عين الحقيقة تنشر النص الكامل للمحاضرة الأولى للسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي في ذكرى المولد النبوي الشريف للعام 1439هـــ
أَعُوْذُ باللهِ من الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الحَمْدُ لله رَبِّ العَالمين، وأَشهَـدُ أن لا إلهَ إلَّا اللهُ الملكُ الحقُّ المُبين، وأشهَدُ أن سيدَنا مُحَمَّــدًا عبدُه ورَسُــوْلُه خَاتَمُ النبيين.
اللَّهُمَّ صَلِّ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، وبارِكْ على مُحَمَّــدٍ وعلى آلِ مُحَمَّــدٍ، كما صليتَ وباركتَ على إبراهيمَ وعلى آلِ إبراهيمَ إنَّكَ حَمِيْدٌ مجيدٌ، وارْضَ اللهم برِضَاكَ عن أصحابِهِ الأخيارِ المنتجَبين وعَنْ سَائرِ عبادِكَ الصالحين.
أَيُّهَا الإخوةُ والأخواتُ، شعبَنا اليمني المسلم العزيز، أُمَّتَنا الإسْلَامية، السَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ.
نحن في هذا الشهر الهجري، شهر ربيع الأول، تُقْدِمُ علينا بعدَ أيام الذكرى العظيمة والمناسبة المجيدة، ذكرى مولد خاتم أَنْبِيَاء الله ورُسُلِه محمد بن عَبدالله صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ الطاهرين، تأتي هذه الذكرى العظيمةُ والمهمةُ وأُمّتنا الإسْلَامية، سيما في المنطقة العربية، في مرحلة من أَكْثَر المراحل حساسية وخطورة، وتشهَدُ مخاضًا كَبيرًا وعسيرًا في خضم الكثير من الأحداث والحروب والفتن والصراعات والمشاكل، إضَافَةً إلى ما تعيشُه الأُمَّةُ من أزمات ثقافية وفكرية وأَخْلَاقية وسياسية واجتماعية واقتصَادية وأمنية إلى آخره، في شتى مناحي الحياة، يضافُ إلى ذلك الواقع العالمي المأزوم فعلًا، بفعل هيمنة قوى الطاغوت والاستكبَار التي خرجت عن نهج الأَنْبِيَاء وعن قِيَم الأَنْبِيَاء وعن مبادئِ الأَنْبِيَاء، وتحَـرّكت في الساحة العالمية، في واقع الناس، في واقع البشر، في الأَرْض، تحَـرّكت بمشاريعها وأجندتها الاستكبَارية الشيطانية، الشيطانية بما تعنيه الكلمة، فكان حضورُها الطاغي في الواقع البشري حضورًا للظلم وتحَـرّكًا بالإفساد في كُلّ مناحي الحياة، فإذا البشرية اليوم تعاني ولم تستفِدْ مما وصلت إليه في مرحلة وفي عصر ربما هو من أزهى عصور الدنيا، لم تنعم البشريةُ بما وصلت إليه من تقدُّم حضاري بما يتعلق بالإمْكَانات المادية، فهذا التقدم المادي الذي لم تحتضنْه مبادئُ الأَنْبِيَاء وقيمُ الأَنْبِيَاء وتعاليمُ الله في رسالته إلى عباده، واستحوذت عليه قوى الطاغوت والاستكبَار التي تتحَـرّك طِبْقَ الأجندة الشيطانية، تحوّل إلى مصدر شر على البشرية ولم تنعم به، تقدم مادي وُظِّفَ للظلم والجبروت والطغيان والفتك بالمستضعفين قتلًا وسفكًا لدمائهم، وكذلك للسعي بالإفساد في الأَرْض في كُلّ مناحي الحياة، وصولًا للإفساد حتى للبيئة حتى للمناخ، فأَصْبَحت البشرية تئنُّ وترزحُ تحت هذا الظلم وتحت وطأة هذا الجبروت، وتعاني من تفاقم مشاكلها يَومًا إثر يوم، وهذا أمرٌ معترّفٌ به حاليا، معترَفٌ به.
من الواضح اليوم أن العالم، والواقع البشري تحت السيطرة الأمريكية وتحت سيطرة قوى الاستكبَار في الساحة العالمية اليوم، إنما يئنُّ ويصرُخُ من أزماته ومن معاناته، وإنما يصيحُ من حجم مشاكلها المتفاقمة في كُلّ مناحي الحياة، في كُلّ الجوانب والمجالات، نجد أنفسَنا بحاجة مُلحَّةٍ كمسلمين في المقدمة، ونحن في مقدمة المعانين من أبناء البشر، وللأسف الشديد أننا لا ننعم بإسْلَامنا هذا في مبادئه، في قيمه، في أَخْلَاقه، في تعالميه الإلهية العظيمة، لا ننعمُ به، ولا نستفيد منه بالحجم المطلوب والشكل المطلوب والمستوى المطلوب، لا في واقعنا ولا في أن نُفيدَ البشرية من حولنا؛ لأن كَثيرًا من أبناء الأُمَّة، من القوى البارزة في ساحة الأُمَّة، بعض الأنظمة وبعض الكيانات أَصْبَحت جزءًا لا يتجزأ مرتبطًا بقوى الطاغوت والاستكبَار الشيطانية الشاذة عن منهج الأَنْبِيَاء وعن قيم الأَنْبِيَاء وعن تعاليم الأَنْبِيَاء، التي أتوا بها من الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى-، فإذا بها تلعَبُ من داخل ساحة الأُمَّة، من داخل واقع الأُمَّة الدورَ السلبي الشيطاني، وتشتغلُ لتنفيذ الأجندة الاستكبَارية، وتضرِبُ الأُمَّةَ من داخل الأُمَّة، وتعبَثُ وتسعى بالإضرار للأمة حتى تحت العناوين الإسْلَامية، والعناوين الرسالية، فزادت على المصيبة مصيبةً، وزادت على المشكلة مشكلةً، فكانت مشكلةً إضافيةً في الواقع الإسْلَامي والساحة الإسْلَامية في أوساط المسلمين، وعلى المستوى العالي الذي لم يعد يستفيدُ كما ينبغي من الإسْلَام والمسلمين، بقدر ما يرى فيهم الكثيرُ، مشكلةً إضافيةً مرتبطةً بنفس المشكل الأمريكي والمشكل الإسرائيلي، يعني كارثة ومصيبة كبيرة جدًا.
