عِيدٌ بِأَيِّ حال.. مذابحُ العدوان والحصارُ لا تتوقف …بقلم/عبدالرحمن الأهنومي
قضى اليمنيون يوم عيد الفطر المبارك بفرح ممزوج بالحزن والأسى على ضحايا حادثة التدافع المؤلمة التي وقعت بالعاصمة صنعاء وراح ضحيتها نحو 78شهيداً وعشرات المصابين.
ولولا الحادثة الفاجعة التي أدخلت الحزن كل بيوت اليمنيين لكان العيد هذا العام مختلفاً بأفراح متعددة، ففرحة بعيد الفطر المبارك وأخرى بتحرر الأسرى وعودتهم إلى ذويهم وثالثة بالأمل الذي حملته أيام ما قبل العيد بشأن موافقة العدوان على رفع الحصار وصرف المرتبات..وقد عاش اليمنيون بعشر رمضان الأخيرة مشاهد فرح نادرة إثر عملية تبادل الأسرى الذين عادوا إلى أهاليهم من السجون الكثيرة التابعة للعدوان والمرتزقة داخل اليمن وخارجها من السعودية تحديداً.
غير أن العيد أعاد أحزانه مضاعفة بالكارثة التي وقعت بحادثة التدافع أثناء توزيع بعض التجار مساعدات مالية للفقراء والحادثة كانت تعبّر عن المآسي كلها، فهي تلفت الأنظار نحو فظاعة الحصار والعدوان وما سبباه من فقر وجوع جعل الجموع التي رأيناها تحتشد وتتدافع للحصول على مبلغ زهيد هي في أمسّ الحاجة إليه..وهي أيضاً تكشف بأن استمرار العدوان والحصار عار في جبين المجرمين ومن يتواطأ معهم..وعبّرت عن حاجتنا كيمنيين لأن نكمل معركتنا حتى ننال كافة حقوقنا الأساسية والعادلة والطبيعية.
ومنذ ثمانية أعوام تمر الأعياد والمناسبات على اليمنيين بما تحمل من مآسٍ بفعل العدوان والحصار الظالم على الشعب اليمني.. وفي كل عيد يمر على اليمنيين يحمل معه الآلام والمتاعب الجمة ولم يسلب العدوان والحصار من اليمنيين أفراحهم فحسب بل وسلب حياة مئات الآلاف منهم بقتلهم بالغارات والتجويع والحصار والأوبئة وتقويض الحياة المعيشية لكافة أبناء الشعب اليمني بتدمير سبل الحياة والمصانع والمشافي والمنشآت ومنع دخول الوقود والأدوية والأغذية والسلع الأساسية . وبما فعله العدوان من جرائم بالحرب العسكرية الظالمة والحصار الغاشم والتجويع الشامل، فقد جعل الشعب اليمني يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العصر، حسب توصيف الأمم المتحدة والمجتمع الدولي.
نسبة الفقر اتسعت في أوساط اليمنيين بفعل العدوان والحصار والتجويع ونهب المرتبات والثروات ونقل البنك المركزي وتدمير المنشآت وسبل الحياة..الجوع أصاب الملايين الذين فقدوا أعمالهم ومعائشهم بفعل حرب العدوان وحصاره.. ولم تكن الأعياد والمناسبات التي تأتي وتذهب سنوياً على اليمنيين إلا تذكيراً لهم بفداحة الجرم الذي يرتكبه العدوان بحقهم منذ ثمانية أعوام.
تكثّف الحادثة الموجعة مآسي الشعب اليمني بما اختزلته من دلالات وتكشف فداحة الجرم الذي يرتكبه تحالف العدوان ومن معه.
ما حدث يقول الكثير.. والأهم فيه أن العدوان الذي قتل الناس بالغارات وتعمد تدمير سبل الحياة ومقوماتها وحاصر اليمنيين من البر والبحر والجو وقطع المرتبات وقوض الاقتصاد ودمر ركائزه ومارس الحصارات والتجويع والفظائع دون هوادة حتى وصل اليمن إلى أسوأ مجاعات التاريخ.
وأول مظاهر هذه المأساة هو أن المسؤولية الأخلاقية والقانونية والشرعية والسياسية عن هذا الفقر المدقع الذي حشد الناس بهذا التدافع هو العدوان الأمريكي البغيض.
والمهم أن هذه الحادثة المأساوية تذكر بما تتحدث عنه أرقام الأمم المتحدة بأن ثلثي الشعب اليمني ، أي أكثر من 21,7 مليون شخص حسب أرقام الأمم المتحدة، يحتاجون إلى مساعدات إنسانية ويعيشون تحت خط الفقر المدقع ‘ بسبب العدوان والحصار الذي تشنه السعودية وأمريكا وحلفاؤهما.. والعدوان هو من يتحمل المسؤولية، بشكل مباشر وغير مباشر، عن هذه المذبحة بداية بإفقار اليمنيين وتجويعهم ونهب ثرواتهم وباستمراره إمعاناً وطغياناً في ذلك ثم بمحاولة تقييد المسؤولية ضد مجهول.
الأشد وضوحاً فيما حدث من مأساة هو في الانكشاف الفاضح للمرتزقة الذين ذهبوا للاستثمار في المأساة لتبرير ارتزاقهم وخياناتهم وقبحهم وانحطاطهم.. وفيما اليمنيون يبكون حزناً كان المرتزقة يبحثون عن ألقاب الضحايا وعما يبرر لهم الخيانة، وهذا المشهد كان فاضحا بكل ما تعنيه الكلمة.
تتضارب مصالح المرتزقة العملاء مع أي خطوات تؤدي لصرف المرتبات ورفع الحصار ووقف العدوان وتستعيد حقوق الشعب اليمني مستخدمين الدجل والأكاذيب الوقحة لمنح العدوان ما يبرر له الاستمرار في ذلك.
وأخيراً.. إذا كان السلام الذي تريده مملكة العدوان السعودية هو أن نكون في وضع يموت فيه عشرات الفقراء من أجل أقل من عشرة دولارات، فذلك دونه خرط القتاد وهو المستحيل بعينه..