في اليوم العالمي لحقوق الإنسان.. حرب الإبادة والأزمة الإنسانية في اليمن.. زيف الادعاءات الأممية وقبح الصمت العالمي
Share
القوانين والمواثيق الدولية بشأن حماية المدنيين.. حبر على ورق
أرقام ضحايا ثمانية أعوام من العدوان والحصار تكشف الزيف الدولي
في اليمن تجاوز تحالف العدوان القوانين الدولية ومارس أبشع الانتهاكات لحقوق الإنسان ونجا من المساءلة
خلال سنوات العدوان الثمان ارتكب تحالف العدوان مئات الجرائم والانتهاكات بحق اليمنيين رجالاً ونساءً وأطفالاً، وهدم البيوت على رؤوسهم دون أي ذنبٍ اقترفوه سوى أنهم يريدون العيش بكرامة، تاركاً آلاف الحالات التي أصيبت بالإعاقة والمواليد التي تولد مشوهة نتيجة آثار الأسلحة المحرمة التي استخدمها تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، طيلة السنوات الثمان، وهناك ما لم تستطع العدسات رصده والأقلام توثيقه من الجرائم والانتهاكات التي يندى لها جبين الإنسانية، ومع كل ما قد جرى من مجازر بحق اليمنيين، يبقى العدوان مستمراً بغطاء أممي ودولي، وكذلك الحصار. حربُ إبادة من يتأمل في واقع مئات المجازر التي ارتكبها طيران تحالف العدوان بحق اليمنيين، يدرك حقيقة الحرب التي تشنها دول تحالف العدوان برعاية أمريكا وقوى الاستكبار، ولم تتورع قوى العدوان عن ارتكاب المجازر بشكل علني، وطالت غاراتها مجالس العزاء والأفراح وحافلات الأطفال وملاجئ النازحين، فيما يمعن في تشديد الخناق على اليمنيين بالحصار براً وبحراً وجواً، لتركيعهم وتحقيق مبتغاه الاستعماري والاستكباري بالسيطرة على البلد- كل البلد- ونهب مقدراته. أواخر نوفمبر الماضي أكد مركز عين الإنسانية للحقوق والتنمية استشهاد وجرح 47,673 مواطناً، بينهم 18,013 شهيداً و29,660 جريحاً، خلال سنوات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن، الذي لم يراعِ حقوق إنسان ولا مواثيق ولا حقوقاً ولا حريات، رغم تشدقه والعالم بها باستمرار، لتحقيق الأهداف السياسية والمالية للأمم المتحدة على وجه الخصوص. وبالدخول إلى تفاصيل إحصائية عين الإنسانية، يؤكد المركز استشهاد 4061 طفلاً وجرح 4739 آخرين، وكذلك استشهاد 2454 امرأة وإصابة 2966 أخرى، بالإضافة إلى استشهاد 11498 مواطناً وإصابة 21955 آخرين، من خلال مئات الجرائم التي ارتكبها تحالف العدوان على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي، الذي باع ضميره بالمال، ولم تحركه صيحات الأطفال الذين بعثرتهم طائرات العدوان أشلاءً، فضلاً عن أن المجازر لم تكن طي الكتمان، حيث وثقتها العدسات وبثتها القنوات ليشاهدها العالم الصامت. دمارٌ شامل وأوضح مركز عين الإنسانية أن العدوان دمر 598 ألفاً و737 منزلاً، و182 منشأة جامعية، و1679 مسجداً، بالإضافة لتدمير379 منشأة سياحية، و415 مستشفى ومرفقاً صحياً خلال 2800 يوم، فيما دمر تحالف العدوان 1242 مدرسة ومركزاً تعليمياً، و140 منشأة رياضية، و255 موقعاً أثرياً، و61 منشأة إعلامية، و10803 حقول زراعية، وكلها ترتبط مباشرة بالإنسان اليمني، الذي بفعل تحالف العدوان لم تعد سبل الحياة متوفرة له، لا في الصحة ولا في التعليم ولا حتى الغذاء نتيجة للحصار. البنية التحتية هي الأخرى لم تسلم من قصف طائرات العدوان السعودي الأمريكي، وبحسب مركز عين الإنسانية استهدف طيران العدوان 15 مطاراً، و16 ميناءً، و344 محطة كهرباء، و 7099 طريقاً وجسراً، كما دمر طيران العدوان 616 شبكة ومحطة اتصال، و2974 خزاناً وشبكة مياه، و2101 منشأة حكومية، في دلالة واضحة على الحقد السعودي الأمريكي الإماراتي على الإنسان اليمني، حيث يسعى تحالف الشر إلى حرمانه من كل ما يتعلق بحياته اليومية ويضمن استمرارها بسلاسة. المنشآت الاقتصادية كذلك لم تسلم لكونها ترتبط بلقمة عيش الإنسان اليمني، وفي ما يتعلق بها يؤكد عين الإنسانية في إحصائيته الأخيرة أن العدوان استهدف 407 مصانع، و385 ناقلة وقود، و12030 منشأة تجارية، و454 مزرعة دجاج ومواش، كما دمّر 10112 وسيلة نقل، و998 شاحنة غذاء، و700 سوق، و485 قارب صيد، و1014 مخزن غذاء، و425 محطة وقود خلال 2800 يوم، وكل هذه المنشآت ترتبط بالإنسان اليمني ويحتاجها لاستمرار حياته أو يعمل فيها ليعول أسرته، ولكن ذلك لم يعد متاحاً له بفعل تحالف العدوان. حبرٌ على ورق تكفل القوانين