نجد أنفسَنا اليوم في أمسِّ الحاجة إلى الاستفادة من هذه الذكرى العظيمة كمحطة نتزوّدُ منها نورَ الله وهدايتَه، نتزود منها كُلَّ ما يمكنُ أن تُعطيَنا من طاقة معنوية وإيْمَانية، نعودُ إلى أَنْبِيَاء الله وحلقة الوصل فيما بيننا وبين أَنْبِيَاء الله هو خاتمُ النبيين وسيد المرسلين محمد بن عَبدالله صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، والوثيقة الإلهية المضمونة المأمونة الموثوقة التي وثقت لنا أهمَّ ما نحتاج إليه ونستفيدُه عن أَنْبِيَاء الله هي القُرْآن الكريم، كتاب الله، الذي هو أَيْضًا الخُلاصة الكاملة لكل كتب الله وهديه في تعالميها المهمة وهدايتها التي تحتاج إليها البشرية، نحتاج اليوم إلى أن نعودَ إلى الأَنْبِيَاء؛ لأنه كُلّ ما غاب الأَنْبِيَاء في تعاليمهم، في قيمهم، في رمزيتهم عن ساحتنا البشرية كان البديلُ عن ذلك هو الحضورَ الطاغيَ لقوى الاستكبَار، لقوى الطاغوت، لقوى الكفر والضلال والفساد والإجْـرَام التي كلما حضرت في ساحتنا البشرية كلما ملأتها ظلمًا وكلما أعتمت فيها بالظلمات، وكلما مارست الإجْـرَامَ، تعذبت البشرية وأَصْبَحت البشرية تعاني الويلات والآفات والنكبات، من هذا الحضور الطاغي لقوى الاستكبَار، اليوم يجب أن نزيحَ عنَّا هذا الحضورَ في كُلّ امتداداته، امتداداته السياسية، امتداداته الفكرية، امتداداته الثقافية، امتداداته الاقتصَادية، كُلّ امتدادات هذا الطاغوت الذي هو بلاءٌ كبيرٌ علينا وعلى أُمّتنا وعلى البشرية جمعاء، نسعى لإزَالَة هذا الحضور، ونسعى لتعزيز حضور الأَنْبِيَاء، حضور الأَنْبِيَاء في ساحتنا، حضور رمزيتهم، حضورهم في موقع القُدوة والأُسوة، حضور تعاليمهم، حضور روحيتهم، حضور أَخْلَاقهم، حضور مبادئهم؛ كي نتمسكَ بها، نستهديَ بها، نسترشدَ بها، ننتفعَ بها، نتخلقَ بها، نتهذبَ ونتزكّى بها، نتحَـرّكَ على أساسها وبنورها في كُلّ مناحي الحياة، حتى ننعمَ بتلك التعاليم، وحتى نسموَ بتلك القيم والأَخْلَاق وحتى نكرمَ بتلك المبادئ التي تعزّزُ من كرامتنا الإنْسَانية، وتستعيدُ لنا كرامتَنا الإنْسَانية وشرَفَنا الإنْسَاني الذي أفقدناه أولئك الطواغيتُ، أولئك الضالون، أولئك المجرمون، أولئك الظلاميون، أولئك المجرمون، أولئك المستكبرون.
نحتاجُ اليومَ إلى أن يكونَ مسعانا في استحضار الأَنْبِيَاء في استحضار سيرهم، استحضار رمزيتهم وتعزيز الارتباط الوثيق القوي بهم؛ لأنهم صلةُ ما بينا وبين الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى-، أن يكون مسعى حثيثًا؛ لأنه لا نجاةَ لنا ولا فلاح لنا، ولا فوز لنا ولا خَلاصَ لنا إلا بهذا.
كانت طريقةُ الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى- في خَلاصِ عباده على مَرِّ التأريخ كُلّه بالأَنْبِيَاء، بالأَنْبِيَاء، وبما يأتي مع الأَنْبِيَاء من هدي، من نور، من تعاليم تُصلِحُ واقع البشرية، تنقذُ البشرية من جهالتها، وجاهليتها، وتنقذ البشرية من غفلتها، وتخلِّصُ البشرية من طاغوتها، وتأخُذُ بيد البشرية في الصراط المستقيم؛ كي يكونَ وجودُها في هذه الحياة وجودًا هادفًا، وجودًا مقدَّسًا، ومسارُ حياتها مسارًا مسؤولًا ومصونًا وأَخْلَاقيًا وقيميًا وعادلًا، فتتخلّص البشريةُ من كُلّ ما يحدُثُ نتيجة هذا الابتعاد من ظلم وظلام، من جهل وطغيان وإجْـرَام، من كوارثَ تطالُ كُلّ شؤون حياتها، تطغى على كُلِّ واقع حياتها، فالمسألةُ اليوم مرتبطة بالواقع، هذه النقطة التي أتمنى أن نستوعبَها جيدًا، حينما نتحدثُ اليوم وحينما نطلُبُ من الجميع التركيز الكبير على هذا الجانب، إنما من واقع حاجتنا إلى هذا؛ لأن فيها الإنقاذَ اليوم، الإنقاذ الحقيقي للبشرية، لينقذكم، فأنقذكم، الإنقاذ اليوم من النار، الإنقاذ اليوم من الهوان، الإنقاذ اليوم من مآسي ونكبات البشرية، الإنقاذ هو بالعودة إلى الأَنْبِيَاء وإلى خاتم الأَنْبِيَاء، حلقة الوصل لكل أَنْبِيَاء الله خاتمهم محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ، ونحن أَيْضًا في واقعنا في البلد، في شعبنا اليمني نرتاحُ كَثيرًا؛ لأنه عادةً الاحتفال عندنا بهذه الذكرى والتفاعل بهذه الذكرى هو على نحو مميز من حيث الأنشطة الثقافية، من حيث إظهار السرور والابتهاج، وكذلك القيام بعدد من الأنشطة العملية المعبرة عن هذا السرور عن هذا الاعتداد بالنعمة الإلهية من حيث تكثيف الأنشطة التثقيفية والمحاضرات، من حيث الفعالية الكبيرة التي تأتي في الثاني عشر الذي عند كثير من المؤرخين وأصحاب السير أنه اليوم الذي ولد فيها الرَّسُـوْل صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، يتفق معظم المؤرخون معظم أصحاب السير أن رَسُـوْل الله صلى الله عليه وعلى آله ولد في شهر ربيع الأول وإن كان هناك بعض الاختلاف في أي يوم أَوْ في أي منه ولد رَسُـوْل الله صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، يذهب الكثير منهم إلى اعتماد الثاني عشر من الشهر.
فإذًا شعبُنا قد تفاعل مع هذه الذكرى يحتفي بها على نحو متميز، يبتهج بها، يجتمع اجتماعًا حاشدًا وكَبيرًا جِدًّا في يوم الثاني عشر، وحتى في ظل هذا العدوان على ما مضى في فعاليات العام الماضي وما قبل العام الماضي والأمل أَيْضًا في هذا العام بالرغم من كُلّ المعاناة الكبيرة إثر العدوان السعودي الأمريكي الغاشم، ولكن مع كُلّ ما هناك من معاناة تمسّك شعبنا بتفاعله مع هذه الذكرى، بالرغم أَيْضًا من انزعاج القوى التكفيرية والظلامية التي يجنُّ جنونُها من الاحتفال بذكرى مولد رَسُـوْل الله صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ؛ لأنه ليس من آل سعود ولا من آل نهيان، وليس من تلك الأطراف التي ارتباطها بها ويكن لها كُلّ شيء، ما في حقها أي بدعة!!، أما رَسُـوْل الله فكلُّ شيء بدعة تتعلق به!!.
