في “ذكرى الصرخة”.. من هم “أنصار الله”؟
وضع السيد حسين بدر الدين الحوثي البذرة الأولى لمسيرة أنصار الله في اليمن، وحينها كان السيد الحوثي يصف المنضويين في مسيرة أنصار الله، قبل أن تعرف بهذا الاسم بأنهم مجاميع من المؤمنين يتحركون على أساس القرآن الكريم، رافضًا تأطير التحرك تحت مسميات مذهبية معينة، مؤكدًا على الانتماء الإسلامي والهوية القرآنية لمسيرة أنصار الله كعناوين جامعة قابلة لاحتواء المسلمين جميعاً.
تميز مشروع أنصار الله في الشق السياسي للتحرك بالدعوة الى مناهضة التحركات الأمريكية و الصهيونية في المنطقة بوجه عام واليمن بوجه خاص، حيث سلط السيد حسين بدر الدين الحوثي في جملة دروس ألقاها تحت عنوان “دروس من هدي القرآن الكريم” سلط الضوء بشكل واسع على التحركات الأمريكية النشطة حينها في اليمن مطلع الألفية الجديدة في العام 2001، متطرقًا إلى الأطماع الأمريكية في اليمن الذي ازداد توغلاً بعد أحداث أيلول/ سبتمبر، وتفجيرات المدمرة الأمريكية كول، متفردًا حينها بالسبق لوصف تفجيرات مبنى التجارة العالمي بأنها صنيعة أمريكية واتهام ما يُسمى بالقاعدة بالذراع الاستخباراتية الأمريكية قبل أن تأتي الأحداث فيما بعد لتكشف الحقائق التي استفاض في اثباتها في العام 2001.
تعرضت مسيرة أنصار الله لمضايقات عديدة من السلطة ” نظام عفاش ” الذي حاول مرات عديدة الضغط على السيد حسين الحوثي لوقف شعاره الشهير ” الله أكبر.. الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود.. النصر للإسلام”. وبعد فشله أعلن حربًا ضد السيد حسين وأنصاره في منطقة مران بصعدة بعد عودته من واشنطن بحزمة من الأسلحة والمدربين.
بعد استشهاده عام 2004 انتقلت القيادة الى والده، ومنه الى ابنه السيد عبد الملك الحوثي القائد الحالي للمسيرة.
ساهمت الظروف الصعبة وظلم النظام اليمني السابق لسكان صعدة خاصة، والقصف العشوائي على المدنيين خلال حروب صعدة بازدياد أعداد أنصارها والتابعين لها، وانضمام أعداد كثيرة من السكان والقبائل حيث وجد هؤلاء في أنصار الله ملجأً لهم.
مثلت محافظة صعدة مركزاً أساسياً لأنصار الله، لما فيها من ثقل للمؤيدين والمنضمين لصفوفها، خصوصًا قبل الثورة الشعبية وازدياد القواعد الشعبية المؤيدة لأنصار الله في صنعاء، ومحافظات شمالية أخرى.
شنّ النظام السابق عليها ستّة حروب، بدأت منذ العام 2004، مطلقًا في مرحلة لاحقة من الحرب تهمة العلاقة بايران، رغم تصويب السيد حسين بأن سبب الخلاف هو موقف الحكومة الموالي للولايات المتحدة، وتبعتها العديد من الجولات القتالية حتى عام 2009. وانتهت جميعها بالفشل، فيما يخوض أنصار الله الحرب السابعة منذ عام 2015 حتى الساعة، الى جانب الجيش واللجان الشعبية في مواجهة عدوان التحالف العربي بقيادة السعودية، وإشراف وإدراة الولايات المتحدة، ومشاركة 15 دولة في بداية الأمر ، والذي فشل بتحقيق أي من أهدافه.
وجرّاء الظلم الكبير الذي تعرض له الشعب اليمني، تصدت الحركة للدفاع عن حقوقه، حيث قادت ثورة شعبية إثر موجة من التجويع والغلاء الفاحش، و ارتفاع أسعار الوقود عام 2014، فاختارت القوى التقليدية المهيمنة على الجيش حينها بقيادة الجنرال علي محسن الأحمر مسنودًا بحزب الإصلاح وقياداته ذات الخلفية المتطرفة، اختارت شن عمليات عسكرية متقطعة استهدفت مجاميع الشعب المطالبة بإلغاء القرارات الحكومية لحكومة المبادرة الخليجية التي تسببت بارتفاع الأسعار وانتشار الفقر.
