فيتو أميركي على «خارطة الطريق» | صنعاء – الرياض: مفاوضات في مسقط
في الوقت الذي أكدت فيه جهوزيتها للمواجهة مع العدو الإسرائيلي والأميركي، أبدت صنعاء أيضاً استعدادها للتوقيع على «خارطة الطريق» الأممية للسلام في اليمن، والانخراط الجاد في مفاوضات مع الرياض، وليس مع الأطراف اليمنية الموالية للتحالف السعودي – الإماراتي. وجاء ذلك بالتزامن مع انطلاق مفاوضات غير معلنة بين الطرفين في مسقط، أمس، برعاية أممية.
ونقلت وكالة الأنباء الرسمية «سبأ» (نسخة صنعاء)، عن وزير الخارجية والمغتربين في حكومة صنعاء، جمال عامر، تأكيده، خلال لقائه كبيرة مستشاري مكتب المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، فاطمة الزهراء النقي، ومدير مكتب المبعوث في صنعاء، محمد الغنام، مساء أول من أمس، أن «صنعاء جاهزة للتوقيع على الخارطة في حال كان النظام السعودي جاداً في المضي في جعلها واقعاً، باعتباره طرفاً أصيلاً في الحرب». ودعا الأمم المتحدة إلى إقناع الرياض بالعودة إلى مسار السلام بعدما رضخت للإملاءات الأميركية، وأوقفت التوقيع على «خارطة الطريق» التي كانت تسير بشكل جيد، إلى حين ربط الإدارة الأميركية تنفيذها والبدء بصرف مرتبات الموظفين، بوقف صنعاء عملياتها العسكرية ضد إسرائيل في البحر الأحمر، وهو ما رفضته الأخيرة نظراً إلى عدم الارتباط بين الملفين. وجدّد تأكيد «استمرار الموقف اليمني في تقديم الدعم والإسناد للأشقاء الفلسطينيين حتى يتم إنهاء العدوان العسكري ودخول المواد الغذائية والدوائية والوقود إلى قطاع غزة».
وكان غروندبرغ قد كثّف حراكه الديبلوماسي خلال المدة الماضية، محاولاً تثبيت الهدنة المعمول بها منذ عامين ونصف عام، وسط مساعٍ أميركية لتفجير الوضع العسكري في عدد من الجبهات اليمنية. وعقد، في هذا الإطار، لقاءات في عدد من الدول العربية، وضاعف من تواصله مع الأطراف اليمنية. ووصلت وفود أممية إلى كل من صنعاء وعدن، وأجرت مباحثات على مستوى وزراء الخارجية. واجتمع نائب المبعوث الأممي، سرحد فتاح، مع وزير خارجية عدن، شائع الزنداني، الذي رفض أي مساعٍ أممية للسلام، عبر إعلانه التمسك بالمرجعيات الدولية التي تطالب حركة «أنصار الله» بتسليم سلاحها والانسحاب من صنعاء، وهي مرجعيات تجاوزها الوضع العسكري في اليمن منذ عام 2015.
صنعاء تتعامل مع التحركات لفتح الجبهات باعتبارها عملية جس نبض لا أكثر
وتزامناً مع انطلاق جولة المفاوضات الجديدة بين الرياض وصنعاء بوساطة عمانية، كشف مقرّبون من واشنطن عن عرقلة جديدة من قبل الأخيرة لـ«خارطة الطريق»، برفضها خطوة توحيد البنك المركزي في صنعاء وعدن، واشتراطها وقف الحظر اليمني للملاحة الإسرائيلية في البحر الأحمر إسناداً لقطاع غزة. وقال المدير التنفيذي في معهد واشنطن المقرّب من مراكز صنع القرار الأميركي، سيف المثنى، في تدوينة على منصة «إكس»، إن «إدارة جو بايدن رفضت توحيد البنك المركزي في اليمن»، مضيفاً أن «واشنطن تشترط وقف هجمات الحوثي في البحر الأحمر»، ومؤكداً أن «هذه الخطوة تأتي في ظل الترتيبات الاقتصادية التي تُركز عليها مشاورات مسقط».
ويتزامن ذلك مع ترتيبات تجري بإيعاز أميركي في الرياض، وتهدف إلى توحيد الميليشيات المنقسمة في المحافظات الجنوبية تحت قيادة ما يُسمى «القوات المشتركة» التي يقودها التحالف السعودي – الإماراتي في اليمن، استعداداً لتصعيد يبدو أن توقيته تأجل إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية. ويرى مراقبون في صنعاء أن التحركات الأخيرة في هذا السياق، ليست سوى محاولة جس نبض لا أكثر، وتتعامل معها «أنصار الله» بحذر كونها تدرك أن قرار الحرب والسلم ليس بيد حلفاء أميركا وإسرائيل في المنطقة، بل بيد واشنطن التي تعيق حتى الآن تنفيذ أي خطوات في مسار السلام المتعثّر منذ أواخر كانون الأول الفائت.