في شهر الصوم والجهاد: اليمن يصعّد وأميركا ترصد الأضرار.. وألمانيا تعدّ الخسائر
طوال خمسة أشهر متتالية لم تهدأ العمليات اليمنية في البحرين الأحمر والعربي ومضيق باب المندب الاستراتيجي ضدّ السفن الإسرائيلية، وكلّ سفينة تحاول الوصول إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة غصبًا بحماية المدمّرات الأميركية – البريطانية وتحالفهما الدولي، قبل تنفيذ استحقاق وقف إطلاق النار في غزّة ورفع الحصار الجائر، لكن التصعيد في شهر رمضان قد يشهد تطوّرًا لافتًا وزخمًا أكبر وفقًا للقوات المسلّحة اليمنية.
في جديد عمليات اليمن مع بداية الشهر الفضيل، الإعلان عن استهداف “السفينة الأميركية “بينوكيو”، في البحر الأحمر، بصواريخ بحريّة مناسبة وسط تأكيد تصاعد زخم هذه العمليات خلال شهر الصبر والجهاد نصرة ودعمًا وإسنادًا للشعب الفلسطيني وأهالي غزّة الجوعى. وبعد العملية بساعات، قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إنها تلقت بلاغًا عن حادث على متن سفينة على مسافة 600 ميل بحري إلى الشرق من مقديشو بالصومال الحدث، لم تتضح طبيعته لكنّه في كلّ الأحوال يقلق الغرب ويزيد من ورطتهم.
القيادة المركزية الأميركية أقرّت بعمليّة اليوم الأول من شهر رمضان، وكشفت عن اسم السفينة المستهدفة كما جاء في البيان اليمني، لكنّها أخفت ملكيتها للسفينة وزعمت عدم تعرّضها لأي أضرار أو خسائر. الخسائر كي تحسبها واشنطن وتقر بها، لا تحتاج كي يغرق اليمن كلّ السفن المحظورة من المرور في البحر الأحمر، فيكفي إجبارها على تعديل المسار والإبحار عبر طريق رأس الرجاء الصالح، في رحلة أطول وأكثر تكلفة حول إفريقيا، وبالتالي ارتفاع حاد في تكاليف الشحن وغلاء في أسعار السلع، وهذا ما يلمسه كيان العدوّ وكذلك بريطانيا وألمانيا.
في هذا السياق، قالت رابطة مالكي السفن الألمانية “في.دي.آر” إن شركات الشحن تتكبّد تكلفة إضافية تبلغ نحو مليون دولار لكل رحلة بسبب تحويل المسار إلى طريق رأس الرجاء الصالح لتجنب الهجمات على السفن في البحر الأحمر. ويعدّ ذلك كافيًا لإقناع شركات الشحن المرتبطة بكيان العدوّ بمدى فاعلية وتأثير عمليات الإسناد اليمنية لغزّة بقدر إدراكها أيضًا فشل الولايات المتحدة في منع هذه العمليات بالرغم من المزاعم المتكرّرة للقيادة المركزية الأميركية عن تدمير قدرات يمنية كانت تهدّد الملاحة التجارية وليس آخرها مزاعم تدمير غواصة مسيّرة وثمانية عشر صاروخًا مضادًا للسفن بست “هجمات” في اليمن.
الحرب وموازينها غير متكافئة، في البحر الأحمر، لا نقاش في ذلك غير أن اليمن البلد الفقير والمنهك فرض تحديات كبيرة على دول كبرى على الرغم من القوّة “غير العادية” التي تتمتع بها أساطيل وحاملات الطائرات الأميركية والبريطانية.
ومن التحديات التي توقفت عندها أبرز الصحف العالمية هي عدم التماثل المتزايد في نقاط الضعف، فالدول الغربية ثرية بالأهداف التي يمكن أن تستهدف وتؤثر على مصالحها واقتصادها بخلاف اليمن الذي ليس لديه ما يخسره في هذه الحرب والمواجهة.
وبإرسال بريطانيا السفينة “دايموند” الحربية إلى البحر الأحمر وخليج عدن لتتسلم ما أسموه مهمّة حماية حركة الشحن العالمية من السفينة “ريتشموند” يدل على النية المبيتة لاستمرار جرائم حرب الإبادة والتجويع في غزّة، وأن المملكة المتحدة ستظل في طليعة الدول الداعمة لكيان العدوّ بالرغم ممّا تتكبده من خسائر عسكرية واقتصادية، وهي سبب مباشر في اتساع نطاق الحرب، وهو ما حذرت منه مديرة الاستخبارات الأميركية أفريل هاينز بقولها: “إن الهجمات من اليمن بالصواريخ الباليستية والكروز والطائرات المسيّرة في البحر الأحمر وعلى “إسرائيل” تخلق خطرًا حقيقيًا لتصعيد أوسع نطاقًا”.
إسماعيل المحاقري