على كُلٍّ شعبُنا العزيز غيرُ غريب عليه هذا الارتباط، هذا التفاعل، هذه المحبة، هذا التعلق الحميمي والوجداني والشعوري، غير غريب على أحفاد الأَنْصَار، أنتم يا شعبَنا العزيز، أنتم أحفاد الأَنْصَار، أنتم الذين أعطاكم الله شرفًا عظيمًا في تأريخ هذا الإسْلَام وفي سيرة هذا النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ، أن جعلكم ذُخرًا لنُصرته في قادم التأريخ وفي آخر التأريخ، في قادم التأريخ كان الأوس والخزرج القبيلتان اليمانيتان ذُخرًا لنُصرة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ، والمؤرخون يذكرون في التأريخ أنه حينما ذهب تُبَّع، تُبَّع اليماني، ذهب ووصل إلى تلك المنطقة، التي وردت في آثار الأَنْبِيَاء السابقين أنها مُهَاجر خاتم الأَنْبِيَاء، أنها مهاجر خاتم الأَنْبِيَاء، ما بين عير وأُحُد جبلان، تلك البقعة ما بين هذين الجبلين أنها مهاجَر خاتم الأَنْبِيَاء وسيد المرسلين، تحكي الآثارُ ويحكي التأريخُ أن تُبَّع عندما وصل إلى هذه المنطقة خلّف فيها هاتين القبيلتين لتبقيا في ذلك المكان وتسكنا فيه، وتستقرا فيه، وترابطا فيه، وتبقيا حتى يأتي هذا النبيُّ ويهاجر إلى هذا المهاجر، إلى تلك البقعة فتكونان نُصرةً له، تكونان أَنْصَارًا له، وفعلًا بقي الأوس والخزرج واستوطن الأوس والخزرج تلك البقعة وعمروها وسكنوا فيها واستقروا فيها جيلًا بعد جيل، حتى أتى الوعدُ الإلهي وحتى أتى خاتمُ الأَنْبِيَاء رَسُـوْلُ الله محمد صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، فكانوا هم الأَنْصَارَ الذين استجابوا بكل رغبة، كان انتماؤهم للإسْلَام، انتماء الإيْمَان وانتماء النُّصرة والجهاد ورفع راية الإسْلَام والإيواء لرَسُـوْل الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ، فكانوا كما قال الله عنهم في كتابه الكريم: (وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ) كانوا هم الذين تبوَّأوا الدار، سكنوا تلك البقعة وسبقوا إليها منذ القدم منذ زمن بعيد، منذُ أجيال بعيدة، سبقوا إليها وتواجدوا هناك ليكونوا ذُخرا للنُّصرة، وحين أتى الموعد كانوا هم الأوفياء مع الوعد الإلهي والمستجيبين بشكل مسارع والدور الداعم والإيْمَان، وما أعظم هذه العبارة، استوطنوا الإيْمَان كما استوطنوا الدار، إيْمَان راسخ، إيْمَان ثابت، إيْمَان عظيم، من قبلهم قَال للمهاجرين الآخرين، قال عنهم أَيْضًا في عبارة مهمة وعظيمة في كتاب الله الكريم، وهو يحكي ما قبل هجرة النبي إليهم، يحكي عن تعنّت الكافرين في مكة، عن تعنت قريش حينما قال: (فَإِنْ يَكْفُرْ بِهَا هَٰؤُلَاءِ فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَيْسُوا بِهَا بِكَافِرِينَ)، فمَن هم هؤلاء الموكلون، مَن هم هؤلاء الذين كانوا ذُخرًا إلهيًا جعلهم الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى- معدين لهذه المسئولية ولهذا الدور وللاضطلاع بهذه المسؤولية وللتحمل لهذه المسؤولية العظيمة ولنيل هذا الشرف الكبير، الأَنْصَار الأوس والخزرج القبيلتان اليمانيتان، فهنيئًا لك يا شعبَنا العظيم، هنيئًا لك هذا الشرف وهنيئًا لك أن تستمرَّ وتحذوَ حذوَ هؤلاء الأَنْصَار في نُصرتهم للإسْلَام، في تمسكك بمبادئ هذا الإسْلَام بقيم هذا الإسْلَام بأَخْلَاق هذا الإسْلَام في ارتباطك الحميمي والوجداني ومحبتك العظيمة لنبي الإسْلَام وتمسكك بعزة هذا الإسْلَام وحرية هذا الإسْلَام الذي يجعل منك شعبًا مستقلًا لا تقبَلُ أبدًا بالتبعية للمنافقين بالتبعية لمن عبّدوا أنفسَهم لأمريكا ولإسرائيل من أَعْدَاء البشرية وأَعْدَاء الإنْسَانية وأَعْدَاء الإسْلَام وأَعْدَاء المسلمين، هنيئًا لك هذا الاستمرارَ على النهج وإنْ كان فيه تضحيةٌ وإن كان فيه عناء وإن كان له ثمنٌ، ولكنه شرف والذي لو حِدْتَ عنه خسرتَ الدنيا وخسرت الآخرة.
شعبُنا العزيز إن شاء الله سيستفيدُ من هذه الذكرى في هذا العام ليجعلَ منها محطةً يتزود منها الكثيرَ والكثيرَ، بعطائها العظيم، عطائها المعنوي، عطائها التربوي عطائها الأَخْلَاقي عطائها الكبير الذي يُستفاد منه في مواجهة هذه التحديات الكبيرة والصعوبات العظيمة، ويستفيد منه أيضًا لتعزيز قيمه وأَخْلَاقه ومبادئه وترسيخ هُويته الإيْمَانية حتى يكونَ فعلًا وعلى الدوام (الإيْمَانُ يمانٍ والحكمة يمانية).
شعبُنا العزيز الذي له هذا الانتماء له هذا الارتباط له هذه العلاقة والذي كان في طلائع التأريخ برز منه رجالٌ عظماء في تأريخ هذا الإسْلَام أمثال عمار بن ياسر، عمار بن ياسر الذي مُلئ إيْمَانًا من رأسه إلى أخمص قديمه، وغير عمار من عظماء الإسْلَام الذين كان لهم دورٌ تأريخي وعظيم مع رَسُـوْل الله صلى اللهُ وسلّم عليه وعلى آله، وكذلك مع الإمام علي عَلَيْــهِ السَّلَامُ، هذا الدور الذي هو مستمر، ونحن نأمل في هذه الفترة أيضًا بالتذكير بأهمية هذه المناسبة بتعزيز ما يتعلق بهذا المجال على نحوٍ واسع.
