منذ خطواتها الأولى، مضت المسيرةُ القرآنيةُ في دروبٍ ملأى بالأشواك وَالحصى التي وضعها المتآمرون بنوايا تعثرها وَإنهاكها وثنيها عن المسير، لم تكن الطريقُ معبَّدةً أمام المؤسِّس الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي ورجاله القلائل، بل إن ما اعترى دروبَهم من المخاطر والعُزلة وقلة العدة والعتاد كفيلٌ بأن يكبحَ جماحَ أي مشروع طامح وَيصيبَ رجالَه باليأس، غير أن مفاعيلَ القوة في هذا المشروع المنبثق من القرآن تجاوزت كُـلَّ المُعَـثِّرات، وأفشلت كُـلّ الرهانات، وَمضى ينشر الحقيقة على جنبات الطريق، ولا يزال.
وبالإضافة إلى تنوع وتعدد أشكال الاستهداف وَالتجنيد ضد هذه المسيرة، كانت الدعايةُ والتحريض والتضليلُ الإعلامي المتنوعُ الأبعاد وَالمبني على جهل العامة، أبرزَ الأشواك التي يمكن أن نقول إنها أبطأت الخُطَى وَرفعت الكلفة، والجهل سلاحٌ إذَا ما تم توظيفُه فَـإنَّه يفوق الحديدَ والبارودَ في بأسه، كما هو حالُ الوعي تماماً.
لذا تنبَّهَ الشهيدُ المؤسّسُ مبكراً إلى هذه الجبهة الخطيرة من الحرب، وأفرد لها المساحةَ الأكبرَ من جهاده؛ باعتبَارها الأدَاةَ الأخطرَ التي تنخر في جمهور البسطاء وَتحيلهم إلى أدوات ممانعة مجندة، وَأكثر من ذلك حزم من حطب تقاد طواعيةً إلى محارق أشعلها الفاعلون بنوايا التباس الصورة وَفقدان القدرة على تمييز النور من النار، وَالحق من الباطل.
يثار هذا التأمل مع كُـلِّ منعطف تتجاوَزُه المسيرةُ وَمع كُـلّ جغرافيا سكانية تصلُ إليها، وَأخيرًا وليس بآخر، ما صدرته تلك الصورة من مشاهدَ لقبائل مارب الأحرار بعد أن وصل رجالُ المسيرة إلى مناطقهم وقراهم، وبأخلاق الرجال وَسلوكياتهم اتضح معتقدُهم وَنهجُهم، فأبطلوا في أَيَّـام قلائلَ ما ظل يحيكُه العدوُّ عقوداً من الزمن.
لقد حملت منهجيةُ الشهيد المؤسّس القرآنَ الذي يمثل كمالَ المبادئ وَمنها تخرَّج رجالٌ بهم ارتفعت رايةُ البصيرة والوعي كسلاحٍ يواجهُ نقيضَه في مضمار الصراع، وَبغلبة الحق وبحكمة رجال اليمن وَصدق إيمَانهم تهاوت الراياتُ المزيَّفة وَسقط حائكوها، رغم كثرة جنودها وَبهرج ألوانها، وَعلت رايةُ الوعي ببساطتِها وَبمحدوديةِ حامليها، وتلك الفوارق في العُدة والعتاد والمال معاييرُ ظاهرةٌ لم يعد مُجدياً الرهانُ عليها أمام المعايير والمفاعيل الإلهية للنصر وَالتمكين.
وَبهذه الأخلاق وَالروح الجهادية وَهذا الكم من الوعي سيتبدد الجهلُ وَسننتصر وَسنتجاوز ما بقي على الطريق من الكمائن والمكائد.