسان.
سيظل ذلك المنجز والحدث التاريخي العظيم، هو الحدث الملهم لشعب اليمن العظيم والمعزز لإرادته الحرة الأبية الرافضة لمشاريع الهيمنة والوصاية والطغيان.
سيظل اليوم الوطني للجمهورية اليمنية 22 مايو يمثل واحدة من أعظم القيم والمعاني المتجذرة في هوية وتاريخ الشعب اليمني.
وستظل هذه المناسبة محطة إلهام للمسار الوطني الصائب الذي يفرض على جميع أبناء الشعب تجاوز الخلافات لتحقيق المزيد من الاصطفاف والتماسك في مواجهة التحديات خصوصا في هذا الظرف العصيب والفاصل من التاريخ اليمني، وفي ظل اشتداد المشاريع والمؤامرات التي يحيكها الغزاة والمعتدون ضد الوطن ووحدته.
وقبل هذا الزمان وبعد هذا الزمان وبكل معايير التاريخ والانتماء والولاء إلى اليمن العظيم وفي كل مكان سيظل شعار الملايين في شمال الوطن وجنوبه وشرقه وغربه هو شعار ” وحدة ومن قرح قرح ” وسيظل نضال وصمود ومقاومة الأحرار والمخلصين من أبناء الوطن في جميع المحافظات وفي كل مكان مستمراً في وجه قوى العدوان والاحتلال حتى تحقيق النصر الكامل وتطهير كل شبر يمني من دنس الغزاة واستعادة لحمة ووحدة الكيان الجغرافي والسياسي والاجتماعي اليمني وإفشال كل مخططات ومؤامرات ومشاريع وأشكال الهيمنة الأمريكية والصهيونية والوصاية السعودية والإماراتية الجديدة .
المصدر: سبتمبر نت