فرصة “جديدة – أخيرة” للسلام وتجاهلها يصب نحو انفجار المعركة: العدوان يوسّع خروقاته للهُدنة وصنعاء تضع شرطاً إنسانياً جديداً للتمديد مع تمسكها بالالتزامات المتأخرة
في تأكيد جديد على التمسك بالمطالب الإنسانية لصالح الشعب والتحذير من مغبة المساومة عليها
السياسي الأعلى: صرف المرتبات حق مشروع وشرط رئيس للتمديد وتنفيذ المتفق عليه سابقًا لا مناص منه
وزير الدفاع: استمرار دول العدوان في سلوكها الظالم سيقودها لمصير قاسٍ مليء بالأوجاع
تواصلُ قوى العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي وَضْعَ العراقيلِ أمامَ الدفعِ بعجلة السلام، وذلك مِن خلالِ استمرارِ الانتهاكاتِ الفاضحة في الجبهات، والإصرار على قرصنة سفن المشتقات النفطية التي تشكل الملف الأهم في مضامين الهُدنة الإنسانية والعسكرية واتّفاق الحديدة، فضلاً عن مواصلته لعرقلة سير الرحلات الجوية المتفق عليها، وهو الأمر الذي ينذر بانفجار الأوضاع العسكرية التي قد تحمل حرباً واسعةً في البر والبحر، لا سيَّما مع تصاعُدِ مؤشِّرات التصعيد الأمريكي وما يقابلها من رسائل تحذير ناريةٍ من قبل الطرف الوطني الذي أكّـدَ مراراً وتكراراً أن المساسَ بالحاجات الإنسانية للشعب اليمني يعني حرباً شاملة وعمليات نوعية مضادة تجعلُ العدوَّ يندمُ على خطأه في تقدير الحسابات بالشكل المطلوب.
ومع عودة مؤشرات الابتزاز الأمريكي، يواصلُ تحالُفُ العدوان تضييقَ الخناق على الملفات الإنسانية والحاجات الملحة لليمنيين التي تمس معاناتهم، حَيثُ استأنف مسلسل القرصنة باعتراض سفينة بنزين جديدة، فيما يتعمد بعدة طرق عرقلة الرحلات الجوية، وهذين الجانبين من الهُدنة يمسان بشكل مباشر معاناة اليمنيين، على الرغم من التحذيرات السياسية والعسكرية والدبلوماسية لصنعاء التي اعتبرت الحرب على حاجة الشعب عملاً عدائياً سيواجه بردٍ قاسٍ، لتكون المعطيات هنا أن استمرار السلوك السعوديّ الإماراتي الراهن والمساوم على معاناة الشعب، سيجبر القوات المسلحة اليمنية على اتِّخاذ الخيارات المضادة لإزاحة معاناة اليمنيين.
المراوغة ستسقط دول العدوان
ومع تجدد المساومة والابتزاز والخروقات الفاضحة المتعلقة بالملفات الإنسانية، جددت صنعاء تحذيرها –الذي يبدو أنه الأخير مع اقتراب موعد انتهاء التمديد–، مؤكّـدةً أن الموقف السعوديّ الإماراتي يوجب على الطرف الوطني الرد وبقوة، حَيثُ أكّـد وزير الدفاع بحكومة الإنقاذ الوطني، اللواء الركن محمد ناصر العاطفي، أن القوات المسلحة اليمنية تمتلك اليوم أكثر من أي وقت مضى كُـلّ عوامل القوة التسليحية الاستراتيجية الرادعة وتمضي في سباق مع الزمن لمواجهة كُـلّ التحديات والمخاطر، محذراً في الوقت ذاته تحالف العدوان من استمراره في حربه وعدوانه الغاشم على الشعب اليمني، منوِّهًا أن ذلك سيواجه بردٍّ غير متوقع من قبل دول العدوان التي لم تُحسِنْ تقديرَ الحسابات للمعطيات على الأرض وتعاملت مع مبادرات السلام والمبادرات الإنسانية الأُحادية، التي قدمتها صنعاء، بكل استهتار؛ ظناً منها بوجودِ ضعف وتراجُعٍ في الموقف الوطني.
وقال اللواءُ العاطفي، أمس، خلال زيارته لجبهات محور المرازيق بمحافظة الجوف، “إذا ظل الأعداء يسيرون في هذا الطريق مجهول النهاية، فسيكونون هم المهزومين وسيذهبون حتماً إلى مزبلة التاريخ”، في رسالة تضاف إلى تصريحاته السابقة التي أكّـد فيها أن القوات المسلحة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التصعيد والحرب على لقمة اليمنين وحاجاتهم الإنسانية، وهو الأمر الذي يؤكّـد أن استمرارَ السلوك السعوديّ سيكون السببَ الرئيسَ في انفجار المعركة وفقدان السيطرة عليها.
