بدّدت الطائرة المُسيّرة اليمنية التي استهدفت مدينة تل أبيب، فجر أمس الأول ، عبارة «يا وحدنا» التي تحكيها وجوه الناس في غزة قبل ألسنتهم عقب كل مجزرة. فمع ساعات الصباح، سمع أهالي مخيم جباليا صوتاً هادراً يهتف: «الله أكبر ولله الحمد، تحيّة لأنصار الله الحوثيين، تحيّة للشعب اليمني، مزيد من الضربات، اليمنيون قصفوا تل أبيب، تل أبيب انقصفت… حتى يعرفوا إنو الله موجود».
مشى أبو محمد وهو يستمع إلى بيان الناطق باسم القوات المسلحة اليمنية، يحيى سريع، من خلال هاتفه المحمول، وفي خلال ساعات النهار، احتلّ الحدث اليمني صدارة الحديث ومتن المَجالس.ليست الفكرة في ما أحدثته الطائرة التي قطعت ألفي كيلومتر ووصلت إلى هدفها من خسائر بشرية أو أذًى مادي، إنّما في التوقيت الحسّاس، إذ مثّل الحدث رافعة معنوية كان الناس في أمسّ الحاجة إليها. فهو اليوم التالي لزيارة رئيس وزراء الاحتلال، بنيامين نتنياهو، مدينةَ رفح، بل معبر رفح البري، وهو اليوم التالي لارتكاب طيران العدو عشرات المجازر التي تسبّبت في استشهاد وإصابة المئات.
يقول غسان معين، لـ«الأخبار»: «هذه ضربة معلّم، في التوقيت والمكان الصحيحين، إحنا شعرنا إنّنا عرب عن جد، وإنو في امتداد حقيقي لنا بيتعامل مع ما يسيل من أوردتنا منذ عشرة أشهر أنه دماء وليس ماءً».
أمّا هشام سالم، وهو مدرّس حكومي متقاعد هُدم بيته في حي العامودي، فيقول، لـ«الأخبار»: «هذا موقف لن ينساه التاريخ لأهلنا في اليمن، سيكتب الزمان بحروف من ذهب ما فعله أنصار الله، وما فعله حزب الله في لبنان، والحشد الشعبي، هذه الجبهة هي الموقف الحرّ الوحيد في العالم الذي انتصر لفلسطين واختار أن يدفع الدم على مذبحها، تحية لهم من فلسطين، ومزيداً من المساندة حتى انكسار العدو ووقف الحرب».
بدوره، رأى الحاج أبو رامي أن التدخّل اليمني في هذه المعركة، قلب موازين العالم: «صحيح أن الحرب لم تتوقّف بعد، لكنها ستنتهي عاجلاً أم أجلاً وستتأمّل أميركا وإسرائيل بعدها قدْر عجزهما عن مواجهة مشكلات تهدّد وجودهما».
وفي وسائل التواصل الاجتماعي، يختفي الخلاف المذهبي؛ حيث تبدّد الضربة اليمنية الحواجز السميكة بين المذاهب. ويعلّق حسين السيد على مشهد الصباح الملهم: «للأمّة والإسلام مذهب واحد هو فلسطين وغزة، وما سواهما البدعة والاشتباه… قضي الأمر».
إلى ذلك، بعثت كافة فصائل المقاومة برسائل تحية إلى الجيش اليمني وحركة «أنصار الله». ونشر المتحدث باسم «كتائب القسام» «أبو عبيدة» عبر قناته في «تلغرام» رسالة قال فيها: «التحية لإخواننا في اليمن، يمن العروبة والإسلام، الذين حرّكتهم صرخات أهلنا ونداءات مقاومتنا، فنهضوا بنخوتهم العربية المعهودة وكسروا قيود الجغرافيا ونصروا وينصرون غزة بكل عنفوان وإصرار».