الدولية والمواثيق الإنسانية حماية المدنيين، إلا في اليمن فإن الوضع مختلف تماماً، حيث رمى بها تحالف العدوان بعرض الحائط متجاهلاً لها ومصراً على ارتكاب المزيد من الجرائم، حيث يوفر له المجتمع الدولي الغطاء السياسي لما يقوم به، ويتلذذ بمعاناة اليمنيين التي لم تحرك ضميره، الذي تحرك بسرعة إزاء ما يحصل في أوكرانيا، رغم أنه لم يصل إلى مستوى ما يجري في اليمن. حتى نهاية أغسطس 2022م، بحسب المجلس الأعلى لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية، ارتفع عدد النازحين في اليمن- جرّاء العدوان والحصار منذ نحو ثمانية أعوام- إلى خمسة ملايين و159 ألفاً و560 نازحاً، يعانون نقصاً كبيراً في الغذاء والمستلزمات الضرورية للحياة، حيث فاقم قرار تقليص المنظمات الدولية للمساعدات الإنسانية معاناة 740.122 أسرة نازحة في 15 محافظة بسبب العدوان والحصار. المجلس الأعلى للشؤون الإنسانية يؤكد أن مليوناً و168 ألفاً و664 فرداً نازحاً لا يحصلون على مساعدات حتى اللحظة، رغم المطالبة المستمرة للمنظمات بالاضطلاع بدورها ومسؤولياتها تجاه النازحين، بيد أن المنظمات الدولية تبدي صمتاً مريباً، رغم أنها تتشدق بحقوق الإنسان، وتصف الإنسانية في اليمن بأنها الأبشع على مستوى العالم، وتجني ملايين الدولارات تحت غطاء الدعم الإنساني في اليمن. حتى الدواء المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، في تقرير لها تقول “إن أكثر من 20 مليون شخص بحاجة للمساعدة الإنسانية في اليمن، والكثير الكثير من الإحصائيات والأرقام التي ربما الواقع أكثر بشاعة منها، إلا أنها تكشف أن المواثيق الدولية والحقوق والحريات ليست سوى حبر على ورق تستخدمها أمريكا وقوى الاستكبار متى تشاء وتتغاضى عنها حينما تريد، خدمة لمصالحها ولا شأن لها بما يتعرض له الشعب اليمني. وزارة الصحة العامة والسكان في حكومة الإنقاذ الوطني- في أواخر نوفمبر الماضي- دقّت ناقوس الخطر وأعلنت في تقرير لها أن 51 % فقط من المراكز الصحية في البلاد تقدم خدماتها للمرضى، مؤكدةً نفاد مخزون الأدوية والمواد الطبية التي تستخدمها مراكز غسيل الكلى في عام 2023، بالإضافة إلى انقطاع دواء الأنسولين الخاص بمرضى السكري، وهنا ما يؤكد قبح العدوان واستغلاله حتى للجانب الصحي، محاولاً إجبار اليمنيين على القبول بما لم يستطع تحقيقه بعدوانه العسكري، الأمر الذي لم يتحقق له حتى الآن ولن يتحقق مهما كان. وفي التفصيل أكّدت الوزارة أن أكثر من خمسة آلاف مريض بالفشل الكلوي، مهدَّدون بالوفاة، إذا توقفت جلسات الغسيل، نتيجة نفاد الأدوية والمحاليل الخاصة بعلاجهم، مشيرةً إلى عدم وجود مخزون كافٍ من أدوية ومواد ومستلزمات الغسيل الكلوي، وخلو مخزون العام 2023م من الأدوية وداعيةً المنظمات الدولية والإنسانية للقيام بواجبها تجاه مرضى الفشل الكلوي وتوفير الأدوية والمحاليل الخاصة بهم، في الحين الذي تلبي المساعدات المقدمة 13 % فقط من الاحتياج الصحي. وتحتفل الأمم المتحدة سنويًا بيوم حقوق الإنسان في 10 ديسمبر، إحياءً لذكرى اليوم الذي اعتمدَت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة ما يسمى بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان في العام 1948م، الذي يُفترض أنه يحفظ حقوق الإنسان بدون أي تمييز على أساس الجنسية أو مكان الإقامة أو الجنس أو الأصل القومي أو العرقي أو الدين أو اللغة أو أي وضع آخر، بحسب ما ورد في الإعلان نفسه، بيد أن الواقع في اليمن يكشف عكس ذلك تماماً ، حيث تستمر الأزمة الإنسانية التي سببها العدوان بغطاء أممي ودولي، ويستمر الحصار الجائر بغطاء أممي ودولي. إلى ذلك، يعتبر المجتمع الدولي- الذي على رأسه أمريكا- مطالب صنعاء بدفع رواتب الموظفين من عائدات النفط اليمني مطالب متطرفة، وهنا ما يضع ما يسمى بحقوق الإنسان التي تدعيها الأمم المتحدة الخاضعة لسيطرة قوى الاستكبار على المحك، حيث أن ثمان سنوات من العدوان والحصار الجائر على اليمن، أثبتت زيف الادعاءات الأممية بما يسمى حقوق الإنسان، وللعالم أن يرى اليمنيين بأطفالهم ونسائهم يكابدون ويلات الحرب الظالمة منذ مارس 2015م حتى اليوم، ليكتشف كم أن ما يسمى بإعلان حقوق الإنسان أكبر كذبة اختلقها الغرب لضمان مصالحه وتدمير الشعوب واستغلالها واحتلالها وإذلالها.