فلسطين تعتبر القرار الأمريكي بشأن منتجات المستوطنات “جريمة حرب” وشرعنته “قرصنة”
لاقى القرار الأمريكي حول منتجات المستوطنات الذي يلزم بوضع عبارة “صُنع في إسرائيل” على المنتجات المصنعة في الأراضي الفلسطينية المحتلة استنكارا واسعا من مختلف الأوساط الرسمية والفصائلية والحقوقية الفلسطينية التي اعتبرته بمثابة “جريمة حرب” وشرعنته “قرصنة”.
وفي السياق، عدّت وزارة الخارجية الفلسطينية ، القرار الأمريكي، بمثابة “جريمة حرب”.
وقالت في بيان إن “القرار يمثل انحطاطا قانونيا وأخلاقيا في تبييض بضائع المستوطنات غير الشرعية، ومحاولة لإضفاء الشرعية على سرقة الأرض والمنتجات الفلسطينية، وتشجيعا على ارتكاب إسرائيل لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ضد الشعب الفلسطيني”.
ونددت الخارجية الفلسطينية، بكافة القرارات الداعمة للاحتلال الإسرائيلي، التي اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته، دونالد ترامب.
وطالبت المجتمع الدولي “بالاقتداء بالشعوب التي ترفض وتقاطع بضائع المستوطنات، باعتبارها مخالفة واضحة لقواعد القانون الدولي”.
وفي امتداد واضح لخطوات سابقة اتخذتها إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب لتدعيم الاستيطان الإسرائيلي وشرعنته، أقدمت إدارة ترامب مؤخرا على تنفيذ هذا القرار الذي عده الفلسطينيون، بمثابة “جريمة حرب”.
وكانت الولايات المتحدة ، قد أعلنت عن هذا القرار خلال زيارة قام بها وزير خارجيتها مايك بومبيو إلى المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي الفلسطينيين في الضفة الغربية والجولان المحتل في 19 نوفمبر 2020.
وقال بومبيو في تصريحات حديثة له، إلى أن هذا القرار “يتماشى مع نهج السياسة الخارجية الأمريكية” الداعم للكيان الإسرائيلي من الإدارات الأمريكية المتعاقبة.
وكشفت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، الخميس أن مكتب الجمارك الأمريكي، أصدر لائحة تتضمن إلغاء التمييز بين المنتجات المصنعة داخل منطقة الخط الأخضر (غير المحتلة بحسب القانون الدولي)، والأخرى المصنعة في مستوطنات الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية.
وبحسب الصحيفة، فإنه سيتم تعريف جميع المنتجات بما فيها تلك الصادرة من المستوطنات تحت اسم “صنع في إسرائيل”.
بدورها، أكدت وزارة الاقتصاد الفلسطينية ، إن وسم الإدارة الأمريكية، لبضائع المستوطنات على أنها صنعت في إسرائيل، قرصنة للموارد والمنتجات الفلسطينية، ومخالفة للقوانين والمواثيق الدولية التي تجرم الاستيطان والتعامل معه.
واعتبرت الوزارة في بيان لها، الخطوة الأمريكية، شرعنة للاستيطان، ومحاولة لفرض أمر واقع، وقلب للحقائق والوقائع الدولية الخاصة بتجريم الاستيطان، عبر ممارسة تزوير لمنشأ منتجات المستوطنات غير الشرعية المقامة على ارض دولة فلسطين المحتلة.
وفي السياق نفسه، استنكر مسؤولون بارزون وفصائل فلسطينية، الجمعة، قرار الإدارة الأمريكية اعتبار منتجات المستوطنات بضائع إسرائيلية، معتبرين القرار جزءا من “صفقة القرن” المزعومة.
واستنكرت حركة حماس، قرار الولايات المتحدة وعدته “انتهاكا للقانون الدولي” و”بلطجة” ضد حقوق الشعب الفلسطيني.
وقال حازم قاسم، الناطق باسم الحركة، في تصريح لوكالة الأناضول “إن القرار يعكس إصرار واشنطن على انتهاك القانون الدولي ومخالفة كل الأعراف الإنسانية
وأضاف أن القرار الأمريكي “تكريس لمنطق البلطجة الذي تمارسه واشنطن ضد حقوق شعبنا المشروعة”.
وتابع: “واضح أن الخطوات المتسارعة التي تقوم بها الإدارة الأمريكية لخدمة نتنياهو (رئيس الوزراء الإسرائيلي)”.
وشدد على أن الخطوة الأمريكية “إهانة حقيقية لكل المنظومة العربية”، وأوضح أن “التطبيق العملي لإلغاء وسم صنع في المستوطنات، جاء للتشجيع من خطوات التطبيع التي اتخذتها بعض الأطراف العربية”.