نحن بحاجة إلى أن نملأَ حالة الفراغ القائمة فيما يتعلقُ بهذا الجانب، جانب السيرة النبوية الصحيحة، استذكار الأَنْبِيَاء لتعزيز الارتباط بهم وبخاتم الأَنْبِيَاء محمد صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، نحن بحاجةٍ إلى تعزيز هذا الحضور، كما قلنا، في كُلّ الجوانب ثقافيًا وتعليميًا، المناهج على مستوى المناهج المدرسية المناهج الرسمية في المدارس والجامِعات أَوْ المناهج التعليمية في المدارس الدينية لا يزال فيها نقصٌ كبيرٌ جدًا في الاهتمام بهذا الجانب بالشكل الصحيح بالشكل المفيد بالشكل الذي يُلامِسُ الواقعَ الذي نعيشُه، يُفيدُ الأُمَّة بطبيعة ما تواجِهُه من تحدياتٍ ومن ظروف ومن واقع.
لا بد ما يتعزز هذا الحضورُ والالتفات إليه على المستوى الإعلامي أيضًا من خلال البرامج الدينية في القنوات ومن خلال كذلك النشاط الواسع في الخطاب الديني في المساجد وهكذا.
كيف نتفاعَلُ مع هذا الموضوع من كُلّ الجوانب بما يفيدنا ليكونَ منطلقًا لنا ولأمتنا لإصلاح الواقع؛ لتعزيز وترسيخ الهُوية لمواجَهة الحرب الناعمة من جانب أعدائنا الهادفة إلى طمس هُويتنا وإلى مسخ هُويتنا، أيضًا مما يساعِدُ على إحياء الروح النهضوية في الأُمَّة وإحياء الشعور بالمسؤولية، ويساعدُ على تعزيز القيم والأَخْلَاق التي تحلّ الكثير من المشاكل التي نعاني منها في واقعنا وتعاني منها الأُمَّة وتعاني منها البشرية.
أيضًا لتعزيز العلاقة مع رَسُـوْل الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ والعلاقة مع الأَنْبِيَاء التي هي علاقةٌ إيْمَانية نعبّر عنها بإيْمَاننا ويعبّر عنها إيْمَاننا، ومستواها هو مستوى مانحن عليه من الإيْمَان، كلما كانت أقوى كلما كان إيْمَانُنا أعظمَ وأوثقَ وأقوى وأَكبَر، وهذه العلاقة مع الرَّسُـوْل صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ هذا الإيْمَان وهذا الارتباط الإيْمَاني يحتاجُ إلى تعزيز، هو حالة إجمالية قائمة، كُلّ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رَسُـوْل الله والأذان يُردّد فيه في كُلّ مسجدٍ يردد فيه الأذان (أشهد أن لا إلهَ إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدًا رَسُـوْل الله أشهد أن محمدًا رَسُـوْل الله) كُلَّ يوم خمس مرات وإضَافَةً إلى ذلك في صلاتنا في كُلّ صلاة نقولُ في تشهدنا الأوسط وتشهُّدنا الأخيرة (أشهد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك وأشهد أن محمدًا عبده ورَسُـوْله) في كافة مناسباتنا في كلماتنا في أوقات كثيرة في حال ذكرنا لله وتمجيدنا لله والنطق بالشهادتين حتى عند الوفاة الإنْسَان يحرِصُ على أن يشهدَ أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رَسُـوْل الله، كُلّ مسلم يقول أنا أؤمن برَسُـوْل الله محمد خاتم أَنْبِيَاء الله ورسله أؤمن بكل الأَنْبِيَاء كلهم؛ لأن أمتنا الإسْلَامية هي أمة كُلّ الأَنْبِيَاء هي الأُمَّة التي آمنت بكل الأَنْبِيَاء، وحلقة وصلها مع الأَنْبِيَاء هي الحلقة الأوثق الصحيحة السليمة العظيمة التي لا ارتباط بالأَنْبِيَاء إلا من خلالها وإلا أي ارتباط آخر هو ارتباطٌ غير سليم وغير صحيح ويشوبُهُ الخللُ والخطأ وتشوبه العلل الكثيرة والضلال الكثير، لكن الحلقة التي تربطكَ بكل الأَنْبِيَاء الحلقة التي تصلُك بكل الأَنْبِيَاء هو إيْمَانُك برَسُـوْل الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ، من خلاله ومن خلال القُرْآن ترتبط بجميع أَنْبِيَاء الله وكتبه.
هذا الإيْمَانُ الإجمالي غيرُ كافٍ، أنت تواجِهُ في حياتك الكثيرَ من المؤثرات التي تُبعِدُك عن هذا الإيْمَان كمنطلق تبني عليه كُلّ تصرفاتك كُلّ أعمالك كُلّ مواقفك، مشوارك في هذه الحياة، فقد تنطلقُ في كثيرٍ من الأعمال أَوْ في كثيرٍ من المواقف أَوْ في بعضٍ من التصرفات بعيدًا عن هذا المنطلق فتخطئ وتغلط وتنحرف فيضرك ذلك فيزيدُك ذلك ابتعادًا عن الأَنْبِيَاء وعن نهجهم وإن كنت تؤمنُ إيْمَانًا إجماليًا إيْمَانَ الإقرار إيْمَان الاعتراف، لا بُدَّ أن يرسّخ هذا الإيْمَان أن يقوى أن يتعزز هذا الارتباط حتى يمتدَّ إلى كُلّ شؤون حياتك هذا هو المطلوب، حتى تكونَ ذلك الإنْسَانَ الذي يلتفت من أي موقعٍ من مواقع الحياة من أي مجال من مجالات الحياة إلى الأَنْبِيَاء ليكونوا هم قُدوته وأُسوته، إلى خاتم النبيين وسيد المرسلين محمد صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ ليكون هو القدوة والمعلِّم والأُسوة فيحذو حذوَه ويسيرُ في طريقه ويقتدي به ويتأثر به تأثرًا يُثمرُ في المشاعر في الوجدان في الأَخْلَاق في القيم في المواقف في الأعمال في التصرفات في كُلّ مناحي الحياة، هذا هو المطلوب.
