قائد لواء غزّة في كتائب القسام يكشف أسرار “الطوفان” :التخطيط -التنفيذ-الخداع الاستراتيجي-أسباب العملية-دور اليمن ولبنان والعراق وإيران-كلمة السر
كشف عضو المجلس العسكري لكتائب القسام، عز الدين الحداد، في مقابلة مع برنامج “ما خفي أعظم” الذي بثته قناة الجزيرة، الجمعة، عن أسرار وتفاصيل غير مسبوقة عن عملية “طوفان الأقصى”، التي وُصفت بأنها واحدة من أعقد وأكبر العمليات العسكرية في تاريخ المقاومة الفلسطينية.
وأوضح الحداد أن العملية جاءت ردًّا على الجرائم المتواصلة للاحتلال، وتصعيده العدواني ضد الشعب الفلسطيني وأرضه ومقدساته.
مرحلة التخطيط
أوضح الحداد أن قيادة الجهاز العسكري لكتائب القسام كانت في حالة انعقاد دائم منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وقال “عملنا على المصادقة على الخطط ووضع اللمسات النهائية عليها، إلى جانب ضبط توقيتات التنفيذ”.
وأضاف أن الساعات الـ24 التي سبقت ساعة الصفر شهدت تفعيل غرف القيادة والسيطرة وربطها بغرفة العمليات المركزية، إذ أشرفت القيادة على تنفيذ الخطة. وتم حشد القوات المقاتلة واستدعاء المقاتلين، بينما وُضعت أسلحة الدعم القتالي في حالة استعداد كامل حتى انطلاق العملية.
التنفيذ
وقال الحداد إن الهجوم انطلق عند الساعة السادسة والنصف من صباح السابع من أكتوبر 2023، حيث بدأ بتزامن غير مسبوق بين إطلاق القذائف الصاروخية، واستخدام الطائرات المسيَّرة والشراعية، والوحدات البحرية، إلى جانب الآلاف من نخبة مقاتلي القسام الذين اقتحموا الجدار الفاصل بعد أن دمرته وحدات الهندسة. وأضاف أن العملية استلهمت في تصميمها المناورات التي تدرب عليها المقاتلون.
وأوضح الحداد أن قوات النخبة في كتائب القسام تمكنت من عبور الجدار الفاصل، بعد أن تهاوى بفعل تفجيرات هندسية دقيقة، في مشهد وصفه بـ”المهيب” الذي جسَّد عناية الله واستحضار قول الله تعالى {ادخلوا عليهمُ البابَ فإذا دخلتموه فإنكم غالبون}.
وتابع “سقطت فرقة غزة بحمد الله وتوفيقه في ساعات معدودة معلنة نجاح تنفيذ طوفان الأقصى نجاحًا مذهلًا، حيث لم يصل العدو إلى أي معلومات بخصوصها رغم حجم العملية الكبير، كما لم تعمل دفاعاته بفعالية أمام مقاتلينا. وقد قاتل مجاهدونا بكل براعة وإقدام، وكانوا الأكثر أخلاقية ومسؤولية في الميدان”.
الخداع الاستراتيجي: توجيه العدو بعيدًا عن الحقيقة
وأشار الحداد إلى أن كتائب القسام اعتمدت خطة خداع استراتيجي محكمة، أوهمت الاحتلال بأن المقاومة قبلت ببعض التسهيلات الاقتصادية، بينما كانت الاستعدادات العسكرية جارية على قدم وساق.
وأضاف أن ركن الاستخبارات في كتائب القسام حصل على وثيقة سرية تخص الوحدة الاستخبارية 8200 التابعة للاحتلال، عبر اختراق أمني متقدم. وقال “تمت دراسة الوثيقة وتحليلها، وأُدخلت معلوماتها ضمن مسار التخطيط لضمان دقة التنفيذ”.
أسباب العملية
وتحدَّث الحداد عن الأسباب المباشرة التي دفعت المقاومة إلى إطلاق عملية “طوفان الأقصى“، مشيرًا إلى الجرائم المتزايدة ضد الأسرى الفلسطينيين، إذ قال “توحش الاحتلال في جرائمه ضد أسرانا بعد وضعهم تحت مسؤولية الوزير العنصري الفاشي بن غفير، سواء بالقتل جوعًا كما حدث مع الشيخ خضر عدنان، أو بالإهمال الطبي كما حدث مع ناصر أبو حميد ووليد أبو دقة”.
وأضاف “لم تجد محاولاتنا لدفع الإرادة الدولية إلى لجم عدوان الاحتلال أي استجابة، في وقت تعالت فيه الاستغاثات من القدس والأقصى وأهلنا في الضفة”.
وأشار الحداد إلى أن الاحتلال كان يخطط لشن حرب مدمرة على غزة بعد الأعياد اليهودية مباشرة، تتضمن هجومًا جويًّا مباغتًا يتبعه اجتياح بري شامل. وقال “رصدنا هذه المخططات وأخذناها على محمل الجد، وأصدرنا التعليمات بتكثيف الجهد الاستخباري وإتمام الاستعداد للخيار العسكري”.
الأسرى: تأمين العمليات وحسن المعاملة رغم العدوان
وأكد الحداد أن المقاومة الفلسطينية حرصت على تأمين عمليات أسر جنود الاحتلال ضمن مسارات معدَّة سلفًا، وبعيدًا عن أعين الاحتلال وتقنياته المتطورة.
وقال “وجَّهنا بضرورة معاملة الأسرى وفق تعاليم الإسلام، لكن الاحتلال بادر منذ اليوم الأول إلى استهداف الأسرى وقتلهم، كما حدث في كيبوتس بئيري وقصف ضابط الشباب تومر نمرود، إلى جانب قتل الجنود الثلاثة شرق الشجاعية”.
دور الحلفاء: دعم ومساندة من محور المقاومة
ووجَّه الحداد تحية إلى محور المقاومة في لبنان واليمن والعراق وإيران، وإلى كل الحركات والدول التي ساندت غزة.
وأشار إلى أن هذه المواقف ستظل محفورة في سجل التاريخ، في وقت تآمر فيه كثيرون على الشعب الفلسطيني ومقاومته.
“كلمة السر في نجاح طوفان الأقصى”
أوضح الحداد أن “أبرز معالم الفشل لدى العدو والآثار المهمة لطوفان الأقصى ما شهدته المؤسسة العسكرية للعدو من استقالات متوالية واعترافات بالإخفاق الكبير وتبادل الاتهامات وحالة التخبط في المنظومة الاستخبارية، ومحاولة التهرب من المسؤولية، خاصة من المستوى السياسي وعلى رأسه هنا نتنياهو”.
وقال الحداد “لقد وقف شعبنا العظيم شامخًا، مقدمًا الغالي والنفيس من أجل دينه ووطنه وأقصاه، وكان كلمة السر في نجاحنا في طوفان الأقصى”.
واختتم الحداد تصريحاته بتأكيد أن المقاومة ستواصل العمل بكل قوة من أجل تحقيق أهدافها العادلة في تحرير الأرض والأسرى، وإعادة إعمار قطاع غزة ورفع الحصار عنه.
وقال “لن يكون أمام قيادة الاحتلال المستقوية بأمريكا والغرب إلا أن تنصاع لمطالبنا العادلة في وقف العدوان والانسحاب من كامل قطاع غزة”.
المصدر : الجزيرة مباشر