في ذكرى ضربة بقيق وخريص.. جولة مفاوضات حاسمة في الرياض
يبدو أن الملف الإنساني في اليمن أمام أيّام أو ساعات حاسمة لإنجاز أهم بنوده المتعلقة بصرف رواتب الموظفين في إطار معادلة منع نهب الثروات الوطنية، وتسخيرها لتقديم الخدمات وصرف المرتبات، وكذلك انهاء الحصار بفتح مطار صنعاء إلى وجهات جديدة غير الأردن، وإزالة ما تبقى من قيود على الواردات إلى ميناء الحديدة.
بعد زيارة ابن سلمان إلى مسقط قادمًا من الهند بعد قمة العشرين للبحث في المسائل الثنائية والقضايا الاقليمة وعلى رأسها اليمن، تحرك وفد الوساطة العمانية إلى صنعاء برفقة الوفد الوطني المفاوض برئاسة محمد عبدالسلام، في زيارة تمهيدية لانتقال الوفد الوطني من صنعاء إلى الرياض، لا تبدو مصادفة أن توافق الذكرى الرابعة لضربة بقيق وخريص في الرابع عشر من سبتمبر 2019، وهي الضربة التي صنعت المنحنى التنازلي للرياض للخروج من مأزقها في اليمن، وتجنب المزيد من الخسائر بعد ظهور فعالية الأسلحة اليمنية من الصواريخ إلى الطائرات المسيّرة.
هذه الجولة سُبِقت بحراك دبلوماسي نشط، حيث وصل سفراء فرنسا وألمانيا وهولندا وفنلندا والاتحاد الأوروبي إلى مدينة عدن المحتلة منتصف الأسبوع الجاري، حاملين معهم مقترحات أممية جديدة بشأن صرف المرتبات، مقابل إعادة إنتاج النفط والغاز، بعد زيارة مشابهة للمثل الأممي هانس غروندبرغ الأسبوع الماضي إلى كل من عدن ومأرب.
تسارع الخطوات لوحظ في ظل تزايد رسائل من تحت الطاولة، كشف عن بعضها الرئيس المشاط في زيارته الى محافظتي عمران وصعدة، متمثلة في تجربة عسكرية ناجحة في البحر الأحمر أربكت الوجود الغربي، وعمليات عسكرية ايضًا في خليج عدن منعت على مدى أربعة أيام سفن نهب الغاز من الوصول إلى الميناء ضمن معادلة نهب الثروات، بالإضافة إلى اعلان الرئيس عن أسلحة جديدة يتم الكشف عنها خلال الأيام المقبلة، لعلها في العرض العسكري الكبير التي يتم التحضير له بمناسبة الحادي والعشرين من سبتمبر، والقادرة على ضرب أية بقعة في دول العدوان، من أي مكان برّي في اليمن. وتتزامن هذه الرسائل مع الإعلان السعودي عن التوقيع على اتفاق متعلق بالممر الأمريكي من الهند إلى أوروبا.
هذه الجولة بحسب مصادر قريبة من الوفد المفاوض، تأتي استكمالًا لمناقشات الجولات السابقة في مسقط وصنعاء، والبناء عليها، بعد أن حصلت صنعاء على وعود بانجاز بنود تفاهمات شهر رمضان، وخاصة المتعلّقة بصرف المرتبات وتوسيع الرحلات التجارية من مطار صنعاء وإليه، كما يحيط بها تفاؤل حذر كالعادة، إلا أنها أكثر تفاؤلًا من سابقاتها، نظرًا للتمهيد الدبلوماسي، والتأكيد السعودي للوسيط العماني على الجدية في الذهاب نحو الحلول الإنسانية كما هو مخطط لها وتم التوافق عليها.
التأكيدات السعودية أتت تحت ضغط التحذير من المماطلة والتلكؤ في خطاب السيد عبدالملك الحوثي الذي تضمن التأكيد بعبارات حاسمة أن الصبر لن يطول، وأنه لا ينبغي لحالة خفض التصعيد أن تطول، حينها أرسلت الرياض الوسيط العماني إلى صنعاء للقاء القيادة ونقل رسالة سعودية بهذا الخصوص، الأمر الذي قوبل حينها بتأكيد التحذيرات والجدية في عدم اتاحة المزيد من الوقت.
قد تكون أجواء التفاؤل هذه المرة أكبر من غيرها لكن الأمور بخواتيمها، ومن الواضح أنها جولة الفرصة الأخيرة، فإما أن تتعقل السعودية وتلقي بعنجهيتها وتستجيب للمطالب المحقة والإنسانية لشعبنا، وإلا فلننتظر ما لا يحمد عقباه لاستثماراتها وخططها واقتصادها، وما ضربة بقيق وخريص ببعيدة.
موقع العهد :علي الدرواني