يحتاجُ هذا إلى ما يعزِّزُه، إلى ما يفيده، إلى معرفة أولًا معرفة عن هذه العلاقة كيف تكون وما المستوى الذي ينبغي أن تكون عليه، وكل ما فيها من إيْمَان من تعظيم من محبة من اتّباع من اقتداء من تأسٍّ إلى آخرة، تحتاج إلى معرفة بعظيم منزلته عند الله وقَدره عند الله معرفة بكماله بشمائله بسيرته الصحيحة بقدر ما تعرف من ذلك بقدر ما تزداد ارتباطًا ومحبةً واقتداء واتّباعًا وتفاعلًا، وهكذا، معرفة بطبيعة هذه العلاقة أنها تصلنا بالله تربطنا بالله تشدنا نحو الله؛ لأن هذه الوظيفة الرئيسية للأَنْبِيَاء بقدر ما نرتبط بهم إنما نرتبطُ بالله يعظُمُ إيْمَاننا بالله، صلة ما بيننا وبين الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى-، ولعلمكم النقص في هذا الجانب يؤثِّرُ، فعلًا يؤثر، يؤثر على الإنْسَان في مدى تفاعله مع الأَنْبِيَاء في هديهم في تعاليمهم فيما أتوا به عن الله لا بُدَّ من الاهتمامِ في هذا الجانب الغفلة عنه تؤثر على الإنْسَان؛ لأننا عندما نعودُ مثلًا إلى عصر النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ إلى الذين عايشوه أسلموا وكانوا معايشين للرَّسُـوْل يعيشون بقُربه يصلُّون معه في مسجده يحضرون عنده يشاهدونه يرَونه ويبصرونه ويسمعونه والمعايشة هي من أهم ما يمكن أن يؤثر في الإنْسَان أن تعيشَ مع رَسُـوْل الله في منطقة واحدة، تصلّي خلفه، تسمعه والوحي نزل عليه طريًا تراه في حياته وتصرفاته في أَخْلَاقه العظيمة المؤثر والمعبّر، البعض لم يكن يتنبه إلى أهمية هذه العلاقة هذا الارتباط كيف يكون، فكانت تصدُرُ عنهم تصرفات غريبة جِدًّا لا تَنُـمُّ عن المستوى المطلوب من المحبة من التعظيم من التوقير من التأثر من التفاعل، بل تدُلُّ على حالة ضعيفة في مستوى التفاعل والارتباط، هذا القُرْآنُ الكريم يؤدِّبهُم ينبِّهُهم يلفت نظرَهم إلى هذه المسائل ينتقد عليهم ثم يؤدبهم إلى كيف يجب أن يكون حينما يقول جل شأنه (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا ۚ قُلْ مَا عِندَ اللَّهِ خَيْرٌ مِّنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ ۚ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) كانوا وهم يحضرون عند رَسُـوْل الله يشاهدونه، يسمعونه وهم حتى في أثناء خطبة الجمعة المهمة جِدًّا وما يقدمه إليهم هم في أمسّ الحاجة إليه يقدم إليهم هدى الله تعليمات الله توجيهات الله ما فيه تزكية لهم ما فيه هداية لهم ما فيه ارتقاء بواقعهم الإيْمَاني والأَخْلَاقي ما فيه تربية، ما فيه هداية، ما فيه تبصرة، ما هم في أمس الحاجة إليه، ما يَسْمَوْنَ به ما يَشْرُفُون به ما يزدادون إيْمَانًا وصلاحًا به ما فيه فلاحهم ونجاتهم وفوزهم وعزهم والخير لهم في الدنيا والآخرة، مع ذلك كانوا هذا البعض منهم إذا رأوا تجارة وصلت قافلة تجارية أَوْ لَهوًا أَوْ غيرَ التجارة وأقل أهمية من التجارة بل ما لا ينبغي له أن تكونَ له أية أهمية، لهوًا، ضربة على الطبل والدف، ضربة على الطبل، طرب وضربة، انفضّوا إليها، يعني خرجوا بشكل غير مؤدِّب، وليس مثلًا قيام بطريقة هادئة ومتأنّية ثم خروج، بل خروج بشكل مسارع حالة انفضاض انفضّوا إليها، يعبر هذا عن القيام في حالة من الاستعجال ومسارعة بغير أية التفاتة وبغير أي تَأنٍّ وبدون أي أدب ومسارَعة وخروج إليها، وتركوك يتركون مَن؟! تركوك مَن؟ رَسُـوْل الله سيد المرسلين خير وسيد ولد آدم خير عباد الله أجمعين، وتركوك قائمًا، يتركونك تتحدث لا يبقى عندك إلا البعض والبعض قد انفضوا وَخرجوا ليتحلّقوا على ضربة على طبل أَوْ نحوٍ من ذلك، حينما لا يكون هناك تركيزٌ على كيف تكون علاقتنا مع رَسُـوْل الله يمكن أن يكونَ الإنْسَانُ على هذا النحو من ضعف الارتباط وضعف الانشداد وضعف العلاقة الإيْمَانية بالرَّسُـوْل صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ يقولُ عنهم كذلك يؤدِّبُهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ.إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ). لاحظوا البعض كانوا على هذا النحو أَيْضًا لا يعون ويتنبّهون كييف ينبغي أن يكونَ الأدبُ مع رَسُـوْل الله والتعظيم والتوقير لرَسُـوْل الله كحالة إيْمَانية كحالة نابعة من التقوى من قلوب امتحنها الله بالتقوى وملأها بالإيْمَان.
فيرفعون أصواتهم عند رَسُـوْل الله في مظهر من مظاهر ضعف الاحترام ضعف التوقير ضعف التعظيم والتوقير لرَسُـوْل الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ، ضعف في إدراك عظمة هذا الرجل ومكانته الكبيرة جِدًّا عند الله كأعظم منزلة وصل إليها بشرٌ يكون جهرُهم بأصواتهم إذا تحدثوا بها مع بعضهم البعض أَوْ يتخاطبون به مع رسول الله نفسه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ فيجهروا له بالقول كجهرِ بعضهم لبعض وكأنه يتحدث مع أي إنْسَان آخر وليس كأنه مع مَن؟ يتخاطب مع من؟ يتكلم مع مَن؟ مع رَسُـوْل الله مع خاتم أَنْبِيَاء الله مع أعلى الخلق منزلة عند الله مع عظيم الشأن والقدر فيجهر لرَسُـوْل الله ويتخاطب بشكل طبيعي جِدًّا كأنه يتحدث مع أي إنْسَان كجهر بعضكم لبعض هذه قضية خطيرة خطورتها حتى على الإيْمَان لدرجة أنها تهدد عملك بكله أن تحبط أعمالكم أن يحبط عمله الذي هو جهاد وصلاة وصيام وصدقات وووو إلخ يحبط خلاص قحط جوع يمتد ماعد يحسب قضية خطيرة كيف ينبغي أن نكونَ مع رَسُـوْل الله مع تعليماته كيف ينبغي أن تكون محبتنا له فوق كُلّ محبة كيف ندرك كيف نؤمن كيف نعي كيف نستوعب أن حقه علينا أَكبَر حق بعد حق الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى- وأنه حبّه ومنزلة ومستوي محبتنا له يجب أن تكون فوق مستوى كُلّ محبة بعد محبتنا لله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى- إلخ، وهذا ما سنتحدث عنه إن شاء الله في كلمات قادمة.
