غروندبرغ يعود بعروض أميركية: صنعاء لا تبدّل شروطها

في الوقت الذي يعتمد فيه أعداء اليمن، سياسة العصا والجزرة معه، ضمن محاولاتهم اليائسة لوقف جبهة الإسناد اليمنية لقطاع غزة، أكّدت صنعاء مجدداً استعدادها للتوقيع على المرحلة الأولى من “خارطة الطريق” الأممية للسلام، جنباً إلى جنب استعدادها لكل الخيارات المفتوحة، ومنها مواجهة أي تصعيد داخلي وأي عدوان خارجي. واتّهم وزير الخارجية في صنعاء، جمال عامر، خلال اجتماعه بالمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن، هانس غروندبرغ، الولايات المتحدة بإعاقة مسار السلام وربط الموافقة عليه بوقف الهجمات اليمنية ضد الكيان الإسرائيلي، مؤكداً أن “الخيار الاستراتيجي لصنعاء هو السلام العادل والدائم، والذي لا يؤسس لحروب داخلية”، ومشيراً إلى “تميُّز صنعاء بوحدة الموقف والهدف، بخلاف الطرف الآخر المتعدّد الاتجاهات والانتماءات والولاءات للخارج”.

وقال عامر إنه “كان حصل إنجاز في عملية السلام حين تم التوافق مع الرياض على خارطة الطريق التي أعلن عنها المبعوث الأممي، قبل أن توجّه واشنطن النظام السعودي بإيقاف هذا المسار حين أعلنت أنه لا سلام ولا مرتبات في اليمن إلا بإنهاء العمليات اليمنية المساندة لغزة”. وأكّد أنه “لا وجه للربط بين عملية السلام في اليمن وعملياته المساندة لغزة”. وتحدّث عن “المعادلة العادلة التي يفرض مضمونها إنهاء حرب الإبادة في قطاع غزة مقابل إنهاء العمليات الداعمة للقطاع، إلا أن واشنطن لا يهمها غير مصالح الكيان الصهيوني والدفاع عنه”. وأشار الوزير، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الرسمية “سبأ”، إلى أنه “في الوقت الذي يدعو فيه المبعوث الخاص والأمم المتحدة إلى خفض التصعيد والمضي في عملية السلام، تقوم الرياض وأبو ظبي بنشاط محموم لتسعير الحرب من خلال اجتماعات متواصلة لأدواتهما في الداخل للتجهيز لحرب شاملة”.

صنعاء تتهم واشنطن بإعاقة مسار السلام بربطه بوقف الهجمات ضد إسرائيل

وكان غروندبرغ قد وصل إلى صنعاء الإثنين الماضي، للمرة الأولى منذ عام ونصف عام، حاملاً عروضاً أميركية تقايض فيها واشنطن صنعاء بالإفراج عن شبكات التجسّس المرتبطة بها وبالكيان الإسرائيلي، مقابل سماح إدارة جو بايدن التي تنتهي فترتها الرئاسية بعد أيام باستئناف جهود السلام برعاية أممية. وأوضح مكتب المبعوث، في بيان على منصة “إكس”، أن “زيارة غروندبرغ إلى صنعاء تُعد جزءاً من جهوده المستمرة لدعم إطلاق سراح المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية”، مشيراً إلى أن “المبعوث يخطّط لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها”.

ومن خلال حديث مكتب غروندبرغ عن غرض الزيارة، يتضح أن الهدف ليس حسم ملف تشكيل لجنة اقتصادية مشتركة بين صنعاء وعدن برعاية الأمم المتحدة، وأن صفقة الأسرى الأخيرة التي تم الاتفاق عليها بين الأطراف اليمنية وتعثّرت بضغوط أميركية بسبب دخول صنعاء عملية “طوفان الأقصى”، لم تكن من أولويات زيارة المبعوث الأممي، على رغم أن الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي قطعا شوطاً كبيراً نحو تنفيذ الصفقة التي قد تشمل ألف أسير من الطرفين.
وكانت لجنة الأسرى في صنعاء، قد أكّدت خلال لقاء رئيسها، عبد القادر المرتضى، الشهر الماضي، بنائب المبعوث الأممي، سرحد فتاح، استعدادها لتنفيذ كل الاتفاقات التي وقّعتها مع الأطراف الأخرى برعاية الأمم المتحدة، من خلال الحضور والمشاركة في أي جولة تدعو إليها المنظمة.

وتأكيداً لاستمرار عملياتها المساندة لقطاع غزة، نفّذت قوات صنعاء، أول أمس، ثالث عملية هجومية نوعية ومشتركة استهدفت حاملة الطائرات الأميركية “هاري ترومان” شمال البحر الأحمر. وقال المتحدث الرسمي باسم تلك القوات، العميد يحيى سريع، إن “العملية الجديدة نُفّذت بواسطة صاروخين مجنّحين و4 طائرات مُسيّرة أثناء تحضير العدو الأميركي لشن هجوم جوي كبير على بلدنا”. وأكّد سريع، كذلك، تنفيذ الطيران اليمني المُسيّر عمليتين عسكريتين ضد هدفين عسكريين للعدو الإسرائيلي في تل أبيب بطائرات مُسيّرة، مساء أول أمس، بينما جرى، أمس، ضرب هدف حيوي للعدو في عسقلان بطائرة مُسيّرة.

رشيد الحداد

قد يعجبك ايضا