من جهته،قال الناطق باسم حركة “الجهاد” الفلسطينية، داود شهاب، للأناضول، إن “القرار الأمريكي يمثل انتهاكا واضحا للقانون الدولي، ومساندة لإرهاب المستوطنين، وعدوان جديد ضد شعبنا”.
وأضاف شهاب، أن “زيارة بومبيو التي شملت أيضا الجولان السوري المحتل، تندرج في السياق الاستعماري الذي تعتبر الإدارة الأمريكية جزءا منه”.
ودعا إلى حملات مقاطعة دولية للمنتجات الإسرائيلية ردا على القرار الأمريكي.
من جهتها، اعتبرت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، في بيان، أن “القرار الأمريكي عدوان جديد بحق شعبنا”.
وذكرت الجبهة، أن “القرار هو اعتراف ضمني بتصاعد حملات المقاطعة للمنتجات الإسرائيلية وتأثيرها الاقتصادي على العدو”.
وأكدت أنه “لا يمكن للإدارة الأمريكية أو إسرائيل إنهاء حملات المقاطعة بجرة قلم”، في إشارة لقرار بومبيو حول منتجات المستوطنات.
بدوره، ذكر رئيس “اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار” بفلسطين، جمال الخضري، في بيان، أن زيارة بومبيو لمستوطنات الضفة “جزء من صفقة القرن الإسرائيلية الأمريكية”.
وأردف: “زيارة المستوطنات غير الشرعية جاءت لإعطاء ضوء أخضر أمريكي لشرعنة خطوات إسرائيل المتلاحقة بالقدس والضفة الغربية، رغم عدم قانونيتها، ومخاطرها على الأرض والإنسان الفلسطيني”.
وأوضح أن تلك الخطوات “هدفها إعطاء دفعة قوية لتسريع البناء الاستيطاني، وشرعنة المستوطنات، وإعطاء غطاء للضم، وكلها مطالب إسرائيلية تتبناها إدارة ترامب”.
وشدد على أن الاستيطان غير شرعي، و”إسرائيل تُسابق الزمن في فرض وقائع على الأرض تصبح حقائق بفعل الأمر الواقع”.
وسبق لواشنطن أن أعلنت في 19 نوفمبر 2019، أنها لم تعد تعتبر الاستيطان بالأراضي الفلسطينية المحتلة “غير قانوني”.
وتلجأ العديد من البلدان التي لا تعترف بشرعية “الاستيطان” إلى “وسم” منتجات المستوطنات، بغرض تمييزها، على غرار دول الاتحاد الأوروبي.
من جانبه، قال المختص الفلسطيني بالشؤون الاستراتيجية والقانونية المستشار زيد الإيوبي إن “قرار الإدارة الأمريكية الجديد الذي أعلن عنه وزير الخارجية الأمريكي والقاضي بوسم منتجات المستوطنات الإسرائيلية المقامة على الأراضي الفلسطينية بأنها منتجات إسرائيلية هو قرار عدائي يؤكد انحياز أمريكا للاحتلال والاستيطان الإسرائيلي”.
وأضاف ، أن “هذا القرار يمثل اعتداءً على قرارات الشرعية الدولية وخصوصا قرارات مجلس الأمن الدولي لا سيما قرار رقم 2334 والتي يؤكد على أن تكريس الأمر الواقع الاستيطاني في الأراضي المحتلة عام 1967 لن يكسب إسرائيل أي حق على هذه الأراضي ولن ينف عدم مشروعية هذه المستوطنات باعتبارها جريمة حرب تستحق العقاب عليها”.
وأشار الأيوبي إلى أن “الإدارة الأمريكية أصبحت بموجب هذا القرار شريكة مباشرة في جرائم الحرب الاستيطانية التي ترتكبها سلطات الاحتلال الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني وحقوقه التاريخيه على أراضيه المحتلة”.
ونوه إلى أن “هذه الخطوة تمثل انتهاكا صارخا للقانون الدولي والمجتمع الدولي لن يرضى بها والقيادة الفلسطينية ستتوجه من جديد للمجتمع الدولي والمحاكم الجنائية الدولية لتقديم شكاوى جديدة ضد الرئيس ترامب وإدارته باعتباره شريك مباشر في جريمة الاستيطان كجريمة حرب”.
وتابع: “وذلك من خلال دعمه وإدارته للاستيطان وتهيئة الظروف للمضي قدما في تكريس أمر واقع استيطاني في الضفة الغربية والقدس على طريق تقويض حل الدولتين والقضاء على أي فرصة لإرساء السلام العادل والشامل في المنطقة”.
وأكد أن “الشعب الفلسطيني متمسك بحقوقه في مقاومة الاستيطان بشتى الوسائل القانونية وخصوصا المقاومة المدنية الشعبية التي أثبتت نجاعتها في مواجهة الاستيطان وتقويض مشاريع حكومة الاحتلال وإفشالها”.