غطرسةٌ على أعوادِ الثِّقاب!
في سياق الجهود العمانية المنصبّة لبحث مخارج لوقف العدوان ورفع الحصار عن اليمن، تستميت الإدارة الأمريكية في سد تلك المخارج وإغلاق الأبواب أمام أي نجاحات تؤدي إلى تخفيف معاناة الشعب اليمني من رفع للحصار وصرف للرواتب، في المقابل تستنفر الإدارة الوقحة نفسها لفرض احتلالها لمناطق الثروة في شبوة وحضرموت والمهرة والمناطق الاستراتيجية والجزر، وكذلك يفعل البريطاني والإماراتي والسعودي في مناطق أخرى.
وقد ذكر قائد الثورة السيد عبدالملك الحوثي – حفظه الله – في خطابه بالذكرى السنوية للشهيد الصماد، ثلاث نقاط تعمل أمريكا عليها، وأولها أنها تعمل على إبعاد العدوان عن أي التزامات واجبة عليه لناحية مسؤوليته عن الحرب العدوانية، ولناحية الالتزامات المترتبة عليه بناء على الاتفاقات والتفاهمات، وتحاول أن تحوِّل المسألة كلها وكأنها مسألة داخلية وحرب يمنية يمنية، والنقطة الثانية تحاول أمريكا عرقلة الاتفاقات بشأن المرتبات والاستحقاقات الإنسانية لشعبنا العزيز وصرفها من ثرواته الوطنية، والثالثة اللعب على مسألة انسحاب القوات الأجنبية من اليمن بالسعي لتأجيلها بهدف تثبيت أمريكا قواعدها وتموضعها، وقد أكد القائد المواقف تجاه كل هذه النقاط والمواضيع.
تدفع الإدارة الأمريكية أدواتها الإمارات والسعودية للاستمرار في الحرب على الشعب اليمني، لتكسب من وراء استمرار الحرب مليارات الدولارات من قيمة مبيعات الأسلحة وأجور ونفقات صيانة وإدارة عمليات الحرب وتمويل الطائرات بالوقود وصيانتها وغير ذلك.
وفي مقابل جنيها لمليارات الدولارات من الحرب على الشعب اليمني، تُمعن في تجويع اليمنيين بإغلاق الأبواب أمام أي طريق يؤدي إلى صرف رواتب الموظفين، ويؤدي إلى رفع الحصار الخانق على اليمنيين، وتستنفر عقيرتها فقط لإعادة ضخ النفط المنهوب من اليمن إلى أسواقه.
يمكن لأي منا أن يقول الكثير عن ازدواجية المعايير الأمريكية في تعاطيها مع القضايا الدولية، وقد شهدنا أمريكا وهي تكيل بمكاييلها المتعددة في القضايا والحروب التي تشعلها، غير أن وقاحتها بخصوص اليمن فائضة بمقادير كل حروبها في العالم، إن أمريكا التي تدير وتشرف على الحرب والحصار والتجويع والسحق والتدمير والقتل الشامل للوجود في اليمن، ترى بألاّ حق لليمنيين في الحياة والبقاء والوجود أساساً، فعليهم أن يجوعوا ويموتوا حصاراً وجوعاً، لتحصل على النفط، وعليهم أن يموتوا حصاراً وقصفاً وموتاً ومرضاً، لتجني أمريكا المليارات بل التريليونات من الدولارات إلى بنوكها وخزائنها، وعلى اليمنيين أن يُسحقوا وأن يُحاطوا بالأسوار المميتة، لأن أمريكا تريد هذا.
وليس هذا فحسب، بل وبماكينة إعلامية ضخمة، وطوابير من العملاء والمجندين والجواسيس الذين يعملون لصالح الإدارة الأمريكية، تحاول تجميل صورتها القبيحة والوضيعة التي تعرَّت تماماً أمام الشعب اليمني بل وأمام العالم، وتريدنا أن نصدق بأن لأمريكا ضميراً إنسانياً يحرص على حياة اليمنيين، وهي تُمعن في خنق الشعب اليمني وقتله وقصفه وتدميره والتنكيل به، وتسعى جاهدة لاستمرار سرقة ونهب ثروات اليمنيين لولا أن الضربات العسكرية التي نفذتها قواتنا كانت حاسمة ودقيقة الاستهداف، ويتحدث مسؤولو الإدارة الأمريكية وناطقوها ومبعوثوها وسفيرها السيئ عن الأسف للوضع الإنساني في اليمن وهي التي فعلت ما فعلت من جرائم القتل والتدمير وفرض الحصار الجائر الذي تسبب بموت مئات الآلاف من اليمنيين أطفالاً ونساءً وشيوخاً وصغاراً.
الإدارة الأمريكية ليست إلا عصابة ناهبة قاتلة، كل مسؤوليها تحكمهم عقلية إجرامية واحدة، ولن يكونوا يوماً إنسانيين أبداً، وحين ينبري الأمريكيون من مستويات وظيفية متعددة لإطلاق الادعاءات الإنسانية يجب أن يواجهوا بالحقيقة القوية، وهي أن هذه الحرب والمعاناة والموت والتدمير في اليمن هي حرب أمريكية ومذابح أمريكية وجرائم أمريكية، فهي من تقود العدوان وتنفذه عبر أدواتها السعودية والإمارات.
وحتى لا ننسى، فإن الغطرسة الأمريكية بدفع أدواتها للاستمرار في الحرب على اليمن، والمماطلة في تنفيذ الالتزامات المتعلقة بالملف الإنساني والمعيشي، والإعاقة للجهود العمانية، ستدفع إلى انفجار حرب ستضر كثيراً بالأدوات الأمريكية “الإمارات والسعودية” وستحمِّلها الثمن الباهظ والكبير، كما أن الغطرسة الأمريكية في التواجد الاحتلالي بالقواعد والمطارات والمنشآت والجزر في حضرموت والمكلا والمهرة وغيرها، ستجعل من الأمريكيين عُرضة للاستهداف والقصف، والرسائل واضحة وصريحة، هذه الغطرسة الأمريكية على عود الثقاب لن تستمر وسينفجر اليمن براكين ومسيّرات، وصبُر اليمنيين لن يطول، وعلى أمريكا تدور الدوائر.