نحنُ مثلًا في هذا الزمن وقد مر زمنٌ طويلٌ كيف يمكنُ أن نكونَ في قلّة أدبنا في قلة وعينا في ضعف محبتنا في ضعف علاقتنا في مستوى ارتباطنا الإيْمَاني برَسُـوْل الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ حتى في نظرتنا للرَّسُـوْل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ في الساحة الإسْلَامية مع هذا الزمن الطويل الذي امتد بنا إذا كان هذا حال بعض الذين عايشوه وعرفوه وسمعوه وأبصروه وصلّوا خلفه وجاهدوا تحت رايته وعاشوا معه كيف بنا وقد تعرضنا وقد تعرضنا لكثير من المؤثرات هذا البُعد الزمني الذي شابه كثيرٌ من العوامل أولها التحريف للسيرة النبوية بمرويات وأخبار لا صحةَ لها، كثير من المرويات.
والأخبار التي دست في كتب التأريخ وفي كتب السير مما تسيءُ أبلغَ الإساءة إلى رَسُـوْل الله صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، أمَّا جانب النقص فهو ذاك كيف غُيبت أشياء مهمة كيف أهملت قضايا رئيسية كيف لم يركز الكُتاب وأصحاب السير والمؤرخون على مسائلَ مهمة جدًا للأمة تحتاج إليها الأُمَّة في كُلّ زمن تُقدِّمُ الصورة العظيمة عن حياة رَسُـوْل الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ، النقصُ جانبٌ كبيرٌ ولكن أَيْضًا فيما ورد، فيما أوثر فيما كُتب فيما نُقل شابه الكثيرُ من التحريف والكثير من الافتراءات والكثير من المنقولات والروايات والأخبار التي يجمع كُلّ المؤرخين وكل الدارسين والباحثين أن فيها ما فيها من الخلل من التحريف من التشويه من الأكاذيب مما يسيءُ جِدًّا إلى رَسُـوْلِ الله صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، لدرجة أن البعضَ من الكُتّاب المرتدين عن الإسْلَام كسلمان رشدي مثلًا أَوْ المستشرقين الغربيين بعض الأوروبيين وبعض الغربيين ممَّن كتبوا عن الرَّسُـوْل أَوْ عن الإسْلَام استفادوا منها في التشويه برَسُـوْل الله وفي الاستشهاد بها والاعتماد عليها في الإساءة إلى رَسُـوْل الله صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، بل لدرجة أن بعض الأفلام المسيئة للرَّسُـوْل التي أنتجت بهدف الإساءة إلى رَسُـوْل الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ استفادت من بعض تلك المرويات، ثم تُعتمَدُ تلك المرويات في مناهجَ رسميةٍ في العالم العربي وتصبح مصدرًا معتمدًا في معرفة السيرة النبوية وفي الرجوع ليها والاعتماد عليها في بعض الكتب، أخبار فظيعة منتقِصة استفاد منها أَعْدَاء الإسْلَام من المستشرقين، بعضهم، وأيضًا استفاد منها واعتمد عليها التكفيريون ليجعلوا منها الوجهَ المعبر عن الإسْلَام وعن الرسالة والرَّسُـوْل فقدموا صورةً سوداوية فظيعة مشوّهة وقاتمة عن الرَّسُـوْل وعن الإسْلَام.
ثانيًا: النمطُ المعتادُ في تقديم السيرة، مثلًا عادةً يركز الكُتاب في السيرة والمؤرخون على أشياءَ معينةٍ اعتادوا على التركيز عليها والإيراد لها ثم لا يهتمون بقضايا مهمة وقضايا رئيسية كان المفترض أن يسلطوا الضوء عليها وهي في غاية الأهمية وفائدتها كبيرة جدًا، ثم أسلوبهم في التقديم ليس أسلوبًا جذابًا ومؤثرًا يترك أثرَه الكبيرَ في الوجدان والمشاعر والأحاسيس ويترك أثرَه العظيم في الواقع العربي لا تقديمًا جافًا وسردًا غير مؤثر غير منظّم لا يركز على شخصية الرَّسُـوْل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ بقدر ما يتأثر مثلًا بالظروف المذهبية بالجدل المذهبية بالرموز المذهبيين… إلخ.
ثالثًا: التراجع في الاهتمام بهذه المسألة وانكماش مساحتها وحضورها في التثقيف والتعليم كلما طال الزمن وكلما امتد الوقت وكلما كثرة المؤثرات في واقعنا في الحياة كلما قل الاهتمامُ بهذا الجانب وكلما غاب هذا من الذهنية والوجدان والواقع العملي أَيْضًا الحرب الناعمة.
رابعًا: الحرب الناعمة الحامية الوطيس المستهدفة للمجتمع لشبابنا لنسائنا لأطفالنا، الحرب الناعمة هي من أخطر ما يوجهه مجتمعنا المسلم، حرب خطيرة جدًا، حرب تأتي إلينا من خلال وسائل التثقيف والتعليم والإعلام، تُستغلُّ فيها المناهجُ، يُستغَلُّ فيها الإعلام بكل وسائله من مواقع التواصل إلى المواقع على الانترنت والشبكة العنكبوتية إلى القنوات الفضائية إلى… إلى… إلى…، الحرب والزخم الهائل جدًا يتوجه نحو التأثير علينا في ساحتنا الإسْلَامية في ثقافتنا في آرائنا في سلوكياتنا في تصرفاتنا في عاداتنا في تقاليدنا في اهتماماتنا ويستهدفون زَكاءَ أنفسنا ويستهدفوننا أَيْضًا بالتضليل، بالتضليل الثقافي والتضليل الفكري، يسعَون إلى احتلال قلوبنا واحتلال مشاعرنا واحتلال أفكارنا واحتلال ثقافتنا والتحكّم بآرائنا وتوجيهنا.. هذه من أخطر الحروب على الإطلاق، هم أطلقوا عليها هم الحرب الناعمة، أن تجعل خصمَك يفكر كما تريد له أن يفكر، وبالتالي سيفعل ما تريد له أن يفعل ويتصرف كما تريد له أن يتصرف وفق الوجهة التي حددتها له.