ونوّه اللواء العاطفي إلى أن استمرارَ الغطرسة السعوديّة الإماراتية بدعم أمريكي، سيكبِّدُ تحالف العدوان وأدواته الخسائرَ الفادحة، في حين سيمنح صنعاء حق رفع سقف المطالب المشروعة، مُضيفاً بقوله: “الذي أعاد الجوف إلى الجغرافية اليمنية قادر على استعادة جميع أراضي الجمهورية اليمنية، وإنه لا قبولَ ولا نقاشَ حول سلامة السيادة الوطنية على كُـلّ الجغرافيا اليمنية دون انتقاص”، في إشارةٍ إلى أن الردَّ اليمنيَّ على الغطرسة العدوانية سيكون شاملاً بعد استمداد مشروعيته من المعطيات الحاصلة على الأرض، والتي برزت فيها مطامع دول الاحتلال والعدوان على حِسابِ اليمن ومعاناة أبنائه، في حين أظهرت الانخراطَ الأممي غيرَ المشكوك فيه إلى جانب المنظومة العدوانية التي تقودها أمريكا وأدواتها.
رسائلُ تفرضُ الخروجَ من المطامع نحوَ البحث عن الحلول
وعزّز وزيرُ الدفاع رسائلَه التحذيرية بقوله مخاطباً المرابطين في جبهات العلم وحويشان والنضود والشهلاء والدحيضة: “أنتم أيها الأبطال الميامين بمرابطتكم في هذه المواقع العسكرية إنما تؤكّـدون أن الجغرافية اليمنية حرة وعصية على الأطماع والاحتلال، وإن كُـلّ ذرة رمل من هذه الأرض هي أمانة في أعناقنا كقوات مسلحة ومجاهدين، وإن أية أيادٍ تمتد إليها سوف تقطع”، في رسالة توحي لدول العدوان بأن من اللازم البحث عن حلول لخروجها وليس مضاعفة الأطماع وتصعيد الغطرسة، مؤكّـداً أن الوقت الذي كان يظن فيه العدوّ السعوديّ أن الجوف أراض تابعة له قد وَلَّى إلى غير رجعة، منوِّهًا إلى أن من أبرز عوامل الانتصارات في ميادين المواجهة عندما توجد قيادة مخلصة معتزة بالانتماء لهُـوِيَّتها الدينية والوطنية.
وواجه المرابطون في محور المزاريق بالجوف، تصريحاتِ وزير الدفاع، بالتأكيدِ على المضي قدماً في معركة التحرير للأرض والإنسان، مؤكّـدين أنهم على أهبة الاستعداد لتنفيذ المهام القتالية والتدريبية المسندة إليهم بروح معنوية عالية وبمهارة وكفاءة غير مسبوقة، وهي نتاج لخبرات قتالية تراكمية لا يمتلكها أعداء اليمن، ولم تصل إلى مستوياتها التكتيكية الهجومية في المعارك الجبلية والصحراوية أرقى جيوش العالم.
وتأتي هذه الرسائلُ العسكريةُ في ظل تصاعد مؤشرات إصرار تحالف العدوان الأمريكي السعوديّ الإماراتي على نسف جهود السلام، حَيثُ ارتكب مئات الخروقات الفاضحة، أمس، من بينها قصف مباشر بالمدفعية والأسلحة الثقيلة، تحت تحليق الطيران التجسسي المعادي، فيما ارتكب خرق جديد بشأن ميناء الحديدة، حَيثُ مارست بحرية العدوان القرصنة على سفينة بنزين جديدة تحمل على متنها أكثر من 31 ألف طن.
وبحسب ناطق النفط، فَـإنَّ احتجاز السفينة الجديدة “أحد” جاء بعد تفتيشها وحصولها على تصاريح أممية، ليرتفع عدد السفن المحتجزة إلى 5 سفن وقود مفتشة وحاصلة على تصاريح دخول أممية، فيما ترتفع بهذه الحصيلة من الانتهاكات احتمالات انفجار الأوضاع العسكرية وإضاعة دول العدوان لكل فرص التمديد، حَيثُ إن الأربعة الأشهر المنصرمة من الهُدنة، لم يلتزم تحالف العدوان إلا بأقل من 60 % من إجمالي التزاماته الموقع عليها في بنود الهُدنة وتمديدها، وهو ما يجعل من التمديد فرصة لدول العدوان لتحقيق المزيد من المكاسب العسكرية والاقتصادية، على حساب تقييد صنعاء عسكريًّا والإبقاء على معاناة الشعب اليمني التي يتخذ منها تحالف العدوان ورقةً ضمن مصفوفة عدوانه الغاشم.