لكن المجاميع الشعبية ومن بينها أصار الله تمكنت من أخذ زمام المبادرة وسيطرت على مقرات حزب الإصلاح وألوية الجنرال علي محسن الأحمر، ليكون هؤلاء أول المغادرين الذين احتضنتهم المملكة، وخلال تلك الفترة كان هادي الذي كان يشغل منصب رئيس الجمهورية يقف على الحياد، مستفيدًا من انتهاء هيمنة الجنرال محسن، وبعض قيادات حزب الإصلاح الذين كانوا يتحكمون بقراراته لأكثر من عامين.
شهدت صنعاء عقب الأحداث حوارًا برعاية الأمم المتحدة بإشراف المبعوث الأممي حينها جمال بن عمر، مقتربين من التوصل لصيغة جديدة تنهي أسباب الأزمة وتضمن الشراكة السياسية لجميع الأطياف في الجنوب وصعدة.
بعد انتهاء نفوذ الجنرال علي محسن وتراجع قبضة حزب الإصلاح المرتبط بالولايات المتحدة شهدت صنعاء والمحافظات استنفار الجماعات التكفيرية المسلحة، واستخدامها كأداة لقمع المعارضين وأنصار الله، حيث هاجمت ما تسمى القاعدة تجمعات من المدنيين، ومراكز لحركة أنصار الله إضافة للعديد من المساجد، وأوقعت المئات من الشهداء من بينهم أطفال، وكان الهدف هو تقديم الصراع على أنه حرب أهلية بين جماعات متمردة، لا انقلاباً على النظام الظالم.
فوجئ المتحاورون، وخلال هدوء الأوضاع بإعلان الفار هادي استقالته من منصبه، وإقالة حكومة الإنقاذ الوطني برئاسة خالد بحاح ليفر بعدها هادي مباشرة الى الرياض، ويلتحق به العديد من المحسوبين عليه وعلى حزب الإصلاح.
في السادس والعشرين من مارس 2015 كانت أعلنت المملكة العربية السعودية عبر سفيرها في واشنطن إنطلاق ما سمته “عاصفة الحزم” على اليمن، وبدأت بتنفيذ غارات جوية، وتحديد جملة أهداف لم تتحقق حتى الان، وهو ما وصفه السيد جمال بن عمر المبعوث الخاص للأمم المتحدة في اليمن بأنه قوّض جهود السلام، مؤكدًا أن الحرب التي أعلنتها السعودية أفشلت جهود السلام في اليمن بعد أن كان اليمنيون قاب قوسين أو أدنى من قطف ثمار الحوار السياسي المرعي من قبل الامم المتحدة.
ولا تزال المواجهات مستمرة إلى اليوم حيث يخوض أنصار الله والجيش اليمني واللجان الشعبية حربًا ضروسًا مع قوات التحالف الأميركي- السعودي- الإماراتي بدعم لوجستي صهيوني، إلا أن القوة الكبيرة التي تمتلكها حركة أنصار الله، ظهرت جلياً عند قدرتها باستهداف مناطق في الرياض والعمق السعودي، ومراكز حيوية منها محطة أرامكو ومطار الرياض، وقدرتها على محاصرة مدينة مأرب الاستراتيجية والتقدم على تخومها، وتحرير العديد من المناطق الأخرى جعلت السعودية تستجيب لمفاوضات وقف إطلاق النار بشروط لا بتسوية.
وقد باتت حكومة الإنقاذ الوطني والمجلس السياسي الأعلى الذي يرأسه مهدي المشاط عضو المكتب السياسي لأنصار الله، تحكم أكثر من 80 % من المناطق السكانية في اليمن.
وتشير التقارير الدولية إلى أن عدد المقاتلين المنضوين مع أنصار الله كان يزداد عقب كل حرب تشنها الحكومة اليمنية السابقة، فيما كانت الحركة تخوض جميع حروبها بخطة قتال، وهيكل تنظيمي يصعب تحليله.
ويمثل: السيد عبد الملك الحوثي رأس هرم مسيرة أنصار الله ، فيما يمثل أنصار الله سياسيًا عبر المكتب السياسي، ويضم كلاً من: محمد عبدالسلام، عبدالملك العجري، عبدالوهاب المحبشي، فضل ابوطالب، وآخرون.
أما القادة الميدانيين فقد اشتهر منهم: عبد الخالق الحوثي، وأبو علي الحاكم، وآخرون.
حركة أنصار الله اليوم أقوى وأكثر عمقاً وأكثر عديداً وعُدة، لقد اكتسبت خبرة عميقة في الحرب الأخيرة على مختلف الصعد السياسية والعسكرية، بالإضافة الى العلاقات التي وثقتها مع كثير من الجهات والقوى الإقليمية في العالمين العربي والإسلامي.
* المصدر: عرب جورنال