في ذكرى شهيد القرآن … بقلم/ صلاح الرمام
تأتي الذكرى السنوية للشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي – رضوان الله عليه- كُـلّ عام لتجدد حقيقة واضحة أصبحت ماثلة أمام عيوننا تجسدت بحضوره الدائم ووجوده المستمر بيننا وتؤكّـد بقاءَه خالداً في واقع المجتمع اليمني جيلاً بعد جيل وبعيدا عن المأساة الكبرى والفاجعة الأليمة التي حدثت مثل هذه الأيام من العام 4004م بحق الشهيد القائد نحاول في هذه الأسطر المتواضعة والتي لا تفي ولا بشيء بسيط من حق شهيد القرآن ومن مقام هذا الرجل العظيم سوف نذكر شيء مما تركه لنا ولمسنا أثره في الواقع الذي نعيشه اليوم فهذا الرجل لم يكن مجرد عالم دين أو رجل وعظ أو مفكر أو رجل سياسة، فقد جمع هذا الرجلُ كُـلَّ صفات الشخصية البشرية الإيجابية، وِفْــقاً لكل مفاهيم ومعايير التحليل النفسي وَتوصيفات القائد البطل التي قرأناها في كتب التاريخ والروايات الملحمية، والتي تبرز فيها تخيلاتٌ لمفهوم الرجل الاستثنائي فقد تكلّم في زمنِ الصمت وثبت في زمنِ التراجع وصمد في زمن الاستسلام، وواجه كبر الطاغوت بتواضعه وأنفة ما حمله في قلبِه وهو أولُ الثائرين وأولُ المجاهدين وأولُ من ناهض الظالمين، وَهو أولُ من قارع المستكبرين ووقف في وجه المعتدين وكشف زيفَ المنافقين واطماع المستعمرين وقد حمل هم الأمة وتبنى قضاياها وكان عميق النظرة ويتمتع بروح المسؤولية كما حطم جدار الصمت والخضوع والذلة وهز عروش الطواغيت والمستكبرين بصرخة (الموت لأمريكا الموت لإسرائيل) ليعلن بذلك ولادة فجر زمن جديد لا مكان فيه للذل والهوان ولا وجود للخوف والاستكانة والاستسلام.
وهو من انتشل الأمة من ضريح غفلتها، وأيقظها من سُباتها، وحقنها بنور الثقافة القرآنية، فأعاد نبضَ قلبها ليضخَّ الوعيَ في عروقها وأنعش بالقرآن أفئدةَ أبنائها، وأشعل الهمةَ فيها وأعاد الحياةَ إلى جوارحهم، وخلق العزمَ في نفوسهم من جديد، وأثار دوافعَ الإباء والشموخ، وزرع فيها الثقة بالله، وأوقد شوقَهم وعشقَهم لحياة العز والكرامة، فنهضوا من تلك الغفلة ونفضوا عن أنفسهم غُبارَ الذل والهوان وامتطوا أحصنةَ المجد والخلود على أسرجة النضال وتسابقوا نحو صروح الحياة الكريمة التي نعيشها اليومَ ونفاخر بها على كُـلّ الأمم رغم أنف تحالفهم وحصاره وشتى حروبه كما صنع أمةً من خلالِ القرآن الكريم، أمة كريمة عزيزة منتصرة شامخة ثابتة لها قرارُها وسيادتها واستقلالها ومكانتها بين الأمم،أمةً كريمةً مؤمنةً منشدةً إلى دينها وهُويتها الإِيْمَانية أمة أبية تأبى الذل والخنوع وترفض الخضوع والركوع لغير الله تعالى.
