عودة خالد بحاح إلى عدن؛ أسبابها وتداعياتها
مرة أخرى يعود رئيس مجلس الوزراء السابق ونائب الفارهادي “خالد بحاح” إلى عدن، برفقة عدد من أعضاء وزارته، قادماً من العاصمة السعودية الرياض. ووصفت الصحف السعودية عودة “بحاح” هذه المرة بالدائمة، وإنه سيستلم مهام رئيس الجمهورية ويدير شؤون البلاد وأن الرئيس “هادي” سيغادر المدينة لإدارة ما أسموه “الملف السياسي” من الرياض.
وكان “بحاح” قد فرّ هارباً من عدن آخر مرة مع وزراء حكومته إلى الرياض، بعد إستهداف مقر إقامتهم في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، فلم يمضي فيها سوى ساعات معدودة. فهل سينجح بحاح في مهمته ويعيد الأمن والإستقرار إلى البلاد في ظل وجود الإرهابيين؟ ومع إستمرار العدوان السعودي هل يستطيع تشكيل حكومة من لون واحد؟
تأتي هذه الزيارة المفاجئة لـ “بحاح” وبعض الوزراء إستكمالاً لخطة سعودية، تهدف إلى القول للعالم بأن الوضع في اليمن أصبح أفضل، وللتغطية على خسائرهم الفادحة في الميدان. فكل مجازرهم لم تفلح في ثني اليمنيين عن تحقيق مطالبهم بنيل الحرية والعيش بكرامة وأمان. فقد تحدثت الصحف السعودية عن مهمتين أساسيتين لـ “بحاح” تتمثل في تحقيق الأمن الداخلي والإستقرار في عدن.
اليوم ومع وجود القاعدة وداعش وإستمرار العدوان السعودي الظالم على الشعب اليمني لن يستطيع رئيس مجلس الوزراء السابق تشكيل الحكومة فالصعوبات التي تواجهه كثيرة، فالسعودية وأذنابها لم ولن يحققوا نصراً في الميدان وهم اليوم يحاولون أن يحققوا شيئا في السياسة ليثبوا وجودهم وليقولوا للعالم بأنهم إنتصروا. فنستعرض بعض الصعوبات التي ستواجه “بحاح” أهمها:
أولا: تأتي عودة “بحاح” وبعض الوزراء في ظل إنفلات أمني وغياب للحكومة، وقد أشارت الصحف إلى أن الهدف الرئيسی من هذه العودة تطمين اليمنيين، وهذا ما لن يستطيع فعله مع وجود الإرهابيين الذين إنتشروا في كل مكان. فهذه ليست المرة الأولى التي يعود فيها “بحاح” من السعودية، وفي كل مرة كان يفرّ فيها هارباً من الإرهابيين الذين قاموا في آخر مرة بإستهداف القصر الذي كان يقيم فيه مع عدد من الوزراء، بعملية إنتحارية كادت ان تودي بحياته وحياة آخرين من أعضاء حكومته.
ثانيا: بعد عودة بحاح وبعض الوزراء بساعات قليلة قال الناطق بإسم “حكومة بحاح”، “راجح بادي”: “إن الرئيس “هادي” سيغادر المدينة لإدارة الملف السياسي من الرياض”. بهذا التصريح يكون الخلاف بين “هادي” و “بحاح” قد خرج إلى العلن بعد أن كان لمدة طويلة خلف الستار. ويعود سبب هذا الخلاف إلى إختلاف وجهات النظر بين السعودية وبعض حلفائها وأهمها دولة الإمارات. فالتنافس بين “هادي” و”بحباح” بدأ منذ أن أصبح “بحاح” نائباً أولا للرئيس وإشتد هذا التنافس مع الإنقسام الحاد بين السعودية والإمارات في استراتيجيتهما العسكرية في المدن اليمنية، وكذلك في رؤيتهم لمستقبل اليمن بعد الحرب، حيث يرى المحللين، أن الإمارات تعد “بحاح” لرئاسة اليمن وتعتبره مقبولاً من معظم الشرائح اليمنية، بينما تختلف نظرة السعودية التي ترى أن لا بديل لهادي، على الأقل حتى حسم الحرب عسكرياً. فهي لا تريد أن تكرر ما حصل زمان الرئيس الأسبق “علي عبد الله صالح”.
ثالثا: إن تشكيل حكومة من لون واحد، لن يستطيع أن يحقق الأمن والإستقرار في البلاد، وإن إستثناء طرف يمني قوي وبارز مثل “حركة أنصار الله” من الحكم لن يعط الشرعية للحكومة ولن يجعلها تحقق أهدافها بكسب ثقة الشعب اليمني. فاليمنيين اليوم يتطلعون إلى وقف الحرب الظالمة و وقف حمام الدم قبل أي عمل آخر.
ختاماً نقول إن مشكلات اليمنيين الحياتية في واقع الحرب، تغنيهم عن متابعة صراع عقيم على السلطة بين رئيس ونائبه، في وقت لا يزال شبح الحرب يخيم على أرجاء البلاد. إن الشعب اليمني اليوم يتطلع إلى رجال أمنوا بوطنهم وبحرية بلدهم، رجال يريدون أن يصنعوا تاريخ دولتهم الحديثة المستقلة، رجال يكتبون تاريخ عزتهم بدماء مجاهديهم، وليس إلى رجال رهنوا أنفسهم للخارج ونسوا بلادهم وشعبهم.
فاليوم هم اليمنيين يكمن في إيقاف الحرب والعيش بحرية وسلام مع جيرانهم، فبعد هذه الحرب التي دمرت البلاد وأماتت العباد لن يكون كما قبله. فهل يحقق السياسيين تطلعات شعبهم ويتحدون ضد عدو بلدهم ويترفعوا عن الصراع على السلطة؟