فلسطين الواحدة هزيمة المحتلّ الكبرى
فيصل الأشمر
عملَ العدو الصهيوني عشرات الأعوام لفصل الضفة الغربية عن غزة، وحين انسحب من الأخيرة في العام 2005 ظن أنه بانسحابه قد أعطى الفلسطينيين من الحرية والأرض ما ينسيهم باقي الأراضي الفلسطينية المحتلة. ففي غزة يمكن لهم أن يشكلوا دولة كما يحلو لهم، وفي غزة لهم أن يمارسوا ما يشاؤون من سيادة، وكفى الله الغزاويين شر القتال.
أما في الضفة الغربية فللفلسطينيين دولة وسلطة، وحكومة وعلَم، ولا بأس من ممارسة كل الوسائل لإحداث الخلافات بين الضفة وغزة، فكلما انقسم الفلسطينيون كان أفضل وأنفع.
على مرّ المواجهات الحربية بين الفلسطينيين والعدو كان ميدان المواجهة في غزة فقط، وما حولها من مستوطنات صهيونية، ودائماً كان العدو هو المبادر إلى الحرب، بذريعة أو من دونها، وكانت غزة تدافع عن نفسها برجالها وسلاحها.
في المواجهة الأخيرة التي توقفت الأعمال القتالية فيها فجر هذا اليوم، عبرت غزة إلى كل فلسطين، وكانت المرة الاولى التي يبدأ فيها القتال بقرار فلسطيني، وكانت الصواريخ الأولى التي انطلقت من غزة هدية الغزاويين إلى أهلهم المقدسيين الذين احتفلوا بمشاهدة هذه الصواريخ في سماء مدينتهم، فكأنها تحمل إليهم شوق غزة إلى القدس، وقرار غزة الحاسم بأن المقاومة هي لكل فلسطين وأن رجال غزة مستعدون للمبادرة للحرب -للمرة الأولى- كرمى لعيني القدس وأهلها.
كما شاهدنا أبناء المدن والقرى الفلسطينية المحتلة منذ العام 1948، وهم ينتفضون الانتفاضة الكبرى، ويضربون الإضراب الأكبر، واصلين ما بين شرق فلسطين -الضفة- وغربها -غزة- غير آبهين بسلاح العدو وتهديداته، مشاركين في المواجهة والحرب على طريقتهم وبقدر ما استطاعوا، مثبتين مرة جديدة، للعدو والعالم، أنهم فلسطينيون قبل كل شيء، وفلسطينيون بعد كل شيء.
صحيحٌ أن الهزيمة العسكرية كانت من نصيب العدو، لكن هزيمته الأكبر كانت بهذا التوحد الفلسطيني العظيم، والترابط المتين بين كل أعضاء جسد فلسطين الواحدة، فإذا اعتدى العدو على عضو ولو صغير كحي الشيخ جراح تداعى له سائر الجسد بالجهاد والمقاومة.