كما أحيا من جديد ثقافة الشهادة والاستشهاد وخطها بدمائه الزكية وصنع نماذج فريدة من الرجال العظماء الذين يعشقون الشهادة وكل ما نحن فيه اليوم من تقدم وما وصلنا إليه في مجال التصنيع العسكري وكلُّ عز وكلُّ نصر يتحقق على كل الأصعدة وكلُّ الصمود الأسطوري الذي يجسده أبناء شعبنا اليمني العظيم وكلُّ القوافل التي يقدمها اليمنيون دعما للجيش واللجان في ميادين الشرف والبطولة وكلُّ الصواريخ التي تنطلق لتدك عمق دول التحالف وكلُّ الطائرات المسيرة التي تحلق في أجواء الرياض وأبو ظبي، وكلُّ مشاهد الانتصار وكلُّ التقدمات الأسطورية التي خرقت العادة وخالفت كل القواعدَ المتعارف عليها في الحروب، فكُـلُّ هذا يعود أجره لمن أسّس بنيانَ هذه المسيرة القرآنية المقدسة الشهيد القائد السيد /حسين بن بدر الدين الحوثي (رضوانُ الله عليه) .
إن الوعى الصحيح الذي نعيشه اليوم أساسه الارتباط بالله والثقة به، والاعتماد عليه، أوجد القوة والشجاعة والصمود في وجه طواغيت العالم، والعزة والانتصارات العظيمة التي منحها الله لأوليائه الصادقين وهذا ما هو إلاَّ ثمرة من ثمار الاقتداء بالشهيد القائد وجهاده وتضحياته.
إن المشروع القرآني الذي جاء به الشهيد القائد جاء متكاملاً شاملاً للمجالات الثقافية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية والإعلامية، هدفه تحرير الأمة من واقعها الذي وصلت إليه لأسباب حذر منها، ورفع وعيها بواجباتها في مواجهة العدو (أمريكا و إسرائيل) و المشروع الصهيوني الذي يحارب الأمة بكل الأساليب العسكرية و الفكرية والسياسية والاقتصادية.
صحيح أن الشهيد القائد غائبا عنا جسدا فقط وعلى العكس هو حاضر بينا بإستمرار حاضر في وجدان الأحرار والشرفاء من أبناء شعبنا اليمني العظيم وفي وجدان كل حر وشرف على مستوى العالم ككل وهو حاضر من خلال مشروعه القرآني الذي يتنامى كُـلّ يوم هُـوَ حَاضِـرٌ في الصفوف الأمامية في كل الجبهات والميادين هُـوَ حَاضِـرٌ في ساحة الإعداد والتصنيع العسكري، وحاضر في كل العمليات الهجومية وعمليات الصد والاقتحام هُـوَ حَاضِـرٌ في أوساط المجتمع يسلّحهم بالصبر ويشجّعهم على الصمود والتحمل ويحثهم على التكافُل الإجتماعي والإنفاق في سبيل الله ويدعوهم إلى تزكية النفوس وتطهير القلوب.
بقي الحسين ومنهج الحسين، وأثمرت دماءُ الحسين أُمَّـةً عظيمةً يمنيةً أصيلةً، تصرخُ بالموت للمستكبرين وتضحي بالمال والنفس؛ من أجلِ الدين والوطن، وتنصر القدسَ وتنتصر له بمواقف خلّدها التاريخُ في أنصع صفحاته، وهاهم أعداء الحسين قد انتهى البعض والبعض الآخر يسير في طريق النهاية وهم إلى الزوال أقرب والحسين ومشروع الحسين لازال باقيا وسوف يبقى إن شاء الله تعالى إلى قيام الساعة والنصر حليف الحسين وأنصار الحسين وفي ذكرى الحسين نجدد الوعد والعهد أننا ماضون في الطريق التي سقاها بدمائه الطاهرة وسوف نكون عند حسن الظن حتى يسود هذا المشروع في بقاع المعمورة وللسيد القائد سماحة السيد /عبدالملك بدر الدين الحوثي [حفظه الله] نقول أمضي بنا يا بن رسول الله أنا شئت فنحن جندك المطيعون رهن أمرك في الليل والنهار نعشق الحرب ونحب الشهادة ونتسابق على البذل والتضحية لن نكل ولم نمل مستعدون لخوض المعركة وإن أستمرت إلى يوم القيامة لن نترك الساح ولن نترك السلاح وهيهات منا الذلة….