الحربُ الناعمة هذه تسعى إلى فصل مجتمعنا عن مبادئه عن قيمه عن رموزه وعن مقدساته، أَيْضًا الحملة الوهابية التكفيرية التي سعت إلى تقطيع أوصال الإسْلَام والفصل ما بين منهجه ورموزه ومقدساتها فجعلت التعظيم لرموز الإسْلَام وَفي المقدمة رَسُـوْل الله صلوات الله عليه وسلامه عليه وعلى آله ثم من بعده أهل بيته عليهم السلام جعلت من هذه المسألة شركًا وكُفرًا وخروجًا عن الملّة، وجعلت منها مسألةً كافيةً لاستباحة الدماء وقتل المسلمين واستباحة الحُرُمات، حتى عبارة ولفظ تعظيم، مفردة تعظيم جعلتها ممنوعة في حق رَسُـوْل الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ وأنه لا يجوز إطلاقه أبدًا أن تقولَ نعظِّم رَسُـوْل الله “شرك شرك”!!، هكذا يقولون للأسف أوردوا هذا في المناهج الدراسية الرسمية في بلدنا منعوا التعظيمَ للرَّسُـوْل صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ، بينما اللهُ -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى- يقول في كتابه الكريم ذلك “ومَن يُعَظِّمُ…” لاحظوا معي ومن يعظم يورد النص المفردة نفسها “شعائر الله فأنها من تقوى القلوب”، شعائر الله مطلوب منا أن نعظمها وأن هذا يعبر عن تقوانا لله؛ لأن القلب الذي يعظم شعائر الله هو عظّمها لله ومن أجل الله فكان ذلك نابعًا من حالة التقوى التي تملّكت قلبَك وحضرت في مشاعرك فعبر عنها شعورك في حالة التعظيم التي انطلقت من داخل القلب والوجدان إلى حالة السلوك والعمل والتفاعل والتصرف والتعبير، ومن يعظم عبارة ومن يعظم مفردة ومن يعظم قالوا ممنوع أن تستخدمها تجاه رَسُـوْل الله، شرك شرك، تُذبح بالسكين أَوْ تُعدم بالرصاص أن تعظّم رَسُـوْلَ الله، هذا عندهم أَكبَر مشكلة وأنت معناه جعلت منه وثنًا وصنمًا وإلى آخره!!.
هم سعوا إلى إبعاد الأُمَّة عن الرَّسُـوْل وعن تعظيمه عن الارتباط الوجداني ومحبته الكبيرة التي ثمرتُها التمسكُ به التأثرُ به الاهتداءُ به، الاقتداء به، وجعلوا العلاقة مع الرَّسُـوْل علاقة جافة، جافة جدًا تنظر إليه كمجرد شخص وصل رسالة كأي رَسُـوْل عادي، ما هي مكتوبٌ من شخص وصّله وإلا من طرف أوصله وراح له، مع السلامة يقولون رَسُـوْل معه رسالة وصلها وراح له، مع السلامة مع السلامة خلاص، جهل كبير في طبيعة الدور العظيم المؤكل إلى الأَنْبِيَاء وبعظمة الأَنْبِيَاء وأهمية الأَنْبِيَاء ودور الأَنْبِيَاء، ثم طمسوا كُلّ آثاره كُلّ آثاره في المدينة وفي مكة وحاربوه محاربة شديدة جدًا ويجعلون من أي احترام بأي مستوى من الاحترام والتقدير والتعظيم لآثار الرَّسُـوْل للآثار الإسْلَامية شركًا فظيعًا، أمر رهيب يعني كان لهم أيضًا بسبب نفوذهم في كثير من المناطق في كثير من البلدان والمظلة السياسية التي حظوا بها من خلال النظام السعودي والأنظمة المرتبطة به تأثيرٌ كبيرٌ في أن تنشأَ علاقةٌ جافة جدًا بين الأُمَّة وبين نبيها، وَأن الطغيان طرحهم وثقافتهم وتوجههم امتدّ إلى المناهج التعليمية إلى الخطاب الديني إلى المنابر الإعلامية، ففصلوا الأُمَّة وجعلوا علاقتَها علاقة بالمنهج دون الرموز ودون المقدسات ليكونوا هم من يحل في هذا المنهج حاكمين عليه مقدمين له أسوة فيه فكانوا سوء الأسوة وسوء القُدوة وأفظع وأوحش والعياذ بالله أن يُقتدَى به؛ لأنهم كانوا المحرِّفين المنحرفين عن هذا المنهج.
أيضًا من العوامل الضعف في المواكَبة العصرية في وسائل التقديم للسيرة وللتثقيف المؤثر في الوسائل المبتكرة والمعاصرة والتقنية المعاصرة في وسائل الإعلام إلى آخره نحن إن شاء الله في هذه الأّيَّام إلى 12 من ربيع الأول إلى أن تحل علينا الذكرى إن شاء الله بتوفيق الله وإذنه سنتحدث بعدد من الكلمات وننحو في طريقتنا على التركيز على جوانب رئيسية؛ لأنه حديث واسع جدًا وجدًا نرى الحاجة إلى الحديث عنها والاستفادة منها ولطبيعة الظروف التي نعيشها والتحديات التي نواجهها ستكون محطتنا إن شاء الله في الغد أن نعرض بشكل عام ومختصر عرضًا موجزًا عن الرسالة الإلهية والأَنْبِيَاء منذ آدم عَلَيْــهِ السَّلَامُ إلى رَسُـوْل الله محمد خاتم النبيين صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ.
في آخر كلمتنا هذه نستعرض بعض النقاط المواكِبة تجاه بعض المستجدات:
أولًا: ندينُ ونستنكرُ بأشد الاستنكار ما أقدم عليه النظامُ السعودي المجرم المنحرف في سياق تعزيز ولائه لإسرائيل من تدنيسٍ للمسجد النبوي الشريف ثاني الحرمين الشريفين وإدخاله لأحد الصهاينة إلى المسجد، هذه جريمة كبيرة، جريمة كبيرة بحق الإسْلَام وإساءة كبيرة وفظيعة إلى رَسُـوْل الله صَلَوَاتُ الله وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ، بينما نحن نتألم ونأسف حينما يدخل الصهاينة إلى باحة المسجد الاقصى وإلى صرحه الخارجي إذا بهؤلاء يأتون بالصهاينة إلى ثاني الحرمين إلى المسجد النبوي ويدخلونهم لالتقاط الصور داخل هذا المسجد، كُلُّ هذا؛ توددًا إلى الصهاينة توددًا بالإساءة إلى رَسُـوْل الله، ما أقبحَهم، ما أشنعهم، ما أخزاهم، ما أعيبهم، هذا عارٌ عليهم يتقلدونه إلى الأبد، التودد إلى الصهاينة بقتلِ أبناء الإسْلَام والتودد إلى الصهاينة بنشر الفتن بين المسلمين، التودد إلى الصهاينة بمعاداة الشعوب الإسْلَامية، التودد إلى الصهاينة بالإساءة إلى رَسُـوْل الله صلواتُ الله وسلامُه عليه بالتدنيس لمسجده للمسجد النبوي الشريف، إساءة إلى رَسُـوْل الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ، هذه جريمة يجب أن يكونَ للأمة صوتُها المسموعُ في الانتقاد في الاحتجاج تجاه هذه الجريمة والإساءة، لم يكتفوا أن يقدّموا في ضيافتهم لهذا الصهيوني بناتٍ مسلماتٍ، ويلتقط معهن الصورَ وينشرها، لم يكتفوا في انتهاك أعراض المسلمات وتقديمهن ضيافةً لهذا الصهيوني، حتى أضافوا إلى ذلك ما هو أفظعُ، فذهبوا به إلى مسجد رَسُـوْل الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِـهِ، فهي كارثة، إضَافَةً إلى النشاط المتصاعد المكشوف لتطبيع علاقتهم مع العدو الإسرائيلي، وصل إلى حد إصدار الفتاوى الباطلة بحُرمة قتال الإسرائيليين، هذه كارثة، هذه مصيبةٌ كبيرة، وإلى تجويز الزيارة لكيانه.