رفعُ معاناة الشعب مطالب متجددة تفتح فرصة للسلام
وأمام كُـلّ المعطيات السابقة، والتي تشير إلى معركة تصعيدية قادمة وردود عسكرية يمنية قوية على الابتزاز و”الحصار الناعم” والخروقات الفاضحة، جددت صنعاء إثبات حرصها الحقيقي والدائم على السلام وتقديمها للتنازلات مقابل رفع سقف المزايا الإنسانية المقدمة لصالح شعبنا اليمني، حَيثُ فتحت فرصة جديدة –وربما أخيرة– للسلام وحل معاناة اليمنيين، وتقدمت، أمس الاثنين، بطلب إنساني جديد لصالح الشعب، بعد أن قبلت بالتنازلات العسكرية المشروعة مقابل إدخَال سفن النفط والدواء لسد حاجات الشعب وفتح المطار أمام المرضى المحاصرين، وجميعها تهدف للتخفيف من معاناة اليمنيين.
وفي اجتماع، أمس، للمجلس السياسي الأعلى برئاسة المشير مهدي المشاط؛ للوقوفِ عند آخر المستجدات السياسية ذات العلاقة بالهُدنة والتواصلات القائمة، جددت صنعاء التأكيد على ثبات موقفها من الحرب والسلام، داعية إلى تمديد هُدنة تضمن حَـلّ المعاناة.
وأكّـد الاجتماع على ضرورة الفتح الكامل لمطار صنعاء الدولي وميناء الحديدة، لإزاحة جزء كبير من المعاناة التي يكابدها الشعب، فيما يأتي هذا الطلبُ في ظل إصرار العدوان على الإبقاء على المعاناة وانتهاجه سياسة التقسيط لتنفيذ الالتزامات.
ونوّه السياسي الأعلى إلى أن تجديدَ الهُدنة يقتضي الالتزامَ بصرف مرتبات كافة الموظفين وبقية الخدمات التي قطعها العدوانُ بغرض مضاعفة معاناة أبناء الشعب اليمني، موضحًا أنه بادر بفتحِ حسابٍ خاص في فرع البنك المركزي بالحديدة وتم توريد إيرادات ميناء الحديدة إليه للإسهام في صرف المرتبات لكافة موظفي الدولة، فيما لم يلتزم الطرف الآخر والأمم المتحدة بسد الفجوة لصرف المرتبات، مؤكّـداً في الوقت ذاته أن صرفَ المرتبات والمعاشات استحقاقٌ طبيعي لكافة الموظفين والمتقاعدين.
حاجةُ الشعب كمعيارٍ دائمٍ للسلام المنشود من صنعاء
وبهذه الطلب الجديد، أضافت صنعاء ميزة إنسانية جديدة على الهُدنة واحتمالات تمديدها، لتؤكّـد أن جميع شروطها تصُبُّ في صالحِ المواطنين وإزاحة معاناتهم المُستمرّة منذ بداية العدوان والحصار والحرب الاقتصادية، غير أن المؤشراتِ الواقعةَ تشير إلى رفضِ تحالف العدوان للتمديد، ما لم يكن الحال كما هو عليه خروقات وتحَرّكات عسكرية في البر والبحر، وقرصنة لإبقاء المعاناة، وعرقلة للرحلات واستمرار معاناة المرضى، وهو ما لم تقبل به القواتُ المسلحة اليمنية التي حصرت الاحتمالاتِ في معادلة مؤكّـدة مفادها أن استمرارَ الغطرسة سيقودُ الصواريخ والمسيَّرات اليمنية إلى الأهداف الحيوية والاقتصادية والنفطية السعوديّة الإماراتية، لتكتويَ دولُ العدوان بالنيران التي تسعى من خلالها لإركاع وإذلال اليمنيين، ومع قُرب موعد انتهاء فترة التمديد للهُدنة فَـإنَّ كُـلَّ العطيات تؤكّـدُ أن دولَ العدوان متمسكةٌ بموقفها العدواني، فيما ستتمسك صنعاءُ أكثرَ بحقوقها المشروعة في الرد، ليكونَ الجميعُ على موعد من معركة قادمة هندستها واشنطن من خلال إيعازاتها المُستمرّة باستمرار العدوان وخلقِ الأزمات لقتل اليمنيين، لتكونَ دولُ العدوان وفي مقدمتها السعوديّة والإمارات أكبرَ الخاسرين؛ بفعلِ حماقاتِها.