فلسطيني يصنع خيمة لأسرته تحت الأرض لاتقاء القصف وبرد الشتاء

يواصل الجيش الاحتلال الإسرائيلي، بعد مرور أكثر من عام على أحداث السابع من أكتوبر 2023،  عدوانه على قطاع غزة، ويتعرض القطاع لعشرات الغارات الجوية والقصف المدفعي، مع ارتكاب مجازر ضد المدنيين، وسط وضع إنساني كارثي نتيجة الحصار ونزوح غالبية السكان.

ويعيش الفلسطينيون النازحون في قطاع غزة في مخيمات مكتظة، وتزداد معاناة النازحين من بيوتهم المدمرة، وسط شح المساعدات الإنسانية التي تصل إلى القطاع، ومع حلول فصل الشتاء، وأفادت الأمم المتحدة بأن 9 من كل 10 أشخاص في قطاع غزة، نزحوا لمرة واحدة منذ بدء الحرب مقدرة عددهم بنحو 1.9 مليون فلسطيني من سكان القطاع البالغ عددهم قرابة 2.4 مليون نسمة تقريباً.

خيمة تحت الأرض

وبسبب اكتظاظ مخيمات النازحين وضيق المساحة، وتمزق الخيام من كثرة النزوح، لجأ النازح تيسير حمدان، في دير البلح وسط قطاع غزة، لعمل خيمة تحت الأرض، لتوفير الحماية من البرد والصواريخ الإسرائيلية، التي تستهدف خيام النازحين في القطاع.

وعلى مدار 50 يوما من العمل المضني وبمساعدة من أفراد أسرته، استطاع تيسير الانتهاء من عمل الخيمة الأولى، ويقول تيسير لوكالة “سبوتنيك”: “نزحت من بيت لاهيا شمال غزة، وظروف النزوح كانت صعبة للغاية، ومع تكرار النزوح تمزقت الخيمة، ثم جمعتها وقمت بعمل خيمة بشكل هرم تمتد تحت الأرض، لتتسع لعائلتي المكونة من 10 أفراد، ولا يجبرك على المر إلا ما هو أسوء منه، لذلك قمت بعمل هذه الخيمة بهذه الطريقة الشاقة، وكما ترى أطفالي يساعدوني في إخراج التراب من الخيمة الثانية التي أقوم بصنعها”.

وأضاف:” في بداية الأمر كان العمل شاقا للغاية، لأني لا أعلم كيف أقوم به، لذلك، الخيمة الأولى، استغرق العمل فيها 50 يوما، وأما الثانية فعملت على إنجازها بمدة لا تزيد عن 10 أيام، والخيمة الأولى على عمق 60 سم، والثانية على عمق 1.8 متر”.

ويعيش تيسير مع أفراد عائلته في الخيمة تحت الأرض، وقد قام بعمل حفرة أخرى للمياه، بشكل تحفظ فيه المياه من خلال كيس بلاستيك، ويستخدمها عند الحاجة، ويشير تيسير إلى أن الظروف المعيشية للنازحين تزداد سوءا، ولا يجد بعضهم سوى التكيف مع الظروف الحالية، ومحاولة البحث عن طرق الصمود، سواء بجلب الطعام والماء أو توسيع مكان العيش نحو الأرض.

ويرى النازحون الفلسطينيون أن فكرة تيسير جيدة في الوقت الحالي، خاصة بعد ضيق مساحة مخيمات النزوح، ويقول النازح إسماعيل عبد الله، لـ”سبوتنيك”: “هي فكرة غريبة في قطاع غزة، لكنها جيدة، لأنها تمنح مزيدا من التدفئة في برد الشتاء، ضمن الإمكانيات المتاحة، وهي حل مؤقت في ظل استمرار الحرب على القطاع، فهذه الطريقة وفّرت مساحة إضافية كي تتسع لباقي أفراد الأسرة”.

وأضاف: “هذه الفكرة يمكن أن يقوم بها عدد من النازحين، الذين يعانون من ضيق المساحة، وكذلك الذين يعانون من تمزق خيامهم، سواء بفعل الحرب وتكرار النزوح أو من برد الشتاء، فهذه تجربة ممكن أن تفيد النازحين في الوقت الحالي”.

ومع حلول الشتاء يواجه النازحون وضعا إنسانيا صعبا في قطاع غزة، ويطالب النازحون في القطاع بضرورة الإسراع بإنقاذ أرواح الأطفال والعائلات المحاصرة، ومع مرور الوقت، يزداد التخوف من نزوح جديد واستهداف خيام النازحين، كما يخشى تيسير من تحول خيمته إلى قبر.

ويقول تيسير:” أشعر بالتعب والمشقة، خاصة خلال عمل الخيمة، لكن بعد هذه التعب، أخشى تسرب المياه إلى داخل الخيمة خلال الشتاء أو استهداف المنطقة التي نعيش فيها، وتتحول الخيمة تحت الأرض إلى قبر لي ولعائلتي”.

ووصفت روزاليا بولين، المتحدثة باسم منظمة اليونيسيف في قطاع غزة، الوضع في القطاع الفلسطيني بأنه “مأساوي ولا يحتمل”، حيث النقص في الغذاء والدواء والمكان الآمن.

ويواصل جيش العدو الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، وفي اليوم الـ444 ارتفع عدد الشهداء منذ بداية الحرب على القطاع، إلى 45,259 شهيدا غالبيتهم من النساء والأطفال، وإصابة 107,627 آخرين.

قد يعجبك ايضا