ثانيًا: ندينُ ونستنكرُ العدوانَ الإجْـرَامي التكفيري الصهيوني على المصلين في أحد مساجد سيناء المصرية، ونقدم تعازيَنا إلى أُسَرِ الضحايا، ونتمنى الشفاءَ للجرحى، ونُقَدِّمُ تعازيَنا أَيْضًا إلى الشعب المصري، ونعبّرُ عن تضامننا معه، وندعو الجميعَ في المنطقة إلى التحَـرّك الجادِّ لمواجهة التكفيري والصهيوني المزدوج الذي كُلُّ منه وجه لعملة واحدة، والتصدي لمَن يقف خلفه؛ لأنه عدوانٌ وإجْـرَامٌ مدعومٌ والجميعُ يعرفُ مَن يدعمُه.
ثالثًا: أدعو شعبَنا العزيزَ إلى المزيد من الصمود والثبات في مواجَهة العدوان الأمريكي السعودي الإجْـرَامي الذي أقدم مؤخّرًا على خُطوة إجْـرَامية خارجة كليًا عن الإنْسَانية من خلال إغلاق المنافذ وسعيه إلى خنق شعبنا العزيز بتواطؤ غربي وعربي من بعض الأنظمة العربية.
كما أدعو القوى الحُرّة إلى تحَـرّكٍ جادٍّ تجاه هذه الخطوة الهمجية الظالمة، والتي هي أَيْضًا شاهدٌ إضافي إلى طبيعة هذا العدوان، هذا عدوان صهيوني، هذا عدوانٌ يتودد فيه النظام السعودي إلى إسرائيل وأمريكَا، وتجرّد من كُلّ القيم الإنْسَانية والأَخْلَاقية والإسْلَامية، عدوان همجي متوحش إجرامي شيطاني لا يرعى إلًّا ولا ذمّةً، لا يأخذ بعين الاعتبار لا أَخْلَاقًا ولا قيمًا ولا مبادئَ ولا شرائعَ، ولا قرآنًا ولا إسْلَامًا ولا حلالًا ولا حرامًا، يفعل كُلّ المحرمات وينتهك كُلّ الحرمات، ما عنده أبدًا ولا قوانين إنْسَانية ولا أعراف إنْسَانية ولا شيء، خطوة لا يمكن أن يبرّرها بشرع ولا شرعية، ولا تعليم سماوي ولا قانون أرضي، منتهكة للقوانين الدولية ولا يبررها شيء أبدًا، خطوة ظالمة مؤذية، عقاب جماعي لشعب بأكمله، استهداف حتى للأطفال والنساء، لكل أبناء هذا الشعب، ومع ذلك تشكّل هذه فضيحة مدوية لكل الذين جعلوا أنفسَهم مظلةً لهذا العدوان، على رأسهم أمريكا، تواطؤ ومظلة وحماية لهذه الخطوة الإجْـرَامية الظالمة.
شعبُنا معنيُّ بأن لا يراهن على أحد في هذا العالم إلا على الله، وأن يعيَ أيَّ عدو هذا الذي يعتدي عليه، عدو هو على هذا النحو، لا يمتلك ذرةً من القيم ولا من الإنْسَانية، ما الذي ينفعُ مع عدوٍّ كهذا مع معتدٍ كهذا؟!
ما بش عنده حرام ولا بش عنده يتحرى أَوْ يتحاشى من فعله، يفعل أي شيء، يُقدم على أي جريمة، ينتهك كُلّ المحرمات والحرمات، عدوٌّ كهذا يجب تحَـرُّكٌ جادٌّ لمواجهته.
آمل أن تنعكسَ هذه الخطوة الإجْـرَامية صمودًا وإصرارًا وعزمًا وإقبالًا إلى الجبهات للتصدّي لهذا العدو، بدلًا عن أن ينتظرَ البعضُ ليموتوا جوعًا عليهم أن ينالوا شرَفَ الشهادة في الجبهات وأن يُذيقوا هذا المعتدي الظالمَ غِبَ جرائمه ومغبةَ أفعاله وتصرفاته الإجْـرَامية والوحشية.
رابعًا: فيما يتعلق بالأداء الحكومي القاصر والمقصِّر الذي ليس في مستوى هذه التحديات ولا في مستوى حجم المعاناة التي يعاني منها الشعب، هناك مراجَعة داخل المكونَين الرئيسين على أعلى المستويات؛ بهدف العمل على معالجة الوضع الحكومي بأيٍّ من الخيارات المتاحة وستكون له نتيجة إن شاء الله في الأّيَّام القادمة.
خامسًا: نبارِكُ لمحور المقاوَمة ولشعوب الأُمَّة بالانتصار الإلهي التأريخي في سوريا والعراق على داعش التكفير والعمالة، والذي هو انتصارٌ لمصلحة كُلّ شعوب المنطقة وحمى شعوب المنطقة من شرٍّ كبير وبلاءٍ مستطير، كان مدعومًا ومحميًا من أمريكا ومن عملاء أمريكا في المنطقة، وعلى رأسهم النظام السعودي، الذي يرى في هذه الهزيمة هزيمةً له وهزيمةً للمشروع الأمريكي، ويهدف إلى الانتقام عندنا في اليمن؛ لذلك نحن معنيون بالاستعداد بشكلٍ أفضل في الأّيَّام القادمة لمواجَهة التصعيد الذي تحَـرَّكَ به نتيجة فشله وهزيمته المدوية والرهيبة والكبيرة جدًا في تلك الساحات فتحول بتصعيدٍ أَكْثَر في ساحتنا اليمنية.
نَسْأَلُ الله -سُبْحَانَـهُ وَتَعَالَى- أن ينصُرَ شعبنا، وأن يشفيَ جرحانا وأن يرحَمَ شهداءَنا، وأن يُعينَنا في مواجَهة هذه التحديات وأن يوفِّقَنا لنكونَ أعظمَ اقتداءً وارتباطًا وتأسِّيًا برَسُـوْلِنا ونبيِّنا محمد صلى اللهُ وسلَّمَ عليه وعلى آله الطاهرين.
وإنْ شاء اللهُ نواصِلُ هذه الأّيَّامَ هذه الكلمات..
وَالسَّـلَامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ..